حققت شركة "ماكدونل دوغلاس" الاميركية انجازاً كبيراً بنجاحها في الفوز بجزء رئيسي من الصفقة الضخمة التي تعاقدت شركة الخطوط الجوية العربية السعودية عليها اخيراً مع الولاياتالمتحدة لتحديث اسطولها الجوي على مدى السنوات العشر المقبلة. وتم توقيع هذا العقد رسمياً في احتفال خاص اقيم في البيت الابيض خلال الزيارة التي قام بها اخيراً الى واشنطن الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي وحضره كل من الرئيس الاميركي بيل كلينتون ووزير التجارة رون براون. وهو ينص على تزويد الخطوط الجوية العربية السعودية 61 طائرة نقل اميركية جديدة من احدث الطرازات بقيمة اجمالية تقدر بنحو 6 بلايين دولار. وتزيد حصة "ماكدونل دوغلاس" في هذا العقد على نصف عدد الطائرات الجديدة التي ستحصل "السعودية" عليه بموجبه. اذ ستشتمل على ما مجموعة 33 طائرة تتألف من 29 من طراز "م.د - 90" و4 من طراز "م.د - 11". اما الطائرات الباقية وعددها 28، فستكون من نصيب شركة "بوينغ" وستتألف من 23 طائرة من طراز "بوينغ - 777" و5 طائرات من طراز "بوينغ - 747". اختراق حيوي لكن أهمية هذه الصفقة بالنسبة الى "ماكدونل دوغلاس" تتجاوز الجانب العددي. فبينما تعتبر "بوينغ" ذات وجود تقليدي ضخم في سوق طائرات النقل المدنية في الشرق الأوسط، وتعمل طائراتها في اساطيل غالبية شركات النقل الجوي في دولها، ويأتي الفوز بحصة رئيسية كهذه من هذا العقد الضخم مع الخطوط الجوية العربية السعودية ليشكل بالنسبة الى "ماكدونل دوغلاس" وطائراتها الناقلة الجديدة اختراقاً بالغ الحيوية للأسواق العربية وشرق الأوسطية في مجال النقل الجوي المدني والتجاري. وكانت "بوينغ" نجحت حتى الآن في بيع طائراتها الجديدة البعيدة المدى "بوينغ - 777" في منطقة الشرق الاوسط الى شركة خطوط "الامارات" الجوية التي قررت الحصول على 7 طائرات منها. لكن "السعودية" ستكون الآن المستخدم الاكبر لهذا الطراز الحديث في المنطقة بفضل قرارها شراء 23 طائرة منه. اما طائرات "بوينغ - 747" التي تم التعاقد عليها فستكون من طراز "بوينغ-747/400"، وهو احدث طرازات هذه الطائرة الشهيرة واكثرها تطوراً. وتعمل هذه العائلة من الطائرات على نطاق واسع لدى العديد من شركات النقل الجوي العربية، وتستخدم "السعودية" وحدها 26 طائرة منها طرازات عدة. لكن الواضح الآن انها تعتزم اعتماد الطراز الجديد "بوينغ - 747/400" كأساس لأسطولها البعيد المدى مستقبلاً. وفي المقابل، فإن "السعودية" هي اول شركة خطوط جوي في المنطقة تقرر الحصول على الطائرتين الجديدتين "م.د-11" و"م.د - 90" اللتين تعمل "ماكدونل دوغلاس" على انتاجهما حالياً. وتنوي "السعودية" اعتماد طائرات "م.د - 90" كأساس لشبكة خطوطها الداخلية والاقليمية على المسافات القصيرة والمتوسطة التي تستخدم عليها حالياً في صورة رئيسية طائرات "بوينغ - 737"، في حين سيتم اعتماد الطائرات من طراز "م.د - 11" للرحلت البعيدة المدى المخصصة للشحن بين المملكة واوروبا، علماً بأن "السعودية" تستخدم حالياً طائرتين من هذا النوع كانت حصلت عليهما قبل مدة لأغراض النقل الحكومية الخاصة. وعبر جون ماكدونل، رئيس مجلس ادارة شركة "ماكدونل دوغلاس" عن مدى الاهمية التي كانت شركته تعلقها على هذه الصفقة حين قال: "كانت هذه منافسة على جانب كبير من الاهمية بالنسبة الينا. ونحن نشعر بالفخر الشديد لانضمام الخطوط الجوية العربية السعودية الى قائمة زبائننا التجاريين". ونطبق هذه الاهمية بصفة خاصة على طائرات "م.