من يستفيد من الهزات التي ضربت الاسواق الآسيوية، على امتداد الاسابيع القليلة الماضية؟ حسب الاستطلاع الذي اجرته احدى شركات الدراسات لمصلحة مجموعة "ميريل لنش" اخيراً، فإن الدولار الاميركي سيكون العملة العالمية التي اجتذبت غالبية الرساميل الهاربة من اسواق هونغ كونغ وبانكوك وغيرها. كما يرى 68 في المئة من اصحاب القرار من مديري صناديق الاستثمار الاوروبية الذين شملهم الاستطلاع، ان الدولار سيبقى العملة المفضلة لهم في الاشهر ال12 المقبلة، بعدما كانت نسبة هؤلاء لا تزيد عن 60 في المئة في شهر آب أغسطس الماضي. وفي المقابل سيكون الين الياباني الاقل جاذبية، بما لا يزيد عن 6 في المئة، بعدما كان عدد الذين اختاروه في آب وصل الى 14 في المئة، في حين ينوي 14 في المئة من هؤلاء اختيار المارك الالماني، في مقابل 5 في المئة للجنيه الاسترليني. وثمة سيناريو آخر يعطي الذهب موقعاً على رأس القائمة، اذا ما تبين ان الاسواق المالية الاوروبية والاميركية اصبحت هي الاخرى على خط الزلازل، على اعتبار ان المعدن الاصفر يمكن ان يشكل في مثل هذه الحال من الضياع، الملجأ الآمن لأصحاب الرساميل. واضافة الى ذلك، تشجع نتائج الاستطلاع على الاعتقاد بأن الاسواق الاوروبية ربما كانت نقطة الجذب الرئيسية للمستثمرين العالميين، بعدما اصبحت الاسواق الآسيوية مناطق خطرة، وأكثر تعرضاً لمخاطر الهزات والانهيارات. وتشير التقديرات التي انتهت اليها "ميريل لنش"، الى ان المستثمر العالمي بات، في ظل التطورات التي شهدتها الاسواق الناشئة، بدءاً من ازمة المكسيك في العام 1994، ثم الهزات التي ضربت الاسواق الآسيوية في الشهر الماضي، اكثر حذراً تجاه ما يعتبره ارتفاع معدلات المخاطرة في الاسواق الناشئة، والاصح انه بات اكثر ميلاً الى البحث عن فرص افضل في الاسواق التقليدية، خصوصاً في أوروبا الغربية. وفي هذا السياق يلفت مديرو صناديق الاستثمار الاوروبية، التي تزيد اموالها على 750 مليار دولار، الى أسواق أوروبية محددة يعتقدون بأنها تملك فرصاً قوية للنمو في السنوات المقبلة. وفي طليعة هذه الاسواق، إيطاليا وألمانيا والسويد، ثم إسبانيا وبريطانيا، لكن بنسبة اقل، في حين ينظر الى اسواق فرنسا وسويسرا على انها اسواق كبيرة، لكنها تفتقر الى الحماس الكافي. وثمة اهتمام آخر بالتوظيف في الشركات الصغيرة والمتوسطة، خلافاً لما كان عليه الوضع في السابق، عندما كانت غالبية الرساميل تذهب الى التوظيف في الشركات الكبرى ذات القاعدة الاقتصادية العريضة. ويفسر ديفيد بورز، احد الخبراء الاساسيين في الشؤون الاوروبية لدى "ميريل لنش" هذه النصيحة بالفرص الاقوى لنهوض الشركات الصغيرة في الدول التي يعتقد بأن مستويات النمو لديها ستزيد عن المتوسط، كما هي الحال في هولندا وإسبانيا، وحتى إيطاليا، على اعتبار ان هذه الشركات ستكون اكثر قدرة على الافادة من عوامل التوسع الاقتصادي، بالمقارنة مع تباطؤ الحركة لدى الشركات الكبرى التي باتت مثقلة بالروتين الاداري وتعدد مصادر القرار. واضافة الى ذلك يعتقد مسؤولو معظم صناديق الاستثمار الاوروبية، ان اداء الشركات في النصف الغربي من القارة القديمة سيكون مشجعاً، اذا ما اخذت في الاعتبار الارباح التي يتوقع تحقيقها بفعل زيادة الصادرات نتيجة الدولار القوي في الاسواق الخارجية، وانتهاء غالبية المؤسسات الصناعية في دول الاتحاد الاوروبي من خطط اعادة هيكلة اوضاعها، وزيادة طاقاتها التنافسية، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل حوالي 5 سنوات، عندما اضطرت للمنافسة في ظروف غير متكافئة، في مواجهة الشركات الاميركية والآسيوية .