بدأت جماعة الاخوان المسلمين في مصر تشعر بخطر المواجهة التى تخوضها ضد حكومة الحزب الوطني الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك. ومع ان كثيرين اعتبروا ان من السابق لأوانه الحديث عن دخول جماعات المعارضة المصرية في "تحالفات مرحلية"، إلا ان المعركة الأخيرة بين الحكم والمعارضة - إثر اعطاء مجلس الشعب البرلمان صلاحيات كبيرة للجان القضائية المشرفة على انتخابات النقابات، وصدور حكم قضائي بفرض الحراسة على نقابة المهندسين التي يسيطر عليها الاخوان المسلمون - قربت وجهات النظر بين المعارضين الذين باتوا يتحدثون علناً عن "التحالف مع الشيطان" للفوز بمقاعد مجلس الشعب الجديد. وأثار ذلك - للمرة الأولى - توقع تحالف بين الاخوان المسلمين والشيوعين. لم يكن أحد يتوقع أن يحدث ما لم يكن في الحسبان في المواجهات الدائرة بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين، ويتسبب في تهديد وجود أعضاء الجماعة في النقابات المهنية التي نجحت الجماعة في التغلغل فيها، وبسط سيطرتها على عدد كبير من مجالسها، واللافت أن المتغير الجديد لم يكن للحكومة يدٌ فيه. إذ عندما كان المهنيون يعكفون على الاعداد لمؤتمر عام، لإعلان اعتراضهم على التعديلات التي أقرها مجلس الشعب الشهر الماضي، واعطت صلاحيات واسعة للجان القضائية المشرفة على الانتخابات، وهو الأمر الذي اعتبره الاخوان في مجالس النقابات إنتقاصا من حق هذه المجالس في ممارسة نشاطها، فوجئ الجميع بالحكم الذي أصدرته محكمة استئناف عابدين بفرض الحراسة على نقابة المهندسين، وتعيين حارس قضائي يدير شؤونها بانتظار انتخاب مجلس جديد لها. ولم يمض أكثر من يومين حتى أقام عدد من المحامين دعوى قضائية، طالبوا فيها بفرض الحراسة على نقابة المحامين. ولم تختلف الاسباب التي ساقوها لتبرير طلبهم عن الاسباب التي اوردها الدكتور المهندس عبدالمحسن حمودة، و14مهندساً آخر، في دعواهم التي طالبوا فيها بفرض الحراسة على نقابة المهندسين. وعلى الرغم من أن محكمة جنوبالقاهرة قبلت الاستشكال الذي تقدم به المجلس الاعلى للمهندسين، لوقف تنفيذ الحكم، وحددت 28 آذار مارس الجاري لنظر الاستشكال، ما يعني وقف تنفيذ الحكم الى حين النظر فيه، فإن الاخوان المسلمين في مجلس النقابات المهنية لا يستبعدون أن تضغط الحكومة على أشخاص بعينهم لدفعهم الى إقامة دعوى قضائية، لفرض الحراسة على النقابات التي ينتمون اليها، بعد أن اكتشفت الحكومة ان ذلك الطريق أسهل وأيسر من الطريق الذي كانت تسير فيه، في مواجهتها مع الاخوان المسلمين في النقابات، وهو النهج الذي كان يقوم على اجراء تعديلات تشريعية، تبين لاحقاً انها غير كافية لوقف زحف التيار الاسلامي للسيطرة على النقابات المهنية. ولذلك كان طبيعياً ان تنتقل المواجهة بين الطرفين - الحكومة والاخوان المسلمين - في ساحة النقابات المهنية الى حد الصدام. وهو ما حدث بين الشرطة والمحامين في 17 أيار مايو الماضي، عندما حاول المحامون الخروج في تظاهرة الى قصر عابدين الرئاسي لتقديم احتجاج على وفاة زميلهم عبدالحارث مدني إثر اعتقاله في 26 نيسان ابريل