أكد المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل المعارض، في حواره مع "الوسط"، أن حزبه يرفض الارهاب. ووصف بعض مرتكبيه بأن "ليس لديهم أي نوع من الفهم أو الادراك الموجود لدى أي شخص عاقل". ورأى ان هناك ضغوطاً تمارس على حزب العمل لدفعه الى فض التحالف القائم منذ عام 1987 مع جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة. وشدد على ان حزبه لن يتخذ قرارات نتيجة رد فعل على موقف معين، مؤكداً ان "الاخوان" لن يندمجوا في حزب العمل، وقال: "لن نكون حزباًً واحداً ابداً". وحدد شكري مطالب حزبه لخوض انتخابات مجلس الشعب المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، ورأى ان قضية الأمين العام للحزب عادل حسين التي ثارت أخيراً تعود الى غضب الحكومة من كتابات حسين في صحيفة "الشعب". وهنا نص الحوار: مسلسل الصدام مع الحكومة مستمر منذ سنوات، حتى ان بعضهم يعتقد بأنكم تحولتم الى حزب لإثارة المشاكل، فما رأيك؟ - لا يوجد بيننا وبين أي من المسؤولين في الحكومة أي خلافات شخصية لكنها خلافات على سياسات تنتهجها الحكومة. وهذا يحدث منذ أيام الرئيس الراحل أنور السادات. وحينما أُنشئ حزب العمل في كانون الاول ديسمبر 1978 في وقت متزامن تقريباً مع قيام الحزب الوطني الديموقراطي، قالوا: ان السادات أقام لنفسه حزباً ويقيم لنفسه معارضة. ولم أقف كثيراً عند هذا القول وقلت لنفسي إن الممارسة ستثبت الحقيقة. وأنا أوكد ان الخلافات لا تظهر الا عندما يكون هناك ما يلزم لحدوثها. ونحن نعيش، ويا للأسف الشديد، في حالة طوارئ منذ أن فرضت عقب اغتيال السادات مباشرة. وأذكر انني كنت عضواً في مجلس الشعب حينما قدمت الحكومة طلباً بفرض حالة الطوارئ وعارضت ذلك، لكنهم قالوا إنهم يحتاجون إلى فرضه لمدة سنة حتى يتعرفوا إلى ابعاد الاحداث التي أدت إلى اغتيال السادات. وامتدت هذه السنة، ويا للأسف، إلى سنة اخرى ثم سنوات على رغم ان حالة الطوارئ يدل اسمها على الغرض منها، أي أنها تفرض في الحالات الاستثنائية، وليس معقولاً اننا نعيش حالة استثنائية منذ اكثر من 14 عاما. الخلافات بينكم وبين الحكومة لا تتوقف عند قانون الطوارئ؟ - نحن نرى ان استمرار العمل بقانون الطوارئ ينعكس على الممارسة السياسية في البلاد، ويشكل موقفاً لا يمكن ان يكون مساعداً للتعددية الحزبية. وهذا الامر ينطبق أيضاً على التعديلات التي ادخلت قبل عامين تقريباً على مواد قانون العقوبات التي اشتهرت باسم "قانون الارهاب"، وشددت قبضة الشرطة بمقتضاها على نحو غير مسبوق وأُعطيت صلاحيات لم تكن موجودة حتى في قانون الطوارئ، اذ يحق للشرطة، وفقاً لقوانين الطوارئ، ان توقف المواطن لمدة 24 ساعة ثم تطلقه ولا يكون في ذلك أي نوع من التجاوز، بينما يمكنها، وفقا للقوانين الجديدة، ان تحتجز المواطن لثلاثة ايام كاملة. قد لا تحدث تجاوزات خلال هذه الايام الثلاثة لكن حدوث أي خطأ ولو بنسبة بسيطة يترك أثراً لا نقبل به. الحكومة تمارس عملها في كل المجالات التي تمس اوضاعا كثيرة، ومن هنا يمكن ان نكون معارضين لها سواء داخل البرلمان إذا كنا ممثلين فيه او خارجه. أنتم رفضتم ان تكونوا ممثلين في البرلمان وقاطعتم انتخابات عام 1990؟ - لم نقاطع الانتخابات وحدنا وانما قاطعها معنا الوفد والاخوان المسلمون وهم القوى السياسية التي كانت تمثل المعارضة في مجلس الشعب الذي انتخب عام 1987. لم نقاطع الانتخابات لأننا لا نريد ان ندخل المجلس، بل بخلاف ذلك ان كل الاحزاب حريصة على ان تثبت وجودها في صورة رسمية. ولكن حينما رفضت حكومة الحزب الوطني وضع الضمانات الكافية لسلامة العملية الانتخابية اردنا ان نقوم بعمل تقف الحكومة امامه. ثلاثة اتجاهات لم تكن على سياسة واحدة في كثير من الامور خصوصا في شأن السياسة الخارجية، اتخذت الموقف نفسه، فسياسة الوفد لم تكن كسياسة العمل او الاخوان في كثير من الامور. ومع ذلك اتفقنا على ان لا بد من وقفة. لم يكن في ايدينا سوى قرار المقاطعة عسى ان يكون لهذا الاجراء تأثير لدى الحكومة. في بلاد اخرى حينما يقف حزب ويقول لن اشارك لا يمر الامر كما مر لدينا هكذا، كأن الحكومة قالت المثل المصري "بركة انها جت منهم". هم لم يكونوا حريصين على أن يشارك او لا يشارك احد في الانتخابات، ومن هنا جاء المجلس الحالي الذي يحتل فيه الحزب الوطني 436 مقعداً في مقابل نحو 20 لاعضاء من خارج الحزب الحاكم ولا يمكن هذه الاقلية ان تحدث شيئا داخل البرلمان أياً كانت ممارستها. بدأتم كحزب قومي يعتنق كثيرا من المبادئ الناصرية ثم تحولتم الى الاتجاه الاسلامي، ألا ترى ان هناك تناقضا في ذلك؟ - نحن في حزب العمل نعتبر أن القومية العربية أمر له قيمته، والذين يحاولون وضع فروق بين القومية العربية والاسلام هم في الحقيقة لا يريدون خيرا للقومية والاسلام في آن. فالعرب متحدون اقوياء هم قلب قوي يمكن ان يضخ الحياة والقوة في العالم الاسلامي. وبرنامج حزبنا منذ انشائه يدعو الى ان تكون الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع وألا تكون هناك قوانين تخالف الشريعة الاسلامية. التحالف مع "الأخوان" على أي اساس كان تحالفكم مع جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة عام 1987؟ - انا لا استبعد ان تكون ضغوط الحكومة وصدامها مع حزب العمل تصاعدت بعد تحالفه مع جماعة الاخوان المسلمين عام 1987. وانا اقول اننا صادقون مع انفسنا، فالحزب انشئ على مبادئ تطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية. وحينما خضنا انتخابات عام 1984 كانت برامجنا هي الوحيدة الواضحة بالنسبة إلى المطالبة بتطبيق الشريعة. والاخوان بطبيعتهم يسيرون في الاتجاه نفسه مع التسليم بأن لهم خصوصياتهم وتكوينهم وتاريخهم وانتشارهم في مصر وبعض البلاد العربية الاخرى. نحن نرى اننا حزب محلي ولنا خصوصياتنا، ونؤمن بأن شعب مصر يجب ان يعيش متضامنا متلائما سواء كان ذلك باكثريته الاسلامية او باقليته المسيحية، ومن هنا الى جانب تحالفنا مع الاخوان كنا دائما نرحب بأي عناصر مسيحية تنضم إلينا. هل يعني ذلك ان تحالفكم مع "الاخوان" يعود الى تقارب الافكار والاتجاهات بينكم وبينهم وليس الاهداف انتخابية؟ - التحالف لم يكن لمجرد وقت الانتخابات، فالامر ليس مجرد قطار نركبه جميعا ثم ينزل كل منا في المحطة التالية. هذا لا يكون تقاربا وتحالفا مبنيا على مبادئ. وعندما دخلنا معا انتخابات 1987 كان برنامجنا الانتخابي يكاد يكون البرنامج الذي خضنا به انتخابات عام 1984 وامكنا ان نجعلهم يقبلون البرنامج الذي عرضناه. لكن "الاخوان" تحالفوا مع حزب الوفد في انتخابات 1984 ولم يتحالفوا معكم يومها؟ - ظروف 1984 كانت خاصة فحزب الوفد كان عائدا الى الساحة بعد فترة توقف، واذكر قبل عودة الوفد الى نشاطه حينما كان اصحاب الاتجاهات الدينية داخل مجلس الشعب يسألون اذا جرت انتخابات في المستقبل مع اي حزب ستكونون؟ كان ردهم انهم سيكونون مع حزب العمل. ولكن بعدما عاد الوفد الى الساحة كان هناك موقف جديد اذ رأى بعض الشخصيات ذات التأثير في التيار الاسلامي ان مصلحة الاخوان قد تكون في ان يدخلوا الانتخابات مع الوفد. وبالفعل تحالفوا مع الوفد كتجربة. ولكن صدقني ان دخول الاخوان مع الوفد انتخابات 1984 كان امرا مفيدا جدا للوفد، فالحزب تأثر من الفترة التي كان نشاطه فيها متوقفا، ولم تكن لديه قواعد جماهيرية أو شباب يحتاج اليهم في الانتخابات، قد تكون لديه قيادات تاريخية لكن قواعده الجماهيرية كانت ضعيفة. وعندما تحالفوا مع الاخوان اصبح هناك امكان توافر عناصر في القرى والمناطق المختلفة يمكن ان تكون مندوبة في اللجان الانتخابية. واذكر جيدا ان الممارسة داخل مجلس الشعب اوضحت ان الاخوان كانوا يتحدثون في البرلمان باسمهم وليس باسم الوفد، ومن هنا فإن تحالفهم مع الوفد لم يكن كما هو عليه الحال في تحالفهم معنا. مَن أفاد مِن التحالف، حزب العمل ام "الاخوان"؟ - كلانا أفاد، وبالنسبة إلينا لم تقتصر الافادة على دخول بعضنا الى البرلمان، لكن الافادة الكبرى هي اتاحة الفرصة لدخول قيادات من العمل والاخوان معا البرلمان، لتتحدث في مجلس الشعب وتطرح آراءها، وان يجري حوار، سواء كان يعجب بعضهم او لا يعجبه، إذ ان الحوار في كل الاحوال مطلوب. ولذلك اقول ان الاخوان افادوا ونحن ايضا افدنا. لن نكون و"الأخوان" حزباً واحداً هل هناك ضغوط تمارس على حزب العمل حتى يفض التحالف مع الاخوان؟ - قد يكون هذا في عقول من يقوم بهذه الممارسات، لكنني اعتقد بأن هذا الاسلوب ليس صحيحا ولن يؤدي الى مثل هذه النتيجة لاننا نقول ان الاخوان تنظيم ونحن تنظيم آخر ولن نكون أبدا حزبا واحدا ولن يدمج الاخوان مع حزب العمل او حزب العمل مع الاخوان في حزب واحد، وهذا من حقهم ومن حقنا. وفي كل انحاء العالم يمكن ان تتشكل جبهات وان تتفق الاحزاب على برنامج انتخابي معين، قد لا يكون هو كل الطموح لاحد الاحزاب وقد يكون قريبا من طموحات بعضهم. وفي انتخابات 1987 تكونت هذه الجبهة ولم تكن من صنيعتي لان حقيقة ما حدث ان احزاب المعارضة اقرت برنامجا معينا في اجتماع عقد في مركز شباب عابدين وتحدث فيه جميع ممثلي الاحزاب بمن فيهم الاخوان الذين غابوا عن الاجتماع لكنهم ادلوا بوجهة نظرهم من خلال خطاب مكتوب من المرشد ووافقوا على هذه المبادئ. وفكرت اننا في انتخابات 1984 لم نحقق نجاحا كبيرا لوجود شرط ال 8 في المئة، وحصلنا على اقل من تلك النسبة بقليل جدا، اي اكثر من 7 في المئة، فيما حصل الوفد على 15 في المئة لكنه تمثل في البرلمان ب 12 في المئة فقط نتيجة للنظام الانتخابي. واقترحت ان تدخل الاحزاب الانتخابات في قائمة واحدة باسم احد الاحزاب وهو حزب الوفد، ولم