د - 90" التي تتنافس بواسطتها "ماكدونل دوغلاس" مع نظيراتها من شركات الصناعة الجوية العالمية على الفوز بأسواق طائرات النقل التجارية المتوسطة على المسافات القصيرة والمتوسطة، ولا سيما "بوينغ" الاميركية بالطرازات الجديدة من عائلة الطائرات واسعة الانتشار "بوينغ - 737"، مثل "بوينغ - 737/600" و"بوينغ - 737/700" و"بوينغ 737/800"، وإيرباص" الاوروبية وعائلتها "ايرباص - 320" وطرازيها الجديدين "ايرباص - 319" و"ايرباص-321". ولهذا، كان من الحيوي جداً لشركة "ماكدونل دوغلاس" الفوز بهذا العقد السعودي وكسر احتكار "بوينغ" و"ايرباص" لسوق الطائرات التجارية القصيرة والمتوسطة المدى في الشرق الاوسط بفضل طائرتها الجديدة "م.د - 90". مواصفات جيدة والطائرة "م.د - 90" مطورة عن الطائرة الواسعة الانتشار "م.د - 80" التي كانت "ماكدونل دوغلاس" طورتها بدورها في الثمانينات عن الطائرة الشهيرة "د.سي - 9". ولعله من الجدير بالذكر ان هذه الطائرة، التي كانت احدى اوسع طائرات النقل المدنية انتشاراً واستخداماً في العالم خلال الستينات والسبعينات على المسافات القصير المتوسطة، كانت احدى اولى الطائرات النفاثة التي دخلت خدمة الخطوط الجوية العربية السعودية عندما كانت الشركة تعمل على تحديث اسطولها الجوي في الستينات. وها هي الآن "السعودية" تختار طائرة مطورة من هذه العائلة نفسها، وبعد اكثر من ثلاثين عاماً، لتحديث اسطولها في التسعينات واعتمادها في خدمتها حتى ما بعد مطلع القرن المقبل. وتستطيع الطائرة "م.د - 90" حمل ما مجموعة 173 راكباً كحد اقصى، او 153 راكباً كحمولة نموذجية لكن "السعودية" اختارت جعل طائراتها من هذا الطراز مخصصة لحمل 124 راكباً في درجتين اولى وسياحية. والطائرة مزودة محركين نفاثين متطورين من طراز "انترناشونال ايرو انجينز في - 2500" قوة كل منهما 25 ألف رطل، وتصل سرعتها الملاحية النموذجية الى 812 كلم /ساعة 0.76 ماك، في حين يبلغ مداها النموذجي في الرحلات الاعتيادية 3820 كلم. اما الطائرة "م.د - 11" فهي مطورة عن الطائرة الشهيرة "د.سي - 10" ذات المحركات الثلاثة، والتي كانت من بين اولى طائرات النقل التجاري ذات الهيكل العريض في العالم عندما دخلت الخدمة في مطلع السبعينات والطائرة مزودة ثلاثة محركات متطورة من طراز "براث اند ويتني ب - دبليو - 4460" قوة كل منها 60 الف رطل. ويستطيع الطراز المخصص لنقل الركاب منها حمل 280 راكباً، لكن الطائرات السعودية ستكون مخصصة لحمل البضائع حيث تصل قدرتها الى 80 طناً كحمولة اجمالية نموذجية، في حين تصل سرعتها الملاحية النموذجية الى 885 كلم/ساعة 0.80 ماك، ويبلغ مداها النموذجي للرحلات الاعتيادية 7315 كلم. وبفوزها بالعقد مع "السعودية" تكون "ماكدونل دوغلاس" حصلت على ما مجموعة 164 طلباً على طائرات "م.د - 11" تم تسليم 138 طائرة منها تعمل حالياً لدى 19 شركة عالمية. اما مجموع الطلبات على طائرات "م. د - 90" فارتفع مع العقد السعودي الى 95 طائرة بدأت "ماكدونل دوغلاس" تسليمها تباعاً منذ فترة وجيزة، علماً بأن الشركة تتوقع لهذه الطائرة حجم سوق عالمي اجمالي يزيد على 1000 طائرة خلال السنوات العشر المقبلة. ومن المقرر ان يبدأ تسليم طائرات "م.د - 11" الجديدة الى الخطوط الجوية العربية السعودية في صيف عام 1997، حين تخطط الشركة للبدء في استخدام طائرات "م.د - 90" فعلياً خلال ذلك العام، على ان تتوالى عملية تسليم هذه الطائرات الى "السعودية" حتى عام 2002.