يتوقع اخصائيو أمراض السرطان أن يساعدهم اسلوب مخبري جديد في اختيار الدواء الأكثر ملاءمة للحالة السرطانية التي يعاني منها مرضاهم. وهي المرحلة الصعبة التي يحاول فيها الأطباء عادة تجربة أنواع مختلفة من الأدوية لعلاج حالة سرطانية ما، ومن ثم يختارون المناسب منها لما فيه مصلحة المريض وراحته. والمقصود بالدواء المناسب هو ذلك الذي يفيد المريض ولا يتسبب بأعراض جانبية كبيرة تؤذيه. فقد نجح خبراء من معهد طب العيون في لندن في ايجاد فحص يمكّن الأطباء من تجربة أدوية مختلفة على شرائح صغيرة مستأصلة من الورم السرطاني الذي يعاني منه المريض، وذلك بعد وضعها في أوعية مخبرية يضاف إليها المركب الكيماوي المصنوع منه الدواء. وبذلك يتأكد الطبيب من فعالية تلك الأدوية على الخلايا السرطانية الموجودة في تلك الأوعية ويختار الدواء الأكثر نجاحاً في القضاء عليها قبل اعطائه للمريض. وعلى سهولة الخلفية النظرية لهذا الفحص، لم يتمكن الأطباء في السابق من ايجاد فحص دقيق مماثل. ويبدو من النتائج الأولية للتجارب الجارية على أكثر من 30 مريضاً من المصابين بأنواع مختلفة من السرطان، ان هذا الفحص ساعد الأطباء على اعطاء كل مريض الدواء المناسب لحالته، وان علاج المرضى يسير على أحسن ما يرام. وأكد الدكتور آلان لامونت، اخصائي علاج السرطان في مستشفى "ساوث إند" العمومي في لندن، ان نتائج تجربته لهذا الاسلوب المخبري كانت ايجابية للغاية على مرضاه. وأشار إلى أهمية الفحص الجديد في قلب المفاهيم التقليدية الراسخة في علاج مرض السرطان على رغم أنه في بداية مسيرته. فالخبرة الواسعة التي يتميز فيها اخصائيو علاج السرطان ومعرفتهم بأنواع الأدوية المناسبة لبعض أنواع السرطان، قد لا تكفي بالنسبة لبعض المرضى ممن لا تتقبل أجسادهم الدواء بالطريقة الايجابية ذاتها التي تتقبلها أجساد الآخرين. لذا يضطر الأطباء إلى تجربة أدوية أخرى قد يصل عددها إلى ستة أو أكثر قبل الاستقرار على دواء معين. أما الآن وبوجود هذا الاسلوب المخبري الجديد، فبإمكان الأطباء اعطاء المريض الدواء الأكثر ملاءمة لجسده من دون الاضطرار للخوض في تجربة أدوية عدة تعرّض المريض للازعاج والايذاء وتؤثر على ثقته في العملية العلاجية اجمالاً، كما ان التأخير في علاج المريض يتيح المجال أمام السرطان ليتأصل في الجسد، فتزداد صعوبة الخلاص منه أو السيطرة عليه. يعود الفضل في اكتشاف هذا الفحص الرائد للدكتور إيان كري، من معهد طب العيون في لندن، الذي أعلن أنه قادر على تزويد اخصائيي علاج السرطان باسم الدواء المناسب للورم السرطاني الذي يعاني منه مرضاهم خلال اسبوع من تسلم عينات الخلايا السرطانية لأولئك المرضى. وأشار إلى قدرة مختبراته على تعريض الخلايا السرطانية ل16 دواءً مختلفاً في آن واحد، مما يعطي فرصة جيدة لايجاد دواء أو دوائين ملائمين للمريض. كما أوضح الدكتور كري إلى ان فحصه يتضمن استخدام مادة "لوسيفيريز" التي تضيء في الظلام للكشف عن الخلايا السرطانية التي تبقى حيّة بعد تعريضها للدواء. وتتم هذه العملية بواسطة جهاز يكشف الضوء المنبعث من مادة "لوسيفيريز" الموجودة في الخلايا. فإذا لاحظ الطبيب أو تقني المختبر وجود ضوء في خلايا معينة، فهذا يعني أنها ما زالت حيّة وان الدواء المضاف لم ينجح في القضاء عليها. استخدم الدكتور كري فحصه الجديد على 40 نوعاً من أمراض السرطان، وهو يركز جهوده مع الدكتور لامونت على سرطان المبيض. ونوه الأخير بمزايا الفحص الجديد الذي أتاح له فرصة التعرف على أدوية علاجية فعالة لم يكن يتوقعها. إلا أنه أشار إلى أن التجارب القائمة قد تستغرق بضع سنوات قبل انتشار استخدام الفحص بشكل واسع.