الماضي. وعندما فطنت الحكومة في شباط فبراير 1992 الى خطورة سيطرة الاخوان المسلمين على النقابات، ونجحت في إقناع مجلس الشعب بإجازة القانون الرقم 100 الخاص بالنقابات المهنية. ويشترط حضور 50 في المئة على الاقل من المقيدة اسماؤهم في جداول كل النقابات للإدلاء بأصواتهم. وكانت الحكومة تهدف من وراء ذلك الى ضمان ان يعبر مجلس كل نقابة عن الأغلبية الحقيقية وليس أنصار التيار الاسلامي الذين يحرصون على حضور الانتخابات وتأييد الاخوان في غيبة مؤيدي التيارات السياسية الاخرى. وعندما تنبهت الحكومة الى أن القانون لم يمنع الأخوان من الفوز بالانتخابات التي جرت إثر اقراره، أدخلت الشهر الماضي التعديلات التي أثارت ضجة كبيرة، واعتبرها الاخوان المسلمون ضربة لهم. مناقشات موائد رمضان وفيما بدا وكأن الأمور تتجه الى الابقاء على ترويها حتى نهاية شهر رمضان المبارك، استثمرت القوى السياسية المصرية على اختلاف إنتماءاتها الايديولوجية حفلات الافطار التي اعتادت على اقامتها في شهر رمضان، لطرح بعض الخطوط والملامح العريضة التي تمثل وجهة نظرها من خلال خريطة التوزيع المتوقعة لانتخابات مجلسي الشعب والشورى. ولوحظ ان المناقشات تركزت اساسا على قضية التحالفات باعتبار ان المعارضة المصرية لا تزال ترى ان علىها ان تتكتل في مواجهة الحزب الوطني الحاكم الذي يفرض هيمنته على اكثر من 85 في المئة من مقاعد المجالس النيابية، بالاضافة الى انه يسعى الى بسط نفوذه على النقابات والاتحادات الطلابية التي يسيطر علىها الإخوان المسلمون. ومع ان كثرين اعتبروا الحديث عن التحالفات أمر سابق لأوانه، إلا ان مراقبين آخرين اعتبروه موضوع الساعة، لاعتبارات عدة تمثلت في: - قيام الحزب الوطني مبكرا بإعادة تسجيل جداول الانتخابات، واستبعاد العناصر الطفيلية، وانتقاء العناصر ذات الشعبية الكبيرة ليخوض بها الانتخابات. - توجيه ضربات أمنية وقضائية متقنة لرموز المعارضة للحد من نشاطها ونفوذها. - التخطيط المرحلي لانتزاع الغالبية الاخوانية من النقابات المهنية والاتحادات الطلابية أدى الى تصعيد التوتر بين بعض القوى المعارضة التي شعرت بأن الجولة موجهة ضدها ونهايتها الهزيمة. - ضعف الامكانات البشرية والمالية لبعض احزاب المعارضة التي لا تزال في بداية تحركها السياسي، والاخرى التي تخوض الانتخابات للمرة الاولى، وتلك التي ولدت عشية الانتخابات، ومنها حزب التكافل الذي أعلن تأسسيه أخيراً بقرار قضائي. - معاناة المعارضة المصرية من كلفة الانتخابات في كل مراحلها الابتدائية والدعائية والاعلامية والنشرات والسرادقات والمؤتمرات والحوارات والمناظرات وغيرها. والصراع الذي تفجر فجأة بين الحكومة والتيارات السياسية المعارضة بعد صراع النقابات ادى الى التفكير فيما سمته بعض القوى "سياسة الحشد". ويستخدم قطبا الصراع هذا السلاح على النسق الآتي: - الجانب الحكومي يحشد كل طاقاته المادية والبشرية، ويستثمر نفوذه السياسي والاقتصادي والمادي لعرض عضلاته قبل النزول الى حلبة الصراع. - الجانب المعارض أخذ ينهج النهج نفسه خلال استثمار الخبرات النضالية لرموز المعارضة وتوظيفها، خصوصاً