زاد لغز الاسرائيلية ديفورا جناني غموضاً وقد يمضي بعض الوقت قبل ان تكشف الجهات المصرية المختصة عن الاسرار الحقيقية لهذا اللغز. وأكد مصدر في السفارة الاسرائيلية في القاهرة لپ"الوسط" ان جناني طلبت من السفير المصري لدى اسرائيل تمكينها من العودة الى مصر. وبررت طلبها بضرورة متابعة أعمال مكتبها في القاهرة وتنفيذ الصفقات التي أبرمتها هناك. وذلك على رغم انها منعت من دخول مصر في 15 تموز يوليو الجاري. وكانت قد صرحت قبل عامين بأن السلطات المصرية اتهمتها بالتجسس. ومع ذلك بقيت تباشر أعمالها الاقتصادية وترددت على القاهرةمرات عدة، آخرها قبل اسبوع عندما احتجزت في المطار واجبرت على مغادرته في اليوم التالي 16 تموز على متن طائرة ايهود باراك رئيس حزب العمل الاسرائيلي الذي زار القاهرة آنذاك. وحسب المصدر، فإن دافيد ليفي وزير الخارجية الاسرائيلي استدعى السفير المصري محمد بسيوني وطالبه بإيضاحات عن منع جناني من دخول مصر. وأضاف التقرير الذي تلقته السفارة الاسرائيلية من تل ابيب ونقل عن السفير بسيوني قوله: "انه ربما يكون حدث خطأ فني". وقال انه سيجري اتصالات مع القاهرة لمعرفة الأسباب. وأشار المصدر الى ان استثمارات جناني في مصر كبيرة. وقال ان منعها من الدخول قد يضطرها الى اللجوء الى القضاء ومطالبة الحكومة المصرية بتعويض خسائرها. غير ان أكثر المعلومات مفاجأة في هذا اللغز ان مكتب جناني في القاهرة لا يزال يعمل بصورة طبيعية. ويقع في منطقة قصر العيني، في مبنى قديم في الطابق الثالث، وعلى بابه لافتة نحاسية كبيرة عليها اسم جناني وشركتها "وورلد وايد فاشون". وتتوسط المكتب صالة علقت على جدرانها نسخة من لوحة الخشخاش الشهيرة. وذكر العاملون في المكتب لپ"الوسط" انهم يستقبلون العملاء بصورة اعتيادية. وأكدوا اقتناعهم بأن جناني ستعود الى مصر، ورجحوا ان منعها من الدخول كان "خطأ ما يجري تصويبه". وكشفوا انها كانت في القاهرة قبل بضعة أيام من منع دخولها، وأنها عادت لتزور أولادها في اسرائيل. ولفتوا الى ان مكتب الشركة الذي يديره علاء الأمين، لا يزال يبرم صفقات وينفذها، وقالوا ان جناني على اتصال مستمر بالمكتب. كم من الوقت سيمضي حتى تكشف الجهات المصرية المختصة عن غوامض لغز سيدة الاعمال الاسرائيلية جناني؟ خصوصاً انها كانت وضعت في لائحة الاشخاص غير المرغوب في دخولهم مصر العام 1995، بعدما شنت حملة في وسائل الاعلام الاسرائيلية ضد الاقتصاد والسياسة في مصر. وقالت جناني ان السلطات المصرية اتهمتها بالتجسس. وأضافت ان رشوة كبار المسؤولين في مصر هي السبيل لنجاح أعمال أي رجل اعمال اجنبي. وذكرت ان الصفقات التي ابرمتها مع شركات مصرية عامة تمت عبر رشاوى وعمولات منذ ان فتحت مكتبها في القاهرة العام 1992 ممثلة لشركة "وورلد وايد فاشون" الاميركية. وقالت انها تمكنت من تسريب بضائع اسرائيلية الى الأسواق المصرية بطرق غير مشروعة، وانها مولت رحلة رجل اعمال مصري الى الولاياتالمتحدة في مقابل صفقة مع احدى الشركات العامة. وتردد أنها حاولت ادخال عملاء اجهزة أمن اسرائيلية الى مصر تحت ستار أنهم رجال أعمال وعبر صفقات تجارية. ووصفت صادرات التجميل والمنسوجات القطنية المصرية بأنها أقل جودة وغير مناسبة. ويرصد ملفها لدى سلطات الأمن المصرية معلومات تفيد بأنها خدمت في مكتب "الموساد" في العريش أثناء احتلال سيناء، وعملت العام 1979 متحدثة باسم زوجة الرئيس الاسرائيلي السابق اسحق نافون، كما عملت ملحقة سياحية في البعثة الديبلوماسية الاسرائيلية لدى الولاياتالمتحدة العام 1989. ويرصد الملف أيضاً ان جناني مارست أعمال تدليس ضارة بالاقتصاد المصري، وذلك من خلال ادخال وترويج منتجات اقتصادية تحت ستار انها اميركية. وعلمت "الوسط" ان السيدة جناني وضعت في صدارة لائحة الممنوعين من دخول مصر والمطلوب القبض عليهم، وقد احتجزت غداة وصولها 15 تموز في فندق المطار داخل منطقة الترانزيت، وحقق معها في نشاطها والمتعاملين معها وحجم الصفقات التي أبرمتها. وبعد توقيعها على أوراق التحقيق، طلبت منها سلطات أمن المطار عدم مغادرة حجرتها في الفندق وعينت حراسة على الغرفة بانتظار صدور قرار من الجهات المختصة. لكن رئيس حزب العمل الاسرائيلي الذي كان يزور القاهرة في 16 تموز توسط للافراج عنها واصطحابها معه على متن طائرته. وقد اجرى باراك اتصالات من استراحة المطار مع وزير الخارجية المصري عمرو موسى، الأمر الذي فسره مصدر مطلع بأن اعتبارات مجاملة باراك الذي يزور القاهرة للمرة الأولى بصفته رئيساً لحزب العمل لعبت دوراً سياسياً في استجابة طلبه. وكانت القاهرة رفضت في وقت سابق الاتسجابة لطلبات مماثلة من بنيامين نتانياهو ودافيد ليفي للافراج عن الاسرائيلي عزام عزام المتهم بالتجسس. وقال مسؤول في السفارة الاسرائيلية أن الحظ وحده خدم جناني، ولولا تدخل باراك لأصبحت هناك قضية تجسس جديدة على غرار قضية عزام عزام.