يقولون ان كرة المضرب باتت مملّة، وينادون بقوانين جديدة لزيادة الاهتمام باللعبة... لكن كرة المضرب بخير وهذا ما تمكن من اكتشافه كل من تابع المباراة النهائية لبطولة الماسترز في مدينة هانوفر الالمانية التي اختتمت الاسبوع الماضي. الجمهور تمتع باربع ساعات من ارقى مستويات اللعب بين الاميركي بيت سامبراس المصنف الاول في العالم والالماني بوريس بيكر المصنف السادس بطل الدورة العام الماضي، حتى خيل لنا ان كرة المضرب في "ربيعها" بدلا من "خريفها" كما يحب البعض تصنيفها. ولان مستويي اللاعبين متقاربان فلم تشهد المباراة سوى محاولتين ناجحتين فقط لكسر الارسال حددت الاولى وجهة المجموعة الاولى في حين قررت الثانية مصير المباراة! حسابياً فاز سامبراس 3/6، 7/6، 7/6، 6/7، 6/4 في 4 ساعات و10 دقائق واحرز جائزة مالية بقيمة 34،1 مليون دولار في مقابل 640 الف دولار لبيكر. وعموماً لا يمكن اعتبار بيكر خاسراً لانه لعب افضل مبارياته واعترف بعد النهاية: "لا يمكنني ان العب افضل مما لعبت اليوم"! قدم اللاعبان كل ما في جعبتهما من فنون ولمحات فنية فبلغا مستوى قلما يصله لاعبان في مباراة واحدة، فكثرت اللحظات الدراماتيكية لا سيما في الجولة الفاصلة في المجموعة الرابعة. وتفاعل الجمهور طبعاً مع بيكر "البطل الشعبي" فكان السند الاكبر للبطل الالماني في "لحظات الضيق" لكنه لم ينس في نهاية المباراة ان يحيي البطل الاميركي الذي استعاد العرش. بدأ بيكر المباراة بقوة وحرم سامبراس من التقدم الى الشبكة لانهاء الكرات. وتمكن بيكر من الصعود مراراً الى الشبكة وكان يقظاً الى حدّ بعيد في "مغامراته" حتى خيل للمتابعين انه استعاد "الحيوية" التي ساعدته في الوصول الى القمة في عزّ شبابه! وبعد مرور 11 دقيقة حصل بيكر على مبغاه عندما كسر الارسال ليتقدم 3/1 في المجموعة الاولى. ولم يدرك الجمهور ساعتها انه سينتظر اكثر من ثلاث ساعات ليشاهد كسر الارسال الثاني والاخير في اللقاء! وحافظ بيكر على هذا التقدم حتى نهاية المجموعة. وصمد سامبراس الذي عانى صعوبة في قراءة ارسال بيكر، في المجموعة الثانية. وكان الالماني في وضع مريح طوال هذه المجموعة وظن كثيرون انه سيحسمها في مصلحته رغم انه احتاج الى انقاذ كرتين لكسر الارسال والنتيجة 3/2. ولم يحصل اي كسر ارسال حتى وصلا الى 6/6. ولان التنافس كان في القمة بات ثمن الاخطاء غالياً ودفعه بيكر هذه المرة والنتيجة 2/4 لسامبراس في الجولة الفاصلة. وانتهز الاميركي الامر ليعادل النتيجة. وكان سيناريو المجموعة الثالثة مشابهاً لسيناريو الثانية وحسمها ايضاً لمصلحة سامبراس بعدما ارتكب بيكر خطأ مزدوجاً في الارسال والنتيجة 4/4 في الجولة الفاصلة. ويمكن وصف ما حدث في المجموعة الرابعة ب"الغريب" او "الدراماتيكي" او "المثير" او كل هذه الامور مجتمعة. ففي الجولة الاولى انقذ سامبراس نقطتين لكسر الارسال قبل ان يستعيد توازنه. وذهبت الجولات مع الارسال وفرض التعادل نفسه 6/6 فلجأ اللاعبان الى جولة فاصلة. وخلال