مع اقتراب موعد انطلاق مونديال فرنسا في العاشر من حزيران يونيو تتواصل الاستعدادات على كل صعيد ويراجع المدربون حساباتهم ويعدلون خططهم ويضعون اللمسات الأخيرة على قائمة اللاعبين المشاركين في كأس العالم قبل الثاني من حزيران يونيو آخر موعد لقبول القوائم. وهذه المرحلة التي تفصلنا عن اليوم الموعود تتيح للمدربين أن يختبروا اللاعبين ميدانياً وبصورة دقيقة قبل اتخاذ القرار الصعب لأن الفرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل أربع سنوات، وأي خطأ في القرارات يدفع المدربون والمنتخبات ثمنه باهظاً. وفي هذا العدد تلقي "الوسط" الضوء على المجموعة الثالثة التي تضم منتخبات فرنسا الدولة المضيفة وجنوب افريقيا والدنمارك والسعودية فضلاً عن المجموعة الرابعة "مجموعة الموت" التي تضم منتخبات اسبانيا والبارغواي ونيجيريا وبلغاريا. المجموعة الثالثة الدنمارك لن ينسى العالم ابداً ما حصل في كأس الامم الاوروبية التي اقيمت في السويد العام 1992 عندما حل منتخب الدنمارك محل منتخب يوغوسلافيا بعد الحظر الذي فرض على هذا الاخير بسبب الحرب في البوسنة، فقد استطاع احفاد الفايكنغ ضيوف اللحظة الاخيرة ان يقلبوا المائدة على المدعوين الشرعيين وان ينتزعوا الكأس في واحدة من اكبر المفاجآت في تاريخ كرة القدم على اعتبار ان المنتخب لم يكن مشاركاً اصلاً فكيف يكون مرشحاً للفوز وليس في سجله سوى مشاركة واحدة في نهائيات كأس العالم 1986 خرج فيها من الدور الثاني، وافضل نتيجة حققها في تاريخه هي بلوغه في العام 1984 الدور نصف النهائي في كأس الامم الاوروبية وخروجه على يد اسبانيا بركلات الجزاء الترجيحية؟ تأهل منتخب الدنمارك لنهائيات مونديال فرنسا باشراف مدربه السويدي بو يوهانسون بعدما تصدر المجموعة الاولى التي تضم فضلاً عنه كلاً من سلوفاكيا واليونان وكرواتيا والبوسنة فخاض ثماني مباريات فاز في خمس منها وتعادل في اثنتين وخسر واحدة وقد سجل 14 هدفاً واستقبلت شباكه ستة اهداف. يتمتع المنتخب الدنماركي بلياقة بدنية عالية ويضم مجموعة من اللاعبين المميزين في طليعتهم الاخوان ميكايل وبراين لاودروب لاعبا اياكس الهولندي ورينجرز الاسكوتلندي وبيتر شمايكل حارس مرمى مانشستر يونايتد وبيتر مولر ايندهوفن الهولندي ومارتن يورغنسن اودبنيزي الايطالي وبيتر نيلسن بوروسيا مونشنغلادباخ الالماني وجون داهي توماسون نيوكاسل الانكليزي. صحيح ان منتخب الدنمارك اخفق في التأهل لنهائيات مونديال 1990 و1994، لكنه بتشكيلته الحالية قادر على تفجير المفاجآت لما يمتاز به لاعبوه من حماسة وعناد. وفي المباريات التجريبية استعداداً لنهائيات كأس العالم تعادلت الدنمارك مع فرنسا 3/3 ومنيت بخسارة نادرة على ارضها امام النروج صفر/2. وكل ما يمكن قوله عن هذا المنتخب ان احفاد الفايكنغ قادمون، وعلى الفرق المنافسة ان تلزم جانب الحذر لأن الذين دخلوا كأس الامم الاوروبية في السويد من ثقب الابرة وخرجوا من الباب الملكي الواسع لن يسمحوا هذه المرة بأن يكونوا جسراً تعبر عليه الفرق الاخرى الى الادوار اللاحقة. السعودية شارك المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم مرة واحدة في العام 1994 بعد اخفاقه في بلوغ مونديال 78 و82 و86 و90 وفي مشاركته الاولى في الولاياتالمتحدة قدم مستوى طيباً