يعيش انسان اليوم في سباق مع الزمن، فضغط العمل وتنوع الفعاليات والنشاطات جعلته "يأكل" من ساعات نومه التي تعتبر ضرورية وأساسية للخلاص من التعب البدني والعقلي واستعادة النشاط والحيوية. والنوم ضروري جداً للاطفال اذ يساعد على نموهم بفضل هرمون يفرزه الدماغ خلال فترة النوم. يحتاج الانسان الى حوالى ثماني ساعات من النوم يومياً، ولكن هذا لا يعني ان كل شخص يحتاج الى هذه المدة بالتمام والكمال، فهذا الرقم يشكل المعدل الوسطي الذي حصل عليه بعد دراسات طالت آلاف من الناس. والبشر غير متساوين امام النوم، فهناك من تكفيه 3 ساعات، وهناك من يحتاج ما بين 5 الى 6 ساعات، وآخرون قد يلزمهم 7 الى 8 ساعات نوم، ونسبة ضئيلة من الاشخاص يحتاجون لأكثر من عشر ساعات نوم. والنوم يشبه القطار، فهو يعبر كل ساعتين مرة وفقاً لآلية خاصة تشرف عليها ساعة بيولوجية توجد في قاع الدماغ. ومواعيد قطار النوم دقيقة، فهو لا يتأخر ولا يتعطل الا في حالة المرض. فالدماغ يقوم بإرسال اشارات يدلنا من خلالها على مواعيد مرور قطار النوم مثل التثاؤب المتكرر، وثقل الرأس وصعوبة تثبيت النظر، والرغبة الفورية في العزلة عن العالم الخارجي اضافة الى الاسترخاء العام. ويعني الخلود للنوم الانتقال من حالة اليقظة الى حالة السبات. واذا كنا غير مستعدين لهذا الانتقال فإنه يصعب المرور الى عالم النوم. والحصول على النوم لا يتم فجأة، بل تدريجاً وعلى خطوات، والساعة التي تسبق النوم لها أكبر الأثر في التمهيد للنوم وبالتالي لمدته ونوعيته، وهذه الساعة يجب ان تتوافر فيها ثلاثة شروط أساسية هي: الهدوء والراحة والسكينة التي تشكل المفاتيح الرئيسية في التحضير لعملية النوم. أيضاً هناك عوامل أخرى لها فعلها في التأثير على النوم سلباً أو إيجاباً. والغذاء سلاح مهم له دوره في التشجيع على النوم، أو انه على العكس قد يشوشه فلا يتم الحصول عليه بيسر وسهولة. والغذاء يجب ان يكون متوازناً يؤمن للجسم ما يحتاجه من عناصر مهمة كالسكاكر والبروتينات والدهون والأملاح المعدنية والفيتامينات. وعلى الإنسان ان يعرف ماذا يأكل حتى يكون الغذاء نصيراً للنوم بدلاً من ان يكون مشوشاً له، وفي ما يأتي أهم النصائح التي تصب في هذا الاتجاه: وجبة الصباح. ان وجبة الفطور تشكل ربع حاجة الانسان من الطاقة اللازمة له، والقفز فوق هذه الوجبة يعني بكل بساطة بقاء الجسم من دون طعام حوالى 16 ساعة فتكون النتيجة اللجوء الى تعويض هذا النقص في وجبتي الغداء والعشاء، وهذا ما يترتب عنه الشعور بالتلبك والانزعاج وما يعقبهما من ارتكاسات سيئة تنعكس سلباً على النوم. وجبة العشاء، وهذه يجب ان تكون خفيفة ومتوازنة قليلة الدسم. فتناول أطعمة غنية بالدهن تخلف وراءها صعوبات هضمية تحول دون الحصول على نوم مريح. وبعضهم قد يلجأ الى النوم على معدة فارغة وهذا هو الخطأ بأم عينه، لأن هذا التصرف يدفع الى حدوث اليقظات الليلية المتكررة التي تجعل صاحبها في حالة يرثى لها. وينصح بعدم النوم مباشرة بعد الطعام، بل يجب الانتظار بعض الوقت 1 - 2 ساعة قبل الذهاب الى الفراش. الأغذية المشجعة على النوم. الخضار والفواكه والسلطات والشوربة تؤمن للجسم الفيتامينات ومادة السيللوز الضرورية لعمل الانبوب الهضمي. الحليب ومشتقاته والاسماك واللحم الخالي من الدهن تمد الانسان بالمواد الاساسية لصنع هرمونات النوم اضافة الى الكلس المهدئ للاعصاب. ايضاً لا ننسى الخس الذي يملك مادة منومة طبيعية، والتفاح الذي يملك تأثيراً مهدئاً، والعسل واللبن الرائب اللذين يساعدان على النوم ويبعدان شبح الأرق ومشاكله. النباتات المشجعة على النوم. ان منقوع بعض النباتات المغلية يمكن ان يأخذ بيد الانسان للدخول في عالم النوم. ومن هذه النباتات البابونج والزيزفون وزهر البرتقال والنارنج. في الختام، يجب ان نتحاشى الاغذية والأشربة المؤرقة التي تقف عائقاً أمام النوم، مثل الإكثار من أكل اللحوم والسكاكر والملح والأطعمة الصعبة الهضم كالمقالي، كذلك المشروبات المنبهة المثيرة للاعصاب كالقهوة والشاي وما شابههما.