بعد اتجاه النية لإيجاد سقف لعدم تجاوز أي حزب، مهما كان عدد الأصوات التي حصل عليها، على 80 في المئة من النواب في البرلمان أو من المستشارين في كل بلدية من البلديات، ارتفعت تساؤلات حول الأحزاب السياسية في تونس ومدى وزنها في الحياة السياسية في البلاد. ويبدو واضحاً أن التوجه الجديد يرمي لإعطاء فرصة للأحزاب الصغيرة، وهي كلها معارضة، لتسجيل حضور أكثر كثافة سواء تحت قبة البرلمان أو في المجالس البلدية. وكان القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمد تصويتاً أغلبياً من جهة مكن التجمع الدستوري الحاكم من الحصول على كل المقاعد المعروضة في الدوائر، نص على توزيع مقاعد أخرى بين الأحزاب التي لم تفز في أي دائرة أو في كل الدوائر بعد ضم الأصوات التي حصلت عليها في مستوى الدوائر على صعيد وطني، وتوزيع المقاعد المعتمدة وطنياً كل حزب حسب النسبة التي حصل عليها من الأصوات بعد استثناء الحزب الفائز في مستوى دائرة أو عدة دوائر أو كل الدوائر. وقد مكن هذا التوزيع أحزاب المعارضة من الدخول تحت قبة البرلمان للمرة الأولى منذ سنة 1956 وذلك بواقع 19 نائباً في مقابل حوالي 140 نائباً تم انتخابهم على مستوى الدوائر بالتصويت الأغلبي وكانوا كلهم من الحزب الحاكم التجمع الدستوري. وبفضل الطريقة الانتخابية تلك والتي يبدو أن الاتجاه سائر الى تعزيزها يمكن للمعارضة المتمثلة في الأحزاب الصغيرة أن تنال مقاعد برلمانية بنسب تصويت ضعيفة لا تؤهلها لذلك حتى ولو اعتمدت الطريقة النسبية المطلقة. ففي الانتخابات الأخيرة قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف سنة نالت المعارضات 19 مقعداً أي حوالي 11.5 في المئة من المقاعد من دون أن تحصل مجتمعة حتى على 5 في المئة من مجموع الأصوات على المستوى الوطني. والأحزاب المعارضة الستة في تونس هي: 1- حركة الديموقراطيين الاشتراكيين المنقسمة على نفسها والتي حصل انشقاق فيها. ويرأس الشق الذي تعترف به السلطة وتتعامل معه اسماعيل بولحية. وإذ كانت هذه الحركة هي الأولى بين أحزاب المعارضة في انتخابات 1994 بحوالي نصف مقاعد المعارضة، يبدو أن الخلافات الداخلية التي تهزها نالت من مكانتها كثيراً. وقد فشلت في انتخابات جزئية جرت منذ أشهر في الاحتفاظ بمقعد كان في حوزتها في ضواحي العاصمة تونس، وآل هذا المقعد الى حركة معارضة أخرى. 2- حركة التجديد التي تعتبر خليفة للحزب الشيوعي التونسي السابق. 3- حركة الوحدة الشعبية اليسارية. 4- الاتحاد الديموقراطي الوحدوي وهو الحزب القومي العروبي في تونس. والأحزاب الأربعة ممثلة في البرلمان. 5- التجمع الاشتراكي التقدمي وهو حزب نشيط والمعارض الوحيد الذي يصدر حالياً صحيفة حزبية معارضة بمعدل مرة كل ثلاثة أشهر. 6- الحزب الليبيرالي أو التحرري وهو حزب يدافع عن النظريات الرأسمالية ولا يبدو أنه يتمتع بإشعاع قوي.