صفتا صهر رئيس الجمهورية إميل لحود وابن وزير الداخلية ميشال المر سبقتا الياس المر الى الوزارة نفسها قبل ان يُوزّر. لكن هاتين الصفتين لم تتحولا مشكلة بالنسبة اليه، لأن التوزير الآن والنيابة مستقبلاً يبررهما انتسابه الى بيت سياسي مخضرم، كان ولا يزال في المتن الشمالي، أما الأورثوذكسي الأول أو الأورثوذكسي الثاني. دخل المر الابن الى الوزارة التي شغلها والده ثماني سنوات بلا انقطاع، بانتقال مفاجئ، الا انه لم يكن كذلك بالنسبة الى المعنيين بهذا القرار. فالوزير الشاب هو أقرب المستشارين الى رئيس الجمهورية والوارث الفعلي لميشال المر. مع ذلك في أول حديث صحافي يدلي به، الى "الوسط"، يظهر كثيراً من الاختلاف والتمايز، من غير تخليه عن اعجابه بمن ورث. لماذا الياس المر وزيراً، ووزيراً للداخلية بالذات؟ - بداية لنعد قليلاً الى ما حصل قبل نحو شهر وسمعناه من المعارضة السياسية في وسائل الإعلام. قيل إنني صهر رئيس الجمهورية، وقيل إنني ابن ميشال المر. والأمران صحيحان فأنا صهر الرئيس وابن ميشال المر وشرف كبير لي الانتساب إليهما على هذا النحو، خصوصاً أنني أشعر بفخر بهاتين الصفتين اخلاقياً وسياسياً وعائلياً. أما لماذا وزير؟ في الواقع أنا أتعاطى السياسة والإعلام السياسي وأدرت جريدة "الجمهورية" ولا أزال أملكها منذ العام 1985، والسياسة موجودة في بيتنا قبل أن أولد، فوالدي ميشال المر يتعاطى السياسة منذ 45 عاماً. فضلاً عن ان تركيبة لبنان سياسية عائلية في غياب الأحزاب السياسية الوطنية المجرّدة من أي مسحة مذهبية أو طائفية أو عائلية. حتى أحزابنا هي أحزاب عائلية. الحزب التقدمي الاشتراكي انتقل من كمال جنبلاط الى وليد جنبلاط الذي ورث عن أبيه الحزب والقاعدة السياسية وزعامة الطائفة والمقاعد السياسية. وهذا لا يمنع نجاحه في العمل السياسي. الأمر نفسه بالنسبة الى عائلة الجميل من بيار الجميل الى بشير الجميل وأمين الجميل ثم الى بيار الجميل الحفيد، وقس على ذلك مع بيت فرنجية وأرسلان والأسعد وكرامي وحمادة وسكاف وسلام ولحود وهكذا دواليك. بالنسبة إليّ تعاطيت السياسة قبل نحو 17 عاماً مع جريدة "الجمهورية" ثم انتقلت الى مشروع سياسي هو "الاتفاق الثلاثي" الذي قام به وليد جنبلاط ونبيه بري والياس حبيقة وميشال المر وواكبت مرحلة هذا الاتفاق بكاملها الى أن ارغمنا العام 1986 على ترك لبنان بعد إسقاطه فهُجّرنا ست سنوات وقاسيت كميشال المر التهجير والإبعاد وعدنا الى لبنان العام 1990 بعد اتفاق الطائف، وكنت في ظل والدي. رأست حملته الانتخابية أعوام 1992 و1996 و2000 وقدنا معارك انتخابات المتن الشمالي. في هذه الأثناء كان اميل لحود قائداً للجيش الذي تجمعني به، الى المصاهر،ة علاقة صداقة شخصية، وهذا ما أتاح لي خلال وجوده في قيادة الجيش معايشة التفاصيل العسكرية والأمنية في يومياتها، وكنت في الوقت نفسه أعايش أوضاع وزارة الداخلية التي كان يتولاها والدي منذ عام 1993. إلا أنني كنت في الظل، في ظل الرجلين. لكن قبل شهر من تأليف الحكومة الجديدة اتخذ والدي قراراً بالخروج من لعبة السلطة التنفيذية بعد 11 سنة في الحكم بلا