اشاد به القاصي والداني فتغلب على منتخب بلجيكا بهدف العويران الخرافي، وسبق ذلك فوزه على المغرب بهدفين بتوقيع سامي الجابر وفؤاد انور، وكان قد كتم انفاس الهولنديين لمدة 86 دقيقة في المباراة الافتتاحية قبل ان يعدل الهولنديون النتيجة ثم يسجلوا هدف الفوز. وقد احتل المنتخب السعودي المركز الثاني في مجموعته وتأهل للدور الثاني ثم خسر امام السويد 1/3. وتركت هذه التجربة اثرها على المنتخب السعودي فاحرز كأس دورة الخليج العربية للمرة الاولى في تاريخه في البطولة التي استضافتها الامارات العام 94، ثم اكد السعوديون جدارتهم باعتلاء قمة الهرم الآسيوي بعد ان فازوا في الامارات ايضاً بكأس امم آسيا الحادية عشرة العام 96 للمرة الثالثة في تاريخهم. ودخل السعوديون مرحلة جديدة من التحدي عندما خاضوا التصفيات الاولية عن قارة آسيا للتأهل لكأس العالم 98، ونجحوا في تصدر مجموعتهم التي ضمت الى جانبهم منتخبات ماليزيا وبنغلاديش وتايوان وتأهلوا لخوض التصفيات النهائية لقارة آسيا الى جانب الكويت وايران والصين وقطر، ففازوا في اولى مبارياتهم امام الكويت بهدفين مقابل هدف سجلهما المهلل والثنيان، ثم توجهوا الى ايران وامام اكثر من 130 الف متفرج بكّر ابراهيم السويد في التسجيل قبل ان يعادل كريم باقري النتيجة، ونجح الدعيع في صد ضربة جزاء سددها اللاعب نفسه. ثم خسر السعوديون في داليان امام المنتخب الصيني صفر/1، وفي الرياض فاز المنتخب السعودي على المنتخب القطري 1/صفر، واعفي المدرب فينغادا وعين الالماني اوتو فيستر مدرب الناشئين فمني المنتخب بالهزيمة امام منتخب الكويت 1/2 في اولى مباريات الاياب، وفاز على المنتخب الايراني في الرياض 1/صفر واستضاف المنتخب الصيني الذي افلح في انتزاع التعادل. وفي المباراة الاخيرة التي خاضها المنتخب السعودي في الدوحة ضد قطر سجل ابراهيم السويد هدف اللقاء الوحيد ليطير بالسعودية الى فرنسا. وبعد التأهل بدأ المسؤولون عن المنتخب التحضير للمونديال فتم التعاقد مع المدرب البرازيلي الشهير كارلوس البرتو باريرا الذي احرز للبرازيل كأس العالم 1994، وسبق له ان احرز للسعودية كأس الامم الآسيوية 1988. واستعداداً لكأس العالم خاض المنتخب السعودي باشراف باريرا مباراة تجريبية امام المنتخب الالماني في الرياض فخسر صفر/3. ويخضع المنتخب حالياً لمعسكر تدريبي في سان ماكسيم في فرنسا، وقد لعب ثلاث مباريات فتعادل سلباً مع فريق كان الفرنسي ومع منتخب جامايكا، وفاز على منتخب ترينيداد - توباغو 2/صفر، وتعادل مع منتخب ايسلندا 1/1، وسيلعب قبل انطلاق كأس العالم مباراة امام انكلترا في ويمبلي واخرى امام النروج في اوسلو وثالثة امام المكسيك في باريس. ويأمل السعوديون رغم النتائج المتواضعة التي حققها المنتخب بقيادة باريرا، ان يكونوا على اهبة الاستعداد لمواجهة التحدي وتخطي الدور الثاني وتحقيق نتيجة افضل من نتيجتهم في الولاياتالمتحدة. وسيعلن باريرا عن تشكيلته قبل الثاني من حزيران يونيو المقبل وهو الموعد النهائي لتقديم قائمة باسماء لاعبي المنتخبات. والملاحظ ان باريرا لن يغير كثيراً في الاسماء المعروفة في المنتخب السعودي ولا سيما اصحاب الخبرة امثال محمد الدعيع في حراسة المرمى ومحمد الخليوي وحسين عبدالغني في الدفاع، وسعيد العويران وفؤاد انور وخالد