تكن لدينا الحساسية من ذلك لانه كان للوفد بالفعل اكثر من 50 مقعداً مع الاخوان داخل البرلمان. وحينما تساءل بعضهم عن طريقة مشاركة رؤساء احزاب المعارضة وقادتها في الانتخابات في قوائم حزب الوفد، كان الحل ان يشاركوا في الانتخابات بالمنافسة على المقاعد الفردية على ان تساندهم كل الاحزاب. والمسألة المهمة كانت ان تحقق المعارضة وجودا كبيرا في البرلمان لإحداث توازن امام الحزب الوطني. ولكن، ويا للأسف الشديد، لم يتحقق ذلك، اذ اننا اتفقنا على ان يتم التنسيق في هذا الامر خلال اسبوع، وفي نهاية الاسبوع اعلن حزب الوفد انه لن يشارك في هذا التحالف وانه سيدخل الانتخابات بقائمة بمفرده. وفي اليوم نفسه جاءني من جاءني من الاخوان ومعهم ممثلون لحزب الاحرار وقالوا نحن مستعدون لأن نخوض الانتخابات في قائمة حزب العمل. وعرضت الامر على اللجنة العليا للحزب وهي اعلى سلطة فيه، ووافقت بل دعت الى توسيع التحالف ليشمل احزاب المعارضة الاخرى. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك معارضة اخرى لها اهميتها سوى في حزب التجمع فعرضنا عليهم ان ينضموا الى التحالف. ولأنني اعلم الحساسيات عرضت عليهم ان يشاركوا في قوائم حزب العمل التي لا تحوي اسماء مرشحين من الاخوان، لكنهم قالوا انهم لم يدخلوا المجلس لفترتين ومن الافضل ان يدخلوا في قائمة بمفردهم، على رغم ان فرصتهم ضعيفة. الا انهم رأوا ان ذلك يتيح لهم الفرصة لعرض مبادئهم والدعوة اليها. وهكذا فإن دعوتي لم تكن الى قيام تحالف اسلامي بل الى قيام تحالف ديموقراطي، اما ما تم فانني ارى ان الله اراد بنا خيرا. هل سيستمر التحالف مع الاخوان في الانتخابات المقبلة؟ - انا مقتنع تماما بضرورة وجود اكبر قدر من التنسيق بين كل احزاب وقوى المعارضة وهذا في مصلحتهم تماما. لن يأخذ احد مكان او حق احد. الانتخابات ستتم بالطريقة الفردية، والتنسيق يمكن ان يكون في شأن تقسيم الدوائر وعدم المزاحمة فيها لئلا يسقط مرشحو المعارضة وينجح ممثلو الحزب الوطني. واعتقد بأن قوى المعارضة يمكن ان تحقق تنسيقا في 75 في المئة من الدوائر ويبقى 25 في المئة التي يصعب التنسيق فيها على ان يكون هناك اتفاق، في حال حدوث اعادة بين مرشح من المعارضة ومرشح من الحزب الوطني، على ان تقف المعارضة وراء المرشح المعارض أياً كان الحزب الذي يمثله. الضمانات لا الطريقة من الواضح ان احزاب المعارضة، ومن بينها العمل، قررت المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وهي ستتم بالطريقة التي جرت بها انتخابات 1990 التي قاطعتموها، ما هي مبررات المشاركة هذه المرة؟ - ليس المهم الطريقة التي ستجري بها الانتخابات، المهم ضرورة توافر الضمانات التي تكفل سلامة العملية الانتخابية. نحن شاركنا في الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس حسني مبارك في تموز يوليو من العام الماضي، ولم نضغط في اتجاه المطالبة بنظام انتخابي معين، واعتراضنا على نظام القوائم كان حول الاخذ بنظام القوائم النسبية المشروطة الذي يشترط حصول الحزب على نسبة معينة من الاصوات على مستوى مصر حتى يحق له الدخول الى البرلمان. نحن في الحوار الوطني ركّزنا على عملية التصويت وطريقة اجراء