الشعر الشعر لا يموت ولا يستقيل... والشعراء الشعراء لا يستقيلون لكنهم يموتون… او ينتحرون. اما التطورات التكنولوجية، فأثرها على الشعر يقتصر على الشعوب التي تبدع التكنولوجيا لا تلك التي تكتفي باستهلاكها. فرضية انفضاض الناس عن الشعر فخاطئة من أساسها: إن جمهور الشعر العربي ما زال الاكبر والأوسع والأعمق والأعرض عالمياً. يكفي القاء نظرة على الجمهور المحتشد في امسياتي الشعريّة، في اي موقع من الوطن العربي والمنافي، للتأكد من ذلك. اما الانفضاض فيصحّ ضمن هامش معين من التجربة الشعرية العربية، حيث تلتقي طفيليات شعرويّة، تبدو مترجمة عن اللغات الاجنبية لشدة انفصامها عن كل ما هو حي وشعري وأصيل ومتحرك في الحياة العربية. لكن يمكن القول إن معدل القراءة ونسبة توزيع الكتب الشعرية والنثرية على السواء، يشهدان انحساراً معيناً في زمن الفضائيات والإنترنت. نحن ازاء شكل جديد من العلاقة بين الشاعر والجمهور، تتقلّص فيه معادلة القصيدة - الكتاب - القارئ لصالح معادلة جديدة هي القصيدة - الشاشة - الجمهور. ولا بد لنا من الانتباه الى ان الابداع الشعري مسألة فردية جداً، فقد يكون شاعر معين متورطاً في مأزق بسبب ما، بينما يستكشف زميل له في قطر آخر، آفاق جديدة ويغامر في أغوار ومناخات لم تطأها قصيدته من قبل. ولا يجوز اسقاط حالات فردية على المشهد الشعري العربي. فحتى لو تخبّط ألف شاعر اسكندينافي في ازمة ابداع، وظل في اسكندينافيا شاعر واحد محتفظاً بعافيته الشعرية، وقادراً على تقديم الأضافات، فذلك يكفي كي نعتبر الشعر الاسكندينافي بخير. الشعر العربي بخير، وأتمنى لجميع الشعراء العرب من المحيط الى الخليج - مروراً بالمنافي - ان يكونوا بألف ألف خير.