مسعد في الوسط، وسامي الجابر وفهد المهلل وابراهيم السويد في الهجوم. في فترة زمنية قصيرة تعاقب على قيادة المنتخب السعودي ثلاثة مدربين: البرتغالي فينغادا والألماني فيستر والبرازيلي باربرا، ومن الطبيعي أن تترك هذه التغييرات ارتباكاً في صفوف اللاعبين لاختلاف مدارس التدريب، لكن المدرب الأخير له من خبرته وكفاءته ما يجعله مؤهلاً لتكوين تشكيلة قادرة على مواجهة تحديات المونديال بثقة عالية. الكرة الآن في ملعب اللاعبين السعوديين بعدما امّن لهم الاتحاد كل مستلزمات النجاح مدرباً وجهازاً فنياً ومعسكراً تدريبياً ومباريات تجريبية، وعليهم ان يقدموا أداء يليق بسمعة ابطال القارة الآسيوية ثلاث مرات. جنوب افريقيا عادت جنوب افريقيا الى احضان الاتحاد الدولي لكرة القدم في العام 1992 بعد طردها في العام 1976 بسبب ممارستها سياسة التمييز العنصري، ولذا فان صفحتها في كتاب كأس العالم ناصعة البياض خلافاً لسلوكها قبل مجيء نلسون مانديلا الى الحكم. ويبدو ان جنوب افريقيا متعطشة الى الانجازات الكروية وهي تريد ان تختصر طريق الشهرة والمجد بقفزة واحدة، وقد تم لها ذلك على الصعيد الاقليمي فأحرزت كأس الامم الافريقية 1996 في مشاركتها الاولى. وتأهلت لنهائيات مونديال فرنسا 98 عن المجموعة الثالثة التي ضمت فضلاً عنها كلاً من الكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية وملاوي وزامبيا. فخاضت ثماني مباريات ستة انتصارات وتعادل واحد وخسارة واحدة سجلت فيها احد عشر هدفاً ودخل مرماها ثلاثة اهداف. واستعداداً لكأس العالم شاركت جنوب افريقيا في بطولات عدة منها بطولة القارات على كأس الملك فهد التي اقيمت في السعودية وقد خرجت من الدور الاول بعد تعادلها مع تشيخيا 2/2 وخسارتها امام الامارات صفر/1 وامام الاوروغواي 3/4. ومنها كأس الامم الافريقية التي اقيمت في بوركينا فاسو حيث فشلت في الدفاع عن لقبها واكتفت بأن تكون وصيفة لمصر. وقد دفع المدرب كليف باركر ثمن الاداء الباهت في الرياض فاضطر الى تقديم استقالته هو الذي قاد جنوب افريقيا الى نهائيات المونديال وكلف الجنوب افريقي جونوسومو مهمة التدريب. وبعد كأس الامم الافريقية تم التعاقد مع الفرنسي فيليب تروسييه الذي اسهم في ايصال نيجيريا الى عتبة نهائيات المونديال ولقي مصير باركر، علماً انه قاد بوركينا فاسو في ما يشبه المعجزة الى الدور نصف النهائي في كأس الامم الافريقية التي نظمتها. يضم منتخب جنوب افريقيا مجموعة من اللاعبين المحترفين الذين اثبتوا جدارتهم في الخارج امثال بنيديكت ماكارثي لاعب اياكس الهولندي وهداف كأس الامم الافريقية الاخيرة برصيد 7 اهداف بالتساوي مع حسام حسن نجم الاهلي والمنتخب المصري ومارك فيش بولتون الانكليزي ومارك وليامس الشباب السعودي واندرو رابتولا باوك اليوناني ولوكاس راديبي ليدز الانكليزي. وفي المباريات التجريبية الاخيرة خسر المنتخب امام فرنسا 1/2 وامام المانيا صفر/3 وامام البرازيل 1/2. وفي كأس العالم سيجد منتخب جنوب افريقيا نفسه وجهاً لوجه امام مغامرة مثيرة في مجموعة يصعب التكهن بمن سيظفر ببطاقتها الثانية، وسيكون لحماسة اللاعبين وهم يخوضون غمار هذه التجربة المثيرة دور لا يمكن اغفاله. فرنسا كان الفرنسي جول ريميه وراء اقامة المونديال منذ انطلاقه في الاوروغواي العام 