أعلن البروفسور فيليب سالم رئيس برنامج الأبحاث السرطانية في مستشفى "سانت لوقا" في هيوستن في الولاياتالمتحدة عن هزيمة السرطان في مواقع عدة. ولفت الى اكتشاف ادوية مثل "كليفيك" Gleevic، تميز بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية، ما يساعد على القضاء على الخلية السرطانية ويمنع تكاثرها. وذكّر بما توصل إليه الطب في الوقاية من سرطان الثدي بواسطة دواء Tomoxifen وأدى الى تطمين نساء كثيرات سيطر عليهن هاجس الاستئصال. والمعلوم ان البروفسور سالم سجل مفاجأة في البحث السرطاني قبل عقدين من الزمن، وانتصاراً على الأطباء الإسرائيليين الذين كانوا اول من كتب عن سرطان ليمفوما Lumphoma البحر المتوسط، ما حدا بالأميركيين في حينه الى تحويل المخصصات المالية للبرنامج الى لبنان. وتلاحقت الإنجازات في الولاياتالمتحدة حتى اصبح سالم حجة في طب السرطان ومنحته الجمعية الأوروبية للسرطان الميدالية الذهبية العلمية. وفي اميركا، درّب الدكتور سالم اكثر من مئة باحث علمي وطبيب في الأمراض الخبيثة. وأشرف على اكثر من 200 مؤتمر واجتماع في الشرق الأوسط وأوروبا والولاياتالمتحدة. وشارك في تطوير ادوية جديدة للسرطان ومنها Interferon الأنترفيرون. ونال جائزة EllisIsland لسنة 1998، وتُمنح للرؤساء والمشاهير في العالم. وأخيراً، زار سالم لبنان، وشارك في نشاطات علمية وسياسية. وقبل عودته الى مركز عمله في هيوستن، خص "الحياة" بلقاء شرح خلاله آخر ما توصل إليه الطب في عالم الأمراض الخبيئة. وبحسب سالم يتمثل الإنجاز الكبير راهناً في اكتشاف ادوية تميز بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية. وتحفظ الخلية السليمة بعكس ما كان مستعملاً في السابق. وأحدث تلك الأدوية هو "غليفيك" ويستعمل لمعالجة سرطان الدم المزمن. ويقدر "غليفيك" على شل حركة البروتين الموجود داخل الخلية السرطانية والذي يسهم في تكاثرها، وبالتالي يقضي على هذه الخلية تدريجاً. ويعتبر "غليفيك" اول دواء للسرطان يأتي على شكل كبسولات تؤخذ بالفم. ونّبه الى ان كل مرض سرطاني يحتاج الى دواء معين. وليس هناك دواء او عقار يشفي كل الأمراض السرطانية. أثبت هذا الدواء فاعلية ملحوظة وإذا استخدم في مراحل المرض الأولى، فنحو 90 في المئة من المرضى يتجاوبون معه وربما وصل هؤلاء الى مرحلة تزول فيها كل مؤشرات المرض، من دون ان يعني ذلك الشفاء التام. فالمرض قد يعود مجدداً. وتوقّع ان يستفيد كثير من المرضى من هذا الدواء الجديد "لدينا 5 سنوات على الأقل للتحقق من نجاحه او فشله". وتحدث عن طريقة اكتشاف ادوية سرطانية ومراحلها "تبدأ المرحلة الأولى لدى ملاحظتنا ان مادة كيماوية معينة بدأت تعطي نتائج اولية في القضاء على الخلايا السرطانية من خلال وضعها في انابيب الاختبار. وتعتبر المرحلة الثانية تجريبية وتطبق على الحيوان، الذي نحقنه بخلايا سرطانية ثم نعالجه بهذه المواد والأدوية للتأكد من مدى فاعليتها والأعراض الجانبية التي تتركها. ويأتي دور الإنسان في المرحلة الثالثة، والإنسان الذي تجرى عليه التجارب عادة هو إنسان مصاب وفي مراحل متقدمة بحيث بات امل شفائه شبه معدوم بل مستحيل، ونترك له الخيار في ان لا نعالجه او ان نعطيه الدواء التجريبي. وغالباً ما يكون المريض ايجابياً في تقبل العلاج الذي من خلاله نصل الى نتائج ايجابية". وعرج سالم على الضجيج الإعلامي، الذي يفور ويخمد، عن "الأدوية العجائبية"، وذكّر ان العلم خاض منذ سنوات طويلة حرباً ضروساً ضد الأمراض السرطانية. وشدد على انه ليس هناك دواء سحري يشفي كل انواع الأورام الخبيئة. وفي ما يتعلق بالصخب الإعلامي حذّر الإعلام من الوقوع في خطر المبالغة في وصف هذه الأدوية بالسحرية. وطالب وسائل الإعلام بالتزام الموضوعية لكي نتجنب ردود الفعل السلبية لدى المرضى والمجتمع. وفي شأن الإغراق في التفاؤل الإعلامي ان يزرع آمالاً غير حقيقية وأحياناً وهمية. وبيّن ان هناك امراضاً سرطانية تتكاثر، وأخرى تتدنى نسبة الإصابة بها. وتدنت نسبة سرطان المعدة، في حين تزايد سرطان القولون وسرطان الثدي. والسرطان في الدول العربية يختلف عنه في اوروبا وأميركا. وينتشر سرطان المثانة كثيراً في مصر والعراق وله صلة بجرثومة البلهارسيا. وفي الجزائر وتونس يشيع سرطان الجيوب الأنفية. ويكثر سرطان المعدة والكبد في السعودية والخليج وهو ناتج من التهابات فيروسية متكررة للكبد. اما سرطان الأمعاء الدقيقة فيكثر في دول الشرق الأوسط. وركّز على الحاجة الى مراكز ابحاث متخصصة لتطوير معالجة الأمراض السرطانية "هذا ما نسعى إليه في المؤتمرات الطبية التي نعقدها بين الأطباء العرب والأطباء العالميين من خلال المؤسسة العربية الأميركية للسرطان". وحدد عاملين اساسيين للإصابة السرطانية وهما الوراثة والبيئة "في عالمنا العربي هناك عوامل بيئية تزيد نسبة الإصابة، وأهمها التدخين وهو من اهم مسببات سرطان الرئة، وبعد تصدّع طبقة الأوزون الواقية، صار الإفراط في التعرض الى اشعة الشمس عنصراً محفزاً للإصابة بسرطان الجلد. ويشكل التلوث الناتج من رمي النفايات النووية والكيماوية في البلاد النامية، خطراً على صحة الإنسان وتتسبب بالأمراض السرطانية. وتكشف الأبحاث عن خطورة مادة الاسبست الموجودة في بعض مواد البناء كالإترنيت وهذه تسبب سرطان الرئة، وتتفاعل هذه المادة كثيراً من المدخنين، فالمدخن الذي يتعرض لإشعاعات هذه المادة تزيد نسبة الإصابة لديه". ويشدد البروفسور سالم على ضرورة اجراء الفحص الدوري مرة في السنة على الأقل وبخاصة لمن لديهم اصابات وراثية في العائلة. ونصح النساء والرجال الذين تجاوزوا الخمسين بإجراء تنظير دوري للأمعاء والثدي لاكتشاف المرض في بدايته. وركز على ضرورة الامتناع عن التدخين نهائياً، "يختفي 80 في المئة من امراض السرطان في حال توقف الناس عن التدخين". ولفت الى الاهتمام بطريقة العيش من خلال العادات الصحية السليمة.