ادت تصفيات دورة فلاشينغ ميدو وهي الدورة الاخيرة من دورات الغران سلام الاربع الى لقاء قمة متوقع بين ستيفي غراف ومونيكا سيليش وكلاهما تحتل المرتبة الاولى في التصنيف العالمي لفئة السيدات، والى لقاء قمة آخر بين اندره اغاسي الاول في التصنيف العالمي لفئة الرجال ووصيفه بيت سامبراس. ولئن اسفر اللقاء الاول عن فوز غراف 7/6، صفر/6 و6/3 في مباراة مثيرة كرّست شرعية "السيدة الاولى" فقد اسفر اللقاء الثاني عن فوز الوصيف سامبراس 6/4، 6/3، 4/6 و7/5 وهو خطوة في رحلة طويلة وشاقة لاستعادة عرشه الضائع. الفوز دواء المتاعب كانت ستيفي غراف في امس الحاجة الى هذا النصر فهي تعاني متاعب عائلية مردها الى سجن والدها بعد اتهامه بالتهرب من دفع الضرائب، كما تعاني متاعب صحية جراء اصابتها في الظهر ما ينعكس سلباً على مستوى ادائها، اضافة الى متاعب نفسية يمكن باختصار ان نطلق عليها "عقدة مونيكا سيليش" اذ كانت غراف تشعر في قرارة نفسها بأنها المصنفة الاولى في العالم بالوكالة على اعتبار انها احتلت هذه المرتبة بعدما طعن الالماني غونتر بارشه غريمتها خلال دورة هامبورغ في آخر نيسان ابريل 1993 مدعياً انه قام بذلك حباً بها. ومع انه ما من عاقل يستطيع ان يحمل غراف مسؤولية طعن سيليش وابعادها عن الملاعب 28 شهراً، فقد كانت الالمانية تشعر بأن ثمة التباساً حول شرعية تصنيفها ولا بد من تبديد هذا الالتباس ميدانياً في مواجهة صريحة مع صاحبة العلاقة، وقد تم لها ذلك في دورة فلاشينغ ميدو اثر عودة سيليش المظفرة الى ملاعب كرة المضرب. والواقع ان المباراة التي جمعت بين غراف وسيليش لم تكن بين البطلة والوصيفة بل بين المصنفتين الاوليين اسماً وفعلاً، وهي على الرغم من التقلبات الحادة التي شهدتها في المجموعة الثانية كانت مباراة قمة اداء واثارة وقد وفرت للمشاهدين عرضاً فنياً راقياً يليق بسمعة البطلتين. تميزت المجموعة الاولى بالندية والحماسة وقد تعادلت كفتا سيليش وغراف فاضطرتا الى خوض جولة فاصلة لحسم النتيجة فتقدمت غراف 4/2 لكن سيليش قاومت بضراوة فعادلت في مرحلة اولى 4/4 ثم تقدمت 5/4. وخيّل الى المشاهدين عندما كانت النتيجة 6/5 لمصلحة سيليش ان هذه الاخيرة ختمت المجموعة بارسال نظيف اقام المدرجات وأقعدها، لكن حكم الخط كان له رأي آخر. ولم تجد احتجاجات سيليش نفعاً. اما غراف فقد نجحت في كسر الارسال الثاني محققة التعادل 6/6 وعندما انتقل الارسال اليها احرزت نقطتين ثمينتين وفازت بالمجموعة الاولى 8/6. وفي المجموعة الثانية جاء رد سيليش صاعقاً فاللبوءة الجريح لم تنم على ضيم فصالت وجالت وأملت شروطها من البداية حتى النهاية وختمت المجموعة 6/صفر. في المجموعة الثالثة التقطت غراف انفاسها واستعادت توازنها فكسرت ارسال غريمتها وتقدمت 3/1 ثم 4/1 وبعدها 5/3 واحرزت المجموعة 6/3. ورغم المنافسة الحادة بين غراف وسيليش كانت الغلبة للروح الرياضية اذ عانقت غراف سيليش في نهاية المباراة وطبعت على خدها ثلاث قبلات. واجرت سيليش رغم هزيمتها على توزيع الابتسامات معبرة عن سعادتها الغامرة بعودتها الى الملاعب شاكرة للجمهور تشجيعه لها وتعاطفه معها. ويمكننا القول ان هذا الفوز كرّس شرعية غراف التي اعتبرت: "فوزها اهم انجاز في حياتها، لكنه لم ينتقص من مكانة سيليش ومن رصيدها، ومما لا شك فيه ان الدورات المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات. سامبراس يروض اغاسي وفي فئة الرجال بلغت المباراة النهائية بما شهدته من مناورات وكر وفرّ وبما استخدمه البطلان من اسلحة، مستوى نادراً جعل المشاهدين يتابعون بشغف وقائع اللعب وأيديهم على قلوبهم فكلا البطلين اميركي وكلاهما له شعبية جارفة. في المجموعة الاولى كانت كل الدلائل تشير الى ان اغاسي وسامبراس يتجهان الى لعب جولة فاصلة بعدما فشلت محاولات الواحد في كسر ارسال الآخر وقد اهدر اغاسي فرصة سنحت له ليسجل اختراقاً على جبهة سامبراس بينما استقل هذا الاخير وهو متقدم 5/6 بعض الاخطاء التي ارتكبها اغاسي في الشوط العاشر لكسر ارساله واحراز المجموعة الاولى 6/4. في المجموعة الثانية حاول اغاسي بكل ما لديه من خبرة ودهاء ان يزج بقواه الضاربة في ارض المعركة بغية احداث صدمة تربك الخصم وتشل فاعليته، لكن سامبراس كان لهذه المحاولات بالمرصاد فاحبط مناورات خصمه وعطل صاعق ضرباته الماكرة ونجح في احتواء هجماته المتلاحقة وكان لارسالاته الصاعقة وتغطيته كل مساحة في الملعب دور حاسم في تقليم اظافر اغاسي وترويضه وفي انتزاع المجموعة الثانية منه 6/3… وفي المجموعة الثالثة نجح سامبراس في كسر ارسال اغاسي فتقدم 2/1 موحياً ان الفوز في متناول يده لكن اغاسي لم يستسلم ونجح بدوره في كسر ارسال سامبراس الذي بدت عليه امارات التعب واصيب في يده وفقد القدرة على التركيز، وارتكب اخطاء مزدوجة في الارسال كلفه احدها في الشوط العاشر خسارة هذه المجموعة 4/6… في المجموعة الرابعة كان اللعب ندياً فجرّ فيه كلا اللاعبين ما يملك من مواهب ومهارات دفاعاً وهجوماً وفي المواقع الخلفية وعلى الشبكة وحاول كل منهما ان يجد ثغرة في دفاعات الخصم يتسلل عبرها لكسر ارساله وظل اللعب سجالاً حتى الشوط الحادي عشر عندما ارتكب اغاسي خطأ مزدوجاً جعله يخسر ارساله واتاح لسامبراس ان يتقدم 6/5 وعزّز هذا التقدم باحرازه الشوط الثاني عشر وهكذا حسم المجموعة لمصلحته وفاز بالمباراة… صحيح ان هذا الفوز لا يهدد زعامة اغاسي ولا يشكل خطراً جدياً على تصدره الترتيب العالمي في الوقت الراهن لكنه مؤشر الى ان بوسع سامبراس ان يقلق راحة البطل وان يسترد لاحقاً صدارة الترتيب العالمي التي خسرها بسبب الاصابة.