1930، ولذا تحمل الكأس اسمه تخليداً لذكراه، لكن فرنسا اخفقت حتى اليوم في احراز الكأس مع انها استضافت البطولة في العام 1938 وشاركت في النهائيات 9 مرات 1930 و1934 و1938 و1954 و1958 و1966 و1978 و1982 و1986 وافضل نتيجة حققتها هي حلولها ثالثة مرتين: مرة في العام 1958 على حساب المانيا الغربية، ومرة في العام 1986 على حساب بلجيكا. ولئن فات فرنسا ان تحرز الكأس، فقد انجبت جوست فونتين هداف مونديال 1958 برصيد 13 هدفاً وهو رقم قياسي لم ينسخه احد في اي دورة من بطولات كأس العالم، فضلاً عن انها فازت بكأس الامم الاوروبية وفازت باللقب الاولمبي في العام 1984 كما احرزت بطولة اوروبا للناشئين في الاعوام 1949 و1983 و1993 و1997. تأهلت فرنسا للنهائيات تلقائياً على اعتبار انها البلد المضيف، ويتولى تدريب منتخبها جاك ايميه الذي عيّن خلفاً لجيرار هولييه في اعقاب زلزال ضرب فرنسا عندما سجل البلغاري اميل كوستادينوف هدفاً في الوقت القاتل حرم المنتخب الفرنسي من المشاركة في كأس العالم 1994، وقد حقق ايميه نتائج باهرة لم يعرفها المنتخب الفرنسي عبر تاريخه اذ خاض 30 مباراة لم يذق خلالها طعم الهزيمة. وفي كأس الامم الاوروبية التي اقيمت في انكلترا صيف 1996 بلغ المنتخب الفرنسي الدور نصف النهائي وخرج على يد تشيخيا بركلات الجزاء الترجيحية. والمنتخب الفرنسي يضم حالياً مجموعة من الكفاءات الفردية لم تتوافر في اي منتخب فرنسي من قبل، فثمة زين الدين زيدان لاعب يوفنتوس ويوري دجوركاييف انتر ميلان وستيفان غيفارتش اوكسير ودافيد تريزيغيه موناكو فضلاً عن فابيان بارتيز حارس موناكو المتألق، والمدافعين لوران بلان مرسيليا ومارسيل دوسايي آ.سي - ميلان وفرانك لوبوف تشلسي. ولما كان المنتخب الفرنسي يلعب على ارضه وامام جمهوره فان الفرصة سانحة امامه ليحقق ما عجز جيل ميشال بلاتيني وجيل جان بيار بابان عن تحقيقه. وهذا لا يعني ان الطريق معبدة امامه، فالبرازيل ستدافع عن لقبها بالاظافر والانياب، وايطاليا تقف له بالمرصاد، وانكلترا تتربص به الدوائر، والمانيا لن ترضى بالعودة بأقل من الكأس، والفوز باللقب مشرّع على كل الاحتمالات. وفي انتظار اعلان الساعة الصفر، يواصل المنتخب الفرنسي استعداداته، وقد هزم المنتخب الاسباني يوم تدشين ستاد فرنسا في 28 كانون الثاني يناير بهدف لصفر سجله زين الدين زيدان، وتعادل سلباً مع السويد في ستوكهولم في 22 نيسان ابريل الماضي. وسيخوض مباريات تجريبية ضد بلجيكا والمغرب في 27 و28 ايار مايو الجاري في دورة المغرب الدولية، وضد فنلندا في 5 حزيران يونيو المقبل. المدرب الفرنسي يلعب أوراقه الأخيرة في كأس العالم، وإذا كان عامل الأرض والجمهور يقف الى جانبه، فإن الضغط النفسي قد ينعكس سلباً على خططه وعلى أداء لاعبيه. واذا قدّر لفرنسا ان تنتزع الكأس فسيدخل جاك ايميه التاريخ بصفته اول مدرب فرنسي يحقق هذا الانجاز العظيم وسيحظى بأرفع وسام يتقلده مدرب في نهاية الخدمة. المجموعة الرابعة بلغاريا شاركت بلغاريا في نهائيات كأس العالم 6 مرات 1962 و1966 و1970 و1974 و1986 و1994 ولم تذق طعم الفوز مرة واحدة في المباريات ال 15 التي خاضتها في مشاركاتها الخمس الأولى، وفي مشاركتها الأخيرة في مونديال الولاياتالمتحدة 1994 خسرت بلغاريا أمام نيجيريا صفر/3 وسحقت