في غمرة النشاط السياسي وتحركات النواب والمرشحين وتحالفات الكتل استعداداً للانتخابات النيابية في الخريف المقبل برزت قضايا تباينت حولها المواقف. وجاءت قضية الحفلات الغنائية لتتلقفها التيارات الدينية، بعدما سمحت وزارة الاعلام باقامتها في الفنادق والمرافق السياحية في البلاد، وتجعل منها قضية يثيرها الكتاب الموالون لهذه التيارات في الصحف وممثلوها في مجلس الامة، بواسطة الاقتراحات النيابية الرامية الى منع تنظيم مثل هذه الحفلات بحجج مختلفة. والمعروف ان هذه الحفلات كانت قد مُنعت بقرارات وزارية في منتصف الثمانينات بضغط من التيارات والتنظيمات الدينية، التي بدأ نفوذها السياسي يقوى، وازدادت حظوتها لدى السلطة منذ حل البرلمان في عام 1976، وانتشرت تنظيماتها من خلال جمعيات النفع واللجان الخيرية، الامر الذي انعكس سلباً على دور الكويت كمركز للثقافة والأدب والفنون في المنطقة والتي احتلت من خلاله مركز الصدارة في عقدي الستينات والسبعينات. الا ان وزير الاعلام الكويتي الشيخ سعود الصباح، الذي يتمتع بعلاقات متوازنة مع جميع الكتل والتيارات السياسية الممثلة في مجلس الأمة أكد انه يسعى الى "اعادة دور الكويت الثقافي في المنطقة" معرباً عن استغرابه الاتهامات التي توجه في شأن فهم الاسلام ومعانيه الجليلة، معتبراً ان هذا القرار يمثل "الحرية المكفولة للجميع ضمن القانون والانظمة المعمول بها في البلاد". وأشار الشيخ سعود الصباح الى ان المؤسسات السياحية الوطنية والفنادق والجهات المشابهة اصبحت شبه مشلولة ومعرضة للافلاس. وتساءل: "هل يمكننا ان نمنع السفر وحفلات الزواج التي فيها طرب وغناء؟ وهل نمنع كل التجمعات المرحة؟". وكشف وزير الاعلام ان اقامة هذه الحفلات والتجمعات الترفيهية البريئة وفرت على الدولة 200 مليون دينار 600 مليون دولار أميركي كانت ستخرج من البلاد مع المغادرين من المواطنين والمقيمين لقضاء العطلات خارج البلاد. الى ذلك أقرت لجنة التعليم والثقافة البرلمانية والتي يسيطر عليها التيار الديني توصية برلمانية غير ملزمة للحكومة بمنع اقامة الحفلات ودعوة المطربين والفنانين العرب والاجانب لزيارة البلاد. وعلى رغم استجابة بعض شرائح المجتمع لطرح التيارات الدينية لهذه القضية، فان الاقبال الشديد من المواطنين على هذه الحفلات الذي لم يعكره سوى عدد من البلاغات الكاذبة عن وجود متفجرات في صالات العرض، أكد الرغبة الشديدة والحنين الى الطابع المنفتح للمجتمع الكويتي في عقدي الستينات والسبعينات، وهو المؤشر الانتخابي العام الذي يرى بعض الناشطين من الكتل الدينية ضرورة التعامل معه بعناية خاصة من خلال الحملة الانتخابية البرلمانية المقبلة.