هناك حقائق عدة غائبة عن المثقفين المصريين، يبدو من الضروري الاشارة اليها في سياق الحديث عن لقاء كوبنهاغن: أولاً، ان هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها المثقفون المصريون في عمل سياسي علني، من دون ان يتبع ذلك استنكار حكومي، او مطاردة بوليسية، خاصة وأن هذا العمل يتم على أرضية مشتركة مع أطراف غير مصرية، وعلى أرض غير مصرية. ثانياً، ان ما حدث يعد "خرقاً" لاتفاق ضمني بين السلطة المصرية والمثقفين المصريين على ان تكون "السياسة للساسة" وأن يكتفي المثقفون "بابداء آرائهم"، من دون الخوض في عمل سياسي مباشر. ولعل هذا ما حدا ببعض المفكرين الى القول صراحة، بعدم الجواز للمثقفين بالتفاوض على أمور سياسية. ثالثاً، ان دخول المثقفين المصريين الساحة السياسية بصورة عملية، سيؤدي بالضرورة الى تنشيط الساحة السياسية من جديد، وهي الساحة التي شهدت ركوداً فظعياً على مدى العشر سنوات الماضية. ومن الشائع في مصر عن أحزاب المعارضة المصرية، انها "جرائد تتبعها احزاب سياسية"، وهو ما يعكس حقيقة الهامش الذي كانت السلطة المصرية تسمح به للعمل السياسي. إلا ان ما حدث في كوبنهاغن يعد انقلاباً في طبيعة الصيغة التي ظلت سارية لفترة طويلة بين المثقفين المصريين والسلطة الحاكمة، ويبدو ان أول اثر لهذا الانقلاب هو "الفرز الثقافي - السياسي"، حيث يتم تشكيل جبهتين: احداهما مع والأخرى ضد، وثيقة كوبنهاغن. ولكن السؤال الخطير: هل ستسمح الحكومة المصرية لهذه التيارات بالحركة في الاتجاه الذي تريده؟ ام ان "التسامح" مع موقعي كوبنهاغن كان تصريحاً "موقتاً" بحرية "محدودة"، ومن غير المسموح به تعدي حدود الصحف والآراء، الى القيام بتظاهرات سياسية، على غرار كوبنهاغن، ولمقاومتها. أحمد شوقي عبدالفتاح القاهرة - مصر