نظراً للاهتمام العالمي الكبير بموضوع ايجاد بدائل عن الطاقة النووية والبترولية. وبروز دلائل جديدة عن احتمال وجود مصادر هائلة للطاقة الشمسية والغازية في البيئة المصرية. ونظراً لتسليط الضوء على احتمال وجود حياة فوق كوكب المريخ والدور العلمي المتطور الذي ستلعبه مصر في مجال التنقيب عن عناصر الحياة فوق هذا الكوكب مستقبلاً، لتشابه البروفيل الجيولوجي لسطح المريخ والصحراء المصرية. حملت "الوسط" الى البروفسور مسلم شلتوت رئيس قسم بحوث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان أربعة تساؤلات حول: انبعاث الغازات وتصاعد ألسنة اللهب من بعض الترع المصرية في الفترة الاخيرة، ما دفع بعض العلماء الى التأكيد على انها ظواهر بركانية. الطاقة الشمسية وطاقة الهيدروجين في القرن المقبل. وهبوط اول "محفار" مصري على سطح المريخ عام 2001. بداية.. هل توجد في مصر مناطق بركانية نشطة؟ كان يوجد في مصر نشاط بركاني في العصور الجيولوجية القديمة، بدليل مقالع البازلت في ابي زعبل، وفي الضفة الشرقية للنيل حتى الجبل الاحمر واسوان حيث توجد صخور نارية وصخور الغرانيت، ولكن كل هذه البراكين خمدت ولا يوجد اي نشاط بركاني حتى اليوم. ما هو تفسيرك لتصاعد الابخرة وألسنة اللهب من بعض الترع المصرية التي تقع في اماكن متباعدة، في الآونة الاخيرة؟ - الترع التي ظهرت فيها الابخرة والغازات لا يزيد عمقها على عشرة امتار، وهذا لا يعني ضعفاً في القشرة الارضية كي نزعم ان ما حدث هو نشاط بركاني. فالقشرة الارضية تقدر سماكتها بالكيلومترات، وهي تتكون من صخور متعددة منها الطبقات النارية والرسوبية والمتحولة، لكن الطبقة السطحية هي الطبقة الهشة وتسمى "التربة". وما ظهر في الترع المصرية لا يمثل شرخاً او تصدعا، لان البراكين حين تثور تبحث عن متنفس للحمم الموجودة في باطن الارض، وبداية هذه الحمم غازات قوية واتربة ثقيلة تختلف كثيرا عما شاهده البعض وهي تسبق عادة اندفاع المعادن المنصهرة. أضف الى ذلك ان النشاط البركاني يظهر في جميع الاحوال سواء كانت هناك ترعة او ارض او حتى بحر حيث تظهر من تحت البحر فورات مياه ساخنة ثم يبدأ البركان فالجزيرة البركانية التي تتكون نتيجة "المجما" وهي المواد المنصهرة التي تفيض من فوهة البركان. ما هو تعليلك لهذه الظاهرة في الترع المصرية؟ - التعليل الوحيد أن هناك موادَ عضوية ملقاة أو مخلفات حيوانية أو صرفاً صحياً للانسان في هذه الترع وهي التي تولد الغاز الحيوي البايوماس وأحد منتجاته غاز "البايوغاز". واللافت للنظر ان هذه المخلفات صُرّفت داخل الترع عن طريق قنوات تحت الارض لمعرفة الفلاحين بأن هذه مخالفة تستوجب العقوبة فتفتق ذهنهم عن حفر مصارف صحية برازخ تمتد من بيوتهم الى قاع الترع وهو ما ولّد الغاز الحيوي نتيجة لتخمر المواد العضوية داخل البرازخ. ولأن الغاز الحيوي لا يذوب في الماء وهو ايضا قابل للاشتعال، فإن الفقاقيع التي شاهدها البعض على سطح الماء كانت تشتعل عند اقتراب اي مصدر حراري منها، كإلقاء عقب سيجارة او عند ادارة ماكينات الري التي يتطاير منها "الشرر" الكهربائي. وتجدر الإشارة الى ان الدلتا المصرية التي توجد فيها هذه الترع ليس فيها اية شروخ او فوالق كبيرة في الارض تصل الى أعماق سحيقة في القشرة الارضية. طاقة الهيدروجين ما هي حقيقة الاهتمام العالمي بموضوع "طاقة الهيدروجين".. وهل يمكن ان تتحول بحيرة ناصر الى اكبر حقل عالمي لانتاج الهيدروجين؟ - العالم مقبل على مشكلة في الطاقة خلال القرن المقبل بعد ان اقترب نضوب الطاقات التقليدية الفحم، البترول، الغاز الطبيعي، ولابد من ايجاد طاقة بديلة متجددة ونظيفة ودائمة. اوروبا عامة والسوق الاوروبية خاصة اجرت دراسات جدوى كثيرة عن كيفية نقل الطاقة الشمسية من شمال افريقيا اليها حيث تتميز منطقة الصحراء الكبرى بأكبر معدل اشعاع للشمس والطاقة الشمسية. والفكرة هي امكان زرع الصحراء الكبرى بأنظمة حرارية شمسية او انظمة فوتوفولطية خلايا شمسية تحول الاشعاع الشمسي طاقة كهربائية ودفعها مباشرة ايضا الى اوروبا عبر شبكة كهربائية موحدة. الا ان هذه الطريقة يعترضها عقبات عدة منها انه لا بد من تحويل التيار المباشر للخلايا الشمسية الى تيار "متردد" لكن هذا التيار المتردد سيفقد جزءا كبيرا من طاقته خلال رحلته الى اوروبا في الشبكة، ناهيك بأنه لا يمكن تخزينه او استعماله عند الذروة. لذلك وجدوا انه من الافضل استخدام التيار الكهربائي الناتج من الخلايا الشمسية مباشرة في تحليل المياه والحصول على عنصر الهيدروجين منها، حيث يمكن دفع غاز الهيدروجين في انابيب تماثل انابيب الغاز الطبيعي التي تصل حالياً ما بين شمال افريقيا واوروبا. وهذه العملية أقل كلفة حيث ان الهيدروجين المرسل الى اوروبا يمكن استخدامه في اي وقت سواء في الذروة او غيرها كطاقة حرارية او كهربائية ويعتبر افضل ناقل لطاقة الشمس من شمال افريقيا الى اوروبا. ومن مميزات طاقة الهيدروجين انها نظيفة لا تلوث البيئة حيث ان ناتج الاحتراق منه هو "بخار الماء" فقط، كما ان استخدامه لا يحتاج الى تعديل في التكنولوجيا ولا يتطلب اكثر من تغيير "الفونيا" فقط، ناهيك بأن كمية الطاقة الناتجة من كيلوغرام من الهيدروجين تفوق عشرة اضعاف الطاقة الناتجة من اية مصادر اخرى. لذا اصبح يستخدم كطاقة في صواريخ الدفع ومكوكات الفضاء والطيران الصاروخي وهو أحدث انواع الطيران المدني الذي يختصر المسافة الى النصف تقريبا. ماذا عن بحيرة ناصر؟ وما الذي يميزها عن البحيرات الاخرى في افريقيا؟ - تعتبر بحيرة ناصر من اهم المناطق المرشحة في العالم لانتاج الهيدروجين بالطاقة الشمسية لغناها بالاشعاع الشمسي. وهي تمتاز بأعلى نسبة لعذوبة المياه وبالارض المستوية الفارغة على ضفافها لاقامة مجمعات للخلايا الشمسية اللازمة لتحويل طاقة الشمس الى كهرباء ذات تيار مستمر يمكن استغلاله مباشرة، ومن ثم تحليل مياه البحيرة لانتاج الهيدروجين وهو ما سمي بپ"مشروع القرن". فالاشعاع الشمسي الساقط على البحيرة وضفافها يعتبر من أعلى كميات الطاقة على المستوى العالمي حيث تزيد على 2500 كيلو وات ساعة في المتر المربع الواحد في السنة. كما ان البحيرة تضم قرابة 140 مليار متر مكعب من أعذب المياه، اي لا تحتاج الى أية تحلية قبل تحليلها كهربائيا، لأن نسبة ملوحتها 150 جزءاً في المليون، فيما مياه النيل التي نشربها في القاهرة مثلا تتراوح نسبة ملوحتها بين 600 و700 جزء في المليون. هذا كله يعني أن الأملاح لن تترسب على اقطاب المحلل ما يؤدي الى انخفاض كفاءة عمله في وقت قصير، وتلك ميزة طبيعية للبحيرة تفسر لماذا لا تصلح البحار البحر الاحمر والبحر المتوسط لانتاج الهيدروجين من مياهها؟