بعيداً عن قضيتين تحقق فيهما النيابة المصرية مع 56 من قادة وعناصر جماعة "الاخوان المسلمين" بينهم عضوان في "مكتب الارشاد" هما الدكتور محمد حبيب والمهندس خيرت الشاطر، يبدو أن المعركة المقبلة بين الحكومة و"الاخوان" ستقع في ساحة نقابة المهندسين التي تعد أكبر نقابة مصرية يبلغ عدد اعضائها ربع مليون عضو. وتتداول المحاكم حاليا في قضايا تطالب برفع الحراسة التي فرضت على النقابة قبل نحو ست سنوات ويتوقع أن تفضي الى النتيجة ذاتها التي انتهت اليها قضايا اقيمت ضد فرض الحراسة على نقابة المحامين والزم القضاء الحكومة باجراء الانتخابات في تلك النقابة واكتسحها "الاخوان". بدأت القوى السياسية المصرية والحكومة استعدادات لخوض غمار معركة انتخابات نقابة المهندسين التي تعد أكبر نقابة مهنية مصرية لجهة عدد الأعضاء وهي كانت الأولى التي تفرض عليها الحراسة بعد ما سيطر على مجلسها اعضاء في جماعة "الاخوان المسلمين". وتسعى الحكومة الى عدم تكرار تجربة نقابة المحامين التي كانت فرضت عليها الحراسة لمدة خمس سنوات كافح المحامون خلالها حتى تمكنوا من الحصول على حكم قضائي لمصلحتهم واجريت انتخابات مجلسها في شباط فبراير الماضي واكتسحتها لائحة "الاخوان". وفشل مرشح الحكومة لمقعد النقيب في الفوز بالمقعد الذي ناله المحامي الناصري سامح عاشور. وفي المقابل فإن "الاخوان" يهدفون الى ترسيخ الاعتقاد بأنهم القوة السياسية الفاعلة الوحيدة في البلاد بعد النجاحات التي حققوها في الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي انتهت بحصولهم على 17 مقعداً مقابل 16 مقعدا حصلت عليها الاحزاب التي تتمتع بالشرعية مجتمعة. وسيحتاج الأمر من كلا الطرفين الحكومة والاخوان الى مجهود أكبر مما بذل في انتخابات المحامين التي تجري بالاقتراع المباشر لاختيار النقيب و24 عضواً في مجلس النقابة. إذ يختلف الحال بالنسبة لانتخابات المهندسين التي يصعب على أي فصيل سياسي ان يتحكم فيها. فالكتلة الانتخابية للاخوان بين المحامين تبلغ نحو عشرة آلاف صوت والقوى السياسية الاخرى بما فيها الحكومة لا تملك عددا مماثلا من الأصوات. أما بين المهندسين فهناك عددٌ كبير من الناخبين لا يمكن أن تتوجه أصواتهم الى "الاخوان" بحكم المواقع التي يعملون فيها وتذهب أصواتهم دائماً الى مرشحي الحكومة مثل المهندسين العاملين في الوزارات والاجهزة الحكومية وعددهم نحو مئة ألف شخص. واذا كان قانون نقابة المحامين ألزم الحكومة اجراء انتخابات النقابة في مقرات النقابات الفرعية وغرف المحامين في المحاكم فإن قانون نقابة المهندسين لا يتضمن أي بند يلزم الحكومة بذلك، بل إنه يسمح بأن تكون لجان الاقتراع في أماكن تجمعات مهندسين مثل الوزارات والشركات والمصانع الحكومية. لكن الطريقة المعقدة التي تجري بها انتخابات النقابة لا تحمل مميزات كبيرة للحكومة، فتشتيت الأصوات وصعوبة السيطرة على الاتجاهات التي تسير فيها ووجود تكتلات انتخابية وأماكن لا تخضع لسيطرة الحكومة كلها عوامل تجعل من التعاطي الحكومي مع انتخابات النقابة أمراً بالغ الصعوبة. ووفقاً للنظام الانتخابي للنقابة فإن جموع المهندسين يقترعون أكثر من مرة ويتم تقسيم النقابة الى 7 شعب أربع منها تعد شُعباً كبيرة وهي: الميكانيكا والكهرباء والمدني والعمارة وثلاث شُعب صغيرة هي: الغزل والنسيج والهندسة الكيماوية والنووية والتعدين والبترول والغازات. وينتخب المهندسون المنتمون الى كل قسم مجلساً لهم يتألف في الاقسام الكبيرة من 15 عضواً، ثمانية منهم تزيد مدة عضويتهم في النقابة عن 15 سنة والسبعة الآخرون اقل من تلك المدة. وتتألف مجالس الشعب الثلاثة الصغيرة من 11 عضواً، ستة منهم تزيد مدة عضويتهم عن 15 سنة. وبناء على ذلك فإن مجموع ممثلي الشُعب يكون 93 عضواً، وتنتخب كل شعبة على حدة ممثلاً لها في المجلس الاعلى للنقابة ويكون لكل شعبة كبيرة أربعة ممثلين ولكل شعبة صغيرة اثنان فقط. وبذلك يكون تمثيل الشُعب في المجلس الاعلى للنقابة 26 عضواً، يضاف اليهم 11 عضواً يتم اختيارهم من جانب جموع المهندسين مباشرة ويكتمل المجلس بعضوية رؤساء النقابات الفرعية وعددهم 23 نقابة اضافة الى النقيب العام للمهندسين. وبذلك يبلغ عدد اعضاء المجلس اضافة الى النقيب 61 عضواً. وفرضت الحراسة بحكم قضائي على النقابة يوم 2 آيار مايو 1995 بعدما تفجر الخلاف بين النقيب السابق المهندس حسب الله الكفراوي وغالبية اعضاء مجلس النقابة من المنتمين الى جماعة "الاخوان المسلمين". واستندت المحكمة في قرارها فرض الحراسة الى عدم اتباع المجلس الاجراءات القانونية السليمة في اقتراض أموال من صندوق المعاشات. وفقد "الاخوان" خمسة من أبرز قادتهم ممن شاركوا في الانتخابات السابقة وستحول الظروف دون أن يلعبوا الأدوار التي لعبوها من قبل لمصلحة "الاخوان" ثلاثة منهم انشقوا عن الجماعة واستقالوا من عضويتها وهم: المهندس ابو العلا ماضي الذي كان يحتل موقع الأمين العام المساعد للنقابة والدكتور صلاح عبد الكريم وكيل النقابة والمهندس محمد السمان الأمين العام للنقابة الفرعية في القاهرة اضافة الى الأمين العام للنقابة العامة الدكتور محمد علي بشر الذي يقضي حالياً عقوبة السجن بعد إدانته العام الماضي في قضية "النقابات المهنية" والمهندس محمود حسين الذي قضى عقوبة السجن في إحدى قضايا "الاخوان" وخرج لكنه محروم من ممارسة حقوقه السياسية والنقابية بحكم القانون.