الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتح ل "الوسط" دفاتر الثورة الكردية والعراق . جلال طالباني يتذكر 1
نشر في الحياة يوم 16 - 11 - 1998


اكتفى صدام بالقول : ذهبوا إلى الجحيم
فاضل البراك كشف لي مقتل أنجال البارزاني
ملف العراق مفتوح وملف الأكراد ايضاً، انما على المجهول. منذ انتهاء حرب الخليج الثانية في 1991 تعيش كردستان العراق خارج سلطة بغداد. شهدت انتخابات وقيام مؤسسات تشارك فيها الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني. وبعد 1994 شهدت قتالاً مريراً بين الشريكين اللدودين أوقع نحو ثلاثة آلاف قتيل ولم تغب عن مجرياته اصابع بغداد وطهران وأنقرة. في ايلول سبتمبر الماضي اتفق طالباني وبارزاني مجدداً، وبرعاية اميركية، على اجراء انتخابات السنة المقبلة لتشكيل "مجلس محلي" في شمال العراق. وحرص الفريقان على طمأنة تركيا فزارها زعيما الحزبين مؤكدين الى انهما لا يسعيان الى اقامة دولة كردية.
قبل ايام عاد الملف العراقي الى الواجهة ولوحت الرياح الساخنة بالهبوب مجدداً. اوقفت بغداد تعاونها مع فرق التفتيش وحركت واشنطن قواتها استعداداً لپ"ضربة مرجحة". وتجدد السؤال عن حدود الضربة وانعكاساتها وما يمكن ان يترتب على أي ضربة قاصمة للآلة العسكرية العراقية. هل يغرق العراق في الفوضى؟ وهل ينتفض الجنوب مجدداً؟ وماذا تفعل تركيا؟ وماذا عن ايران؟ وهل تحتمل المنطقة تغييراً فاضحاً في موازين القوى او تعديلاً في الخرائط؟
منذ ثلاثة عقود يلعب جلال طالباني دوراً بارزاً في الملفين الكردي والعراقي. كان الرجل موضع ثقة ملا مصطفى بارزاني وقاتل في ظله ثم اختلف معه وانشق عنه ليتنافس لاحقاً مع نجله مسعود. وكان الطالباني مرة مقاتلا لنظام البعث ومرة اخرى مفاوضا للرئيس صدام حسين. وكان دائما صاحب حركة واسعة على الصعيدين العربي والاقليمي.
في اطار متابعتها للملفين العراقي والكردي اختارت "الوسط" زيارة ذاكرة الطالباني. سألناه عن عودة البعث الى السلطة في 1968 وعن تجربة الحركة الكردية مع الرئيس صدام حسين وعن العلاقات مع ايران وسورية وليبيا. وسألناه ايضاً عن ملا مصطفى ومسعود وعن علاقته بعبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني وعن حلبجة وانتفاضة كردستان ومحطات اخرى كثيرة. ورد الطالباني كاشفا مسائل سياسية وأمنية تسلط الضوء على خفايا الملفين المعقدين، وستنشر "الوسط" الحصيلة على حلقات. وهنا نص الحلقة الأولى.
في 1968 رجع البعث الى السلطة، هل كنت تعرف صدام حسين؟
نعم. علاقتي مع البعثيين تعود الى الجيل الاول ومنه علي صالح السعدي وهاني الفكيكي وحازم جواد وفؤاد الركابي، هؤلاء ابناء جيلي في الجامعة. صدام حسين لم يكن شخصية معروفة، التقيته للمرة الاولى في 1967 في بيت احمد حسن البكر في بغداد قبل الثورة. وعرفت من حازم جواد انه شخص قوي في حزب البعث. كانت علاقتنا كأكراد قبل مجيئ البعث، مع الشهيد عبدالخالق السامرائي وعبدالله سلوم السامرائي. خلال الستينات وبعد تجربته الاولى في الحكم في العراق العام 1963 انشق حزب البعث الى حزبين: اليساري والعفلقي. القسم اليساري كانت تمثله مجموعة علي صالح السعدي وحميد خلخال والجماعة في سورية، اما القسم الثاني فانشق على نفسه مرة ثانية العام 1966 بعد الحركة التصحيحية التي قادها هاشم الاتاسي ويوسف زعين في سورية. الانشقاق الاخير اتجه القسم الاكبر منه مع سورية والمجموعة الصغيرة كان يقودها احمد حسن البكر وصدام حسين وعبدالخالق السامرائي وصالح مهدي عماش. كانوا حزباً صغيراً لا يحسب له حساب ولم توجه اليه الدعوة للمشاركة في ندوة الاشتراكيين العرب التي عقدت في الجزائر في 1967 ودعيت اليها كل الاحزاب الاشتراكية. والحقيقة أنه لم يكن يتعامل مع هذه المجموعة الصغيرة من الاحزاب العراقية الا نحن، ظناً منا ان الجبهة الوطنية المأمولة يجب ان تضم هذه المجموعة. وفي 1968 فاتحني احمد حسن البكر وأبلغني نيتهم القيام بانقلاب، محاولاً اقناعي بالمشاركة واقناع عزيز محمد والشيوعيين بالتعاون. نقلت الطلب الى عزيز محمد الذي كان متخفياً في بيت حمزة عبدالله، واخبرته حرفياً بما قاله لي البكر.
