بين مجزرة وأخرى، بين هزيمة وهزيمة أشنع، على المستوى الوطني والسياسي - لكن ايضاً على المستوى الداخلي الحميم - يجد العرب افنسهم على عتبة مرحلة جديدة مجهولة المعالم7 ثمة أشياء انكسرت، وأشياء أخرى تحولت، وربما كان التحول في أسوأ حالاته افضل من الجمود والركود 777 أم أننا نردد ذلك في سرنا، من باب تعزية الذات ومهادنة التاريخ؟ وها هي فلسطين، تلك الاسطورة التي ترعرعت في ربوعها أجيال كاملة، وأزهرت في الطريق الدامية اليها الاغاني والاحلام والتطلعات المثالية، حتى صارت رمزاً للوعي القومي، وحجر الاساس في أي مشروع تحرري فردي أو جماعي 777 ها هي تبدو في متناول اليد7 هذا على الاقل ما يتراءى اليوم لجزء من الطليعة الفلسطينية والعربية7 هل قرعت أجراس العودة حقاً؟ لعل الاسطورة تعبت من البقاء أسيرة القصائد، واختارت المغامرة في الارتماء بين وحول الواقع، عساها تتمخض عن وطن فعلي، عن مشروع وطن 777 لكن ماذا بقي من شعارات الأمس وأوهامه وتطلعاته؟ كيف انعكس كل ذلك وسينعكس على وعي الفرد العربي؟ ما هي الآثار التي سيتركها الربيع الفلسطيني على النتاج الادبي والحركة الثقافية بشكل عام؟ ما هي الاسئلة التي تسكن ضمير المبدع عند هذا المفترق الحاسم، وكيف يتصور دوره؟ تخوفاته وآماله، مراجعاته ومراهناته 777 ما عساها تكون؟ كيف يقرأ الراهن في ضوء تجربته الحميمة، وكيف يتراءى له مستقبل الخطاب الثقافي الفلسطيني؟ بعد رسمي أبو علي، ليانة بدر، حسن خضر، محمود الريماوي، فخري صالح، محمد القيسي وعزالدين مناصرة، ننشر في هذه الحلقة الثانية والاخيرة رد ثلاثة كتاب فلسطينيين على هذه التساؤلات، رشاد أبو شاور، أحمد حبور، ويحيى يخلف، يساهمون في النقاش الذي تسعى الوسط الى إثارته واحتضانه، عند اعتاب زمن مختلف، وفصل جديد من تاريخنا لا يزال عند صفحته الأولى. يحيى يخلف: سأعود، أزرع فكرتي في أرض الوطن الحياة تتطور، والعالم يتغير، ولكن ليس دائماً باتجاه الحلم المنشود، هذا على الاقل ما هي عليه الحال في اللحظة الراهنة7 ومهما يكن من أمر، فان نضال البشرية من أجل عالم تسوده العدالة لن يتوقف7 المتغيرات التي يشهدها العالم منذ منتصف الثمانينات، وكانت ذروتها الانهيار الشامل لنظم دول اوروبا الشرقية بما فيها الاتحاد السوفياتي سابقاً، مرت - ونحن نراقبها - من دون أن نبذل جهداً في دراسة آثارها على حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية 777 بل أن بعضاً منا ظل يتصرف وكأن شيئاً لم يحدث من حوله! وعندما هبت الرياح العاتية على منطقتنا، وانجلى عنها الركام والرماد، وجد كثير من المثقفين نفسه مثل مالك الحزين لا يدري أين يضع رأسه، لأن الرياح هبت عن يمينه وعن شماله وهبت من كل الاتجاهات7 إننا بيت مفتوح النوافذ، تدخله الرياح من كل جانب، وتدخله التيارات الثقافية والمدارس والاتجاهات المتنوعة، فنكتفي بالاستحسان أو بالاستهجان، لكننا لا نحرك ساكناً من اجل اخضاع تلك الظواهر للنقد والدراسة والتحليل7 ونشبه في ذلك ركاب طائرة تمر في منطقة مطبات فكرية، ومنطقة اضطراب سياسي اجتماعي ثقافي7 فكم ستطول الفترة الزمنية التي نشد فيها الاحزمة ونتشبث بالمقاعد، ومتى ستحط بنا الطائرة - بسلام - على أرض المطار؟ كثير من المسائل لم تحسن بعد7 وكثير من القضايا التي كانت تناقش منذ بزوغ فكرة النهضة العربية، أي منذ محمد عبده ورفاعة الطهطاوي والآخرين، ما زالت نفسها مطروحة اليوم على مائدة النقاش: من صراع القديم والجديد، الى التوفيق بين الصالة والحداثة، مروراً بمشاغل البحث عن الهوية والتأكيد على العمق الحضاري دون أن نفقد صلتنا بالحاضر المستقبل777 أسئلة الماضي هي أسئلة اللحظة الراهنة، وربما اللحظة المقبلة7 وفي السياق التاريخي لعصر مزدحم بالاحداث الحاسمة والتحولات الجارفة، فقدت الامة وزنها المادي والمعنوي7 إن مقدمات كثيرة، ذات أبعاد فكرية وثقافية واجتماعية، أوصلت الى النتائج التي تشهدها المنطقة العربية هذه الأيام، أعني النتائج السياسية التي تجثم على حياتنا بكل ثقلها في هذه اللحظة الحرجة من تاريخنا7 فهل المشاريع السياسية المطروحة على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية الاخرى منقطعة عن المسار المضطرب الذي تعيشه هذه الأمة، فيشهد حالة نهوض في مرحلة، وحالة كبوة في مرحلة أخرى، يشهد حالة مد قومي في مرحلة، وحالة انحسار قطري في مرحلة أخرى؟ هل السياسات التي تصنعها المنطقة، أو تلك التي تفرض على المنطقة، معزولة عن سياق تاريخي، وعن وضع دولي، وعن عقبات ذاتية او موضوعية؟!! هنا يمكن أن نطرح الاسئلة السياسية المتعلقة ليس بمصير الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما بالمصير القومي ككل هل مشروع التسوية الذي يجري الآن طبخه لحل الصراع العربي - الاسرائيلي يمكن ان يقود الى تسوية عادلة مقبولة ودائمة؟ وأسمح لنفسي بأن اجيب بالنفي، لأن شروط الحل العادل والدائم والمقبول غير متوفرة7 وهل أن اتفاق غزة - أريحا وسواه من اتفاقيات اعلان المبادئ التي وقعت، أو التي ستوقع مع دول عربية اخرى، هي وليدة مشروع المثقف الفلسطيني او العربي؟ بالتأكيد لا 777 نحن نريد دولة فلسطينية ذات سيادة ولا نريد حكماً ذاتياً7 نريد دولة مستقلة نقيمها فوق جزء من وطننا، ووطننا هو فلسطين بحدودها التاريخية7 ونحن نريد دولة مستقلة على جزء من تراب فلسطين، كخطوة على طريق اقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية على كامل التراب الوطني بحيث تتعايش فيها الاديان، ويعيش فيها الجميع من دون تمييز7 وأنا افرق هنا بين الموقف من الاتفاق، وبين تعطشي للعودة إلى أرض الوطن اذا ما اتيحت لي فرصة العودة بالفعل. ففكره العودة بحد ذاتها ستكون نقطة تحول اذا نجحت، نقطة تحول بين مرحلة كانت الارض فيها تفرغ من اصحابها الشرعيين، وتمارس عليهم عمليات الطرد والابعاد الجماعي، ومرحلة يعود فيها النازح الى وطنه، وتفتح فيها الاحتمالات لتطوير وانضاج ظروف النضال الوطني الهادف الى استعادة كامل الحقوق المشروعة7 وأنا اعتقد جازماً ان المستقبل معنا، وان هذه اللحظة هي لحظة عابرة 777 فالعالم يتغير، والقرن المقبل سيشهد موازين قوى من نوع جديد7 أعود وأكرر القول انني لا اعتبر اتفاقية غزة - أريحا وسواها من الاتفاقيات العربية الاسرائيلية، مرجعاً لي كمثقف7 فليس للمثقف الفلسطيني من مرجع الا الثوابت المعبر عنها في الميثاق الوطني وقرارات المجالس الوطنية 777 وإذا ما تملص السياسي أو ناور بحجة أن السياسة هي فن الممكن، فإن المثقف لا يمكن أن يتملص من تلك الثوابت، لأن الثقافة أخلاق، تستوحي مبادئ العدالة وروح الشرائع، وترفع راية الكرمة الانسانية7 لكنني سأعود الى وطني اذا اتيح لي ذلك7 سأعود لأنني احب حتى الموت كل ذرة تراب فيه، ولأنني أريد أن أحمل فكرتي وأزرعها في ارض الوطن 777 أحمل حلمي في قيام فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، كخطوة على طريق طويل من اجل تحقيق فكرة الدولة الديموقراطية العلمانية على كامل التراب الوطني7 ذلك هو رأيي، واجتهادي 777 ولا بد من التذكير هنا بأننا لا نفكر جميعاً بطريقة واحدة7 لا بد أن هناك اجتهادات أخرى، وأنا اعتبر أن لكل فرد حقه المقدس في ابداء وجهة نظره بكل جرأة وصراحة، وبعيداً عن أي ارهاب فكري7 أما عن التطبيع 777 فكيف يمكن ان يتحول غير الطبيعي الى طبيعي؟ لا أتصور أن ذلك سوف يتحقق حتى لو كان هناك قرار سياسي بذلك7 فالثقافة هي روح الشعب، والقطيعة الثقافية مع العدو لا تزول الا بانتفاء الأسباب التي أدت اليها. التطبيع الثقافي غير وارد، والثقافة في فلسطين جز لا يتجزأ من الثقافة العربية7 نحن عرب ولسنا شرق أوسطيين. وكما أن الضفدعة لا تستطيع أن تبتلع التمساح، فإن ثقافة المحتل الدخيلة لن يسعها احتواء جذورنا العربية العريقة الضاربة عميقاً في الحضارة والتاريخ7 كما ان الثقافة الاسرائيلية مصيرها التفكك على المدى البعيد7 فنصف المجتمع الاسرائيلي يهود الغرب يضطهد نصفه الآخر اليهود الشرقيين7 ولا مفر من أن تتنامى التناقضات دافعة بالنسيج الاجتماعي نحو التفكك7 رشاد أبو شاور: كتبنا للحرية، فأين الحرية؟ القضية الفلسطينية، قضية حق وعدل ومستقبل، قضية ماض وحاضر، قضية أمة بجماهيرها التي نيفت على المئتي مليون انسان7 هذه القضية هل وجدت حلها العادل الانساني؟! هل تعرف مأساتنا حقاً نهايتها السعيدة، بعد كل الموت التشرد والهزائم والتزييف والتزوير؟! اذا كنا حققنا الحق والعدل، الحرية والتحرير، فينبغي أن نكون سعداء، لأن جيلنا حقق انجازاً تاريخياً، وجغرافيا طبعاً، ومن حقه ان يأخذ نفساً عميقاً، ويقضي شيخوخة مريحة يسودها الزمن والوئام والسلام! ولكن الواقع، للأسف، هو غير ذلك7 هل فلسطين هي غزة وأريحا؟ اقصد جغرافيا، تاريخياً وحضارياً؟! لقد كتبنا لفلسطين العربية، لشعبنا وأهلنا جميعاً تحت الاحتلال منذ العام 1948، مروراً بالعام 1967 ووصولاً الى كل المنافي7 كتبنا للحرية، فأين الحرية؟ كتبنا للتحرير فأين التحرير؟ إتفاق غزة أريحا تكريس لاسرائيل، وحل لجميع مشاكلها مع العرب وعبرهم، مع الفلسطينيين في توظيف غطاء للحل الاميركي - الاسرائيلي، الاقليمي العربي الرسمي7 بعد شهر من التوقيع عليه - بأسلوب هوليوودي في حديقة البيت الابيض - تكشف الاتفاق بكل قبحه، وبأبعاده التدميرية لقضيتنا وشعبنا ولأبناء الانتفاضة7 لن ينسحبوا من المعابر، ولن تغادر قواتهم المسلحة الحدود الفلسطينية - الاردنية، المصرية، السورية، اللبنانية7 ولن يعود ملايين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم، فكل قرارات الاممالمتحدة ومجلس الأمن في حكم المشطوبة والمنتهية7 وليس مصادفة أن الذين سيعودون لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف، وهم رجال شرطة وأمن وإدارة مكتبية7 أثناء ذلك، فان الكيان الصهيوني يهدف الى تحويل منطقة الشرق الاوسط - وليس الوطن العربي! - الى سوق له، بعد حصوله على اعتراف الدول العربية، وبعد ان اعترفت به القيادة الفلسطينية التي لم تستند في قرارها الى الشعب ولا الى المؤسسات7 هكذا تنتهي المقاطعة العربية و777 يفقد الفلسطينيون كل شيء: فلا وطن، ولا عودة، ولا شرعية لنضالهم، ولا دعم عربياً، ولا قرارات حق العودة 194 وانسحاب العدو 242 و383 و777 غيرها! والآن، من موقعي كمواطن عربي فلسطيني، وككاتب آمن بفلسطين وبعروبتها، أرى أن الحلم يستند الى واقع، وهذا الواقع ملموس وإسمه فلسطين، وشعب فلسطين عربي، مؤمن، حي، ومقاتل7 والذين يتحدثون بشفقة ويذرفون الدموع على شعبنا سواء كانوا من أبنائه أو عرباً من أقطار أخرى، لا يحق لهم بحجة الشفقة على أوضاعه واحواله المعيشية والحياتية أن يبرموا صفقات التنازل والتفريط، سواء كانوا خائفين من التيارات المتطرفة، أم بسبب الافلاس المادي، أو بسبب اليأس وشيخوخة وبؤس الخطاب السياسي الاقليمي العاجز7 هناك مثقفون فلسطينيون - وهم قلة والحمد لله - يقولون انهم سيعودون الى الوطن، ونضيف الى جملتهم الناقصة لغة ومنطقاً: الى الوطن تحت الاحتلال الصهيوني، ونسألهم: الوطن غير مستقل، فما هذه العودة؟