لأنها ليست استثناء. يحيط شبابها اليوم خطر فكر جديد قديم، قديم كفكر إرهابي، جديد في تسميته. «داعش»، أو ما يعرف ب»دولة الخلافة الإسلامية»، الخطر الذي يحدق في المنطقة، ويقترب شيئاً فشيئاً من شبابها. ففي الكويت، تفيد مصادر متعددة أن الجهات الأمنية في وزارة الداخلية أطلقت حملتها الكبرى لضبط عدد من المنتمين فكرياً لهذا التنظيم، وذلك بعد ورود تقارير تشير إلى قرب تحرّكهم لنشر توجهات مؤيدة ل»داعش»، وآخرها إلقاء خطبة الجمعة في أحد مساجد محافظة الجهراء. مصادر أخرى، تؤكد اعتقال 3 أشخاص منتمين فكرياً ل»داعش»، بعد عملية رصد ومتابعة، إذ شكلت وزارة الداخلية فرقاً أمنية في المحافظات لمتابعة المنتمين أو المتعاطفين مع هذا التنظيم الإرهابي، تتلقى وتتابع يومياً تقارير تفيد بوجود متعاطفين معه غالبيتهم من بقايا تنظيم «القاعدة». إذن فكر «داعش» في الكويت، بين شبابها، أم أنه لا يزال في دول الجوار فحسب. سؤال حملته «الحياة» وأجاب عليه الدكتور وائل الحساوي رئيس مركز «إبن خلدون للدراسات الإستراتيجية»، معتبراً أن فكر «داعش» غير جديد على العالم، بل هو امتداد لفكر الخوارج على مدى العصور والمبني على الجهل في فهم الدين والحماسة في غير محلها. ويضيف الحساوي إن «مشكلة هذا الفكر المنحرف هو أنه يتكلّم باسم الإسلام ويستغل الجهل والحماسة لدى الشباب المسلم الذي يشعر بالإحباط في مجتمعه، ثم يجد من يبعث فيه روح الحماسة والأمل ويعطيه وصفة سهلة وسريعة توصله إلى أعلى الجنان». وهل الفكر الداعشي موجود في الكويت؟ يوضح الحساوي: «لا شك أن الكويت لا تختلف عن باقي بلدان العالم في حماسة شبابها لدعوات داعش. وقد استطاع ذلك التنظيم تجنيد كثر في صفوفه لا سيما مع بداية الثورة السورية وتحمس الشعب الكويتي ودعمه السخي للمنظمات المشاركة في الثورة. وكان من الصعب التفريق بين المقاتلين المعتدلين في سورية وبين المتطرفين. وكثر أخذتهم الحماسة لدعم سورية ووجدوا أمامهم من يزيّن لهم بأن واجب الجهاد في سبيل الله يتطلب منهم تلك التضحيات ودعم الجميع». ويستدرك: «لكن بفضل الله كان للدعاة الذين يسيرون على نهج الكتاب والسُنة دور كبير في تحذير الناس من خطر أولئك الخوارج وبيان فساد منهجهم. ودارت مناظرات كثيرة معهم ومع المتأثرين بفكرهم وعاد كثيرون عن ذلك المنهج». ويرى الحساوي أن، دور الدولة واستعدادها لمحاربة ذلك الفكر لا يزال خجولاً، «لا سيما في الجانب التربوي والتوعوي. ولأن مناهجنا الدراسية لا تتضمن بيان الفكر الإسلامي الذي يحارب ذلك الانحراف وكشف حقيقة الخوارج وخطرهم على المسلمين. كما لا تزال المجاملة تغلب في التعامل مع الأشخاص الذين يقودون الدعوة إلى داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية. ولولا تحرك الأممالمتحدة والسعودية لكشف أولئك الأشخاص والتضييق عليهم لما انتبه الناس إلى خطرهم». من جهته، لم يبتعد الباحث السياسي الدكتور عايد المناع كثيراً عن هذا الطرح، إذ يعتبر أن «فكر داعش موجود في كل البلدان الإسلامية والكويت ليست استثناء. فهي كما حال المنطقة الإسلامية وتحديداً العربية تعيش منذ هزيمة الخامس من حزيران (يونيو) 1967 حالة من العودة إلى الجذور الإسلامية. وقد أدى نجاح التيار الديني في إسقاط شاه إيران وإقامة حكم ديني ما زال ماثلاً إلى إغراء التيارات الدينية السنية لإقامة حكم ديني مضاد. كما نجحت التيارات الدينية من حشد جمهور لا يستهان بأعداده في بلدان الخليج للمطالبة بتحكيم الشريعة الإسلامية. وبفضل هذا الحشد نجحت التيارات المذكورة من فرض مرئياتها على حكومات المنطقة. وفي الكويت نجح الإسلاميون في تحقيق مكاسب سياسية كبرى خصوصاً في الانتخابات البرلمانية. وأصبح هناك تسابق على أسلمة القوانين، وكان بعضهم يعتقد أن ذلك سيكون لمصلحة التيارات الإسلامية المعتدلة. لكن اتضح أن مجتمعاتنا تنحو نحو التشدد الديني». ويضيف المناع: «بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي جاهر المتطرفون بممارساتهم التي تجلّت في أكثر من محاولة لفرض رؤاهم الدينية على غيرهم. كما التحقت أعداد من الكويتيين بما يسمى الحركات الجهادية في أفغانستان والبوسنة والهرسك، ومن ثم في العراق وسورية. ولو لم يكن هناك فكر «قاعدي» لما انضم هؤلاء إلى تنظيم القاعدة الذي هو تنظيم أصولي متطرف سيء السمعة بالنسبة للبلدان الغربية وغير مرحب به في البلدان الخليجية». ويذهب المناع، الذي يرى «داعش نسخة» مكررة من تنظيم «القاعدة» لكنها أكثر قبحاً وتطرّفاً، إلى تحليل قدرة الدولة على مجابهة هذا الفكر. فيقول: «تحاول الكويت حماية الشباب من الاستسلام للأفكار المتطرفة، من خلال الحدّ من استخدام المساجد من قبل المتطرفين ومن إيجاد مناهج دينية يسودها الاعتدال. لكن الفكر المتطرّف وجد طريقه إلى أذهان الشباب من خلال تأجيج العواطف الدينية بتضخيم ما يحدث من مآس وأحداث في العالمين العربي والإسلامي. وقد انخرط كويتيون في تنظيمات متطرفة مثل القاعدة ومخرجاتها كجبهة النصرة وتنظيم داعش». ويستطرد المناع: «لا يمكن حماية الشباب من غزو التطرّف الديني إلى أذهانهم إلا من خلال إيجاد حواضن بديلة مثل الأندية الفكرية والرياضية والاجتماعية وقوى سياسية مدنية، وتفعيل المشاركة الشعبية في صنع القرار واتخاذه. ومنع الشباب من الالتحاق بالمنظمات المصنفة دولياً بأنها إرهابية أو متطرّفة، وتشريع قوانين تعاقب بشدة من يلتحقون بتنظيمات خارجية».