كان سباق جائزة فرنسا الكبرى لسيارات فورمولا واحد، على حلبة مانيي كور، حافلاً بالإثارة، اذ وفّر لعشاق هذه الرياضة قدراً من المتعة تخطى كل ما كانوا يتوقعون، وتجاوز ما كانوا به يحلمون بدءاً بالتجارب الرسمية وانتهاء بمنصة التتويج، ولئن حل سائق جوردان موغن هوندا الألماني هاينتس هارالد فرنتزن في المركز الأول، فان الفنلندي ميكا هاكينن سائق ماكلارين - مرسيدس سرق الأضواء، وكان الرابح الأكبر في هذا السباق رغم احتلاله المركز الثاني. جرت التجارب الرسمية لهذا السباق في أحوال جوية بالغة السوء، حرمت المنافسين الرئيسيين على اللقب العالمي المتصدر هاكينن ووصيفه شوماخر من الانطلاق في الطليعة او على الأقل في مراكز متقدمة نسبياً، فحل الأول في المركز الرابع عشر وحل الثاني في المركز السادس، في حين سجل البرازيلي روبنز باريتشيللو أفضل وقت في التجارب الرسمية يليه الفرنسي جان اليزي فالفرنسي الآخر اوليفييه بانيس، فالاسكتلندي ديفيد كولتهارد ثم الألماني فرنتزن. وشهد السباق منافسة ضارية لم تقتصر على اصحاب المراكز الأولى لحظة الانطلاق، والدليل القاطع على حدة المنافسة ان خمسة متنافسين تناوبوا على احتلال المركز الأول سبع مرات فتصدر باريتشيللو السباق حتى اللفة الخامسة حيث تجاوزه كولتهارد وظل في الطليعة حتى خروجه من السباق في اللفة العاشرة، عندئذ استعاد باريتشيللو زمام المبادرة وظل متصدراً حتى اللفة ال43، وتخلى البرازيلي عن الصدارة لشوماخر سائق فيراري وما لبث ان استردها في اللفة ال 54 وانتزعها منه هاكينن في اللفة الستين وفي اللفة ال65 تصدّر فرنتزن وظل محتفظاً بالصدارة حتى نهاية السباق. خاض فرانتزن سباقاً نموذجياً فاستفاد من اخطاء منافسيه.ولم يرتكب اي خطأ في القيادة وكان رهان فريقه على استراتيجية تقضي بتغيير الاطارات والتزود وقوداً مرة واحدة رهاناً على قدر كبير من المجازفة، لكنه أثبت جدواه وفاعليته في نهاية المطاف، والواقع ان معظم السائقين دخل الى المرأب في اللفة الثانية والعشرين بعد هطول الأمطار بغزارة، وكانت خطط الفرق تقوم على التوقف مرتين باستثناء جوردان. وفي اللفات الاخيرة من السباق حبس ايدي جوردان وحبس معه المشاهدون أنفاسهم خوفاً من ان ينفد الوقود في خزان سيارة فرنتزن، وقد أغمض جوردان عينيه في المنعطفات الاخيرة واكتفى بسماع هدير محرك السيارة، ولم يفتحهما الا بعدما عبر فرانتزن خط الوصول. وهذا الفوز هو الثاني لفرانتزن بعد إحرازه المركز الأول في سباق الجائزة الكبرى في ايمولا العام 1997 مع فريق وليامس. وهو الفوز الثاني لفريق جوردان اذ سبق لسائقه دايمون هيل ان احتل المركز الأول في سباق سبا البلجيكي في العام الماضي، ومن غرائب المصادفات ان الفوزين تحققا تحت امطار غزيرة. وقد استفاد فرنتزن من دخول سيارة الأمان بين اللفة ال26 واللفة ال36، لأنها قلّصت الفارق بينه وبين سيارات المتصدرين من جهة، ولأنها جعلت سيارته تستهلك قدراً أقل من الوقود