7 ثم هل يسمح الاتفاق بعودة اكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني الى ديارهم عملاً بمبدأ لم الشمل؟ هل سيتمكن فلسطينيولبنان وسورية والأردن، والعراق، والخليج، والمنافي البعيدة من العودة، أم أن العائدين يبحثون عن خلاصهم الفردي عبر الهروب الى الامام والانضواء تحت راية الاحتلال؟! واستنح الفرصة للتحذير من المنطق الخطير الذي بدأت تروج له فئة محصورة من الطليعة الفلسطينية، سراً وعلناً، ومفاده أن العرب ذبحونا وليس لنا الا الذهاب الى اسرائيل7 نريد أي حل، المهم ان نخلص! هؤلاء أقول لهم: اذهبوا وحدكم، فشعبنا يؤمن بحقه، وعروبته، وإنسانيته، ولن ينتقل من الخندق المتقدم دفاعاً عن الأمة الى خنادق الصهاينة! هذه مسؤوليتنا نحن المبدعين العرب الفلسطينيين7 إن خيارنا يكون عربياً أو لا يكون7 ولن نصافح أيدي الصهاينة، ولن نغفر لهم، كما لن نصفق للذين يتحدثون عن فلسطين كأرقام مالية، وإنما سنواصل الكتابة والكفاح لتحقيق العدل والحرية واستعادة الكرامة7 أما أصحاب منطق اليأس والانكسار، فها هم يتحولون بين ليلة وضحاها الى تجار، يتسابقون على الصفقات المربحة، ويشرعون للعدو أبواب الامة7 أحمد دحبور: لا يمكن لأوليس إلا أن يواصل بحثه عن ايثاكا لم ترتكز أعمال جيلي الادبية الى القضية فقط، ولم تؤسس فضاءها على الشعار السياسي7 فالقائلون بذلك يغفلون مساحات شاسعة من التجريب والقلق الفني والارتباط بأسئلة العالم والعصر، ويقصر الجهد الادبي الفلسطيني على مجموعة من المناسبات واثارة المشاعر السطحية، وهو ما يتناقض مع مفهوم الابداع نفسه777 وبعيداً ان التعميم الذي يضع جيلاً أدبيا بأكمله في خانة واحدة، فقد ارتكزت تجربتنا الابداعية على حلم 777 غامرنا في المضي الى أقصى ما تتسع له اللغة من مجازر، حتى لا يكن الحلم نمطياً، او نسخة مكررة يتداولها ابناء الجيل الواحد بأسلوب مكرر وباهت7 ولا يمكن للحلم الا ان يستمر، لا يمكن لأوليس الا ان يواصل البحث عن ايثاكا، حتى اذا وصلها - وهو لم يصلها بسفينته الفلسطينية - فانه سينشئ ايثاكا اجمل وأكمل، ويشرع في بناء ايثاكا الراهنة لتطابق ايثاكا الحلم7 أدرك أن هذا الكلام يتعارض، لأول وهلة، مع قول محمود درويش إن البيت أجمل من طريق البيت، ولكنه في الجوهر يتطابق معه، يفترق عنه ثم يلتقيه من جديد 777 فما من شك في أن فلسطين أجمل من مسيرة المنفى والمعاناة7 وإذا كانت حلماً، فإنه حلم قابل للتحقق، وإلا كانت سنوات العمر ضرباً من العبث وتعذيب الذات 777 ولكن هل ما يدعونا اليه إعلان المبادئ الموشوم بتسمية اتفاق غزة أريحا أولا هو فلسطين؟ إنني افهم اللهجة الاحتفالية عند بعض شعبنا مما يعتقدون بأن هذا القليل هو مشروع دولة، والدولة مهما كان حجمها، خطوة على طريق الكيان الفلسطيني الكامل7 ولكن ما فات هؤلاء المتحمسين، هو أن ثمن هذا القليل هو ألا نكون7 ومرة ثانية أفهم وأتفهم من يجادل في اعلان المبادئ، منطلقاً من أن العدو اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني، وان هذا يعني الاعتراف بالشعب7 ولكن لنذكر ان العدو لم يعترف بالمنظمة الا بعد أن تنازلت، تحت الضغط أو من غير ضغط لا فرق، عن جوهر كينونة الشعب الفلسطيني، لأن الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود، يعني أن الجليل والمثلث والنقب والكرمل ومرج ابن عامر هي أراض غير فلسطينية، أو أنها ليست في احسن الحالات، اكثر من فردوس مفقود7 أنا لا أتحدث في السياسة، أي في نقاط إعلان المبادئ بالتفصيل، لأنني لو فعلت لقلت أن الضفة ذاتها ومعظم غزة القطاع في عداد الفردوس المفقود أيضا فما جرى هو التسليم بأن فلسطين هي ارض اسرائيل التي لم تعترف - للمناسبة - بالمنظمة ممثلا وحيداً لشعبنا بعد كل ذلك، بل مجرد ممثل، والتي تسمح لبعض الفلسطينيين بحق الاقامة والانتفاع من بعض الارض بعد اقتلاع الاظافر والاحلام777 وبما اكتشفت بعد ذلك عدداً من الممثلين الجدد، حسب الحاجة وربما المزاج7 سيقول قائل: إن مجرد تسليم العدو الصهيوني ولو ببعض الحق لبعض الشعب الفلسطيني، يعني بداية النهاية لمشروع هرتزل، وللشعار المجنون حدودك يا اسرائيل من الفرات الى النيل7 وهدا كلام محمول على منطق الحتمية التاريخية، وهذه الحتمية تؤكد ايضاً زوال الحدود بين البشر وانتفاء الظلم وتفرغ الانسان للابداع والسعادة والسيادة على الطبيعة 777 ولكن كم من المياه في الانهار ستجري قبل ان يتحقق هذا الحلم؟ كم من الدموع والدماء، بل كم من الاحلام ستباد وتبدد؟ هكذا نعود الى أن البيت أجمل من طريق البيت، بمعنى أن الرشوة المعنوية، سواء أكان اسمها حكماً ذاتياً أم سلطة وطنية، هي جزء من الطريق الى البيت، لا البيت نفسه7 هي جزء من الطريق الى البيت، لا البيت نفسه7 وحتى هذا الجزء قد لا يكون المحطة المثالية على الطريق الى البيت الاجمل 777 الى فلسطين الحقيقية7 لقد كان من الشاق والقاهر للشعب الذي انتمي اليه، انه محروم من وطنه، ولم يكن المحرومون هم الذين هاجروا فقط، بل الذي بقوا تت سلطة الاحتلال7 وهذا يفسر لماذا أطلق الوجدان العربي على محمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم وراشد حسين وسالم جبران 777 اسم شعراء المقاومة7 ولكن المفارقة أن ما يدعو اليه إعلان المبادئ ضمناً، هو إسقاط هذه الصفة النبيلة عن شعرائنا، وعلى انضمامنا اليهم، لا كشعراء مقاومة جدد، بل كضيوف 777 ولنتخيل كيف يكون المرء ضيفاً777 مجرد ضيف في وطنه777 والثمن؟ التطبيع بشكليه المقترحين7 فإما ان يكون الكيان الصهيوني جزءاً من الشرق الأوسط، وهو ما يعني التسليم النهائي بحق اسرائيل في الغاء فلسطين7 واما ان يكون هذا الكيان امتداداً ل الرجل الابيض في بلادنا، وهذا يعني اعادة انتاج مأساة الهنود الحمر في طبعة عربية فلسطينية هذه المرة! ومع ذلك، فأنا اعتبر أنني، على جبهة الحلم، خسرت موقعة ولم اخسر حرباً 777 لأن حربي مع الظلام الصهيوني ليست محكومة باتفاقية هدنة او اشعال معركة او بالعودة الى قرار مجلس النظام الامني العالمي الجديد 777 قبل الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 بشهرين فقط، كتبت، ثم قرأت أمام جمهور كبير في قاعة جمال عبدالناصر التابعة لجامعة بيروت العربية، قصيدة جاء فيها: لست اطلب شيئاً كثيراً / فقط، أن أغير كل الذي كان / من أول النزف حتى الذي يحدث الآن / أعرف أن المجانين مثلي كثار / وهذا عزاء 7777 فهل هناك سبب للتنازل عن هذا العزاء الخطير بعد اثنى عشر عاماً على اجتياح لبنان، وبعد اعتراف المنظمة بحق شارون في بيتي؟ إنني من العناد بحيث أن حلمي يواصل العزاء ويجدد العناد7