عزيز محمد اكد لپ"الوسط" ان البعثيين طلبوا منهم التعاون في العملية الانقلابية؟
- صحيح وعبر آخرين، لكني كنت اول من كلف بذلك. قال لي الاستاذ عزيز محمد: "دماء رفاقنا لم تجف بعد فكيف يطلبون منا التعاون، دعنا ننتظر ونرى سياستهم ومن بعدها نقرر". كانت مجموعة من الضباط تخطط للقيام بمحاولة انقلابية، ومن هؤلاء عبدالرزاق النايف وابراهيم الداود وبشير طالب، واتصلوا بعبدالستار الذي تربطني به علاقة والتقينا في بيته، وكان من بين الحضور اضافة الى عبدالستار وأنا، فؤاد الركابي وعبدالرزاق النايف. عرضوا على الشهيد فؤاد الركابي ان يتعاون مع الحركة الاشتراكية واقترحوا ان يكون رئيساً للوزراء لكنه رفض العرض عندئذ عرضوا مشروعهم على مجموعة البعث. في تلك الفترة جرى لقاء بين بشير طالب، وكان ملحقاً عسكرياً في السفارة العراقية في بيروت، مع الملحقين البريطاني والايراني. قرروا الاتصال بمجموعة عبدالرزاق النايف وابراهيم الداود من اجل القيام بانقلاب في العراق، وهو ما اخافنا من التعامل مع هذه المجموعة. ذهبت الى عبدالرحمن عارف وابلغته بما يجري فقال لي: "اصحابك الناصريون اخبروك بذلك". قلت: "سيادة الرئيس هذه معلوماتي". قال: "استدعيت ابراهيم الداود آمر الحرس الجمهوري وسعدون غيدان قائد كتيبة دبابات الحرس الجمهوري وعبدالرزاق النايف نائب رئيس المخابرات العسكرية وحلفوا لي بالقرآن انهم لن يتآمروا علي". وفي 17 تموز يوليو 1968 حدث الانقلاب وفي 21 منه كنت مع ابراهيم احمد والمرحوم عمر مصطفى دبابة في شارع الجمهورية، لاحقتنا سيارة وعندما التفت رأيت صدام يقود سيارته وحيداً وقدمته لهم، سألته: "وين رايح ابو عدي"، اجاب: "الى الطبيب اخشى ان اكون مصاباً بقرحة المعدة"، سألناه: "لماذا؟" قال: "منذ اليوم الذي تعاونا فيه مع هؤلاء الجواسيس والمشبوهين وأنا لا انام وافكر ماذا لو نجحوا في طردنا من الحكم، فماذا سيقول التاريخ عنا وكيف سندخل التاريخ؟ هل سيقال اننا هيأنا الجو لزمرة عميلة". قلت: "اذا انتم غير متفقين"، وكان جوابه: "لا والله كل واحد يتآمر على الآخر، ولكن الله كريم".
