التشاد من الدول التي ولدت من رحم الحروب الاهلية ولم يشكل استقلالها سوى حلقات متتالية من هذه الحروب. واذا كانت الخلافات القبلية والعرقية وحتى الدينية متوافرة لاشعال الحرب في التشاد، فان وقوعوها بين سندان الجوار الليبي جغرافياً، ومطرقة النفوذ الفرنسي التاريخي، يجعلها عرضة للزلازل الاهلية من وقت لآخر. الاسماء وحدها تختلف، لكن الوقائع لا تتغير. بالامس كان الرئيس حسين حبري وادريس ديبي، الآن، الرئيس ادريس ديبي ويوسف دغيمي. اما المكان فهو نفسه شريط اوزو. المعارض الجديد يقود الحركة من اجل "الديموقراطية والعدالة" في التشاد. وهو يخوض منذ اشهر معارك مسلحة في شريط اوزو ضد القوات الحكومية. وآخر معاركه ادت الى سقوط 80 قتيلاً من الجيش وأسر 47. وكان اعلن قبل ذلك عن سقوط 200 قتيل في معركة قاسية انكرت خلالها حكومة ديبي سقوط مثل هذا العدد. ادريس ديبي، توجه الى شريط اوزو لكي يقود المعركة على الارض، وهو الخبير في تضاريسها، فقد سبق وقاد المعارك ضد القوات الليبية وألحق بها خسائر ساهمت في اقناع العقيد معمر القذافي بفداحة ثمن البقاء في هذا الشريط الصحراوي. وتقول مصادر افريقية ان فرنسا التي سبق وان تركت ادريس ديبي يستولي على السلطة من حسين حبري بعدما فقدت الامل منه، تلعب حالياً اللعبة نفسها، اذ تراقب بهدوء صعود يوسف ديمي الى درجة ان انصار ديبي احرقوا اخيراً العلم الفرنسي تحت شعار مقاطعة شركة "الف اكيتان" التي انسحبت من مشروع استثمار النفط التشادي. وبدورها فان طرابلس، التي تعزف الانغام الوحدوية للقذافي في افريقيا، وجدت نفسها محشورة فالرئيس التشادي هدد بالانسحاب من مجموعة دول الساحل التي شكلها القذافي، وحتى لا يفتح هذا الانسحاب ثغرة في المشروع، سارع الزعيم الليبي الى نجدة الرئيس التشادي وزوده بما يلزمه من سيارات تويوتا المثلى لحرب الصحراء، تحضيراً للمعركة الفاصلة التي يعدّ الرئيس التشادي نفسه لها. الفرنسيون متواجدون عسكرياً في المنطقة نفسها ويقومون بدور المتفرج، على الاقل علناً، اما في السر فان لا شيء يمنع من تفاهم فرنسي - ليبي على صيغة ما يرافق انتصار هذا الطرف أو هزيمة ذاك والثمن سيكون بالطبع اتفاقاً على النفط!