العداء التونسي محمد القمودي هو البطل العربي الأولمبي الوحيد الذي جمع بين الذهب والفضة والبرونز في ثلاث دورات أولمبية متتالية، وكان نجم عصره بلا منازع. البداية كانت من دورة طوكيو عام 1964 وحيث حصد أولى ميدالياته الأربع، إثر فوزه بفضية سباق ال10 آلاف متر بعد منافسة قوية من أقطاب العالم في المسافات الطويلة أمثال الأسترالي رون كلارك صاحب الرقم العالمي، والنيوزيلندي هالبيرغ صاحب ذهبية روما 1960. إلا ان الأميركي ويليام ميلز لم يترك للقمودي فرصة الفوز في الأمتار الأخيرة، فإكتفى الأخير بالميدالية الفضية وبفارق 4 أعشار من الثانية فقط. بعد أربعة أعوام شهدت دورة مكسيكو هجمة مفاجئة من أبطال كينيا الذين تسيدوا ساحة سباقات المسافات المتوسطة والطويلة في تلك الدورة. وعلى رغم الأجواء المشحونة بالتحديات من مقارعة الكينيين، خطف القمودي سباق ال5 آلاف متر متغلّباً على الكيني كيبشوج كينو، ليصبح أول بطل عربي يفوز بميدالية ذهبية في ألعاب القوى في تاريخ الدورات الأولمبية، وهو في الثالثة والثلاثين من العمر. وعلى رغم وجود الأسترالي كلارك صاحب الرقم العالمي والكينيين كينو وتيمو، بقي القمودي مع المجموعة الأولى إلى ما قبل لفتين من النهاية، عندما تقدّم قليلاً ثم أطلق ساقيه للريح في اللفة الأخيرة فاجتازها ب54.8ث، وفاز بفارق 1.5م عن كينو. بعد السباق سأله أحد الصحافيين عن وجبته اليومية، فقال القمودي: "لا تزيد وجبتي اليومية عن خمسة كؤوس من اللبن وبعض الفاكهة وأربعة أكواب شاي وفنجانين من القهوة مع بعض قطع الكيك, وكمية لا بأس بها من اللحم والسمك وكثير من الجبن". وكان القمودي شارك قبل أربعة أيام في سباق ال10 آلاف م، وبدا واضحاً تأثير الارتفاعات الشاهقة على عدائي المسافات الطويلة. فانسحب كينو قبل النهاية ب1100م، وأُغمي على عدائين آخرين، ولم يكمل ستة متبارين أيضاً المسافة. ومع بداية اللفة الأخيرة، تقدّم العداء الكيني نفتالي تيمو يليه الإثيوبي مامو وولدي. وحلّ خلفهما القمودي، ليفوز بالميدالية البرونزية مسجلاً 29.24.00د. وفي دورة ميونيخ عام 1972، شارك القمودي في سباق 10 آلاف م واجتاز التصفيات إلا انه تعرقل في السباق النهائي مع الفنلندي لاسي فيرين، ووقع وأصيب في كتفه وإنسحب. بعد خمسة أيام من الحادثة عاد القمودي الى طبيعته، فشارك في التصفية الأولى لسباق 5 آلاف م وفاز بها. وفي اللفة الأخيرة من السباق النهائي انحصر التنافس بين فيرين والقمودي، لكن العداء الفنلندي تقدّم عليه قبل النهاية بقليل ليفوز بالذهبية تاركاً له الفضية. وإستعد القمودي لدورة مونتريال 1976 وهو في سن التاسعة والثلاثين، لكن الظروف السياسية السيئة التي خيمت على هذه الدورة أدت الى إنسحاب عدد كبير من الدول الأفريقية ومنها تونس.