وفي اليوم الثاني كان لنا لقاء مع رئيس الوزراء الجديد عبدالرزاق النايف. تكلم ضد البعث وأشار إلى أن أحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي اقسموا بالقرآن بانهم غير منتمين الى البعث وقد دخلوا بصفتهم الشخصية. في ذلك الوقت كنا والحركة الاشتراكية العربية والبعث السوري نتآمر لقلب نظام الحكم الجديد. اتصلنا بالمقدم الركن محمد علي سباهي ضابط استخبارات الفرقة الخامسة ومقرها في السليمانية، وبالضابط اللامع عدنان احمد عبدالجليل من الفرقة الثانية في كركوك وقد كلفت بمفاتحته وذهبت اليه وطلبت منه المشاركة، فقال: "اخي جلال، انني مرتبط بتنظيم وعلي الاتصال بعارف عبدالرزاق وسأخبرك لاحقاً". وفي 30 تموز حدث انقلاب البعث الثاني، فقد ارسلوا الداود لتفقد القطعات العسكرية في الاردن ودعوا عبدالرزاق النايف لمقابلة احمد حسن البكر لكنهم جردوه من سلاحه وعزلوه وسفروه. اتصل بي احمد حسن البكر في بيت ابراهيم احمد وطلب منا المشاركة في الحكومة. اجبته: "شكراً يا ابو هيثم ولكن، عندنا قرار من المؤتمر يمنعنا من الاشتراك في الحكومة الا اذا كانت ائتلافية". قال: "جماعة البارزاني اشتركوا معنا بوزيرين"، بعدها تحدث مع ابراهيم احمد فاعتذر ايضاً لكنه قال لا نشترك بالحزبيين وعندنا صديقان واقترح عليه اسم طه محي الدين معروف وفوزي صائب. قبل الاول ورفض الثاني لأن البكر لا يحبه. والحقيقة وكما قال لي حماد شهاب فقد ارادوني ان اكون وزيراً للاصلاح الزراعي وعمر مصطفى وزيراً للعدل. ولكنهم في الفترة الاولى قاموا باشياء جيدة، مثلاً سمحوا لنا باصدار صحيفة "النور"، واطلقوا سراح السجناء السياسيين، وبدأوا حواراً مع الحزب الشيوعي العراقي، وتوجهوا لحل القضية الكردية على اساس الحكم الذاتي، واقامة علاقة مع الاتحاد السوفياتي وما الى ذلك. وقد اختلفنا معهم على موضوعين اساسيين: الاول عراقي والثاني عربي. في الموضوع العراقي تمسكنا بأن تكون مدينة كركوك من ضمن المنطقة الكردية، والموضوع الثاني عربي وهو موقفنا من عبدالناصر في ايام حرب الاستنزاف ونشر ذلك على الصفحة الاولى من جريدة "النور". خصوصاً بعد قبوله مبادرة روجرز، مما دفعهم الى شتمه ووصفه "بأبو روغال" اي الخائن. وعلى هذا الاساس استبعدنا من مفاوضات الحكم الذاتي التي اثمرت اتفاق 11 آذار 1970 بينهم وبين البارزاني. وبعدما اغلقوا جريدة "النور" عرضوا علينا ان نكون سفراء فرفضنا.
متى تمت المصالحة مع ملأ مصطفى البارزاني وعينت ممثلاً في بيروت؟
- بعد اتفاق 11 آذار بفترة اوفد البارزاني اليّ شخصاً اسمه فاخر الميرغه سوري قتله البارزاني في السجن لاحقاً وهو من عشيرة بارزان وشيوعي سابق وكان يعتمد عليه اتصل بي في بغداد، وقال ان البارزاني يسلم عليك ويعرف انك شخصية وطنية وعليك ان تحضر ولك الأمان. قلت اتشاور مع الرفاق واعطيك الجواب، وكانت مبادرة كريمة من البارزاني. وبالفعل ذهبت الى منطقة كلاله للاجتماع به وفي الطريق التقيت الوفد الحكومي المؤلف من سعدون غيدان ومرتضى الحديثي وعبدالله سلوم السامرائي في طريق عودتهم من مقر ملا. رحب بي ملا واختلى بي، وبدأ بالهجوم علينا وجرى نقاش وحمّلته المسؤولية. وقلت نستبدل اسم حزبنا ونعمل معك تحت قيادتك فرفض، كان جوابه نوحد الحزب مثلما كنا. حملني مسؤولية ما حصل وطلب مني ان اقنع الآخرين بالعودة معززين ومكرمين ووعد بأن نعقد مؤتمراً خلال عام قائلاً: سترجعون الى مناصبكم السابقة نفسها. قلت ان الموضوع ليس موضوعاً شخصياً وعلي استشارة الآخرين، فأجاب: "اعتمد عليك في