پفالمشكلة ليست في الكلفة المترتبة على تحلية مياه البحر التي تبلغ ثلاثة دولارات للمتر المربع الواحد، ثم تبدأ بعد ذلك عملية تحليلها لانتاج الهيدروجين، بل في الاملاح المترسبة التي تمنع تحليل المياه كهربائياً. ثلوج المريخ ملف الحياة فوق كوكب "المريخ" لماذا أعيد فتحه في الآونة الاخيرة؟ - ملف المريخ لم يغلق منذ قدماء المصريين والاغريق والرومان وسيبقى هذا الملف مفتوحاً، فهو الكوكب الاحمر وهو "مارس" إله الحرب أقرب الكواكب الى كوكبنا. لذا حيكت حوله ولا تزال اكثر الحكايات غرابة، وكلها تتحدث عن وجود مخلوقات فضائية وأجسام لامعة تداعب سكان الارض. الجديد في الامر هو تقدم تكنولوجيا الفضاء والاقمار الاصطناعية التي التقطت صورا لأودية جافة في المريخ تشبه الى حد كبير الأودية الجافة في الصحارى المصرية، وهو ما يدل على انه كانت هناك حياة: مطر غزير وأودية مملوءة بالمياه وانهار تعج حولها الحياة النباتية والحيوانية. ونتيجة للتغيرات المناخية التي حدثت للمريخ اصبح هذا الكوكب أبرد مما كان عليه كما تجمدت مياهه البحار والانهار والوديان ونتيجة لوجود عواصف ترابية ورملية على سطح المريخ، أثبتتها صور سفن الفضاء فإن هذه المياه المتجمدة غُطيت بطبقات من الرمال تتراوح سماكتها ما بين 20 و100 متر. أما أحدث ما ظهر من دراسات بين عامي 94 - 1996 في مؤتمر "كُسبار" cospar اللجنة الدولية لعلوم الفضاء للاستخدامات السلمية فهي دراسة للحياة تحت الصفر قام بها علماء اميركيون وروس للقطبين الشمالي والجنوبي اثبتوا من خلالها وجود نوع من "البكتيريا" داخل الثلج بين درجات 70 و 80 تحت الصفر، ما يؤكد امكان وجود حياة للبكتيريا داخل الثلج في المريخ. والاغرب من هذا ان الصور الفضائية الملتقطة هذا العام اثبتت ان شكل المياه المتجمدة تحت الرمال في المريخ مماثل لشكل الثلوج في القطبين. هذا يعني ان من المحتمل وجود مياه دافئة عند درجة 4 تحت طبقة المياه المتجمدة وبالتالي وجود بكتيريا حية في المياه الدافئة تحت ثلوج المريخ. المحفار المصري ماذا عن مساهمة مصر عام 2001؟ - منذ نهاية الحرب الباردة اصبح هناك تنسيق كامل بين وكالات الفضاء العالمية بالنسبة الى موضوع المريخ، وكل وكالة فضائية لها دور محدد ومرسوم يكمل الادوار الاخرى، لذلك حزن كل علماء الفضاء في العالم يوم 16/11/1996 حين فشلت سفينة الفضاء السوفياتية في رحلتها الى المريخ. ومنذ العام 1996 وحتى عام 2005 لن تتوقف الرحلات الى المريخ لانه يقترب من كوكب الارض خلال تلك الفترة حيث تصل المسافة الى 35 مليون كيلو متر، فيما أبعد مسافة تبلغ 300 مليون كيلو متر. وفي العام 2001 تشارك مصر مع تسع دول هي اميركا وروسيا والمانيا وبلجيكا وفرنسا واليابان وسويسرا والنمسا وانجلترا في رحلة عالمية على سفينة الفضاء "مارس خود" mars okhod، لها مهام عدة في درس التربة والمياه الجوفية والرمال وغيرها، وتتولى مصر مهمة "المحفار" فقط. ومن أبرز خواصه انه خفيف الوزن ويعمل بطاقة كهربية لا تزيد على 50 وات، سوف تستمدها من الطاقة الشمسية عن طريق خلايا شمسية مركبة على ذراعين للسفينة الفضائية. ومهمة المحفار المصري أخذ عينات من تربة المريخ الى عمق يصل الى حوالي المترين بمعدل خمسة سنتيمترات لكل طبقة، وذلك للوصول الى طبقة الثلج والحصول على اية مواد طيارة او عضوية او بكتيريا حية او ميتة او متحجرة. لماذا مصر، تحديداً، خصوصاً انها المرة الاولى التي تشارك فيها في مجال الفضاء؟ - لمصر تجربة رائدة في مجال المحافير الفضائية حيث صمم فاروق الباز بالتعاون مع بوب موريس محافير مشروع "ابوللو" التي اخذت عينات من صخور القمر. كما صحها معاً اصغر محفار اخترق حجرة مركب الشمس بجوار هرم خوفو العام 1985. والبروفسور الباز معروف، اما بوب موريس فهو مهندس اميركي متخصص في المعدات الفضائية الصغيرة وهو الذي وضع التصميم الاول الاسكتش للمحفار المصري، الذي سيتم تصنيعه من الفايبر غلاس بتكلفة تصل الى عشرة ملايين جنيه مصري. من جهة ثانية يشبه سطح المريخ وتربته الى حد كبير جدا سطح الصحراء الغربية المصرية وتربتها، وتحديدا منطقة شرق العوينات، كما ان البروفيل الجيولوجي للواحات المصرية يشبه البروفيل الجيولوجي لسطح المريخ، وذلك لوجود خزانات المياه تحت هذه الواحات وهي تتماثل مع خزانات المياه في المريخ. ولهذا التشابه سيتم اختبار بعض المعدات الفضائية في صحراء مصر اولاً قبل القيام بعملها على المريخ. وعلى سبيل المثال سوف يُختبر "المجس" الكهرومغناطيسي الروسي الذي سيقوم بقياس التوصيل الكهربائي على سطح المريخ. والتوصيل الكهربائي نعرف منه عمق المياه الجوفية وحجم الخزانات ونوع الصخور الحاملة لهذه المياه وعمرها الزمني وهو أخطر تكنولوجيا في العالم اليوم. وسوف تحصل مصر على نسخة منه بعد أداء رحلته عام 2001 الى المريخ لاستكشاف الصحراء الكبرى وصحراء شبه الجزيرة العربية. وسيكون ذلك فتحاً جديدا للمياه الجوفية وتنمية الصحارى العربية بتكنولوجيا فضائية متقدمة للغاية . البروفسور شلتوت في سطور تم اختيار البروفسور مسلم شلتوت واحداً من الشخصيات العالمية التي أسهمت ببحوث واعمال لخدمة الجنس البشري والمجتمع الدولي خلال القرن العشرين، وذلك لتضمين سيرته الذاتية وتاريخه العلمي في الطبعة الخامسة عشرة لموسوعة الشخصيات العالمية البارزة والمسماة Who is Who in the World التي ستصدر اول كانون الثاني يناير 1998 في ذكرى مرور مئة عام على اصدار الطبعة الاولى عام 1898 من مؤسسة البرت نيلسون ماركوس الصحافية في اميركا. ويذكر ان للبروفسور شلتوت 96 بحثاً علميا وتكنولوجياً في الطاقة الشمسية وتلوث الهواء وعلوم الفضاء نشرت في مجلات دولية في أميركا واوروبا وهو مؤلف "أطلس الإشعاع الشمسي لجمهورية مصر العربية". مثل مصر في اكثر من ثلاثين مؤتمرا دوليا، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الفيزياء عام 1986 ونوط الامتياز من الطبقة الاولى عام 1985، وهو المسؤول الاول عن مهمة المحفار المصري الذي سيهبط على سطح المريخ عام 2001. الانظمة الفوتوفولطية لعام 2010 الأنظمة الفوتوفولطية Photovoltaic هي مجمعات للالواح الكهروشمسية التي تضم كل منها خلايا شمسية بلورية او لا بلورية لتحويل الاشعاع الشمسي الى تيار كهربائي مستمر مباشرة. وقد صدر خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي كتاب عن "الانظمة الفوتوفولطية لعام 2010" من اعداد المؤسسة الاوروبية لتصنيع الانظمة الفوتوفولطية EPIA بتمويل من الادارة العامة للطاقة للسوق الاوروبية المشتركة. يتكون الكتاب من اربعة اجزاء تدور حول: الوضع الحالي والاستراتيجية الاوروبية لتنمية هذه الانظمة وتصنيعها وتسويقها مع دراسة السوق العالمية لها حتى عام 2010 واقتصاديات السياسات المتواصلة للانظمة الفوتوفولطية في اوروبا. كما يتناول الجزء الاخير مستقبليات هذه الانظمة في كل من الولاياتالمتحدة واليابان وسائر انحاء العالم. يقع الكتاب في 540 صفحة ويضم 183 جدولاً، و128 رسماً بيانيا.