الجولة لعبت 24 نقطة فاز في 11 منها اللاعب الذي كان الارسال في حوزته اي ان 13 نقطة سجلت على ارسال الخصم! وحصل سامبراس على نقطتين لحسم المباراة: الاولى والنتيجة 6/5 والارسال في حوزته ولم يجرء على الصعود الى شبكة وراء ارساله الثاني ووجه كرة خلفية خارج الملعب. والثانية عندما كانت النتيجة 9/8 والارسال في حوزة بيكر علماً ان النقطة انتهت لمصلحة البطل الالماني بعد 14 تبادلاً عندما اهدر ضربة امامية. واستمرت الجولة حتى تمكن بيكر من حسمها في مصلحته 13/11 وعادل النتيجة وسط حماس زائد من الجمهور. في المجموعة الخامسة بدا التعب واضحاً على "المحاربين" فارتفع التنافس على النقاط مع تفوق بسيط لسامبراس لان بيكر جاذف كثيراً فكشف ملعبه اكثر واكثر لسامبراس. ووصلت النتيجة الى 4/4 والارسال مع بيكر فتقدم سامبراس الى 40/30 وتمكن من ردّ ارسال بسرعة 199 في زاوية الملعب ليحصل على اول كسر ارسال له في المباراة سيكون الوحيد ايضاً وكافٍ لتحقيق النصر. وباتت المهمة سهلة على سامبراس اذ كل ما عليه فعله هو المحافظة على ارساله ليتوج بطلا للمرة الثالثة في ستة اعوام. وتقدم الاميركي الى 40/15 وتمكن بيكر من انقاذ كرة ليبقى في المباراة. وارسل سامبراس ليحسم النتيجة وطال التبادل بين البطلين 24 مرة حتى وجه بيكر كرة ضعيفة في الشباك اهدت الفوز الى خصمه. وثأر الاميركي بالتالي من الخسارة اما بيكر في الدور الاول 6/7، 6/7، والشهر الماضي في نهائي بطولة شتوتغارت في خمس مجموعات ايضاً، وكانت خسارته الوحيدة في نهائي احدى الدورات هذا العام. واعترف بيكر بعد النهائي ان سامبراس "هو الافضل في تاريخ كرة المضرب. لعبت ضد كونورز وماكنرو وليندل وتدربت مع بورغ. لو العب اليوم ضد سامبراس مثلما كنت العب سابقاً لا املك اي فرصة للتغلب عليه". النتائج الأخرى والنهائي كان خير ختام لدورة شهدت تنافسات قوية ومباريات مثيرة. يشارك في الدورة افضل 8 لاعبين في العام يقسمون الى مجموعتين في الدور الاول ويتأهل الاول والثاني من كل واحدة الى نصف النهائي الذي يقام بنظام خروج المغلوب. ضمت المجموعة الحمراء سامبراس وبيكر والاميركي اندره اغاسي والروسي يفغيني كافلنيكوف، والمجموعة الزرقاء الكرواتي غوران ايفانيسيفتش والنمسوي توماس موستر والاميركي مايكل تشانغ والهولندي ريتشارك كرايتشك. في المجموعة الحمراء فاز بيكر على كافلنيكوف ثم على سامبراس قبل ان يخسر امام السويدي توماس اينكفيست الذي حلّ بدل اغاسي المنسحب. وكان الاخير انسحب بسبب المرض بعدما خسر مباراته الاولى امام سامبراس وفي المقابل فاز سامبراس على اغاسي وكافلنيكوف. كما فاز كافلنيكوف على اينكفيست. وفي المجموعة الزرقاء فاز ايفانيسيفتش على موستر وكرايتشك وخسر امام تشانع. في حين خسر الاخير امام كرايتشك وموستر. وتواجه الاخيران لحجز مقعد في نصف النهائي ففاز الاول. وفي نصف النهائي تواجه سامبراس وايفانيسيفتش، وتوقع النقاد فوز اللاعب الذي يضبط اعصابه اكثر. وهكذا فاز سامبراس في "لقاء