لم تكن عارضات الأزياء صرن بعد "على الموضة" كما هو حالهن الآن، ومع ذلك فإن العرض الذي نظمته المصممة الشهيرة صونيا ريكيل في ذلك اليوم عرف كيف يجتذب عشرات من النجوم، من أهل الفن والصحافة والمجتمع، اضافة الى بعض نجوم السياسة. بين الحضور كان هناك كهل ذو لحية خفيفة ونظرات فضولية، وسمات من يرى انه انما جاء الى ذلك المكان بالغلط. ولكن رب صدفة خير من ألف ميعاد. ففي ذلك اليوم الذي مضى عليه أكثر من عقد من السنين، وأمام مرأى العارضات والجمهور، والاحساس بأن ثمة خلف كل ما يحدث مئات الصفقات وترتيبات الكواليس، أحس الرجل ان بإمكانه ان يطلع بفيلم جديد له. فالرجل مخرج سينمائي. وأكثر من هذا، فإن اختصاصه الأول صناعة الأفلام التي تسعى الى تحطيم الأساطير. وهو كان خلال العقدين السابقين من السنين حقق أفلاماً تشاء لنفسها ان تنسف جملة من الأساطير: من أسطورة أساطين غناء الروك في "ناشفيل" الى اسطورة الذكر الأميركي في "ثلاث نساء" وأسطورة الغرب الأميركي في "بوفالوبيل" و"ماكيب اند مس ميلر" والزواج في "العرس" والحياة الجندية في "ماش"… في كل تلك الأفلام، كما في غيرها، نصّب روبرت آلتمان - وهذا هو اسم المخرج الذي كان دخيلاً على عرض الأزياء في ذلك اليوم - نصب نفسه محطماً للأساطير. وهو في ذلك اليوم بالذات كان شبه منفي بعيداً عن أميركا يفكر بتحطيم المزيد من الأساطير. وكانت لا تزال أمامه أساطير عديدة، منها هوليوود التي سيعريها في الفيلم يحققه لاحقاً بعنوان "اللاعب" وعالم الأزياء. مشروع فيلم روبرت آلتمان عن عالم الأزياء تأخر عشرة أعوام، اذ، لئن كانت فكرته ولدت أوائل الثمانينات، فإن روبرت آلتمان لم ينجزه ويعرضه الا منذ أيام. وذلك، بكل بساطة، لأن ما من منتج رضي أول الأمر ان يغامر بعشرين مليون دولار كلفة الفيلم من اجل تحطيم أسطورة غير أميركية هذه المرة. لكن عناد روبرت آلتمان أتى ثماره في نهاية الأمر، وها هو الفيلم يعرض، وبالتحديد في وقت تصل نجومية عارضات الأزياء الى الذروة. صحيح ان روبرت آلتمان يطال في فيلمه عالم تصميم الأزياء والألعاب الخفية وراء العروض من خلال جريمة تدور خلال عرض، من دون ان يطال نجومية العارضات تحديداً، ومع هذا يجتذب فيلمه ملايين المتفرجين، وحتى من بين أولئك الذين لا يعرفون شيئاً عن سينما آلتمان. بكل بساطة لأن عالم الموضة بات على الموضة أكثر من أي عالم آخر. والصحافة لم تكن بحاجة الى فيلم آلتمان لكي تهتم بذلك العالم. بيد ان اهتمامها انصبّ على الدوام في مجال مغاير لمجال اهتمام آلتمان: انصب ّعلى نجمات العروض. تلك الفتيات الرائعات اللواتي يعتبرن اليوم أجمل فتيات العالم، يصل طول قامة بعضهن الى أكثر من 180 سم، ولا يقل طول قصيرتهن عن 176 سم، تنتشر ابتساماتهن على أغلفة الصحف وشاشات التلفزة، وأخبارهن تطغى، اليوم، على أخبار نجوم السينما والغناء، وتحملن أسماء مثل سندي كروفورد، ناومي كامبل، كلوديا شيفر، ليندا ايفاغيليستا، ايمان، استيلا هاليداي، وتملأ كل واحدة منهن مخيلات رجال العالم ونسائه. لا شك ان نجومية عارضات الأزياء بدأت منذ زمن ونحن لو نقبنا في صحافة الأربعينات والخمسينات سوف نعثر بالطبع على حكايات وحكايات عن أشهر عارضات ذلك الزمن. فلكل عقد من