أفلحت جهود وزارة الداخلية الكويتية في وضع اليد على شبكة متطرفة كانت تخطط لتنفيذ عمليات هجومية انتحارية ضد مصالح أميركية في الكويت وخارجها، وشمل ذلك، كما اظهرت التحقيقات، استهداف قوات أميركية تتمركز في الكويت منذ عام 1991 تنفيذاً لمذكرة تعاون دفاعي بين البلدين لاحتواء تهديد عراقي محتمل ضد الكويت في حال ابقائها ساحة مفتوحة من دون غطاء دفاعي واستراتيجي. ولأن الشبكة ترتبط بأهداف غير كويتية محلية فإن أحد أهدافها الأخرى مهاجمة مكتب تجاري لاسرائيل في الدوحة، فضلاً عن سفارتها في العاصمة الأردنية. ومن الواضح أن هذا التحرك العنيف يأتي في غمرة تأجج الانتفاضة الفلسطينية، وفي سياق موجة عارمة معادية للسياسة الأميركية في المنطقة العربية. وأثمر هجوماً ضد المدمرة الأميركية كول في ميناء عدن، مما أدى الى اعلان حال التأهب القصوى في صفوف القوات الأميركية في المنطقة. والجهد الذي بذلته وزارة الداخلية الكويتية بقيادة وزيرها الشاب محمد الخالد الصباح أظهر ان الجهاز الأمني الكويتي كان يتعقب الشبكة التي يقال انها تنتمي لتنظيم "الجهاد الاسلامي الدولي" منذ آذار مارس الماضي إذ عقدت اجتماعات اطلقت بداية العمل للتحرك. ويقال ان الأجهزة الأمنية كانت على علم بها. وفي التفاصيل ان حاجزاً أمنياً روتينياً للتفتيش لاحظ ان شخصاً ما يزعم انه يحمل الجنسية السعودية لكن لهجته غير سعودية، فتعقبه رجال الأمن بعدما تبين انه جاء الى الكويت من وجهة أخرى غير السعودية وتحت اسم عبدالعزيز القصيد. ومن خلال المراقبة تم رصد اجتماعات عقدت في منطقة مزارع كثيفة في بر الوفرة المحاذي للحدود مع السعودية في أقصى الجنوب الغربي، وكذلك داخل منزلين في مدينتي الظهر والأحمدي قالت المصادر الأمنية انهما محصنان وكان يصعب اقتحامهما مما يدل على مدى درجة الاحتراف لدى أفراد المجموعة. وحسب رواية المصادر الأمنية فان "عبدالعزيز القصيب" مغربي وهو خبير في إعداد المتفجرات التي وجدت منها كميات ضخمة زادت على مئة وخمسين كيلوغراماً من المواد شديدة الانفجار اضافة الى قنابل يدوية. اما العقل المدبر للمجموعة الذي رأس اجتماعات للشبكة في كل من طهران وباكستان، وهو ما يعكس توجه جماعة "الجهاد" التنسيقي مع حزب الله الأمر الذي ما زال مستبعداً لدى تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن، كان شخصاً يدعى عبدالله الدوسري فضلاً عن جندي في القوات المسلحة يعتقد بأن لديه مقدرة على كشف ومعرفة تحركات القوات الأميركية، ونقيب شرطة يعتقد بأن مهمته تسهيل خروج المغربي عبر العبث ببيانات جهاز الكومبيوتر الذي بيّن من باب التمويه ان المغربي غادر الى السعودية، بينما كان قد غادر الى طهران حسب معظم الروايات المتداولة. وكذلك تم التحفظ على بضع أشخاص آخرين من جنسيات سورية ويمنية وهو ما يؤشر على امتداد التنظيم، خصوصاً ان عدداً من المشبوهين كانوا فروا عبر الحدود الى السعودية ومنها الى قطر. وهؤلاء كان بعضهم حسب رواية موثوقة، متهمين على ذمة قضية "طالبة المعهد التجاري"، وتلقوا نبأ الحكم عليهم بالسجن عبر الهاتف النقال عندما كانوا قرب المنفذ الحدودي ليستغلوا عدم ادراج اسمائهم ضمن قوائم الممنوعين من السفر فغادروا بطريقة عادية في الحال. وقد شعرت الجماعات والتيارات السياسية الاسلامية المشروعة والمعلنة والمعبر عنها برلمانياً بالغضب الشديد إزاء ما صاحب الحملة الأمنية التي كشفت الشبكة من دعوات برزت من رموز التيار الليبرالي ارجعت بذور التطرف الارهابي الى تراخي الدولة عن الوقوف بوجه الجماعات الاسلامية التي تستغل الديموقراطية لأغراض خاصة، في حين حرصت التيارات الاسلامية على المطالبة بكشف كل ملابسات التحقيق، وعدم افساح المجال أمام التهييج الاعلامي ضد العمل الخيري الاسلامي، وحرص كاتب اسلامي مرموق هو الدكتور وائل الحساوي على القول بأن الجيش الأميركي أو البريطاني في الخليج لو كان "دخل مستعمراً لبلادنا لكنا جميعاً أول المتصدين له والداعين الى اخراجه بالقوة كما فعل العرب والمسلمون من قبل... لكن هذا الجيش جاء ضمن معاهدات أمنية وقعتها دول الخليج معه وقد وافقنا كشعوب على الاستعانة به لصد خطر أعظم يهدد كياننا ومصيرنا، ونعلم بأننا متى شعرنا بعدم الحاجة لمساعدته فليس أسهل من الغاء المعاهدات الأمنية والطلب منهم الرحيل عن ديارنا". وأضاف: "اعتقد بأن بعض الشباب المتحمس الثائر الذي يفعل المستحيل من أجل ضرب الأهداف الأميركية والبريطانية في بلادنا من أجل اجبار الدولتين على الرحيل هو شباب ضائع بمعنى الكلمة". وهكذا يختصر الحساوي المسألة بوجه من يصفهم "بالمساكين من الكتاب الذين استغلوا الأحداث لتأجيج الشعب والسلطة على الجمعيات الخيرية والشباب المتدين فقد أسقط من أيديهم حيث ان مفعول سحرهم قد بطل ولم يعد يلقى اهتماماً من أحد وأنصحهم بالبحث عن طرق أخرى أو اعلان توبتهم". وكان التجمع الوطني الديموقراطي الليبرالي أشار الى "الثمن الباهظ الذي يدفعه الوطن للسياسات الحكومية المتراخية تجاه تغلغل التطرف الديني في البلاد والمؤسسات الرسمية... فالتساهل في التعامل مع الاعتداءات والتجاوزات المتكررة للمحسوبين على التطرف الديني على المواطنين وحقوقهم وحرياتهم شجع بعضهم على المزيد وأدى التغاضي عن مخالفات الأحزاب السياسية الدينية الى انتشار الأنشطة الترويجية لثقافة العنف والتطرف الفكري".