أقطابها بمختلف انتماءاتهم الايديولوجية في اعداد خطة التحالفات. أما أبرز ملامح استراتيجية التحالف المرتقب فيمكن رصدها فيما يلي: - التصريحات العلنية لبعض رموز المعارضة من المحامين والسياسيين وقيادات الاحزاب والنقابات والاتحادات والكتاب والمؤلفين عن التحالفات، واقطابها من المثقفين أو المختلفين ايديولوجياً. فقد نشر أخيراً عن تحالف مرتقب بين الاخوان المسلمين والجهاد، والجماعة الاسلامية. وأشير الى لقاءات سرية بين شباب الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية. - اللقاءات الثنائية بين أقطاب المعارضة التي استثمرت فرص الزيارات التي أتاحها شهر رمضان المبارك. وشملت تلك اللقاءات قادة أحزاب الوفد والعمل والاحرار والاخوان المسلمين والناصريين والأمة والتجمع والخضر والشيوعيين والجماعات التي اطلق عليها وصف "الماركسيين الجدد". - موائد الافطار في بعض الأندية، ودور الأحزاب، والمساجد والفنادق الكبرى، كانت تظاهرة سياسية للمعارضة المصرية، عرضت فيها قوتها، وسعت من خلالها الى استخدام الوسائل والآلات الفنية للوصول الى مسامع الحكومة وحزبها. وشملت بعض الموائد أقطاب المعارضة ومنظريها ورفقاء الأمس - كما حدث في مائدة الافطار الاخواني في أكبر فنادق ضاحية المعادي وكان في مقدم ضيوفها الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل. - المناظرات الثنائية التي شهدتها بعض دور أحزاب المعارضة بعد الافطار، ومنها المناظرة التي جمعت بين رفعت السعيد قائد الماركسيين حالياً وعادل حسين ممثل التيار الاسلامي. وكلاهما كان رفيقاً للآخر في الماضي لكنهما اليوم عدوان لدودان. الرصيد اليومي لنشاط المعارضة يمكن القول انه خلال عمليات الرصد الأولي - شكلت غرفة عمليات كونتها المعارضة لادارة الأزمات - أن أمر التحالفات، وسياستها، واستراتيجيها المتوقعة في الانتخابات المقبلة أضحى من الأمور المتفق عليها شكلاً وموضوعاً، وبات التفكير في البحث عن أقطاب التحالف واستراتيجيتهم وهدفهم المرحلي والمستقبلي. ويخلص الراصد الى ان قيام التحالف سيعلن في مؤتمر عام يضم القوى السياسية المعارضة لتحديد خطة التحرك، والحد الأدنى المشترك من التفاهم، وميثاق التعاون والشرف بين قوى المعارضة. ويتوقع ان يكون التحالف مرحلياً، ويجدد العمل به في ضوء النجاحات التي تحققت، مع مراجعة القصور والسلبيات لعدم استهلاك الوقت، ومواجهة الوسائل الحكومية الرامية الى اجهاض هذا التحالف ونجاحاته. ويبدو ان بعض جلسات قوى التحالف ستتخذ قرارات سرية، حتى لا تنشر كل أوراق اللعبة دفعة واحدة. وسيكون التحرك في اطار الشرعية والقوانين والدستور، على ان يتجه الى المستقلين في حال الانتخابات بالقائمة، وارتدائهم عباءة بعض احزاب المعارضة القريبة من أفكارهم السياسية. ويبدو ان التحالف سيلزم أطرافه التخلي عن المصالح الفردية، والاتجاه الى المصلحة العامة، ونبذ الخلافات، وعدم نبش خلافات الماضي. ولتعزيز هذا التكتل سترفع قوى المعارضة شعار "التحالف مع الشيطان" لتضمن الفوز بأكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب، وهي استراتيجية عامة لأقطاب التحالف. وعلى رغم بروز الملامح الأولية لهذا التحالف، إلا ان أهم وأبرز ملامحه لم تتشكل بعد، وقد يظهر في الأفق مع هلال عيد الفطر المبارك الاجابات عن الأسئلة الحيوية الحاسمة، خصوصاً تحديد أقطاب التحالف والقوى السياسية التي ينتظر ان توقع على بيان المؤتمر العام وتحديد الموقف من المستقلين. ومن الأسئلة المهمة الأخرى: - أهداف التحالف: هل هي انتخابية فقط؟ أم سياسية؟ وهل هي زمنية أم انها ممتدة لأجل؟ - هل تنضم بعض القوى المحجوبة عن الشرعية التي تدخل تحت طائلة القانون ومنها الجماعات الدينية الراديكالىة والقوى الماركسية الى التحالف. - هل سيخوض بعض رموز المعارضة الانتخابات من داخل السجون في تجربة تحالفية لم يسبق لها مثيل؟ - هل ستقسم الدوائر والمقاعد بين اعضاء التحالف والكشف عن هويتهم بعد الفوز، ام ستبقى الحال على ما هي عليه؟ - وهل ستخوض القوى المحجوبة عن الشرعية الانتخابات ضمن قوائم بعض الاحزاب، وما هي الاحزاب المرشحة حتى الآن لقوائم التحالف؟ - وما هو موقف احزاب المعارضة الصغيرة الامة، التكافل، الخضر من هذا التحالف، وما هي طموحاتها للفوز ولو بمقعد برلماني وحيد؟ بدائل حكومية للاجهاض غير انه يبدو ان الحزب الحاكم والحكومة تمكنا من الوقوف على أبعاد هذا التحالف، من خلال الرصد اليومي لبداياته المبكرة. واخذت الرموز الحكومية في طرح البدائل لاجهاض التحالف ونجاحاته رغم انه لا يزال في مهده، ومن مظاهر ذلك: - الدخول في "غزل سياسي مكشوف" مع قيادات حزب الوفد وفتح دوائر الحزب الوطني أمام مرشحي الوفد لاختراق التحالف المعارض وضربه، والاستفادة من الخبرات النضالية والتاريخية والسوابق الانتخابية لقادة الوفد، باعتباره أقرب أحزاب المعارضة تفاهماً مع السلطة. - إحداث زلزال في النقابات المهنية بتطبيق تعديلات القانون الرقم 100 في الانتخابات المقبلة، ومواجهة اي خروج من جانب النقابات بالقانون والشرعية والقضاء. - مواجهة كل الجماعات والقوى السياسية المحجوبة عن الشرعية، وتطبيق قانون الارهاب علىها، وفي مقدمها جماعة الاخوان المسلمين. - اتاحة الفرصة لبعض الرموز الىسارية والتجمعية والشيوعية والماركسيين القدامى لخوض الانتخابات في قوائم منفصلة للمستقلين، او من خلال حزبي التجمع والناصريين، والاستفادة منهم لمكافأتهم على مواقفهم الموالية للسلطة خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة التطرف والارهاب. - تدعيم الاتصالات الشخصية بين بعض القوى السياسية في الحزب الحاكم ورموز المعارضة المتفق معها ايديولوجيا وتبادل الآراء بينها لسلخها من التحالف. استراتيجية الحراسة القضائية وكانت الاشارة وردت سلفاً الى ان من الاسباب الرئيسية وراء فكرة "التحالف مع الشيطان" - وهي نهج سلكه الاسلاميون في تجارب عدة في بلدان عربية اخرى كالسودان - اتجاه الحكومة ومعارضي الجماعات الاسلامية الى ضرب هيمنة الاسلاميين على مجالس النقابات من خلال اتخاذ أحكام قضائية. وفيما كان الجدل على أشده وسط النقابيين في شأن التعديلات القانونية التي أقرها مجلس الشعب، صدر الحكم بفرض الحراسة على نقابة