السنين نجمات أزيائه. غير ان الفورة الحقيقية لم تبدأ الا منذ بداية سنوات الثمانين. وبالتحديد مع "الثورة - النسائية - المضادة" كما يقول أحد علماء الاجتماع. منذ ذلك الحين تحول الحديث عن عارضات الأزياء من موضوع استثنائي يرتبط بحدث معين زواج عارضة من آغا خان مثلاً، أو مشاركة عارضة اخرى في فيلم من اخراج انطونيوني، تحول الحديث ليصبح الشغل الشاغل للصحافة وأهلها. والمسألة كما يصفها صحافي مخضرم تتلخص في انه "كاستجابة لحاجة الجمهور العريض لخلق نجوم جدد، بعد ان عرّت التلفزة نجوم السينما ورحل الكثير منهم أو شاخوا، كان لا بد ان "تنتج" اجهزة الاعلام نجوماً من نوع جديد". وهذا الأمر تواكب مع انحسار المد الثوري النسائي الذي كان سعى طوال الستينات والسبعينات لأن ينزع عن المرأة حالتها النسوية كشيء ملحق بالرجل، مطالباً بالمساواة الكاملة وأحياناً بتفوق المرأة على الرجل. هذا التوجه اتت سنوات الثمانين لتقضي عليه، بشكل عبّر عنه كتاب شهير اصدرته في ذلك الحين سيدة فرنسية كانت عرفت قبل ذلك بثوريتها الجامحة، وكان عنوان الكتاب في حد ذاته برنامجاً متكاملاً: "أريد أن أعود الى البيت". عبر هذه الثورة - المضادة كان من الواضح ان المرأة تحاول ان تضع خطاً على ماضٍ ثوري قريب حولها الى كائن جاف ثرثار نازعاً عنها مواهبها الانثوية ونعومتها ولقبها ككائن ينتمي الى "الجنس اللطيف". والمدهش ان نساء كثيرات وجدن في هذه الثورة - المضادة غايتهن، فعادت هيمنة الملابس الداخلية تسود من جديد، وازدهرت مبيعات أدوات الزينة. وكان الرجال - بالطبع - اكثر سروراً من النساء بذلك. ولئن كان جورج برنارد شو قال يوماً ان "الانسان البدائي كان يجبل اصناماً من الحجارة، والانسان المعاصر يجبل اليوم اصناماً من لحم ودم". مشيراً بهذا الى نجوم السينما الذين كرس لهم الفيلسوف الفرنسي ادغار موران واحداً من اظرف كتبه، فإن "الجمهور العريض" الذي كان كف عن تجبيل نجوم السينما بعدما انكشفت شيخوخة غريتا غاربو وصوفيا لورين وانغريد برغمان، وانتحرت مارلين مونرو...، ولم يجد في نجمات الغناء ضالته، لأن نجمات الغناء كن في تلك الاثناء غائصات في نشاطات خيرية وتعبّر اغانيهن عن آخر ما تبقى من ثورة متذابلة، وكذلك لم يعثر الجمهور في نجمات الرياضة على ضالته لأن مجرد تصوره للعضلات التي تملأ اجساد ستيفي غراف ونافراتيلوفا وساباتيني كان كافياً لردعه، هذا "الجمهور العريض" التفت صوب المرأة - البضاعة الجديدة، أي صوب عارضة الازياء ليقدم لها فروض الطاعة. عارضة الازياء تقدم في هذا المجال كل العناصر اللازمة للاتجاه الجديد: من الجمال المطلق، الى الصبا الدائم، الى الانتشار والاناقة، وصولاً الى خلق الاحساس بأنهن ميسرات المنال وتحت الطلب في الوقت نفسه، بفضل لعبة التلفزة. آخر حصون الجمال ولعبة التلفزة لها على أي حال، في الموضوع كله، دور أساسي. ويرى رجل اعلام نبيه ان هذا الاهتمام المتجدد بعارضات الازياء هو في نهاية الأمر ظاهرة تلفزيونية - اعلامية لا اكثر. لأن عارضة الازياء ان انكشفت حقيقة شخصيتها بعيداً عن زينتها وأناقتها المفتعلة سوف تكف عن لعب دور "المعبودة". سندي كراوفورد 29 سنة، 177 سم، 59 كلغ لا توافق على هذا الرأي الذي تصفه بالمتسرع، فهي