اليونان 4/صفر وهزمت الارجنتين 2/صفر وفي الدور الثاني هزمت المكسيك بركلات الجزاء الترجيحية. وفي الدور ربع النهائي فجّرت مفاجأة بحجم الزلزال عندما أطاحت ألمانيا حاملة اللقب 2/1 وفي نصف النهائي خسرت أمام ايطاليا 1/2. وفي مباراة على المركز الثالث انهارت أمام السويد صفر/4 وخلت في المركز الرابع. ومن النتائج الطيبة التي حققتها بلغاريا خارج اطار المونديال احرازها اللقب الأوروبي لمنتخب الشباب ثلاث مرات 1959 و1969 و1974. تأهلت بلغاريا لنهائيات كأس العالم في فرنسا بعدما تصدرت المجموعة الأوروبية الخامسة على حساب روسيا. وقد خاضت ثماني مبارايت فازت في ست منها وخسرت اثنتين وسجلت 18 هدفاً ودخل مرماها تسعة أهداف، علماً أنها بدأت مشوار التصفيات بداية متعثرة جراء خلافات ذرت قرنها بين المدرب هريستو بونيف وهداف كأس العالم 94 هريستو ستويشكوف. وكان بونيف عين خلفاً للمدرب ديميتار بينيف في تموز يوليو 1996 بعد خروج بلغاريا من الدور الأول في نهائيات كأس الأمم الأوروبية التي استضافتها انكلترا صيف ذلك العام. ونجح المدرب بونيف بصرامته وانضباطه في إعادة المقاطعين ومنهم ستويشكوف الى صفوف المنتخب إذ كانت له الكلمة الأخيرة في فرض النظام على المقاطعين والمتمردين وها هو يعود الى فرنسا التي حرمتها بلغاريا في اللحظة الأخيرة من المشاركة في كأس العالم الماضية بتشكيلة تضم معظم المخضرمين وفي طليعتهم هريستو ستويشكوف 32 عاماً وتريفون ايفانوف 32 عاماً واميل كوستادينوف 30 عاماً وكراسيمير بالاكوف 32 عاماً مراهناً على أن الخبرة ستكون لها الكلمة الفصل في الدور الأول على الأقل. ولكن هل يستطيع هؤلاء المحاربون القدامى الصمود حتى النهاية وتكرار سيناريو كأس العالم الماضية أم أن قطار الزمن قد فاتهم؟ في مجموعة الموت التي تضم كلاً من اسبانيا ونيجيريا والباراغواي وبلغاريا تصعب الاجابة عن مثل هذا السؤال. اسبانيا لكرة القدم في اسبانيا شعبية جارفة تضاهي شعبية مصارعة الثيران، والدوري الاسباني بدأ ينافس الدوري الايطالي في اجتذاب نجوم الكرة العالميين. لكن نتائج المنتخب في نهائيات كأس العالم وفي كأس الأمم الأوروبية لا تتناسب مع النتائج الممتازة التي حققتها الأندية الاسبانية وعلى الأخص ريال مدريد وبرشلونة. صحيح أن اسبانيا شاركت تسع مرات في نهائيات المونديال 1934 و1950 و1962 و1966 و1978 و1982 و1986 و1990 و1994 إلا أنها استطاعت مرة واحدة أن تحل رابعة في مونديال 1950 كما انها حلت ثانية في كأس الأمم الأوروبية 1984. تأهلت اسبانيا لكأس العالم في فرنسا بعدما تصدرت المجموعة السادسة، وقد خاضت عشر مباريات ففازت في ثمان منها وتعادلت في اثنتين وسجلت 26 هدفاً واهتزت شباكها ست مرات فقط. يتولى الباسكي خافيير كليمنني تدريب المنتخب الاسباني منذ العام 1992، وفي عهده لم يذق المنتخب طعم الهزيمة على امتداد 31 مباراة خاضها 20 انتصاراً و11 تعادلاً والخسارة الأولى التي لقيها كانت أمام المنتخب الفرنسي صفر/1 على ستاد فرنسا يوم تدشينه في 28 كانون الثاني يناير 1998. وقد نجح كليمنني في تكوين فريق متجانس ومتماسك وفعال، يثير الرهبة في نفوس منافسيه، ومما لا شك فيه أن العامل النفسي يلعب دوراً لا يستهان به في اللقاءات الرسمية على اعتبار أن سمعة الفريق هي اللاعب الثاني عشر