المهندسين، وهي احدى أهم النقابات التي يسيطر الإخوان المسلمون على مجلسها. ومع أن الدائرة السادسة في محكمة القاهرة للامور المستعجلة كانت رفضت فرض الحراسة على النقابة في حكم أصدرته في 26 تشرين الثاني اكتوبر الماضي، إلا ان المدعي الدكتور المهندس عبدالمحسن حمودة رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهندسين طعن في الحكم، فأصدرت محكمة استئناف عابدين حكماً لصالحه وقررت تعيين حارس قضائي للنقابة. وكان الدكتور حمودة رشح نفسه في الانتخابات السابقة لمنصب نقيب المهندسين، إلا أنه لم يحقق نجاحا في مواجهة المهندس حسب الله الكفراوي، الذي فاز بمقعد النقيب عندما كان وزيراً للاسكان والتعمير، ورشحته حكومة الحزب الوطني الحاكم. وكوّن الدكتور حمودة لجنة ضم إليها عددا من المهندسين وحملت اسم "لجنة حماية حقوق المهندسين"، بقيت تعارض مجلس الكفراوي الذي يحتل أغلبية مقاعده اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين. وأقام الدكتور حمودة قبل شهر دعوى قضائية ضد مجلس النقابة ذكر فيها "ان الخلافات التي دبت بين النقيب الكفراوي وأعضاء مجلس النقابة من المنتمين الى جماعة الاخوان وبينهم وبين باقي اعضاء المجلس حالت دون انعقاد الجمعية العمومية للنقابة لاجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة، وبالتالي استمر نصف اعضاء المجلس في مقاعدهم على الرغم من انتهاء مدتهم القانونية، وان هؤلاء حريصون على استمرار الوضع القائم ولا يعملون على تغييره". وجاء في المذكرة التي قدمها الدكتور حمودة الى المحكمة: "ان موعد انتخابات التجديد النصفي تأجل اكثر من مرة حيث كان تحدد لاجراء الانتخابات يوم 26 شباط فبراير من العام الماضي ولم تُجرَ، وظل نصف اعضاء المجلس في مقاعدهم، ويرجع سبب تعذر انعقاد الجمعية العمومية الى التحقيقات التي تجري حول التزوير في جداول قيد الناخبين من اعضاء النقابة على الرغم من ان اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات طلبت من نقيب المهندسين استيفاء البيانات الناقصة، لكنه لم يرد على طلبات اللجنة". وفي المقابل قدم محامو مجلس النقابة مذكرة الى هيئة المحكمة أشارت الى ان خبراء وزارة العدل اثبتوا أن جداول النقابة سليمة ولا تحوي تزويرا، وأن سبب تأجيل موعد الانتخابات أكثر من مرة يعود الى اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، إذ تقدم عدد من المهندسين الى اللجنة بطعون، زعموا فيها ان اسماءهم لم ترد في الجداول، وثبت فيما بعد ان ذلك غير صحيح". واوضحت مذكرة الدفاع ان مجلس النقابة حدد يوم 2 حزيران يونيو 1994 لاجراء انتخابات التجديد النصفي الا ان اللجنة اعتذرت بحجة ان انتخابات نقابية اخرى ستجرى في اليوم نفسه، ثم حدد المجلس 20 تموز يوليو لاجراء الانتخابات، فاعتذرت اللجنة القضائية بسبب عطلة العاملين في القضاء على الرغم من ان القانون الرقم 100 اعطى مجلس النقابة الحق في تحديد موعد الانتخابات. حيثيات الحكم القضائي وحددت المحكمة مهمة الحارس القضائي المهندس محمد صبري عبدالمجيد على نقابة المهندسين في "استلام مقر النقابة بما