خرجت البرازيل من كوبا أميركا التي أقيمت في الباراغواي بحصة الأسد، فقد أحرزت اللقب للمرة الثانية على التوالي والسادسة في تاريخ البطولة، واختير ريفالدو أفضل لاعب في الدورة، وتوج ريفالدو ورونالدو هدافين لها برصيد خمسة أهداف لكل منهما، وفازت في المباريات الست التي خاضتها وسجل هجومها 17 هدفاً واهتزت شباكها مرتين فقط، فضلاً عن أنها تجاوزت آثار الهزيمة النكراء التي منيت بها أمام فرنسا صفر/3 في المباراة النهائية للمونديال الصيف الماضي، فاستعادت هيبتها وقدمت عرضاً في نهائي كوبا أميركا أمام الاوروغواي أمتع ملايين المشاهدين ووفر لهم لحظات من السحر الحلال الذي امتازت به الكرة البرازيلية عبر تاريخها. وفي طريقها الى المباراة النهائية سحقت البرازيلفنزويلا 7/صفر وفازت على المكسيك 2/1 وتغلبت على تشيلي 1/صفر وهزمت الارجنتين في الدور ربع النهائي 2/1 وكررت انتصارها على المكسيك 2/صفر في الدور نصف النهائي. أما الاوروغواي فقد بلغت المباراة النهائية بشق النفس فهي لم تفز في الدور الأول الا بمباراة واحدة على الاكوادور 2/1 وتغلبت على الباراغواي صاحبة الأرض وعلى تشيلي بضربات الجزاء الترجيحية في ربع النهائي ونصف النهائي على التوالي. لكنها قدمت أمام البرازيل عرضاً يليق بالمنتخب الذي سبق له أن أحرز بطولة العالم مرتين وفاز بكوبا أميركا 14 مرة. وخاض لاعبو الاوروغواي في بداية اللقاء مباراة ندية وهددوا مرمى البرازيل غير مرة، لكن صلابة الدفاع البرازيلي، ويقظة الحارس ديدا عطلتا جميع محاولاتهم. ريفالدو نجم الدورة ولا بد من الاشارة الى أن ريفالدو لاعب برشلونة كان نجم المباراة بلا منازع فصال وجال وراوغ ومرر وسدد برأسه وبقدمه وسجل في كلا الحالتين، ولعل هذه المباراة كانت فرصته الذهبية للرد على الانتقادات القاسية التي وجهتها إليه الصحافة البرازيلية ولا سيما بعد أدائه الباهت أمام الارجنتين في الدور ربع النهائي، ولعل الدور الحاسم الذي قام به ريفالدو في تحقيق الفوز البرازيلي يشبه الى حد بعيد الدور الحاسم الذي قام به زين الدين زيدان في احراز فرنسا كأس العالم، فكلاهما سجل هدفين في الشوط الأول زيدان برأسه، وريفالدو برأسه وقدمه، وكلاهما كان دينامو فريقه. ويبدو أن رونالدو نجح في وضع حد للفترة الرمادية طوال الموسم الماضي، فاستعاد لياقته البدنية وثقته بالنفس، كما استعاد شهية التهديف، لكنه لم يعد بعد الى المستوى الذي كان عليه. صحيح انه توج هدافاً للدورة، إلا أن أداءه اتسم بالتذبذب ما اضطر المدرب واندرلي لوكسمبورغو الى اخراجه في لقاء الدور نصف النهائي أمام المكسيك. وقد صرح رونالدو بعد احراز البرازيل اللقب قائلاً: "لهذا اللقب قيمة خاصة جداً بعد المتاعب التي عانيتها منذ سنة. وأود ان أشكر المدرب لوكسمبورغو للثقة التي منحني إياها، وأنا سعيد لأنني نجحت في تسجيل خمسة أهداف، ولأنني لم أجد صعوبة في خوض مباريات كاملة. وقد أتاحت لي هذه الدورة ان أعيد الى رونالدو صورته السابقة، وأن أمهد لموسم يبشر بالخير مع انتر ميلان". وفي تعليقه على كوبا أميركا قال كارلوس ألبرتو لاعب ريال مدريد: "لقد خضت كل مسابقات كوبا أميركا منذ العام 1993، فخسرنا بصورة غير عادلة المباراة النهائية أمام الاوروغواي بضربات الجزاء الترجيحية. وفزنا بلقب 1997 أمام بوليفيا. لكن مشاركتنا في هذه الدورة هي الفضلى بكل تأكيد. وقد فرضنا سيطرتنا لا لأن أخصامنا ضعفاء، بل لأن منتخبنا هو الأفضل بين جميع المنتخبات التي كان لي شرف اللعب في صفوفها". طموح مشروعة ولا يجوز أن نغفل الدور الذي قام به المدرب لوكسمبورغو في إحراز اللقب، فقد نجح في رد الاعتبار الى الكرة البرازيلية، وحقق التناغم بين اللاعبين والانسجام بين خطوط الفريق، فركز على الهجوم من دون أن يهمل تحصين الدفاع، ووفق في اذكاء شعلة الحماس في نفوس لاعبيه بعدما خبا وهجها، وقد أعلن بعد احراز البرازيل اللقب: "لقد قمنا بما كان يجب علينا أن نقوم به لنستحق اللقب، فلم نستخف بأي من الفرق التي لعبنا ضدها، وخلال شهر وطّدت عرى الصداقة بيني وبين اللاعبين، ولم نعد نلعب كأفراد خارقين بل كمجموعة متجانسة. وأنا الآن أتطلع الى الفوز بالألعاب الاولمبية وبكأس العالم". أما مدرب الاوروغواي فيكتور بوا فقال: "أنا راض عن العمل الذي أنجزناه رغم خسارتنا المباراة النهائية. لقد واجهنا منتخبات عريقة بفريق من الشباب حقق نتائج فاقت ما كنا نتوقع منه. وقد اكتسب الفريق خبرة ستساعده في خوض التصفيات المؤهلة لكأس العالم". وقبل أن نختتم يجدر التوقف عند منتخبات تشيلي وكولومبيا والمكسيك التي لفتت الأنظار بأدائها المميز، أما منتخب الارجنتين الذي أحرز اللقب 14 مرة فقد ودع كوبا أميركا في الدور ربع النهائي، وكان الخاسر الأكبر في هذه المسابقة. ومما لا شك فيه ان غياب بعض اللاعبين الأساسيين أمثال باتيستوتا وريدوندو وكريسبو وفيرون قد انعكس سلباً على مستوى الفريق، الذي دخل التاريخ من باب الفرص الضائعة عندما أهدر لاعبه باليرمو ثلاث ضربات جزاء في مباراة واحدة امام باراغواي وحجز له مكاناً في كتاب غينيس للأرقام القياسية