بدت جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر أكثر القوى السياسية ترقباً للتطورات داخل حزب العمل. فعلى الرغم أن التحالف الذي أبرم بين الطرفين فرضته ظروف انتخابية من دون دوافع عقائدية أو فكرية إلا أن كلاهما استفاد كثيراً من استمراره بل ناضل من أجل التصدي لكل المحاولات التي سعت الى التفريق بين الحزب والجماعة. وكان لافتاً دائماً في المؤتمرات التي يعقدها الحزب الوجود الكثيف ل"الإخوان" لدعم مواقفه والايحاء بأن الجماهير تقف خلفه في حين ظلت صحيفة "الشعب" منبراًَ ل"لإخوان" ونافذة يطلون من خلالها على عناصرهم والقوى السياسية الأخرى بما فيها الحكومة. وكانت الانتخابات التي جرت العام 1984 سبباً في تحالف "الإخوان" مع حزب "الوفد" الليبرالي، لكونها اعتمدت نظام "القوائم المطلقة"، أي منع غير المنتمين الى الأحزاب المشاركة فيها. لكن البرلمان حل العام 1987 بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعيته لكون الانتخابات جرت بطريقة غير دستورية اذ حرمت المستقلين من المشاركة فيها. وفض "الوفد" التحالف بعدها مع "الإخوان" الذين تحالفوا مع "العمل" في الانتخابات التي جرت في نيسان ابريل من العام نفسه، والتي اعتمدت نظام القائمة النسبية، ووصل فيها 35 من رموز "الإخوان" الى البرلمان بدل ثمانية فازوا بالعضوية عبر التحالف مع حزب "الوفد". وعلى رغم أن القطب البارز في "الإخوان" النائب السابق الدكتور عصام العريان أكد أن "كيان حزب العمل ظل رغم التحالف مع "الإخوان" مستقلاً تماماً" إلا أنه لفت إلى أن رئيس الحزب المهندس ابراهيم شكري بنفسه كان وراء التحالف مع الجماعة. غير أن العريان شدد على أن "الإخوان يحترمون أي تطورات تحدث داخل حزب العمل إذا جاءت بطريقة طبيعية"، لكنه لفت الى أن الحزب "يتعرض لضغوط شديدة لإبعاد الإسلاميين عنه مما يفتح الباب أمام إجراءات وضغوط أخرى قد تمارس ضد بقية الأحزاب". وقال العريان ل"الحياة": "يبدو أن قواعد اللعبة السياسية تغيرت. فبعد أن كان مسموحاً للقوى السياسية بالحركة ضمن إطار التعددية المقيدة صار الأمر يقوم على معاقبة أي حزب له صوت عالٍ وإعادته الى حجمه الطبيعي". ورأى أن الضغوط التي تعرض لها حزب العمل "ستؤدي إلى حال يأس وفقدان الأمل في الإصلاح السياسي"، ولفت العريان الى أن الأمين العام لحزب العمل السيد عادل حسين "لم يكن وراء التحالف مع الإخوان"، مؤكداً أن "شكري وليس غيره هو الصيغة التي تضمن بقاء التحالف بين الحزب والاخوان"، لافتاً الى أن الحزب "يستفيد من استمرار التحالف كما يستفيد الاخوان"، وأن صحيفة "الشعب"، "حققت رواجاً كبيراً من خلال نشر أخبار الإخوان ومقالات المرشد العام السيد مصطفى مشهور ونائبه المستشار مأمون الهضيبي لكون القراء من الإخوان منتشرين في كل مكان"، ورأى أن من مصلحة أي صحيفة "أن تستقطب قراء الإخوان". ورفض العريان الخوض في الطريقة التي ستتعاطى بها الجماعة مع الحزب في حال إقرار مبدأ فض التحالف بينهما، وقال: "نحن مازلنا نرقب التطورات ولا تعليق حتى تتبين الصورة كاملة".