يحتويه من اثاث وسجلات ودفاتر وأموال لادارة شؤونها وفقا للقانون والاعداد لاجراء الانتخابات لاختيار اعضاء المجلس الجديد على ان يقدم تقريرا الى المحكمة كل ثلاثة اشهر يتضمن المصروفات والايرادات وكيفية ادارة النقابة". وجاء في حيثيات الحكم: "يجوز فرض الحراسة القضائية على النقابات والجمعيات والمؤسسات الخاصة اذا قام نزاع بين اعضائها وبين القائمين على شؤونها، فإذا استفحل الخلاف بين اعضاء النقابة، وتبين ان الغرض الذي أنشئت من أجله، وهو القيام على مصالح الاعضاء بها اصبح مستهدفا للخطر وصارت مصالح النقابة معرضة للضياع جاز تعيين حارس قضائي يتولى موقتا رعاية تلك المصالح وتدبير شؤون النقابة". واكدت المحكمة "ان شروط اركان فرض الحراسة القضائية على نقابة المهندسين توفرت اذ ان النزاع بين افراد المجلس متوفر، والثابت ان هناك سقوطا لعضوية نصف اعضاء المجلس في نهاية عام 1992، وأن الانتخابات لم تجر منذ ذلك التاريخ ولا يقدح في ذلك ان تأجيل الانتخابات لم يكن بفعل المجلس بل بقرار من اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات". استحالة تنفيذ الحكم واعتبر المهندس ابو العلا ماضي الأمين العام المساعد لمجلس النقابة ومقرر لجنة التنسيق بين النقابات المهنية ان تنفيذ الحكم "امر مستحيل"، مشيرا الى ان "هناك محاولات عدة للوقيعة بين المهنيين والقضاء والزج بالقضاء في قلب المواجهات بين الحكومة والنقابات". وقال ماضي لپ"الوسط": "المهنيون اعترضوا على القانون الرقم 100 لسنة 1993، ومع ذلك اقره مجلس الشعب بناء على رغبة الحكومة وتسبب هذا القانون في تعطيل الانتخابات في اكثر من نقابة، ومنها نقابة المهندسين، ثم فاجأتنا الحكومة بتعديلات على القانون الذي قدمته قبل عامين الى البرلمان، واعطت التعديلات صلاحيات الى اللجان القضائية المشرفة على الانتخابات تمثل انتقاصا للحرية النقابية، وتتعارض مع حق اعضاء مجالس النقابات في ادارة شؤونها، واخيرا جاء الحكم بفرض الحراسة على نقابة المهندسين في قضية رفعها 14 مهندساً، على الرغم من ان عدد مهندسي مصر يزيد على مائتي الف ورفضتها المحكمة في الدرجة الأولى، إلا أنهم استأنفوا ضد القرار ليصدر الحكم الذي يعتبر حلقة في سلسلة الحرب الخفية التي يديرها من لا يريدون لمصر الاستقرار والتقدم". وأضاف المهندس ماضي ان الحكم غير مسبوق في تاريخ مصر ويخالف المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر، وصارت جزءا من قانونها يجب عليها احترامه، والاعتراض على الحكم جاء من جموع المهندسين الذين استبد بهم الخوف على مشاريع النقابة وإنجازاتها وأموالها من الضياع. المجلس الحالي تبنى مشروعات خدمية، منها مشروع الرعاية الصحية الذي يستفيد منه أكثر من ربع مليون مصري، يمثلون 50 ألف أسرة أربابها مهندسون، ومشروع التكافل الاجتماعي الذي يستفيد منه اكثر من مائتي الف مصري ومشروع القرض الحسن ومعارض السلع المعمرة والصناعات الصغيرة ومشروع الخدمات القانونية وانشاء عشرات الاندية، واقامة الدورات العلمية والصحية وانشاء مراكز للمعلومات وتنمية الابتكارات واصدار مجلات تقنية متخصصة.