انقطاع وأخذ قسطاً من الراحة. وأثار الموضوع مع فخامة الرئيس وتوصلا الى قاسم مشترك هو اتفاقهما على توزيري في المرحلة الحاضرة. أما لماذا في وزارة الداخلية فلأن الرئيس رفيق الحريري حقق انتصاراً كبيراً في انتخابات بيروت، وضمن أصول اللعبة الديموقراطية أصبح هو الرئيس المكلف لتأليف الحكومة الجديدة. أما عناوين مجيئه فهي الموضوع الاقتصادي والاجتماعي وإن تكن السياسة في صلب عمله. غير أن الآمال المعقودة عليه هي في المسائل المالية والاقتصادية وتحريك الاستثمارات. ولأن رئيس الجمهورية هو شريك أساسي في الحكم فله وزراؤه وهو الذي عاش في الجيش 45 عاماً ويعتبر أن الأمن والأمن السياسي وسياسة الأمن هي في قلب مسؤولياته واختصاصه، لذا كان من الطبيعي أن يميل الى الاحتفاظ بالحقيبة الأمنية، أي وزارة الداخلية التي ينيطها عندئذ بمن يثق به في فريق عمله. وجاء اختياري لهذا المنصب بفعل معايشتي لأوضاع وزارة الداخلية ومشكلاتها على مر السنوات الماضية واطلاعي الواسع عليها للأسباب التي ذكرت. لكنني آت الى وزارة خلفاً لميشال المر حاملاً معي إحراجا كبيراً. لا عقدة لدي بأنني صهر فخامة الرئيس وابن دولة الرئيس المر، إلا أنني آمل في نجاحي لئلا أتسبّب لهما بعقدة ما. إلى أي مدى يمكن ان يشكل وجودك في الحكومة كصهر للرئيس مصدر قوة للحكم ولرئيس الجمهورية أو مصدر ضعف في ما يتعلق بخياراتك السياسية واستقلالية تحركك؟ - من المؤكد أن حريتي في هذا الموضوع مقيّدة أكثر من سواي، لكن مواقفي في المحطات الأساسية ستكون حتماً في خط الحكم والحكومة كوني عضواً فيها، إلا أنني متى وجدت نفسي في موقف مغاير لسياسة الحكومة، سأؤكد أن هذا الموقف يعنيني شخصياً ومسؤول عنه وصادر عني بلا أي خلفية تجنباً لأي التباس. فأنا في صلب خطاب القسم والخط السياسي للحكومة وأحتفظ باستقلاليتي في التحرك وبرأيي الشخصي الذي سأؤكد عليه دائماً. إذاً أنت لست معنياً دائماً بشرح موقف رئيس الجمهورية أو الدفاع عن وجهة نظره؟ - ليس لرئيس الجمهورية مواقف تفصيلية في السياسة الداخلية لأن مسؤولية الرئيس وضع السياسة العامة والخط العام للحكم، داخلياً أو خارجياً، والرئيس لحود لم يدخل في التفاصيل الصغيرة للسياسة المحلية، بل اكتفى بالخطوط العريضة الواضحة، لذا يحرّر الكثيرين ولاسيما منهم القريبين إليه من إحراج حتمي في هذا الشأن. قبل أيام زرت بكركي، ونادراً ما يذهب وزير اورثوذكسي الى هذا الصرح الماروني. لماذا زرت البطريرك الماروني في هذا الوقت بالذات في ظل التباين اللافت في المواقف بينه وبين الرئيس لحود من وجود الجيش السوري في لبنان؟ - قبل زيارتي بكركي قصدت المطران الياس عودة واتصلت بالمطران جورج خضر، وأنا في صدد زيارة البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم في دمشق كونها مقر الكرسي البطريركي. أما زيارتي لبكركي فهي الأولى لي للتعارف، لكنني أقول، حتى في ظل التباين في الرأي، هناك مكان يتسع للحوار. رئيس الجمهورية يملك المعلومات السياسية والتقارير التي يتلقاها من الداخل والخارج وهو يعرف أين تقع مصلحة الدولة والوطن ويضع أسساً وأطراً لحماية