ترى ان عارضات الازياء يحصلن على حب الناس وتفهمهم مع انهن اكثر انكشافاً من اي مخلوق آخر "اننا دائماً عاريات، تقول سندي مبتسمة، معنوياً ومادياً، ومع ذلك يزداد عدد معجبينا والمتابعين لحياتنا ونشاطنا يوماً بعد يوم، وانني اعتقد ان السبب يعود الى توق الانسان للجمال، في عالم لم يعد الجمال واحداً من سماته الأولى، ان العارضة منا، تمثل بالنسبة الى الفرد مثلاً جمالياً اعلى بعيد المنال. امرأة مرغوبة ومحبوبة في الوقت نفسه". تجد سندي ان من حقها ان تؤكد مثل هذا الكلام، فهي اليوم واحدة من اشهر عارضات الازياء في العالم وأغلاهن مع انها تقترب من سن الثلاثين، السن التي تعتبر العارضة عندها منتهية "هذا صحيح، تقول سندي، فعلى عكس نجوم السينما ومثل نجوم الرياضة، لعارضة الازياء سن معينة لا يتعين عليها ان تتخطاها فإن تخطتها؟ فقدت مكانتها". ومع هذا تبدو سندي غير شاكية ولا باكية، خصوصاً وأن العقد الذي وقّعته اخيراً مع شركة "ريفلون" بقيمة 7 ملايين دولار يشير الى انها ليست على وشك الانتهاء بعد. مهما يكن فإن سندي كراوفورد، الابنة بالتبني للنجمة السينمائية الراحلة جوان كراوفورد، والزوجة السابقة لريتشارد جيري، تحتاط ضد الشيخوخة المبكرة، بممارسة الرياضة بشكل يومي، بل انها سجلت اشرطة فيديو عدة تعلم النساء فنون الرشاقة بيعت بملايين النسخ. سندي كراوفورد تعرض خاصة ازياء شانيل، وكارل لاغرفيلد، وهي تنال نحو 10 آلاف دولار مقابل العرض الواحد، ومليون دولار مقابل الظهور في اعلان لكوكاكولا. حتى الآن ظهرت سندي على اغلفة اكثر من 300 مجلة، ونالت 5 ملايين دولار - كما يشاع - مقابل الظهور في فيلم قصير للمغني جورج مايكل. سندي اللقيطة سندي كراوفورد هي سيدة الأزياء من دون منازع اليوم، من دون منازع؟ ليس تماماً. فتلك الحسناء ذات الشامة الساحرة فوق شقتها، تجد منافسة عنيفة لدى أربع من زميلاتها، على الأقل، وأول هولاء كلوديا شيفر. كلوديا تلقب اليوم ب "أجمل امرأة في العالم"، والصحافة لا تكف عن تتبع أخبارها، وكانت تخطبّها وتزوّجها عشر مرات في الشهر الواحد، ومن بين سعداء الحظ كان هناك أمير موناكو البير والمغني بيتر غابريال، لكن الذي سحرها وأوقعها في حبائله في نهاية الأمر كان الساحر دايفيد كوبرفيلد. كلوديا شيفر 24 سنة، 180سم، 60 كلغ مطلوبة أكثر من غيرها في كافة العروض التي تحترم نفسها. وهي ترتدي ثياب أي مصمم يدفع لها ما يصل إلى مائة ألف دولار في العرض الواحد. وثمة من يدفع، بالطبع، وكلوديا المانية الأصل ولدت في داسلدورف وتعتبر في المانيا "بريجيت باردو جديدة". ولئن أبدت كلوديا افتخارها باللقب، فإنها تقول "اعتبر نفسي اليوم أكثر نجاحاً وشهرة مما كانت عليه بريجيت باردو في عز زمانها". وكلوديا تمارس شتى أنواع الرياضة كرة المضرب، السباحة بين أمور أخرى ولا تتردد في الحضور في الصحافة ولو بشكل يومي، وتقول: "إن للاعلام دوراً كبيراً في ايجاد الصلة بيننا وبين الجمهور العريض، الذي قد لا تعنيه كثيراً العروض التي نشارك فيها". وكلوديا تحب الانتشار كما هو واضح، ولقد اوصلها حب الانتشار هذا الى "وضع" كتاب عن ذكرياتها، قيل أن أكثر من صحافي واحد شاركها فيه، عنوان الكتاب "ذكريات وأسرار" وهو كتاب ترجم إلى العديد من اللغات واحتفت به الصحافة، على جميع أنواعها، احتفالاً كبيراً حين صدر قبل شهور. وحاولت كلوديا، في ذلك الكتاب، ان تضفي على كيانها وحياتها مسحة انسانية فكرست العديد من فصوله للحديث عن عائلتها وهو أمر يتناقض مع السمات المطلوب من النجوم التركيز عليها. فلماذا هذا الاهتمام بالحياة العائلية؟ تقول كلوديا: "عائلتي شديدة الأهمية بالنسبة اليّ لأنها هي التي تساعدني على ابقاء قدمي راسختين في أرض الواقع. كانت عائلتي شديدة الأهمية في حياتي حتى حين كنت طفلة. كنا قريبين من بعضنا البعض". وحين تسألها الصحافة عما إذا كانت تعتبر أنها حققت كل أحلامها الطفولية تجيب كلوديا: "أبداً. لأن تحولي إلى عارضة أزياء لم يكن واحداً من احلام طفولتي. عندما كنت في المدرسة كنت اريد أن أصبح محامية على غرار والدي. ذهبت إلى المدرسة وكنت اريد استكمال دراستي الجامعية. في ذلك الحين كنت فتاة كلاسيكية جداً وكنت اعزف البيانو وألعب كرة المضرب مع أصدقاء عاديين. المصادفة وحدها جعلتني أكتشف فيما كنت أرقص في أحد المرابع". ولئن كانت سندي كراوفورد تحس أن عليها الآن أن تحقق انعطافة في حياتها كعارضة، فإن كلوديا شيفر تقول إنها تشعر بأنها لا تزال في بداياتها "ان لديّ مشاريع كثيرة أحب أن احققها، في عالم الأزياء، ولكن في عالم الكتابة أيضاً. كذلك اريد ان اقدم برامج خاصة عبر شاشات التلفزة الاميركية والأوروبية. ثم هناك السينما التي بدأت تجتذبني. وأخيراً هناك الاطفال أحب ان انجب اطفالاً، ولكن في ما بعد". ناومي لا تزال طفلة والحال ان انجاب الأطفال هو هاجس العارضات، وخوفهن اليومي. والعارضة تعرف ان رغبتها في أن تصبح أماً تصطدم بواقعها الذي يحتم عليها، الأسباب جسدية وجمالية، أن تؤجل المشروع، ومع هذا يبدو توق واحدة كسندي كراوفورد للأمومة كبيراً، هي التي ولدت لقيطة وعاشت في ظل أم مستعارة. ناومي كامبل لا تهجس، هي، بالامومة، بل تقول إنها بالكاد خرجت هي من طفولتها. ناومي هي اليوم في الخامسة والعشرين، ويزيد طولها على 181سم وتطرق حزينة وهي تخبرك أن وزنها يصل أحياناً إلى 63كلغ. هذه البريطانية، من أصل جامايكي، تعتبر صاحبة الجسم الأجمل، وهي مطلوبة، من قبل المصممين، أكثر من غيرها، فهي ذات بشرة برونزية تليق بأجمل الملابس ولا سيما شبه العارية منها. ولهذا لا يندهش أحد حين يعرف ان ما تناله عن يوم عرض واحد يصل إلى 150 ألف دولار. فهي، بعد كل شيء، أول عارضة سوداء تربعت على عرش الغلاف في مجلة "فوغ" ثم في مجلة "تايم". اليوم، بعد سنوات من نجاح متواصل، وبعدما اثبتت قدميها، حتى في عالم الغناء، حيث انتشرت اسطوانتها "سوان" التي سجلتها أخيراً، وكذلك الكتاب الذي وقعته عن نفسها، بذات العنوان وفيه تروي حكاية حياتها. "حكايتي، تقول ناومي اليوم مبتسمة بسعادة، تشبه حكايات الجن. فأنا التي كان كل ما في طفولتي يقول انني سأعيش حياة أقل من عادية، هاأنذا أعيش اليوم حياة نجمة حقيقية. المصادفة لعبت في حياتي دوراً كبيراً. واليوم لئن كان لي مئات المعجبين المنتشرين في العالم أجمع، اتساءل مع ذلك عن معنى ان أكون عارضة ازياء، والحال ان هذا هو الموضوع الأساسي لكتابها فناومي هي من ذلك النوع من الناس الذين يطرحون الأسئلة على أنفسهم بشكل يومي. ومن هنا جاء كتابها أشبه ب "نظرة على عارضة الأزياء تلقى عليها من الداخل". فكيف تنظر العارضة الى نفسها من الداخل؟ تقول ناومي، وتشاركها في هذا القول كل من سندي كراوفورد وكلوديا شيفر، ولكن كذلك ليندا ايفانجيلستا كندية تبلغ الثلاثين من عمرها هذا العام، واستيلا هاليداي فرنسية في الثامنة والعشرين تقول ان نظرة العارضة الى نفسها نظرة خوف دائم. لماذا؟ لأن المظهر الخارجي، الجسد، هو بضاعة العارضة الأساسية، فإن اصابته أي داهية انتهت الحياة والمهنة. "نجمة التمثيل، تقول ليندا، كان يمكنها ان تستمر بعد ان يذوي جمالها وتقوم بأدوار رائعة. ونجمة الرياضة قد تتحول الى مدربة أو استاذة أو معلقة، أما نجمة الأزياء فينتهي كل شيء بالنسبة اليها حالما ينتهي جمال جسدها". رهان على طريقة فاوست مهما يكن، فإن عارضات الأزياء يعشن اليوم عصراً ذهبياً. هن اليوم نجوم الاعلام الرئيسيات. بخوف أو من دون خوف، يعشن حياتهن كأنهن يمتن غدا، بالطول والعرض. وهن لا يهتممن كثيراً بأية انتقادات توجه الى عالم الأزياء "نحن لسنا هنا، تقول ايمان، احدى اشهر العارضات وزوجة المغني دايفيد بوي، الا لأداء دور محدد. مهمتنا تنتهي حين ينتهي العرض. كل ما يحدث بعد ذلك صفقات وألعاب كواليس في عالم لسنا نحن سوى واجهته البراقة". صحيح ان ايمان، الصومالية الأصل وذات الوجه الملائكي، قالت هذا الكلام قبل أن يعرض روبرت آلتمان فيلمه الجديد "ثياب جاهزة"، غير أنها تلتقي معه في أفكاره الرئيسية من دون أن تدري، ربما، فروبرت آلتمان شاء في فيلمه أن يقول هذا الشيء تحديداً: "عالم الأزياء يحفل، خلف واجهته البراقة التي تمثلها العارضات، بشتى أنواع الصفقات والألاعيب" ولهذا يهاجم اليوم من قبل أهل المهنة. كل أهل المهنة خاضوا، حتى الآن، المعركة ضد روبرت آلتمان، باستثناء العارضات وذلك لسبب بسيط، وهو ان آلتمان استثنى العارضات "انني شديد الاحترام والحب لهن" يقول المخرج الكهل مبتسماً "فهن أجمل ما في عالم اليوم، واعتقد انهن، هن بدورهن، ضحايا هذا العالم الساحر والمسحور". ضحايا؟ "ليس تماما، تقول سندي كراوفورد، ربما كانت الواحدة منا تخوض رهاناً فاوستياً، لكن نحن الكاسبات منه في نهاية الأمر". ضحايا أو جلادات. المهم انهن نساء جميلات وانهن حللن، في التجربة، محل ذلك الرهط من نجمات السينما ونجمات الرياضة ونجمات المجتمع وهو أمر يكفينا، تقول كلوديا شيفر التي تضيف ملاحظة، "ولكن ارجو ألا يخامركم الاحساس بأن ما نملكه جسداً جميلا وحسب. فالحال ان الأمر لو كان يقتصر على جمال الجسد، لكانت كل امرأة جميلة في هذا العالم عارضة ازياء ناجحة". واذ تقول هذا تذكرك كلوديا شيفر بالعذاب والارهاق اللذين تعانيهما العارضة قبل أن تصبح عارضة وحتى بعد أن تصبح عارضة. "حياتنا سلسلة من النشاط، تختتم ناومي كامبل قائلة، وسلسلة من التعب. والمشكلة ان الكثيرين يستخفون بنا خارج اطار الاعجاب الفائق بسماتنا الخارجية". ويستمر النقاش، وتواصل كل واحدة منهن كسب عشرات ألوف الدولارات في اليوم الواحد، وتستمر الملايين في ابداء آيات التبجيل والطاعة أمام حضورهن الطاغي ويتساءل الصحافي المخضرم: "ترى ما الذي سوف يحدث بعد انقضاء العصر الذهبي الحالي؟".