سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
100 عام على انطلاق الألعاب الأولمبية الحديثة - محمد القمودي الأسطورة الأولمبية في حوار مع "الوسط" : رفرف العلم التونسي فترقرقت الدموع من عيوني التفاتة الى الوراء حرمتني ذهبية طوكيو
بدأ العد العكسي لانطلاق دورة الألعاب الأولمبية في مدينة اطلانطا - الولاياتالمتحدة في التاسع عشر من تموز يوليو، وسيحتفل العالم في افتتاح هذه الدورة بمرور مئة عام على انطلاق الألعاب الأولمبية الحديثة في اثينا 1896 بمساعي البارون الفرنسي بياردي كوبرتان. وبمناسبة الحدث الرياضي الأبرز في العالم اجرت "الوسط" حواراً مع التونسي محمد القمودي اشهر بطل أولمبي عربي وحواراً آخر مع نجم الكرة فؤاد أنور الذي انضم الى المنتخب الأولمبي السعودي والذي يتوقع خبراء الكرة ان يتألق في اطلانطا كما تألق في كأس العالم 1994. مرّ حوالي ثلث قرن على الانجازات التاريخية التي حققها العداء التونسي محمد القمودي... ومع ذلك لا يزال اسمه يتردد في الشارع الرياضي التونسي على الأفواه، لا سيما عندما تقترب مواعيد الأولمبياد... كيف لا ... وهذا البطل الأسطوري أنجز للرياضة العربية ما كان يظن انه من ضروب المستحيلات... فحصد أربع ميداليات، في ثلاث دورات أولمبية متتالية... من أولمبياد طوكيو 1973 الى أولمبياد ميونيخ 1972 مروراً بأولمبياد مكسيكو 1978... لقد اعتلى قمة المجد في أعظم تظاهرة رياضية عالمية... وفي ثلاث دورات متعاقبة من دوراتها... وهذا يُعد في حد ذاته انجازاً بطولياً عظيماً. وفيما يتأهب العالم بأسره لمعايشة أولمبياد التقت "الوسط" البطل الأولمبي الاسطوري وكان معه الحوار الآتي: ماذا يمثل الأولمبياد بالنسبة لمحمد القمودي... عندما يتجدد موعدها؟ - طبعاً يتملكني شعور بالنخوة... وتعود بي الذاكرة الى اولمبياد طوكيو "1973" ودورة مكسيكو "1978" والعاب ميونيخ "1972"... وأذكر كيف رفرف العلم التونسي عالياً... وترقرقت دموع الفرح من عيوني... إنها ذكريات حلوة لا تمحى أبداً... ولا تزال تحيطني بهالة من المجد ومحبة الناس لي. وأنا لا أنسى ايضاً زميلي الملاكم الحبيب قلحية الذي ظفر بميدالية برونزية في أولمبياد طوكيو العام 1973. هل من الممكن ان تذكر بعض التفاصيل عن الميداليات التي كسبتها؟ - بداية الملحمة كانت سنة 1973 في اولمبياد طوكيو، عندما فزت بالميدالية الفضية في سباق العشرة آلاف متر. وأتذكر انني فرطت يومها بالميدالية الذهبية في الأمتار الأخيرة... لسبب تافه... وهو انني التفت الى الوراء لإلقاء نظرة على منافسي الأميركي ميكس فكلفني ذلك الميدالية الذهبية، اذ استغل منافسي تلك الهوفة وتقدم علي بثانيتين فقط. وفي عام 1978 بمكسيكو كسبت الميدالية الذهبية في سباق الخمسة آلاف متر، رغم عامل الارتفاع... ثم أحرزت في الدورة ذاتها الميدالية البرونزية في سباق العشرة الاف متر وكنت العربي الوحىد الذي تأهل لهذين الدورين النهائيين... كما أذكر ان المنافسين كانوا أبطالاً عالميين من أرفع طراز... على غرار الاسترالي رون كلارك صاحب الأرقام القياسية الخمسة والعداء الكيني كاينو... ومما أذكره بكل فخر انني طفت بالملعب حاملاً العلم التونسي وسط هتافات ما لا يقل عن تسعين ألف متفرج. وفي أولمبياد 1972 بميونيخ كنت أكبر العدائين سناً 37 عاماً... ومع ذلك كسبت الميدالية الفضية في سباق العشرة آلاف متر... كما تأهلت للمسابقة النهائية للخمسة آلاف متر، وللأسف حصل اصطدام اثناء السباق تسبب في سقوطي، فكان الانسحاب الاضطراري الذي تألمت له كثيراً. ماذا عن أجمل ذكرى في مسيرتك الرياضية؟ - أجمل ذكرى في حياتي الرياضية هي بلاء منازع الميدالية الذهبية التي ظفرت بها في اولمبياد مكسيكو العام 1978 في سباق الخمسة آلاف متر... وانا لن أنسى ذلك أبداً ما دمت على قيد الحياة. وأسوأ ذكرى؟ - أذكر بكل حسرة كيف تعرضت الى إصابة حادة في أولمبياد طوكيو سنة 1973... فبعد ان نلت الميدالية الفضية في سباق العشرة آلاف متر، تعرضت الى إصابة حكمت علي بالتنقل على متن الدراجة وحرمتني من المشاركة في الدور النهائي لسباق الخمسة آلاف متر ما حز في نفسي ان العداء الذي أحرز الميدالية الذهبية في هذا السابق كنت تفوقت عليه خلال التصفيات. وأنا لا أزال أذكر الى يومنا هذا، بكل أسف، سقوطي اثر اصطدام حصل في نهائي سباق الخمسة الاف متر... وأنا الذي كنت أمني النفس في اولمبياد ميونيخ سنة 1973 بإضافة الميدالية الذهبية الى الميدالية الفضية التي كسبتها قبل ذلك في سباق العشرة الاف متر. على ذكر سقوطك في سباق الخمسة آلاف متر في أولمبياد ميونيخ... هل حصل ذلك الاصطدام بصفة عفوية أم انه كان عملية مدبرة لحرمانك من الفوز؟ - بكل صراحة... حصل سقوطي بصورة عفوية، فالعداء الفنلندي "لاس فيرن" اصطدم بالعداء البلجيكي تيموس وفقد على الأثر توازنه ثم اصطدم بي، فسقطت بدوري على الأرض... وهذا ما اضطرني الى الانسحاب. لماذا لم تكسب تونس أية ميدالية في الأولمبياد... منذ اعتزال محمد القمودي المشاركات؟ - الامتياز والتألق في أعلى المستويات العالمية موهبة من الله سبحانه وتعالى... ولكن لا بد من التضحيات ومغالبة النفس والتفاني في التمارين وتطبيق نصائح الاخصائيين وأصحاب التجارب... لقد كنت أضحي بالغالي والنفيس من أجل بلوغ المعالي... وأذكر اني باشرت التمارين في تونس بعد 34 ساعة فقط من عودتي من مكسيكو العام 1973. لماذا لم تنجب تونس "قمودي" جديداً... وهل يمكن ان يتحقق ذلك في المستقبل القريب؟ - العناية الفائقة التي يحظى بها الرياضي في تونس حالياً لا يمكن مقارنتها بالظروف الصعبة التي كان يعيشها الرياضي في السابق. لكن النجاح لن يتحقق الا بالمثابرة وتقديم التضحيات والايمان بالقدرة على التفوق. وأظن ان العداء التونسي الشاب علي الحكيمي بإمكانه بلوغ أرقى المستويات العالمية كونه يملك مؤهلات تبشر بكل خير، فقد حطم الرقم القياسي العالمي في سباق العشرة الاف متر. ماذا تقول عن بروز نخبة من الأبطال العالميين الأفذاذ في البلدان المغاربية مثل نورالدين المرسلي وحسيبة بولمرقة من الجزائر وسعيد عويطة من المغرب؟ - ما أنجزه سعيد عويطة ضرب من ضروب الابداع وشرف لكل العرب... ونورالدين المرسلي، هو بلا منازع العداء "رقم واحد" حالياً على الساحتين العربية والدولية، وأرشحه شخصياً للفوز بالميدالية الذهبية في سباق 1500 متر في اولمبياد اطلانطاً واتمنى له النجاح ومزيداً من التألق. كما أتمنى النجاح الباهر للعداءة الجزائرية حسيبة بولمرقة التي اعتبرها أفضل عداءة في العالم. وعموماً... كيف تتراءى لك حظوظ المشاركة العربية في أولمبياد اطلانطا؟ - العداؤون المغاربة يملكون حظوظاً كبيرة لاعتلاء منصة التتويج في الألعاب الأولمبية، والتفوق على العدائين الأوروبيين، وأذكر في هذا المجال خاصة نورالدين المرسلي وحسيبة بولمرقة وسعيد أبو الطيب وخالد السكاح... كما أذكر بكل فخر العداء القطري سليمان الذي أرى انه قادر على الظفر في اتلانتا بإحدى الميداليات، وربما الميدالية الذهبية... في سباق ثلاثة الاف متر موانع، ان رياضة ألعاب القوى في البلدان العربية بدأت تسلك طريقها الصحيح... وأول الغيث قطر ثم ينهمر... محمد القمودي يبلغ البطل الأولمبي التونسي محمد القمودي من العمر 61 عاماً وهو من مواليد احواز مدينة قفصة بالجنوب التونسي. هو ضابط سام بالجيش الوطني برتبة رائد... ويتعاطى أيضاً التجارة حيث يملك محطة لبيع البنزين ومقهى، في باردو، احدى الضواحي الجميلة للعاصمة تونس. ومحمد القمودي صاحب الميداليات الأولمبية الأربع... معروف بتواضعه وطيبة قلبه وسمو اخلاقه... وهو لأجل ذلك يحظى بحب الناس وتقديرهم. وعلى الصعيد الرياضي لا زال البطل محمد القمودي حتى الآن يقدم اجلّ الخدمات للرياضة التونسية عموماً ولرياضة ألعاب القوى على وجه الخصوص وهو يشغل خطة مستشار فني في الاتحاد الوطني التونسي لألعاب القوى، ويشرف باستمرار على الندوات التكوينية ويساهم في الاشراف على المعسكرات الاعدادية.