هذه المصلحة. أما البطريرك صفير فهو يسمع وجهات نظر المسيحيين لاسيما منهم الموارنة الذين يقصدونه في بكركي ويشكون له ما يفكرون، ولذا فهو يعبّر عن آرائهم وهواجسهم. رئيس الجمهورية الماروني يمثل اليوم خطاً سياسياً ورؤية سياسية وقناعة محددة واضحة للجميع، وأعتقد بأنه يمكن إزاء ذلك إطلاق حوار وتقارب بين المراجع المسيحية والإسلامية في كل موضوع يمكن ان يكون مثار خلاف وطني. كانت زيارتي للبطريرك مميزة. وماذا عن موقفه من وجود الجيش السوري في لبنان؟ - تحدثت مع البطريرك صفير في موقفي منه وموقف الحكومة الذي له تفسير وليس تبرير لأن التبرير يكون في معرض الكلام عن خطأ. هناك اقتناع تام لدى الحكومة اللبنانية ولدى رئيس الجمهورية بأن الوجود السوري في لبنان لا يمكن الاستغناء عنه قبل حل مشكلة الجنوب وتحريره كاملاً من الإسرائيليين خصوصاً لجهة تحرير مزارع شبعا وتحقيق السلم الشامل والعادل في المنطقة. وتالياً ينبغي عدم إثارة هذا الموضوع أبداً قبل التوصل الى حلول لهذه المشكلات، كون إثارته تشكل خطراً على لبنان أولاً وعلى السلم الأهلي فيه ثانياً وعلى توازن اللعبة الداخلية ثالثاً. كذلك ينبغي عدم التعامل مع الوجود السوري في لبنان كما لو أنه مواز للاحتلال الإسرائيلي. وعندما تخرج إسرائيل من الجنوب كلياً وعلى نحو شامل وتطبق القرار 425 بحذافيره بما في ذلك إخلاء مزارع شبعا يمكن الخوض لاحقاً في هذا الموضوع بين الحكومتين اللبنانية والسورية. ونحن نعرف أن إسرائيل أرغمت على الاندحار من الجنوب بعدما هزمتها المقاومة عسكرياً، وهذا يعني انتصار المقاومة بغطاء من رئيس الجمهورية سياسياً من خلال الدولة اللبنانية. فخرجت إسرائيل من الجنوب وأبقت على جزء من احتلالها لمزارع شبعا، ومن دون أن ننسى أيضاً الخروقات الإسرائيلية شبه اليومية في الأجواء اللبنانية وحركة الطوافات العسكرية التي تخرق الحدود الدولية وتجول في السماء اللبنانية، مما أعادنا الى مناخات توتر في الجنوب لم تكن كذلك في الشهرين المنصرمين. وأزيد الى كل ذلك المشاكل الداخلية التي تعاني منها إسرائيل ولذا تسعى الى نقلها من ملعبها الى الملعب اللبناني. وهذا ما يجعلني أعتقد أن خروج الجيش السوري من لبنان في هذا الظرف وفي هذا التوقيت هو فخ للبنان وللمسيحيين فيه خصوصاً، كما أن وضع الاحتلال الإسرائيلي في موازاة الوجود السوري الشرعي والموقت، كما قال رئيس الجمهورية، هو طرح خاطئ بدوره. الأجهزة الأمنية والعسكرية تعرف ضرورتها ومتطلباتها الأمنية وأولوياتها، وهي تنسّق مع الدولة السورية تبعاً لحاجاتها من وجود الجيش السوري في لبنان وتتعاطى مع هذا الموضوع بمعزل عن المناخين المذهبي والطائفي والإثارة السياسية وبكل هدوء وموضوعية. وأنا أعرف من الإخوان السوريين أنهم راغبون في الانسحاب من لبنان فور جهوز الحكومة اللبنانية لحفظ أمنها على كل الأراضي اللبنانية ومن ضمن هذه المخيمات الفلسطينية. وأعتقد أنه لن تكون ثمة مشكلة عندما ترى الحكومة اللبنانية أن لا ضرورة لبقاء الجيش السوري في لبنان. في نيسان الماضي طرح رئيس الجمهورية معادلة أن الوجود السوري في لبنان هو شرعي وموقت، لكن الملاحظ في البيان الوزاري لحكومة الرئيس رفيق الحريري أنه أضاف الى هاتين الصفتين صفة أنه ضروري. كوزير للداخلية هل تعتبره فعلاً وجوداً ضرورياً؟ وكيف هو ضروري؟ - هناك اكثر من سبب يجعل وجود الجيش السوري في لبنان ضرورياً. أولاً لأن الصراع العربي - الإسرائيلي هو اليوم في أكثر مراحله سخونة. وإذا كان الوجود السوري قبل سنتين أقل ضرورة وحاجة إليه، فهو الآن بات أكثر ضرورة. أما السبب الآخر فهو أن الجنوب لم يتحرر بكامله ولا يزال جزء منه محتلاً، لكن مشكلة مزارع شبعا المحتلة لا تزال قائمة فضلاً عن الانتهاكات الإسرائيلية، وهذا لا يمنع إسرائيل من القيام بأي عمل تخريبي في لبنان أو توجيه إليه ضربة عسكرية موجعة ربما خلال أسابيع لإخراج نفسها من مآزقها الداخلية. والسبب الثالث هو وجود مخيمات فلسطينية على الأراضي اللبنانية، وهو وجود مسلح علينا أن نضمن له حق العودة، ونحن نعرف أن سبب الحرب اللبنانية عام 1975 هو هذا الوجود المسلح. وعلى أساس هذا الوجود المسلح دخلت سورية الى لبنان لوقف الحرب الأهلية ولمنع تقسيم لبنان ولردع الاعتدادات الفلسطينية على المسيحيين بالذات. والسبب الرابع هو وجود تيارات متطرّفة عشنا في الأمس القريب تجربتها القاسية والمرة في جرود الضنية مطلع هذه السنة ولمسنا أي خطر يمكن أن تتسبب فيه هذه التيارات في النسيج الاجتماعي اللبناني بإثارتها المذهبية و الفتنة، وقد يكون الأمر سهلاً لها في ظل هذا الجو الطائفي والمذهبي في لبنان، لذلك من الضروري التعاطي مع هذه الحال بجدية والسيطرة عليها وعدم المجازفة في تجاهلها في ظل جمهورية ثالثة لا تزال طرية العود. كيف تحدد علاقتك الآن برئيس الحكومة رفيق الحريري؟ علماً أنه كان ذُكر قبل تأليف الحكومة أنك أجريت مساع توفيقية بينه وبين رئيس الجمهورية إميل لحود. - تعرفت الى الرئيس الحريري قبل وصوله الى رئاسة الحكومة وتربطني به علاقة صداقة واحترام تعود الى أكثر من 15 عاماً. لكن في الفترة الأخيرة زاد التواصل بيننا. الرئيس الحريري طاقة عمل كبيرة وفي وسعه إعطاء لبنان الكثير، وكما قال هو فإن الله أعطاه كل شيء حتى يقدم لوطنه من دون أن يأخذ منه شيئاً، وأعتقد بأنه وفخامة الرئيس يكملان بعضهما البعض في المرحلة المقبلة بغية انتشال البلد من صعوباته الحالية. أنا لم أقم بمساع بينه وبين الرئيس لحود لأن كلامي معه كان بعد انتصاره في الانتخابات النيابية وانتصار اللعبة الانتخابية التي تفضي الى مشاركة المعارضة في الحكم، وكان الرئيس لحود اتخذ قراره بإشراك الرئيس الحريري في الحكم. لذا بدأ التعاطي معه مع تداول اسمي كمرشح للتوزير في حكومته. بدأنا في علاقة سياسية جديدة تتجاوز العلاقة الشخصية السابقة، إلا أنني لم أقم بأي مسعى للتقارب بينه ورئيس الجمهورية. علماً أنه فور اتخاذ الرئيس لحود قراره تكليف الرئيس الحريري لم يحصل أي إشكال بينهما يوجب حصول جهود لتعزيز التقارب. هل زال التباعد الشخصي بينهما نهائياً؟ - لم يكن هناك تباعد وسوء تفاهم بمقدار ما كان هناك عدم معرفة بينهما، لم يعرفا بعضهما تماماً. كان الرئيس لحود قائداً للجيش والرئيس الحريري رئيساً للحكومة، وكان الجيش وقتذاك في حاجة الى موازنة واهتمام خاص بالانفاق عليه، فيما تركز اهتمام الرئيس الحريري على الانماء والاعمار. لذا حصل في هذه المسألة بالذات بعض التباعد الذي سرعان ما زال بعد استجابة الرئيس الحريري طالب العماد لحود، لكنهما لم يكتشفا بعضهما البعض على المستوى السياسي. وكانت هناك وجهة نظر لدى بعض المحيطين بالرئيس الحريري ترفض وجود عسكري في الحكم، فأوجدت قبيل الانتخابات بعض البرودة الا ان الرئيس الحريري انتخب الرئيس لحود وكذلك كتلته النيابية ثم وقع التباين بينهما على التكليف لترؤس أولى حكومات العهد آنذاك. بعد ذلك اتسعت شقته طيلة مرحلة حكومة الرئيس سليم الحص، فساد مناخ حول هذا الخلاف، فيما الواقع لم تكن هناك أي حيثية فعلية للخلاف كون الرجلين لم يجلسا الى بعضهما البعض ولم يتحاورا، ولم يكن بينهما ثمة موضوع اختلفا عليه وقتذاك وسوي اليوم. لماذا إذاً الحملات المتبادلة بينهما في الماضي وخصوصاً في فترة الانتخابات النيابية؟ - كانت تلك حملات الرئيس الحريري وهو على رأس المعارضة على حكومة الرئيس الحص إلا أنه لم يتعرض مرة للرئيس لحود. لكن الاعلام الرسمي تعرّض للرئيس الحريري؟ - الاعلام الرسمي تابع لوزارة الاعلام وللحكومة السابقة. لذلك كانت الحملات بين الحكومة السابقة ومعارضيها متبادلة، بين حكومة الرئيس الحص ومعارضة الرئيس الحريري، إلا أن الرئيسين لحود والحريري لم يتعرضا مرة لبعضهما البعض. كانت ثمة مآخذ كثيرة على الحكومة الجديدة وأبرزها أنها تفتقد الى الصفة التمثيلية في الصف المسيحي، إلا أن البعض الآخر رحب بها. فهل تعتقد أن في وسع الحكومة الجديدة الاضطلاع بالمسؤوليات المطلوبة منها في المرحلة المقبلة، خصوصاً في الموضوع الاقتصادي؟ - لماذا هي غير تمثيلية أولاً. في رأيي انها من أكثر الحكومات اللبنانية تمثيلاً. اذا كان المقصود انها غير تمثيلية بسبب غياب حزب الكتائب عنها فهناك قاعدة معروفة هي أن الذي يفشل في الانتخابات النيابية غير مستحب توزيره في الحكومة التي تلي هذه الانتخابات. حزب الكتائب خاض الانتخابات برئيسه وخسر ولذا تعذّر توزير رئيسه. أما بالنسبة الى حزب الوطنيين الأحرار وحزب الكتلة الوطنية وتيار "القوات اللبنانية" وتيار العماد ميشال عون فاعتبروا انفسهم غير معنيين بالانتخابات النيابية وقاطعوها، وتالياً فهم أيضاً غير معنيين بنتائج هذه الانتخابات والحكومة الأولى التي ستنبثق منها. واذا راجعنا التركيبة الحكومية نرى أن كل الأحزاب ممثلة فيها كالحزب التقدمي الاشتراكي وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي وحركة أمل وتيار الرئيس الحريري وحزب الطاشناق، أما "حزب الله" فهو الذي أبدى رغبته في عدم المشاركة في الحكومة. على صعيد التمثيل المسيحي في جبل لبنان تمثل فيها قريبون من البطريرك صفير كالنواب جورج افرام وبيار حلو وفؤاد السعد، والأمر نفسه بالنسة الى الوزير جان لوي قرداحي ذي الامتداد الشعبي والبلدي في المنطقة. لذلك لا أرى أن التمثيل المسيحي في الحكومة ضعيف أو معدوم، بل على العكس من ذلك. وفي كل حال فهو أفضل تمثيل مسيحي