اقناعهم". وبالفعل رجعت وعقدنا مؤتمراً للحزب، كانت الأكثرية الساحقة فيه مع الاندماج، وتبديل اسم حزبنا الى الحزب الثوري الكردستاني، وبعد النقاشات والمشاورات اتفقنا على أن تكون نسبة تمثيلنا في كل اللجان الحزبية 40 في المئة منا و60 في المئة منهم وتسري هذه النسبة على المنظمات المهنية، اما القياديون فنبقى عنده لفترة سنة، وصدر بيان التوحيد وذهبنا اليه. مرت سنة ولم يحصل أي شيء. وعدت اليه فتذرع بالظروف. وصبرنا عليه وانتظرنا ستة أشهر أخرى. آنذاك سمعت خبر مجيء الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون الى طهران وتبين في ما بعد ان لقاء قد حصل وتجددت العلاقة مع ايران. في تلك الفترة لم نتمكن نحن الماركسيين والسائرين في الخط الماوي من استيعاب ما كان يجري. أخذت اجازة وذهبت الى بيروت وبعثت له برسالة من هناك، ومع ذلك لم يقطع ملا مصطفى راتبي الشهري ويبلغ 200 دينار. وذهبت ايضا الى فرنسا من أجل استكمال دراستي العليا لكنني رجعت الى بيروت وعملت مع "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وبقيت هناك الى ما قبل اندلاع القتال في العام 1974 بين البعث والبارزاني. وأذكر انني بذلت جهوداً من أجل ألا يتجدد القتال، فقد ذهبت الى المرحوم كمال جنبلاط من أجل التدخل. لكن القتال تجدد.
ملا واسرائيل
ما هي قصة تعاون ملا مصطفى مع اسرائيل، وهل كنتم على علم بها؟
- الحقيقة، انا شخصياً ليست لدي أي معلومات دقيقة عن العلاقات بين البارزاني واسرائيل. وأنا شخصياً عُرض علي اللقاء بالسيد شمعون بيريز في العام 1963 فاعتذرت بعد نصيحة سوفياتية. ولكن نشرت مقالات في السبعينات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية نقلاً عن صحف اسرائيلية، ثم نشرت مقالات في كراس "أسوار اسرائيل" في العام 1969 وأخيراً كتاب "بلدان الجوار" اضافة الى حديث الدكتور محمود عثمان ل "الوسط" وتحدثت عن علاقات بين البارزاني واسرائيل. نحن كنا نسمع ولكننا لم ندرك هذه التفاصيل التي نشرت لاحقاً.
يعني انكم لم تكونوا على علم؟
- نعم.
هل يعقل ان لا يعرف جلال الطالباني ان اسرائيل تقدم مساعدات أو خبراء؟
- كجلال الطالباني كنت أشك في مثل هذه المسائل وكنا نسمع لكننا لم نعرف بدقة ولم تكن الأدلة موجودة.
وهل سألتم ملا مصطفى عن الموضوع؟
- عندما كنا مع ملا كانت هذه العلاقة غير موجودة، واذا عدت الى تاريخ العلاقة تجد انها تعود الى مرحلة ما بعد انشقاقنا، اي بعد العام 1964.
وهل تعتبر مثل هذا التعاون بين ملا واسرائيل خطأ كبيرا؟
- الحقيقة أنا معروف بخطي وهو خط التعاون العربي - الكردي، وكنت من أنصار التحالف مع عبدالناصر. واعتقد بأن التعاون بين الحركة الكردية واسرائيل خطأ كبير.
هل يوجد تعاون الآن؟
- لا اعتقد، ولا اعتقد بأن الأخ مسعود البارزاني له مثل هذه العلاقة.
أولاد البارزاني
يعني ان مسعود ليست له علاقة مع اسرائيل؟
- الأخ مسعود لم تبق له علاقة مع اسرائيل حسب علمي، فالعلاقة كانت أيام والده ولم يكن مسعود مسؤولاً عنها.
متى بدأ ملا مصطفى يعتمد على ولديه الشابين ادريس ومسعود؟
- بدأ يعتمد عليهما في المراسلات واللقاءات منذ العام 1965، ولكنهما لم يكونا أعضاء في الحزب الى العام 1970، حين اقترح الأستاذ علي الشريف، وكان صديقاً مقرباً من ملا مصطفى، عليه ادخالهما الى الحزب، لحسم قضية ازدواجية القيادة في الثورة الكردية، بين المكتب السياسي ومكتب البارزاني، وعلى هذا الأساس اتخذ قرار استثنائي بقبولهما وانتخابهما في اللجنة المركزية والمكتب السياسي.
