بدأت الحكومة السودانية تستعد للتعايش مع سلسلة من العقوبات التي تتوقع ان يفرضها عليها مجلس الامن الدولي بتحريض من مصر والولايات المتحدةوبريطانيا وأثيوبيا، وذلك في أعقاب إدانة المجلس الخرطوم بالقيام ب "أنشطة ارهابية ودعمها وتسهيلها وتوفير الملجأ والملاذ للعناصر الارهابية". وفي خطوة متزامنة أعلنت واشنطن سحب ديبلوماسييها من السودان بدعوى الخوف عليهم من خطر جماعات إرهابية تعمل هناك. ووصف مندوب السودان لدى الأممالمتحدة علي محمد عثمان يس القرار بأنه كارثة كبيرة على بلاده. وأشار الى انها المرة الاولى التي تدان فيها دولة من دون أدلة، بل من دون الاستماع الى وجهة نظرها وتمكينها من تفنيد ادعاءات خصومها. مسؤولو المعارضة السودانية في اريتريا وبريطانيا اعربوا عن ارتياحهم الى الخطوة الدولية. وقال عادل سيد أحمد عبد الهادي رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي في بريطانيا ل "الوسط" إن صدور القرار من دون تحفظات روسية او صينية يؤكد العزلة التامة للحكومة السودانية التي بقيت حتى مساء الاربعاء تردد انها ممتنة لموقف روسي - صيني متحفظ إزاء ادانة السودان. وأضاف: ان المحنة التي يواجهها السودان كبيرة، وهو اصلاً مقاطع دولياً منذ انقضاض هذه الحكومة على السلطة الديموقراطية العام 1989. غير ان فرض عقوبات بموجب قرار يصدره مجلس الامن بعد نحو شهرين سيعني عملياً انعدام الادوية والأغذية وسبل السفر الجوي، وليس من مخرج امام النظام سوى التنازل عن السلطة ليسلمها للشعب. وذكرت مصادر ان العقوبات المرتقبة قد تشمل فرض حظر على تحليق طائرات الخطوط الجوية السودانية التي تتهم اثيوبيا واريتريا الحكومة السودانية باستخدامها في نقل ارهابيين، مع السماح لها بالقيام برحلات داخل السودان فحسب، وحض الدول على تقليص عدد الديبلوماسيين السودانيين المعتمدين لديها، وعدم منح مسؤولي حكومة الفريق عمر البشير تأشيرات تمكنهم من دخول البلدان التي يريدون زيارتها. غير ان مراقبين رأوا ان العقوبات الدولية لم تنجح في اسقاط الحكومات التي استهدفتها القوى العظمى في مجلس الامن، خصوصاً ليبيا والعراق. لكن آخرين اشاروا الى ان نظامي الرئيس صدام حسين والعقيد معمر القذافي بقيا رغم العقوبات لأن طرابلس وبغداد تملكان احتياطات ضخمة من العملات الصعبة الى جانب احتياطاتهما النفطية الكبيرة، وهما أمران لا يتوافر للسودان منهما شيء. وتزامن صدور قرار الإدانة مع كشف وزير الخارجية السوداني الاسبوع الماضي انه اجتمع سراً مع الدكتور اسامة الباز مدير مكتب الرئيس المصري للشؤون السياسية في إطار وساطة قام بها طرف رفض الوزير الكشف عنه. غير انه يبدو ان الاجتماع المذكور لم يقنع المصريين بإمكان التعامل مع نظام الفريق عمر البشير. وذكر الدكتور عمر يوسف العجب استاذ القانون الدولي في جامعة لندن ل "الوسط" انه لا توجد في ميثاق منظمة الأممالمتحدة "عقوبات سياسية"، اذ انه لا يوجد نص على طرد دولة عضو من عضوية المنظمة الدولية وقال ان العقوبات التي تتحدث عنها التقارير الصحافية والتكهنات قد تشمل عدم إعطاء السودانيين تأشيرات لدخول البلدان الاخرى، لكنه اعرب عن خشيته من ان يشكل اتخاذ خطوات من هذا القبيل تعارضاً مع حقوق الانسان المنصوص عنها في مواثيق المنظمة الدولية نفسها. تنتهي المهلة الدولية للسودان في 1 نيسان المقبل وتأمل غالبية السودانيين غير المؤيدين للنظام ان تختار الحكومة ما يجنّب بلادهم ويلات المقاطعة.