الارسالات" شهد 35 ارسالا نظيفاً من الكرواتي و17 من الاميركي 6/7، 7/6، 7/5. وفي نصف النهائي الاخر تواجه بيكر وكرايتشك وسيطرت الارسالات ايضاً على المجريات وتمكن بيكر من الفوز 6/7، 7/6، 6/3. وفي الوقت ذاته خاضت افضل 16 لاعبة بطولة الماسترز للسيدات في نيويورك، ولم تخل المباراة النهائية بين الالمانية ستيفي غراف والسويسرية مارتينا هينغس من الاثارة والتقلبات الدراماتيكية. وانتهى اللقاء الذي اطلق عليه لقب "الحاضر والمستقبل" غراف البطلة الابرز حالياً وهينغس مرشحة للعب الادوار الاولى في السنوات المقبلة وعمرها فقط 16 عاماً الان، بفوز صاحبة الخبرة الاكبر 6/3، 4/6، 6/صفر، 4/6، 6/صفر. واثبتت غراف بالتالي انها "المرأة الحديدية" على الساحة المضربية اذ حققت الفوز في كل دورات الغران شيليم التي شاركت فيها هذا الموسم رولان غاروس وويمبلدون والولاياتالمتحدة وانهت الموسم بلقب الماسترز على الرغم من الاصابات التي رافقتها طوال الموسم غابت بسببها عن بطولة استراليا ثم عن الدورات بين بطولتي الولاياتالمتحدة والماسترز. اضف الى ذلك الهموم من خارج الملعب بسبب سجن والدها فيتبين لنا انها لا تقهر رغم صعوبة الظروف. بدأت هينغس المباراة بقوة وكسرت ارسال غراف في الجولة الاولى وظلت متقدمة حتى 4/3 عندما تمكنت غراف من تحقيق التعادل قبل ان تحرز المجموعة في 33 دقيقة. وفي بداية المجموعة الثانية خسرت هينغس ارسالها فظن الجميع ان غراف س "تلتهمها". لكن اعصاب البطلة الصاعدة قوية وتمكنت من كسر ارسال غراف فوراً. وارتفع مستوى اللعب رغم ان غراف عولجت لالام في الظهر. وكسرت غراف الارسال من جديد لتتقدم 3/1 قبل ان تعود هينغس للتقدم 5/4 و40/30 على ارسال غراف. وتمكنت ابنة ال16 ربيعاً من توجيه ضربة ساحقة من وضع صعب لتعادل النتيجة فوقف لها الجمهور وصفق طويلا... وفي بداية المجموعة الثالثة لم تتقدم اي من اللاعبتين الى الشبكة بسبب ارتفاع المستوى وحسن توجيههما الضربات الى الزوايا الخلفية للملعب. وادرك التعب السويسرية فتوالت الجولات لصالح غراف التي انهت المجموعة 6/صفر في 22 دقيقة فقط. وارتفعت معنويات الالمانية وتوقع الجميع نهاية سريعة. لكن هينغس خالفت التوقعات. في الجولة الثانية تمكنت من كسر ارسال غراف وتقدمت بسرعة الى 3/صفر ثم 4/1 و5/1. ثم خسرت ارسالها 5/2. وصعدت الالمانية 5/3 ثم 5/4. وارسلت غراف لتعادل النتيجة لكن هينغس صمدت وكسرت ارسالها وعادلت النتيجة الاجمالية فجرّت غراف الى مجموعة خامسة. وفرضت غراف اسلوب لعبها في المجموعة الخامسة تماماً ولم تعط اي فرصة لهينغس ففازت 6/صفر في 23 دقيقة فقط. ولعل ابرز ما يمكن استخلاصه من هاتين البطولتين هو ان الموسم المقبل يعد بالكثير على جبهتي الرجال والسيدات خصوصاً في حال تابعت هينغس صعودها في التصنيف العالمي وتمكن بيكر من المحافظة على مستواه. وكل ما يبغيه عشاق كرة المضرب مباريات مشابهة للتين اقيمتا في هانوفر ونيويورك الاسبوع الماضي ليشبعوا رغباتهم حتى التخمة