هل هناك شيء معين حول مقتل أولاد البارزاني؟
- أولاد البارزاني الثلاثة، عبيدالله الذي كان وزيراً للدولة، واخوه لقمان وصابر الأصغر، هؤلاء من أم واحدة. لجأ عبيد الله الى بارزان ومنها الى بغداد بعد خلافه مع والده في العام 1971، عين أولاً في السفارة العراقية في الجزائر. وعند تجدد الخلاف بين البارزاني والحكومة العراقية في العام 1974 أعيد وعين وزيراً للدولة وبدأ هجوماً واسعاً على والده واتهمه بالعلاقة مع اسرائيل وأميركا. وبقى مع الحكومة العراقية شأنه شأن القسم الكبير من البارزانيين الذين رفضوا الانضمام الى البارزاني، واستطيع أن أقول ان الكثير من البارزانيين انضموا الى الحكومة العراقية وبقيادة شيخين اعتبرا انهما خلفاء للشيخ احمد وهما الشيخ عثمان والشيخ خورشيد، وقد أسكنت الحكومة العراقية ألوف العوائل البارزانية في منطقة "قوش تبه" القريبة من أربيل. وحملت هذه العوائل السلاح في اطار ما سمي "أفواج الدفاع الوطني" مع الحكومة. وشنت القوات الايرانية هجومها في العام 1982 بمساعدة البارزانيين على منطقة "حاج عمران"، في الوقت الذي كان مسعود وادريس يتباحثان مع الحكومة العراقية وكانت المحادثات قطعت أشواطاً. إلا أنها توقفت بسبب الهجوم. غضب الرئيس صدام حسين وأمر باعتقال البارزانيين الموجودين عنده، واختفت أخبارهم وتبين انهم قتلوا. أثرت هذا الموضوع في العام 1983، في محادثاتي مع السيد عزت الدوري، وقد رفضوا الاجابة بحجة ان هؤلاء من البارزانيين ولكن تبين في ما بعد ان عبيدالله قتل بتهمة الاتصال بالأميركيين كما سمعت. فقد راجع السفارة الأميركية وطالب بحصته من الإرث بعد وفاة والده في العام 1979، وهو ما قاله لي المرحوم فاضل البراك مسؤول الاستخبارات العراقية. وسبب آخر هو تعيين المقدم الركن أشرف الزيباري في منصب مما جعل عبيدالله يشتمه ويشتم الذي أصدر قرار تعيينه، وقد سجلت تلك الشتيمة ودفع حياته، اسوة باخويه لقمان وصابر، ثم اختفى حوالي 6 آلاف بارزاني من منطقة "قوش تبه". واكتفى الرئيس صدام حسين بالقول انهم "ذهبوا الى الجحيم". ولم يعثر لهؤلاء على أثر.
فاضل البراك أكد لك قتله؟
- بعد الحاحي على فاضل البراك، وكان وقتذاك منسياً من مديرية الأمن العام الى مديرية المخابرات العامة، لمعرفة مصير عبيد الله، أخذني الى الحديقة وأخبرني انه انتهى لهذين السببين.
أين كنت بعد تجدد القتال في العام 1974؟
- كنت في القاهرة، فقد خرجت من العراق في أواخر 1972 ثم ذهبت الى بيروت ومنها الى القاهرة في أواسط العام 1973، وعند حرب اكتوبر 1973 كنت هناك حتى العام 1984.
انهيار الحركة الكردية
أين كنت عندما انهارت الحركة الكردية في العام 1975؟
- علمت باتفاقية الجزائر من الأخ معمر القذافي في أواخر العام 1974. كنت بين من حضروا ندوة الشباب الناصري الديغولي التي عقدت في الجزائر. وفي شهر شباط فبراير من العام 1975، وبينما كنت في الجزائر أيضاً أخبرني الاخ معمر القذافي ان هناك اجتماعاً بين وزراء الخارجية على هامش القمة العربية في المغرب، وكان الرئيس المرحوم هواري بومدين الوسيط بين شاه ايران وصدام حسين فوقعت هذه الاتفاقية في شهر آذار مارس في الجزائر. واثر ذلك عقدت القيادة الكردية اجتماعا وقررت المقاومة اولاً، وفي 19 آذار مارس اصدر مكتب البارزاني امراً بانهاء المقاومة وأعطى الخيار للمقاتلين بالرجوع الى العراق او التوجه الى ايران. وطيلة تلك الفترة لم اكن في موقع المسؤولية ولا في الثورة.