الانتخابات، فهناك اجماع لكل من خاضوا الانتخابات على ان التلاعب في نتائجها ليس صعبا، فالعملية تتم من خلال كشوف تتضمن اسماء من لهم حق في الادلاء بصوتهم ويكفي ان يضع رئيس اللجنة علامة بالقلم على من ادلى بصوته، وربما وضعت علامات امام اسماء اشخاص لم يحضروا وربما كانوا في عداد الاموات او مسافرين وتسقط اوراق باسماء هؤلاء في الصناديق. نحن طالبنا بضبط هذه الجزئية ونرى ضرورة التأكد من شخصية من يتقدم للادلاء بصوته وان يوقع امام اسمه ويدون رقم بطاقته الشخصية. التزوير ليس هاجساً لماذا يسيطر هاجس التزوير دائماً على احزاب المعارضة في مصر؟ - هذه ليست هواجس وانما امور معروفة وتحدث خصوصا في الريف. ربما كانوا يرون في هذه المسألة هناك انها نوع من الحماسة لابن قريتهم ولا يتعاملون معها على اساس انها نوع من الغش والتزوير. وعلى مستوى الوطن قد تحدث بلا شك نتائج لا تعبر عن القاعدة الجماهيرية. والامر الثاني ان الجداول الانتخابية لا تشمل سوى نصف من يحق لهم الانتخابات، اذ ان الذين وصلوا إلى سن الإنتخابات، وفقا للاحصاءات، يقترب عددهم من 30 مليونا. في حين ان جداول الانتخابات لا تشمل سوى 15 مليونا فقط. هناك ايضا موضوع اشراف القضاء على العملية الانتخابية. الدستور يتحدث عن اشراف القضاء على عملية الاقتراع، اي يجب ان يوجد في كل لجنة انتخابية عنصر قضائي يمكن ان يلمس العملية الانتخابية وهل تمر في ظروف قانونية ام لا. وما كان يحدث ان القاضي يوجد في لجنة مركزية وليس في اللجان الفرعية وبالتالي فهو لا يرى ما يحدث في اللجان الفرعية. صدر قرار بتمديد فترة قيد المواطنين في جداول الانتخابات من شهر الى ثلاثة شهور؟ - من كان يمثل الحزب الوطني في لجنة الحوار الوطني صرح بأن رأيه ان تفتح الجداول للقيد لمدة أربعة أشهر. لكننا وجدنا انها قلصت الى ثلاثة اشهر. وانا ارى ان النيات بالنسبة إلى إصلاح اساليب العملية الانتخابية غير متوافرة، ولكن في الوقت نفسه اعتقد بأن الذين يشرفون على العملية الانتخابية سيضعون في اعتبارهم الظروف التي تمر بها البلاد. واظن ان مصر، وهي تعيش في حالة طوارئ مستمرة واستنفار امني، لا بد أن يسمع فيها صوت الناس الذين خابت امالهم، وعليهم ان يعبروا عن ذلك بالطريقة الصحيحة وهي ان يكون لهم ممثلون في مجلس الشعب. جهود... ولكن تضخم أحزاب المعارضة دائماً السلبيات ولا تتحدث أبداً عن ايجابيات الحكومة؟ - هناك مشاكل اصبح الشعب يعاني منها ولم يكن يعاني منها في الماضي، وانا لا ادعي انه لا توجد جهود تبذل لحل هذه المشاكل لكنها ليست بالقدر الذي يشعر الناس بان الحكومة معهم. كما انهم قد يرون بزخا في نواح كثيرة من المظاهر سواء في المهرجانات او السفريات او المؤتمرات، وفي الوقت نفسه تقتير في الانفاق على امور مهمة تتعلق بالشعب وحاجاته الاساسية. رفض الإرهاب كثيرا ما تتهم صحيفة "الشعب" بنشر افكار الجماعات المتطرفة او مساندة الارهاب، ولعل فتح صفحاتها ل "الاخوان" يعمل على تدعيم هذا الاعتقاد؟ - لا شك في ان الحكومة لا ترتاح الى كثير مما يكتب في الصحيفة. إننا نرفض الارهاب رفضا تاما، واكدنا ذلك مرارا. ونرفض في الوقت نفسه التجاوزات او الخروج على القانون، ونرى ان غياب التوعية الصحيحة بالدين يعطي الفرصة لشباب صغير السن للوقوع في شباك التطرف والارهاب ليستمع الى توجيهات تقوده الى ارتكاب اعمال العنف. نحن على قناعة كاملة بأن التوجه العام لدى الشعب المصري هو التوجه الاسلامي. وليس معنى ذلك مساندة الارهاب. ما وقع من احداث امور مؤسفة، وفي احيان كثيرة لا يمكن تبريرها الا اذا لم يكن لدى من فعلوها اي نوع من الفهم او الادراك الموجود لدى اي شخص عاقل. مثل ماذا؟ - مثل الاعتداء على الاديب الكبير نجيب محفوظ. لا يمكن تصور شاب لا يزيد عمره على 22 عاما يستمع الى كلام من شخص آخر عن ان الاديب الكبير يعادي الاسلام، او ان كتاباته فيها ما يخالف الدين، ثم يقدم على ارتكاب مثل هذه الجريمة. لكن صحيفة "الشعب" غيرت من لهجة خطابها وصارت كأنها تصدر عن جماعة "الاخوان"؟ - هذا كلام غير صحيح وغير عادل، فحزب العمل لم ينشأ بأفكار تكونت عام 1978، نحن على الساحة السياسية المصرية منذ 1933، وكنا نمثل حركة "مصر الفتاة" التي تحولت بعد ذلك الى حزب مصر الاشتراكي قبل قيام ثورة يوليو مباشرة. وقفلت الاحزاب بعد الثورة، وبعدما عادت مجددا وجدت ان الاوان قد حان لكي نواصل طريقنا الذي بدأناه قبل سنوات طويلة وفقا للمبادئ التي تقول: لا تأكل الا ما نبت في ارضنا ولا تلبس الا من صناعتنا، واذا لم تجد فليكن عربيا، اعتز بعروبتك، ولتكن غايتك ان تصبح مصر والسودان دولة كبرى تحالف الدول العربية وتتزعم الاسلام. هذا الكلام قبل عام 1933 وما زلنا نؤمن به. وجمال عبدالناصر بأفكاره كان نبتا من نبات حركة مصر الفتاة، لانه كان احد الذين درجوا في الحركة، وكانت كل أفكاره الافكار التي نادينا بها، مثل تأميم قناة السويس والاصلاح الزراعي. وعندما يتحدثون اننا انقلبنا من قوميين الى اسلاميين فانني اقول ان هناك يقظة اسلامية ليس في مصر فقط ولكن في كثير من البلدان، وما يمارس من محاولات وضغوط ضد حزب العمل ليس الا محاولات لحصار حركتنا ربما بالتجاهل في بعض الاحيان، او بالحصار والتخويف في احيان اخرى. لكن عددا من كوادر حزب العمل رفض قبل نحو ثلاث سنوات هذه التوجهات واعلن انشقاقه عن الحزب؟ - هذا الامر لا يخرج عن كونه نوعا من الضغوط، فاذا اردت ان تضعف حركة فان الانشقاق من داخلها يضعفها اكثر من ان تهاجمها من الخارج. الهجوم الصريح يجعل الحركة تتماسك، ولكن اذا امكنك ان تتسلل ببعض الافكار او الآراء ليتبناها بعض الاشخاص داخل الحركة لسبب او لآخر فان التأثير يكون اقوى. وهل تأثر حزب العمل بهذا الانشقاق؟ - في كثير من الاحيان لجأوا الى التهديد بأن هؤلاء المنشقين سيأخذون مكاننا. وهذا امر قد يصدقه من يقوم بهذه الاعمال اما الشعب فلا يصدقه. ومسألة الانشقاق احدثت "بلبلة" لم اقف عندها ولم اجعل مهمتي محاصرتهم لانني أكون بذلك ساعدتهم على ان يشغلوني بما يمكن الا يكون من مشاغلي. وهل تشعر بأن الصدامات مع الحكومة ستنتهي إذا فضضتم التحالف مع "الاخوان"؟ - أتصور ان كل الاساليب تمارس من اجل ذلك. أما نحن فلن نندفع الى اتخاذ قرار يجب الا نندفع اليه او ان نتخذ موقفا نتيجة رد فعل على موقف معين. نحن ايضا حريصون على ان يكون هناك انضباط في حركتنا. وما يحدث الآن من وجهة نظري شيء عادي، فابراهيم شكري او حلمي مراد او عادل حسين لم يدخلوا المجال العام وفتحت لهم الابواب على مصراعيها او تسلقوا على اكتاف الآخرين، هم مجاهدون ممارسون للحياة العامة منذ شبابهم المبكر. وانا دخلت الحياة السياسية منذ وجودي في الجامعة وشاركت في انتفاضة 1935 واصبت برصاص الانكليز في التظاهرات واعتقلت اكثر من مرة. وعندما قامت الثورة لم اكن في منزلي على رغم أنني كنت عضوا في مجلس النواب يومها، وانما كنت في سجن اراميدان امضي فترة عقوبة 6 شهور بتهمة العيب في الذات الملكية. وعادل حسين اعتقل قبل ذلك لسنوات طويلة. عادل حسين كان ماركسيا وصار اليوم اسلامياً، فما هذا التناقض؟ - لا يوجد تناقض. كان يدير حوارات بعضها مع اخيه الاكبر احمد حسين زعيم حركة مصر الفتاة وحضرت بعضها بنفسي. وعلى مر السنوات تشكل عادل حسين الى ان وصل الى المرحلة الاسلامية. قضية عادل حسين الاخيرة ليست الأولى. حققت النيابة من قبل مع قادة في الحزب وصحافيين في "الشعب"، وقبل شهرين اجريتم مصالحة مع الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية وتنازل عن قضية كان رفعها ضدكم وترك ذلك انطباعا بأن علاقتكم بالحكومة في طريقها الى التحسن، فما رأيك؟ - ليس من بين اهدافنا ان تكون بيننا وبين احد من الحكومة خصومة، خصوصا اذا كانت الخصومة ناشئة عما كتب في صحيفتنا ما اعتبر انه نيل من سمعة اي شخص. وعندما اقاموا دعاوى قضائية ضدنا دخلنا فيها وكانت لدينا ربما بعض المستندات التي يمكن ان تساند قولنا، لكنني وجدت ان ليس من المصلحة ان ننشغل بالكثير من هذه القضايا ونحن نعد انفسنا للانتخابات، لأن من يصيدون في الماء العكر كثيرون. وعندما ظهرت مبادرة تشير الى انهم يمكن ان يتنازلوا عن الدعوى في مقابل ان نتحدث اننا لم نقصد الاساءة اليهم رأينا ان في هذا خيرا. انا أؤكد اننا في حزب العمل نعارض افعالا وسياسات ولا يمكن ان تكون علاقتنا مبنية على عداوة لاحد. أصدرت وزارة الداخلية بيانا اكدت فيه واقعة العثور على مظروف يخص عادل حسين ويحوي منشورات وبيانات صادرة من "الجماعة الاسلامية" فما تعليقك؟ - انا اسمي هذه القضية "المظروف اللغز". هذه الواقعة كتبت عنها الصحف في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وذكرت ان السلطات عثرت داخل المظروف على خطاب موجه الى عادل حسين ولم يحدث شيء ومضى نحو شهرين وفجأة برزت القضية من جديد. وربما جاء تحريكها على اساس ان الناس فهموا ان المصالحات تعبر عن مؤشرات إلى سياسة هدنة او تهادن من جانب الحكومة فارادوا نفي ذلك. وربما وجدوا في كتابات عادل حسين عن معالجة بعض السياسات ما يغضبهم. نحن عموما نثق بقضائنا وببراءة عادل حسين. ما هي النقاط التي تلتقون فيها مع الحكومة؟ - نحن نتفق مع الرئيس مبارك في كثير من النواحي، مثل الموقف الحازم من امتلاك اسرائيل الأسلحة النووية، ومطالبتها بالتوقيع على اتفاق منع انتشار اسلحة الدمار الشامل. وموقف الرئيس في هذه القضية عظيم وواع ويدل على اننا يجب ألا ننجر الى ان نقف في العراء في مواجهة اسرائيل. اونحن نؤيده أيضاً في التصدي لمحاولات اسرائيل السيطرة على اقتصاديات منطقة الشرق الاوسط وجهوده من اجل اعادة التضامن العربي.