قرأت باستغراب شديد مقال الدكتور محمد الرميحي المنشور في العدد رقم 362، ورأيت ان من واجبي أن اوضح بعض المغالطات التي قصد بها الكاتب مهاجمة النظام العراقي، ولكنه أساء إلى الشعب العربي في العراق: 1- ذكر الكاتب ان العراق تحت الحكم البعثي وكأنه يحمل حزب البعث المسؤولية لم يتخذ أي خطوات جادة لدعم القضية الفلسطينية، وأن دعمه اقتصر على الشعارات الجوفاء. لكن التاريخ يشهد أن إسرائيل لم تتعرض لرعب في ربع القرن الأخير مثلما تعرضت أثناء حرب الخليج عندما قصفت بالصواريخ العراقية. وبغض النظر عن الباعث الحقيقي للقصف، فإنه أشعر العرب والفلسطينيين أن قضيتهم المركزية بدأت بالاشتعال. 2- ورد على لسان الكاتب "أما الحديث عن مشاركة جادة للعراق في حروب العرب الخمس الرئيسية، فقد كان موقفه دائماً مزايداً". إن هذا الكلام يحتاج إلى تدقيق، خصوصاً انني من بلد من بلاد الطوق العربي، وأعلم جيداً ان العراق كانت من الدول العربية القليلة التي لم توقع هدنة مع إسرائيل في حرب 1948، كذلك لم يغب العراق عن نكسة 1967. أما بالنسبة لحرب رمضان المجيدة فلا يستطيع أحد إنكار الدور الرئيسي للقوات العراقية على الجبهة السورية ودماء الشهداء العراقيين التي امتزجت بتراب الجولان الحبيب. 3- أما الأمر الأخطر فهو جهل كاتب بمستوى الدكتور الرميحي بحقيقتين جوهريتين: الأولى، ان مفاوضات عام 1963 لم تجر بين سورية والعراق فقط كما ذكر، بل كانت مصر طرفاً رئيسياً فيها، وسميت هذه المفاوضات بمفاوضات "الوحدة الثلاثية". الثانية، جهله بحقيقة الموقف العراقي الذي استمات لتحقيق تلك الوحدة تحت تأثير تعاظم المد القومي بعد ثورتي 8 شباط فبراير في العراق و8 آذار مارس في سورية، إلا أن الرئيس جمال عبدالناصر دعا إلى التروي في مسألة الوحدة حتى تصبح ظروف الأقطار الثلاثة مناسبة لاستيعابها بعد جريمة الانفصال بين سورية ومصر عام 1961. ختاماً، كل الشكر لجهودكم.