وهل كنت معارضا لقرار وقف القتال؟
- كنت معارضاً لاستئناف القتال في البداية، لكنني كنت مع المقاومة بعد اتفاقية الجزائر. وقد كتبت رسالة الى المرحوم البارزاني بهذا الخصوص، وكان يمكننا ان نحصل على دعم من التجمع العراقي في دمشق، فيما لو استمرت المقاومة. وكذلك من سورية وليبيا. القذافي كان ضد توجهات البارزاني في التعامل مع ايران، وكان على استعداد لدعم التيار الكردي التقدمي حليف العرب الذي امثله انا. قبل انهاء الحركة الكردية التقيت بريماكوف في بيروت فطلب مني مواصلة القتال وعدم الاستسلام لطلب الشاه، وقال ان الحركة الكردية باستسلامها ستسجل على نفسها كونها حركة عميلة وتابعة، وبمقاومتكم يمكننا التوسط بين الحركة الكردية وبغداد ونقول لهم انهم غير موالين لايران وانهم مجرد حركة كردية. وقد كتبت رسالة الى مقر البارزاني بهذا الخصوص، وكان جوابهم اتركوا هذا لأنه يريد خداعنا. والحقيقة لم اقطع علاقتي بالسوفيات، على رغم ان مكتب البارزاني طلب مني قطع هذه العلاقة، فقد كنت من اصحاب ابقاء العلاقة مع العرب والسوفيات.
ماذا كان يعمل بريماكوف آنذاك؟
- كان مراسلاً صحافياً. وعندما انهارت الحركة الكردية، ادليت بتصريح في بيروت دعوت فيه الى استمرار المقاومة، وكان ذلك في 27 آذار 1975، وقلت انني سأرجع قريبا من اجل شحذ همم المقاتلين. وعلى اثر قرار البارزاني انهاء المقاومة عقدنا اجتماعاً وأصدرنا بياناً وشكلنا الاتحاد الوطني الكردستاني في دمشق في 1975، وكان بيننا الدكتور فؤاد معصوم الذي كان ممثلاً للبارزاني في مصر، وعادل مراد، رئيس اتحاد طلبة كرستان، وعبدالرزاق ميرزا، احد المثقفين الاكراد. وقد كتبت بياناً في 22 ايار مايو 1975 وعرضناه على بعض الاخوة الذين رشحناهم للهيئة التأسيسية مثل نوشيروان مصطفى وعمر الشيخ موسى والدكتور كمال فؤاد، وأصدرنا بياناً آخر في 1 حزيران يونيو 1975 وزع على الصحافة اللبنانية والسورية وأذيع من راديو صوت العراق في دمشق.
لقاء مع اوجلان
وهل كان هناك دعم سوري لتأسيس حزبكم؟
- نعم، كان هناك دعم معنوي وسياسي من سورية لحزبنا، اذ سمحوا بافتتاح مقر لنا وبتوزيع بياننا على الصحافة السورية وبثه من الاذاعة.
عل اي مستوى كان هذا الدعم؟
- على كل المستويات، وفي ما يخصني كانت علاقتي الشخصية بدأت مع الرئيس حافظ الأسد الذي احالني الى الجهات الاخرى. وكانت لنا علاقات مع قيادة قطر العراق لحزب البعث المتحالفة مع سورية ومع القيادة القطرية لحزب البعث في سورية، وقد دعمونا كثيراً في كل النواحي، السياسية والمالية والعسكرية والتدريبية.
اين تعرفت على عبدالله اوجلان؟
- تعرفت عليه وهو شاب لاجئ الى سورية، وكان يعيش في مقرات حزبنا.