في صفوفه. يركز كليمنني في تشكيلته على اللاعبين المثابرين ويؤثرهم على لاعبين يقتنصون الأهداف من دون أن يبذلوا جهداً يذكر، وقد بنى قلعة دفاعية حصينة يتولى حراستها اللاعب المخضرم اندوني زوبيزاراتا 36 عاماً و122 مباراة دولية ويشترك في الذود عنها ميغيل انجيل نادال ورافاييل الكورتا وألبرت فيرر وسيرجي باراخوان. ولا يقل خط الوسط بقيادة جوسيب غورادبولا وفرناندو هييرو ولويس انريكه فاعلية عن خط الدفاع، ويندفع في خط الهجوم راوول غونزاليس بلانكو والفونسو بيريز وفرناندو موريانتس مشكلين قوة ضاربة يحسب لها ألف حساب. ولعل أهم انجاز حققه كليمنني هو اخماد نار الخلافات التي تستعر عادة في صفوف اللاعبين الاسبان نظراً للحساسيات بين نجوم ريال مدريد ونجوم برشلونة وايقاد شعلة الحماسة في نفوس لاعبيه الذين باتوا يؤمنون بأن موسم القطاف قد حان وبأن تتويج الكرة الاسبانية سيتم لا محالة في الجانب الآخر من جبال البيرينيه. الأرمادا الاسبانية في مونديال فرنسا تستمد قوتها من خيرة المخضرمين وهمة الشباب. فهل تطلق صيحات ال Ollژ في سماء فرنسا تحية لمصارعي الثيران أم يعود هؤلاء مضرَّجين بالخيبة على غرار مشاركاتهم السابقة؟ نيجيريا انضم المنتخب النيجيري الى نادي الدول المشاركة في نهائيات كأس العالم عندما تأهل لمونديال الولاياتالمتحدة 1994، وقد بهر العالم بأداء لاعبيه فتخطى الدور الأول بنجاح وكاد يطيح المنتخب الايطالي العريق في الدور الثاني لو لم يكن روبيرتو باجيو في برج سعده. ولئن كانت نيجيريا حديثة العهد في كأس العالم فإن لها سجلاً كروياً حافلاً بالأمجاد على الصعيد القاري كونها أحرزت كأس الأمم الافريقية مرتين 1980 و1994 وحلت وصيفة ثلاث مرات 1984 و1988 و1990 وجاءت ثالثة ثلاث مرات أيضاً 1976 و1978 و1992 فضلاً عن أنها أحرزت كأس العالم للناشئين دون 16 سنة في العام 1985 كما أحرزت كأس العالم للناشئين دون 17 عاماً 1993 وتوجت انجازاتها الكروية باحرازها اللقب الاولمبي في العام 1996. تأهلت نيجيريا لنهائيات فرنسا بعد تصدرها المجموعة الافريقية الأولى فخاضت ست مباريات فازت في أربع منها وتعادلت في واحدة، وخسرت واحدة وقد سجلت 10 أهداف ودخل مرماها أربعة. يتولى الصربي بورا ميلوتينوفيتش الذي أعفي من تدريب المنتخب المكسيكي مكافأة له على ضمان تأهله لنهائيات مونديال فرنسا، تدريب المنتخب النيجيري خلفاً للفرنسي فيليب تروسييه الذي أعفي بدوره في ظروف مماثلة. يطلق على ميلوتينوفيتش اسم "الساحر" وهو يشارك للمرة الرابعة على التوالي في نهائيات كأس العالم مدرباً للمكسيك في العام 1986 ولكوستاريكا في العام 1990 وللولايات المتحدة في العام 1994. ورغم المتاعب التي يواجهها معظم المدربين في القارة السمراء استطاع ميلوتينوفيتش في فترة وجيزة أن يعد تشكيلة أحرزت دورة كأس هونغ كونغ. وقد استعان المدرب الصربي ببعض نجوم تشكيلة مونديال 94 الذين تواروا عن الساحة الى حد ما أمثال سمسون سباسيا الذي يلعب حالياً في استراليا ورشيد ياكيني الذي يلعب في زوريخ، واكتشف بعض المواهب الجديدة فضلاً عن العناصر الأساسية في المنتخب وكوّن تشكيلة تجمع بين القوة البدنية والمهارات التقنية. ولا يخفي المدرب طموحاته الى تفجير أكثر من مفاجأة في كأس العالم، ومنها عودته بالكأس الى نيجيريا، وهو