أتاح له ان ينهي السباق في المركز الأول. وتجدر الاشارة الى ان هاكينن الذي حلّ في المركز الثاني خاض سباقاً ملحمياً اكد كفاءته العالية في القيادة، وأثبت انه قادر على تجاوز الاخطاء التي يرتكبها اثناء القيادة. والواقع ان الفنلندي انطلق من المركز الرابع عشر، وفي اللفة الأولى نهش خمسة مراكز وظلت شهيته مفتوحة فالتهم مركزين في نهاية اللفة الثالثة واكتفى بمركز واحد في نهاية التاسعة وما لبث ان تجاوز شوماخر في اللفة العاشرة، وراح يتخطى السائقين تباعاً حتى احتل المركز الثاني وراء باريتشيللو. وارتكب هاكينن خطأ فادحاً فانزلقت سيارته ودارت على نفسها، لكنه تمكن من السيطرة على الموقف بعدما دفع الثمن غالياً فتقهقر الى المركز السابع. ومرة ثانية قام هاكينن بانجاز رائع أتاح له ان يتخطى خمسة من منافسيه وأن ينتزع المركز الثاني حاصداً ست نقاط، رفعت الفارق بينه وبين شوماخر في الترتيب العام للبطولة الى ثماني نقاط. الألماني شوماخر سائق فيراري الذي انطلق من المركز السادس صادف بعض المتاعب وسنحت له الفرصة بعد هطول الأمطار، وانزلاق سيارة هاكينن، لكي يحسن موقعه في السباق، وقد استغل هذه الفرصة افضل استغلال وقدم فاصلاً من القيادة المثيرة اتاحت له ان يتصدر بعد تجاوزه باريتشيللو وتمكن شوماخر من ان يرفع الفارق بينه وبين الثاني الى اكثر من تسع ثوان، لكنه خسر ثماني ثوانٍ في لفة واحدة لعطل في علبة تغيير السرعة، وعندما دخل المرأب خسر ايضاً ثواني ثمينة لأنه اضطر الى تغيير مقود سيارته. وشهد السباق قبل نهايته صراعاً مريراً بين الاخوين شوماخر، تمكن فيه الشقيق الأصغر رالف من تجاوز شقيقه الأكبر ميكايل حارماً إياه من المركز الرابع وكان بوسع ايدي ايرفين زميل شوماخر في فيراري ان يتجاوزه لكن الأوامر المشددة التي صدرت من الفريق فرضت عليه ان يكتفي بالمركز السادس مقدماً المركز الخامس لسائق فيراري الأول على طبق من نحاس. اما باريتشيللو سائق ستيوارت فورد فان ساعته لم تأت بعد، رغم تصدره معظم فترات السباق، وقد اكتفى بالمركز الثالث على أمل ان يعتلي يوماً أعلى درجة فوق منصة التتويج. وخلاصة القول ان سباق مانيي كور بتقلباته الحادة ومراحله المختلفة وفّر لعشاق بطولة فورمولا واحد اقصى قدر من الإثارة والمتعة، وأتاح للمشاهدين ان ينعموا بلحظات احتكت فيها الاطارات بعضها ببعض من دون ان يتعرض اي سائق للأذى، ما يؤكد ان سباقات الجائزة الكبرى هي رياضة الأعصاب المشدودة بلا منازع الترتيب العام في بطولة العالم للصانعين 1 - فيراري 58 نقطة 2 - ماكلارين مرسيدس 52 نقطة 3 - جوردان موغن هوندا 26 نقطة 4 - وليامس سوبرتيك 15 نقطة 5 - بينيتون بلاي ليف 14 نقطة 6 - ستيوارت فورد 12 نقطة. الترتيب العام في بطولة العالم للسائقين 1 - ميكا هاكينن 40 نقطة 2 - ميكايل شوماخر 32 نقطة 3 - ايدي ايرفين 26 نقطة 4 - هاينتس هارالد فرنتزن 23 نقطة 5 - رالف شوماخر 15 نقطة 6 - جيانكارلو فيزيكيلا 13 نقطة.