متى رجعت الى العراق؟
- رجعت الى العراق في العام 1977 بعد تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني في 1 حزيران 1975، وبعد فشل جهود الدكتور جورج حبش مع الحكومة العراقية قررنا الكفاح المسلح في الاول من حزيران العام 1976، ثم رجعت الى العراق ولم اخرج بسبب اقفال الحدود. وكنت مقيماً في منطقة ناوزنك الوعرة قرب الحدود العراقية - الايرانية. وسافرت الى سورية وكانت لنا علاقات مع الاحزاب الكردية التركية، منها حزب "منظمة الشباب الثوري الكردي" وكان وراءها الحزب الديموقراطي الكردستاني في تركيا، كما كانت لنا علاقة مع الاستاذ كمال بورقاي رئيس الحزب الاشتراكي الكردستاني الذي يعيش الآن في السويد. وعندما وصلت الى دمشق سمعت ان عبدالله موجود. وكان يسمى "اقو جياه". اي العم. وكان هناك قتال بين "بي. كي. كي" ومنظمة كردية اخرى تدعى "كوك"، فجرت وساطة شاركت فيها ممثلاً عن حزبنا مع السيد كريم احمد عن الحزب الشيوعي العراقي من اجل انهاء القتال بينهما. وعقدنا اجتماعا في شقتي في دمشق من اجل الوصول الى المصالحة، وهناك التقيت عبدالله اوجلان وعرفت انه كان موجوداً في مقراتنا منذ ستة اشهر. وكان حزبه صغيراً.
وهل كان ماركسياً؟
- كانوا يدعون الماركسية اللينينية، والآن لا يدعون هذا.
وهل كانت لك علاقة جيدة به؟
- التقيته في دمشق مرات، عدة وبقيت علاقة حزب العمال بحزبنا الاتحاد الوطني الكردستاني جيدة، خصوصاً بعد الوساطة التي قمنا بها من أجل اقامة جبهة تجمع الاحزاب الكردية - التركية، وبالفعل عقدت عدة اجتماعات بهذا الخصوص في دمشق وحضرها ممثلون عن الحزب الاشتراكي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ومنظمة كوك. وعقدت هذه الاجتماعات تحت اشراف حزبنا والحزب الشيوعي العراقي من اجل توحيدها وجمعها في جبهة واحدة، لكن هذه الاحزاب لم تتوحد بسبب وجود خطين: الأول، يمثله عبدالله اوجلان والداعي الى قيام ثورة في كردستان تركيا. والآخر يدعو إلى عدم التسرع وهو يعتبر ان من السابق لأوانه تبني خط الثورة لعدم توافر شروطها. وبقيت علاقاتنا جيدة مع عبدالله اوجلان ومن خلالنا تعرف على منظمات المقاومة الفلسطينية وعن طريقنا ايضاً تعرف على الاستاذ عبدالجبار الكبيسي عضو القيادة القومية ومسؤول قيادة قطر العراق لحزب البعث وعن طريقه تعرف على بقية الاخوان.
ما هي المنظمات الفلسطينية التي تعرف عليها عبدالله اوجلان وعمل معها؟
- قدمناه الى "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديموقراطية"، وكانت له علاقات جيدة معهما. وأثناء الغزو الاسرائيلي للبنان كان بعض مقاتليه في قلعة الشقيف وقاوموا هناك حتى النفس الاخير.
بين اوزال وأوجلان
يقال ان لك ذكريات طريفة مع عبدالله اوجلان؟
- الحقيقة انني التقيته في العام 1980 مرات قليلة. لكن في العامين 1992 و1993، كان الرئيس ديميريل مكلفا بتشكيل الحكومة في عهد اوزال وكنت حينذاك في تركيا، وعندما استدعاني الرئيس ديميريل الى بيته ابلغني بأنه سيشكل وزارة مع اردال انونو من حزب الشعب، وسألني رأيي في القضية الكردية لأنه كان يعد مشروعاً يعترف بالشخصية الكردية مع اعطاء الاكراد بعض الحقوق. وقلت: هذه مسألة داخلية. وكان جوابه: انها استشارة اخوية. فقلت: هذا شيء جيد بالنسبة لكم وللأكراد. سألني عن تأثيري على عبدالله اوجلان، فأجبته: "لا اخفي عليك علاقتي به، عبدالله اوجلان يسمع مني وسيوقف القتال وسيعطيكم مهلة للعمل، وأعتقد بأن الحل السياسي هو الطريق الافضل للجميع لأن هذا العصر هو عصر الحوار". رحب بالفكرة، ثم التقيت الرئيس اوزال، الذي اعتز بصداقته ولا اخفي عنه شيئاً، وأخبرته انني سأزور سورية وسألتقي اوجلان