لا ينطلق من فراغ فلديه مجموعة من اللاعبين الأفذاذ تستطيع أن تقلب نتيجة المباريات في أي لحظة، وقد اجتازت معمودية النار في مونديال الولاياتالمتحدة 94 وفي الألعاب الأولمبية 1996. والمنتخب الذي يضم لاعبين من طراز كانو لاعب الانتر الذي عاد الى الملاعب بمعجزة بعد جراحة ناجحة في القلب وايمانويل أمونيكي لاعب برشلونة حالياً ولاعب الزمالك سابقاً وفيكتور ايكبابا لاعب موناكو وتيجاني بابانغيدا لاعب أياكس ورشيد باكيني في الهجوم، وجورج فينيدي اشبيلية الاسباني وموتيو اوابوجو ريال سوسبيداد في الوسط، وتاريبو وست الانتر وسيلستين بابايادو تشلسي في الدفاع، هذا المنتخب يمكنه أن يشكل تهديداً دائماً للفرق المنافسة ويمكنه أن يذهب بعيداً في مشوار المونديال. المنتخب النيجيري هو أول منتخب في القارة السمراء يحرز اللقب الأولمبي في دورة اتلانتا في الولاياتالمتحدة 1996، فهل يعيد السيناريو في مونديال فرنسا 98 ويعود بالكأس إلى أبوجا؟ نترك لأقدام اللاعبين النيجيريي الإجابة عن هذا السؤال. الباراغوي شاركت الباراغواي 4 مرات في نهائيات كأس العالم 1930 و1950 و1958 و1986 ونجحت في تخطي الدور الأول مرة واحدة في مونديال 1986 وخرجت من الدور الثاني على يد انكلترا صفر/3. ولئن كانت نتائج الباراغوي متواضعة في كأس العالم، فإن نتائجها في كأس أميركا مشرفة إذ أحرزت الكأس مرتين: الأولى في العام 1953 والثانية في العام 1979 الى كونها بطلة أميركا الجنوبية للشباب دون ال 20 عاماً في العام 1971. تأهلت الباراغواي لنهائيات مونديال فرنسا عن مجموعة أميركا الجنوبية فخاضت 16 مباراة فازت في تسع منها وتعادلت في اثنتين ومنيت بخمس هزائم وقد سجلت 21 هدفاً واستقبلت شباكها 14 هدفاً. تولى البرازيلي باولو سيزار كاربيجياتي تدريب منتخب الاوروغواي في العام 1996 وقد حقق نتيجة طيبة بمجرد تأهله للنهائيات خلافاً لكل التوقعات علماً أن الباراغواي غابت عن العرس العالمي منذ العام 1986. يعتمد كاربيجيني في تشكيلته على حارس المرمى الظاهرة جوزيه لويس شيلافرت 33 عاماً قائد الفريق الذي انتخبه الاتحاد الدولي للاحصاءات أفضل حارس مرمى في العالم وكان شيلافرت اختير في العام 1996 أفضل لاعب في أميركا الجنوبية وقد فضلته مجلة ورلد سوكر الانكليزية في العام 1995 على الحارس الدنماركي بيتر شمايكل والحارس البلجيكي ميشال برودوم. ولا تقل براعة شلايفرت في صد ضربات الجزاء عن براعته في تسديدها بيسراه، وقد نفذ في المباريات التي خاضها ما يزيد على 30 ضربة جزاء لم يهدر واحدة منها، فضلاً عن تألقه في تنفيذ الركلات الحرة المباشرة، وقد سجل هدفاً في مرمى ريفربلايت من مسافة 60 متراً كما سجل هدفاً في مرمى الارجنتين في بوينس ايرس. ومن المتوقع أن يقدم شيلافرت عرضاً ممتعاً في مونديال فرنسا يخلب المشاهدين ويحبس أنفاسهم. والى جانب شيلافرت يضم مننتخب الباراغوي مجموعة من اللاعبين المميزين أمثال سيلسيو أيالا غافيلان ريفربلايت وكارلوس غامارا بنفيكا وكاتالينو ريفارولا غريميوبورتو أليغري في خط الدفاع، وروبرتو أكونا ريال ساراغوسا وكارلوس مورالس وسيلفيو سواريز في خط الوسط، وريكار بايز وأريستديس روخاس في خط الهجوم. وسواء تأهل منتخب الباراغواي للدور الثاني أم لم يتأهل، فإنه سيلفت إليه الأنظار بكل تأكيد.