في أي من الحكومات التي تعاقبت منذ اقرار اتفاق الطائف وحتى اليوم، حتى لا نتكلم عن المناطق الأخرى. أما في شأن الموضوع الاقتصادي، فلا يمكن تجزئته وفصله نهائياً عن الوضع الاقليمي ومشكلات المنطقة، لكن ينبغي ألا نربطه بمعادلة ان لا معالجات اقتصادية محلية إذا لم يكن ثمة حل في المنطقة. بالتأكيد فإن الحل الاقليمي يساعد في نهوض الاقتصاد اللبناني، إلا أن هناك ما يمكن القيام به بمعزل عن الوضع في المنطقة، سواء على صعيد الخصخصة أو الاستثمارات في القطاعات الصناعية والعقارية والمصرفية التي في وسعها النجاح في ظل استقرار سياسي وحكومي. أما ما يمكن أن يمنحنا اياه السلام الشامل، فهو تنشيط الاستثمارات الكبيرة. يقال ان الحكومة تمتلك في ذاتها مصادر قوتها. في مجلس النواب خصوصاً من خلال ائتلاف وزراء يمثلون الرؤساء لحود وبري والحريري والنائب وليد جنبلاط. لذلك يتردد انها قد تكون حكومة دائمة حتى نهاية العهد الحالي... - في لبنان ليس هناك عمر محدد للحكومات. الا انني استطيع القول ان ظروف حياة الحكومة الحالية متوافرة أكثر من أي حكومة أخرى لجهة مدة استمرارها. أما الأسباب الأخرى فمرتبطة بامتلاك الحكومة كل عناصر نجاحها على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ووجود الرئيس كمعني بالملف الأمني السياسي هو الضامن والداعم الأساسي لهذه الحكومة التي سيكون في وسعها الاستمرار والنجاح. ماذا يمكن أن تعني لك تجربة تعيينك وزيراً للداخلية للمرة الأولى؟ - ما يعنيني هو الشعور ليس كم من الوقت أنا باق في المنصب، بل متى سأتركه، تأكيداً للعبارة المأثورة: "لو دامت لغيرك لما آلت اليك". ثم المطلوب من المسؤول الذي سيتعاطى مع المواطنين، خصوصاً عندما يكون في منصب دقيق كوزير الداخلية ان يضع نصب عينيه الآتي: هل هو وزير على الناس أم مع الناس؟ ما هو دور الوزير في وزارته ودوره في مجلس الوزراء؟ في رأيي ان دوره في مجلس الوزراء أن يكون جزءاً من الحكومة، يناقش ويطرح مشاريع لوزارته، ويسوّق فكره السياسي ويحمي وزارته من ضمن مجلس الوزراء. أما ممارسته اليومية في وزارته فيجب أن تختلف تماماً عن دوره في مجلس الوزراء. وحتى ينجح الوزير يتعيّن أن يعمل تحت شعار واضح وصريح هو أنه موظف عند الناس وليس وزيراً عليهم. مهمتي جعل وزارة الداخلية مؤسسة تتعاطى أمن الناس، لا الأمن على الناس. وتتواصل يومياً معهم. بعد أقل من شهر على ممارستي عملي في وزارة الداخلية، كنت أعتقد بأن العمل الوزاري أصعب بكثير. لكنني لا أراه كذلك وان كنت أصطدم بالعقبات الادارية التي بحسب معرفتي ستحاول الحكومة الحالية التخفيف كثيراً منها وفقاً للمشروع الذي يقترحه الرئيس الحريري لهذه الغاية. شخصياً، أدرت 20 مؤسسة أو شركة، فاكتشفت ان ادارة الشركات الخاصة أصعب من ادارة وزارة بيومياتها. عمري الآن 38 عاماً وأنا أبدأ وزيراً للداخلية، أي من حيث يجب أن أنتهي، وهنا صعوبة المسؤولية،لأنني المعني كل الوقت بأمن الناس جميعاً، وسأحاول قدر الامكان تفادي أكبر عدد ممكن من الأخطاء لأن هذه الحقيبة الوزارية لا تتحمل اخطاء وممنوع الخطأ فيها، وسأتعاون مع الجميع