هل عندكم رسالة؟ قال: "لو تنصح هذا المجنون - كما كان يسميه - بإعطائنا فرصة لحل سياسي" بعدها رجعت إلى كردستان العراقية وذهبت مع الاخ مسعود البارزاني والتقينا الجنرال أشرف باتليس باشا، قائد الجندرمة التركية والشخصية القوية في الجيش التركي وهو من أصل كردي، وسألني عن رحلتي المزمعة إلى سورية وما إذا كنت سألتقي أوجلان. قلت: أغلب الظن انني سألتقيه. قال: ماذا ستقول له. قلت سأبلغه بضرورة وقف القتال. فشجعني على ذلك. وبعد وصولي إلى دمشق زارني أوجلان في بيتي، وتحدثت معه عن موضوع وقف القتال، فأبدى استعداده من دون شروط. وفي بيتي، وكان الأخ كامران فرة داغي حاضراً، اتصلت بمندوبنا في أنقرة سرجل قزاز الذي اتصل بالسيد كايا توبيري المستشار الصحافي للرئيس تورغوت أوزال وأخبره بما دار بيننا، فرحب بالفكرة ونقلها مباشرة إلى الرئيس. بعدها اتصل بنا السكرتير الخاص، وقال إن الرئيس يرحب بالفكرة وطلب مني ان اقنع أوجلان بعقد مؤتمر صحافي يعلن فيه قراره، وكي لا يبقى القرار في غرفة مقفلة الابواب، اتصلت بعبدالله أوجلان فأعلن استعداده ثم اتصلت في تلك الليلة بالرئيس أوزال وقال إنه سيرسل عدداً من الصحافيين الأتراك.
عقد المؤتمر الصحافي في البقاع وحضره العديد من الصحافيين الأتراك وكنت حاضراً. أعلن فيه أوجلان وقف اطلاق النار لمدة 22 يوماً. ولكننا لم نفهم لماذا اختار هذه المدة. ثم سافرت إلى أميركا وزرت مجلس الأمن القومي وشجعني مسؤولون فيه على الاستمرار في هذا الاتجاه. عدت إلى بريطانيا والتقيت وزير الخارجية يومذاك دوغلاس هيرد، بحضور وفد عراقي معارض كان من بين أعضائه الدكتور محمد بحر العلوم والدكتور أحمد الجلبي. أخبرته بالوساطة التي أقوم بها بين أوجلان والحكومة التركية من أجل وقف النار، وتزامن ذلك مع أعياد النوروز، فشجعني هيرد. قلت له إنني لا استطيع العمل بمفردي ووعدني بالدعم الكامل.
رجعت إلى تركيا، حيث استقبلت بالاحضان. وحتى السيد مسعود يلماز الذي كان خارج الحكم استقبلني في المطار ورحب بيّ وأثنى على جهودي لوقف إراقة الدماء. ثم استقبلني رئيس الوزراء سليمان ديميريل بالاحضان والقبل ثم الرئيس أوزال والدكتور اردال اينونو، وقال ديميريل، وهذه للتاريخ، نحن لا نتفاوض مع الارهابيين، لكننا نرحب بهذه الخطوة الايجابية. فيما هنأني اوزال وقال: "اطلب من هذا المجنون أن يكف ويمدد الفترة حتى يعطيني فرصة لاقناع العسكريين والناس بايجاد صيغة لهذا الموضوع". فطلبت منه أن يزوره بعض البرلمانيين الأكراد الأتراك. وبالفعل استقبلهم وطلب منهم مساعدتي ومساندتي في هذا الموضوع. والذهاب معي إلى لبنان لاقناع اوجلان بتمديد وقف اطلاق النار. زرنا أوجلان في البقاع، فطالب بتحديد الفترة، وكنت شخصياً مع اعطاء الرئيس أوزال فترة غير محددة، ووافق على ذلك، وعقد مؤتمراً صحافياً مرة أخرى أعلن فيه موافقته على وقف القتال إلى أجل غير مسمى. واستمرت الهدنة إلى ما بعد وفاة أوزال، وحتى العمل الاجرامي الذي قام به شمدين صاقيق الذي اختطفته القوات التركية لاحقاً عندما اعتقل 33 جندياً كانوا عائدين من اجازاتهم وقتلهم، مما أنهى الهدنة. وقد نصحت أوجلان باصدار بيان يدين هذه الجريمة وتقديم المتسبب بها إلى المحاكمة، لكنه رفض وهو ما وتر العلاقة بيننا
الأسبوع المقبل: حلبجة والانتفاضة ومفاوضات مع صدام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.