سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" حاورت رئيس المكتب السياسي ل"حركة حماس" في محطات الماضي وأسئلة الحاضر والمستقبل . خالد مشعل :"حماس" ليست تابعة لدولة أو محور وسياستها تحددها حساباتها الفلسطينية زوال اسرائيل حقيقة تاريخية ... واعتبارات حالت دون نجاح مشروع الاندماج مع "الجهاد" 6
سألت "الحياة" خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، عن العلاقات الفلسطينية الفلسطينية والموقف من الرئيس ياسر عرفات. كما سألته عن الموقف من وجود اسرائيل وصراع الحضارات والحصار المضروب حول "حماس" والذي يجعل حركته تقتصر على حفنة من البلدان. وهنا نص الحلقة السادسة: ما هي المحطات البارزة في العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، وما حالها اليوم؟ - مع بداية الانتفاضة الاولى، بدأت علاقات "حماس" الفلسطينية. وساد هذه العلاقات توتر نجم عن الواقع الفلسطيني القديم. فالفصائل التاريخية مثل "فتح" لم تتعامل بسلاسة مع "حماس" الجديدة. وتراوحت المواقف بين التجاهل التام ل"حماس" ومحاولة احتوائها مروراً بالتشكيك والضغط ومحاولات الاقصاء. وترافقت هذه المواقف مع احتكاكات ميدانية. وفرضت الحركة، بفضل الله وتضحياتها وادائها الجهادي المتطور، وجودها. ونشأت علاقات تعاون ميداني مع بعض الفصائل. وواجهنا فجوات في العلاقة مع بعض الفصائل، ولكننا نجحنا في تجاوز هذه المرحلة. وجرى أول حوار رسمي لنا مع "فتح" في اليمن عام 1990، كما أسلفنا، وكذلك تواصلنا مع "الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية" و"القيادة العامة" و"الصاعقة" و"الجبهة الديموقراطية". ونحن نعتبر الموقف الفصائلي المعارض لمدريد في العام 1991 من المحطات البارزة في تاريخ هذه العلاقات. وقد شاركنا في تأسيس ما عرف ب"تجمع الفصائل العشرة" الرافضة لهذه الاتفاقية. وبعد ثلاث سنوات، أي عام 1994، تطورت صيغة التجمع إلى صيغة "تحالف القوى الفلسطينية". توافقنا على رفض أوسلو، وعلى الاستمرار في المقاومة. وعلى أثر اتفاق واي بلانتيشن في العام 1998، عقدت ثلاثة مؤتمرات فلسطينية في غزةورام اللهودمشق. وجمعت المؤتمرات فصائل معارضة، ومستقلين، وبعض الرموز الفتحاوية التي كان لها اعتراض على الاتفاقية. وعكست هذه المؤتمرات اتساع القاعدة الشعبية والفصائلية في الداخل والخارج الرافضة لنهج التسوية والتفريط، خصوصاً مع الفشل المتلاحق لمسيرة التسوية ووصولها إلى طريق مسدود. وعلى رغم قوة الموقف السياسي لقوى المعارضة، لا سيما في ظل انكشاف حقيقة الموقف الصهيوني ونزوعه نحو اليمين والمزيد من التطرف، إلا أن قوى المعارضة لم تتمكن من تطوير حالتها التنظيمية إلى صيغة قيادية فاعلة تسمح لها بالتأثير في القرار الفلسطيني وتصحيح مساره ووجهته، إلى أن شهدنا المحطة الايجابية في العلاقات الفلسطينية والتي نشأت مع انتفاضة الأقصى. حيث شكلت في الداخل "لجنة التنسيق العليا" التي ضمت ثلاثة عشر فصيلاً من مختلف قوى شعبنا الوطنية الإسلامية والتي نجحت بصورة ملحوظة في التنسيق الميداني لفعاليات الانتفاضة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. لكن لم تتمكن هذه القوى من الاتفاق على برنامج سياسي مشترك، على رغم تواصل الحوار في الداخل والخارج، وتكرار المحاولات في غزة والضفة والقاهرة، وآخرها الحوار الذي انتهى هذا الشهر. تأثير سورية وإيران لماذا اعتبرت الفصائل العشرة جزءاً من البرنامج السوري المخالف لبرنامج عرفات؟ - قد يكون السبب جغرافياً. فهذه الفصائل موجودة منذ زمن بعيد في دمشق. كذلك، قد يكون لهذا الاعتبار خلفية تاريخية متعلقة بجذور الخلافات في الساحة الفلسطينية. لكن الحقيقة أن قرارنا في إطار المعارضة والمقاومة قرار فلسطيني مستقل منطلق من المصالح والضرورات الفلسطينية. فاتفاق أوسلو كان مشروعاً خلافياً، ونشب عنه انقسام عميق في الداخل والخارج. إلى أي مدى تؤثر سورية أو ايران في قرار "حماس"؟ - قرار "حماس" نابع من الواقع الفلسطيني وليس تابعاً لأحد، وهذه حقيقة معروفة للجميع بشهادة الواقع والممارسة. ولكن "حماس" - باعتبارها جزءاً أصيلاً من أمتها - تراعي في موقفها مجمل الأوضاع العربية والإسلامية بعيداً عن التبعية والالحاق من ناحية، وعن الصراع والتوتير من ناحية أخرى. وقد نجحت "حماس" في تكريس معادلة متوازنة في علاقاتها العربية والإسلامية. وتؤكد سيرة "حماس" ذلك، وقدرتها على إقامة علاقات مع الدول العربية على اختلاف مواقفها، والاجتهاد في جعل قضية فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني عامل اجتماع وتوحيد للأمة. هل يعتبر جزء من برنامج "حماس" سورياًايرانياً، أو سورياً؟ - بالتأكيد لا. وعلاقتنا الجيدة مع سورية وإيران لا تعني أننا جزء من برنامجهما، ولكن هذه العلاقة جزء من تعزيز العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية. وإن كانت مصالح مشتركة تجمع بين "حماس" وهاتين الدولتين لإحباط تصور للسلام، ولإسقاط حكومة شمعون بيريز، هل تكلف "حماس" بذلك؟ - قطعاً لا. "حماس" لم تسر أبداً في مثل هذا المسار. ولا تقبل لنفسها ما تفترضه. وتنطلق "حماس" في مواقفها من اعتبارات فلسطينية محضة، وتنبع سياساتها من مصالح شعبنا وحقوقه. ألا تدفعون ثمن تأمين ملاذ آمن لكم؟ - كلا، لا ندفع مقابل هذا الملاذ. ولو دفعنا هذا الثمن لكانت مواقفنا غير التي تراها. وجودنا في هذا البلد العربي أو ذاك جزء من حقنا على أمتنا، كما أنه يمثل جزءاً من حال الشتات الفلسطيني. نرفض اتهام "أبو مازن" لماذا اتصلت بأبو مازن عند استقالته، وكم هو حجم دوركم في اسقاط حكومته؟ - نحن نتواصل مع مختلف الشخصيات الفلسطينية، وقيادات السلطة. التقينا أبو مازن في القاهرة، وتحاورنا معه، وتوج حوارنا بمبادرة تعليق العمليات العسكرية. واتخذنا سياسة الحياد في الخلاف المحتدم داخل السلطة الفلسطينية، وعدم الانحياز الى طرف دون الآخر. وكنا ندعو أبو عمار وأبو مازن الى تجاوز هذه الخلافات. وعندما اطلعنا على تفاصيل هذا الخلاف بعد استقالة أبو مازن، رأينا أن مثل هذه الامور لا تليق بعلاقاتنا الفلسطينية. وانطلاقاً من قيم "حماس"، بادرت الى الاتصال به، وقلت له انه على رغم اختلافنا السياسي، نحن لا نقبل اتهامك بالخيانة والعمالة. إذاً، أنتم لا تتهمونه بالخيانة والتخريب، بل تعتبرون ما فعله اجتهاداً؟ - نعم نحن لا نخوّنه. نحن نعيب على محمود عباس نهجه السياسي، ولكننا لا نتهمه بالعمالة. ففي الساحة الفلسطينية، من حقنا الاختلاف، ومن حقنا تخطئة البرامج الاخرى، ويبقى الشعب هو الحكم هل جاء أبو مازن من "الإخوان المسلمين"؟ - كلا، كان صديقاً لبعض رموزهم. "أبو علاء" ما الذي في وسع أبو علاء فعله ولم يكن في وسع أبو مازن؟ - ان السلطة الفلسطينية، وبصرف النظر عمن يديرها، في مأزق. ويكمن المأزق في تسوية أوسلو التي لا فرصة لها في النجاح. ان الاحتلال الاسرائيلي ليس لديه سوى فرض الهزيمة بالقوة على الشعب الفلسطيني، وبالسحق الامني والعسكري. وفي الماضي، لم يكن الموقف الاميركي منحازاً الى اسرائيل كما هو اليوم. والطرف الاوروبي عاجز عن التأثير في الموقف الاسرائيلي. لا أعتقد أن الآفاق مشرّعة أمام أبو علاء أو غيره. ويكمن سبيل الخروج من هذا المأزق في تغيير قواعد اللعبة. ولا تقوم قواعد اللعبة على الالتزام ب"خريطة الطريق"، وإنما تقوم على العودة الى أسس الصراع العربي الصهيوني، والتمسك بالحقوق الفلسطينية، وتوحيد صفوف الفلسطينيين لمواصلة المقاومة حتى انهاء الاحتلال. إذاً تريدون سلوك نهج الحرب المفتوحة. - لا نريد حرباً مفتوحة. فهذا المصطلح يعني اننا متكافآن مع اسرائيل، وأننا سندير الحرب من دون عقل سياسي. نحن ندعو الى ممارسة مقاومة مشروعة، وإلى عقل سياسي لإدارة الصراع. ونحن نتعظ من التجارب السابقة. فانتفاضة الاقصى العظيمة حققت انجازات عظيمة. أثبتنا قدرتنا على استنزاف العدو، وعلى إجباره على التراجع. ولكننا نحتاج الى مساندة فلسطينية، وعربية، وإقليمية لتعزيز منجزات الانتفاضة والمقاومة حتى نصل إلى الهدف الحقيقي وهو زوال الاحتلال. شعبية عرفات الى أي حد أزعجكم اظهار الرئيس ياسر عرفات شعبيته في الساحة الفلسطينية؟ - نحن لا ننزعج من المكتسبات الشعبية التي يحصل عليها أبو عمار أو غيره. فالساحة الفلسطينية تتسع للجميع. ويحق لجميع الفصائل الفلسطينية تحقيق المكاسب، كما حققت "حماس" مكاسب شعبية كبيرة بخاصة في الأسابيع الأخيرة عندما استهدفت الاغتيالات رموزها. لكن الشعبية الحقيقية لأي قائد أو حركة تكون بعرض المواقف وبرامج العمل أمام الاختبار الشعبي، وبترك الاستقواء بأطراف خارجية. والمزاج الفلسطيني بالغ الحساسية، فهو يقف مع مَن يقاوم العدو ومع مَن يحاربه العدو، كما يقف ضد كل من يحظى بالمدح الصهيوني والأميركي. إلى أي مدى قد يذهب أبو عمار بهذا الرصيد؟ - في العام الماضي تضاعفت شعبية أبو عمار بعدما حوصر في المقاطعة في رام الله. وما لبثت شعبيته أن تراجعت بعد رفع الحصار بإبرامه صفقة كنيسة المهد، التي أدت الى إبعاد مناضلين من شعبنا الى غزة وأوروبا، والى سجن أحمد سعدات أمين عام "الجبهة الشعبية"، وفؤاد الشوبكي في أريحا برقابة أميركية بريطانية، وبقبول ترك التحقيق في جريمة العدو في جنين. فالشعبية تزداد عند الصمود، وتتراجع مع التراجع. ومن مصلحة أبو عمار استثمار هذا الرصيد الشعبي للخروج من دوامة التسوية الفارغة. هل هناك معركة رموز بين الشيخ ياسين وأبو عمار؟ وما هي حال العلاقة الشخصية التي تربطهما؟ - علاقاتهما جيدة. وهذه العلاقات ليست متأثرة بابعاد شخصية، بل متأثرة بالاختلاف في البرامج السياسية. لماذا لم تشارك "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي؟ وماذا عن مشاركتها في انتخابات رئاسية؟ - لم نشارك في هذه الانتخابات كونها انبثقت من أوسلو، أي عن برنامج سياسي نرفضه، ونعارضه. أما الموقف من أية انتخابات مقبلة، فسيتم تحديده في حينه. هل صحيح ما قيل عن العرض الذي قدم الى "حماس"، والذي يقضي بمشاركة مستقل مقرب من الحركة في حكومة أبو علاء؟ - كلا. لم يشاورنا أحد، وإنما هو كلام تداولته السلطة في ما بينها. هل تحب أبو عمار؟ وهل تتمنى امتلاك براعته في ادارة الخيوط والامساك بها؟ - في السياسة لا تقوم العلاقات على الحب والكره. نحن نتواصل مع أبو عمار سياسياً، ونقدره. ويزداد هذا التقدير كلما يقترب ابو عمار من الثوابت الفلسطينية، ومن مزاج شعبنا المؤيد للمقاومة. ويتراجع هذا التقدير عندما يبتعد عن هذه الثوابت. ولا أحد ينتقص من براعة أبو عمار، أو يستخف بالنضال الطويل الذي خاضه. نحن انتقدنا أبو عمار في أوسلو لأنه أخطأ وفقاً لمعاييرنا السياسية. ونحن دافعنا عن ابو عمار، ووقفنا ضد الهجمة الاسرائيلية الاميركية التي تعرض لها. وتضامنا معه، وبقينا على اتصال به. من تخص بالتقدير من قيادات "فتح" أبو عمار أم أبو إياد أم أبو جهاد ؟ - أنا لم أحتك ب"أبو جهاد" و"أبو إياد" رحمهما الله. ولكل منهما شخصيته ودوره وتاريخه وتبقى ل"أبو جهاد" خصوصية مميزة كونه قاد ما عرف بالقطاع الغربي، فضلاً عن دوره في انتفاضة 1987. ماذا عن العلاقة مع "الجهاد الإسلامي"؟ - تربط "حماس" علاقة خاصة بحركة "الجهاد الاسلامي". وتصدر هذه العلاقة عن تبنينا نهج مقاومة متقارباً، وعن خلفيتنا التاريخية المشتركة، وعن الفكر الاسلامي الذي يجمعنا. والحمد لله أن علاقتنا اليوم ممتازة ومتطورة. الاندماج مع "الجهاد" هل طرح مشروع اندماج بين "حماس" و"الجهاد"؟ - نعم، طرحت هذه الفكرة. وفي فترتين متقاربتين، جرت محاولتان لتوحيد الحركتين، وبذل جهد كبير. ولكن اعتبارات حالت دون نجاح المحاولتين. وأملي بأن تصبح ظروف الوحدة مناسبة في المستقبل، وإلى حين ذلك، نسعى معاً لتعزيز العلاقة المشتركة. هل حاول أبو عمار اختراق "حماس"؟ - مع بداية أوسلو، حاولت السلطة الفلسطينية إحداث شروخ في "حماس" واستقطاب أتباعها. وكان نهج الاستقطاب والتقسيم قد نجح مع غيرنا من الفصائل، لكنه لم ينجح مع "حماس". فجسم الحركة الداخلي صلب ومتماسك، ولا يقدر أي طرف على تمزيقه. مع الاشارة إلى أن السلطة استقطبت بعض الأفراد من الحركة. يقال ان اسرائيل شجعت قيام الحركة الاسلامية في غزة وفي الضفة الغربية لرغبة منها في ضرب منظمة التحرير؟ - مع الأسف، ما زال البعض يردد هذه النظرية الفاسدة سياسياً، وعقلياً، وواقعياً، وهي فرضية لا تستحق الكثير من النقاش. فلا يعقل أن ينشئ العدو عدواً له. في السبعينات انشغلت اسرائيل بمحاربة الثورة الفلسطينية وفصائلها المعروفة. وهي لم تلتفت الى الاعمال المدنية، غير العسكرية، التي كانت الحركة الاسلامية تقوم بها. ولكن يوم دخلت "حماس" ساحة الفعل النضالي بالمواجهة الشعبية وبالمقاومة العسكرية تنبه العدو إلى خطورتها وبدأ يستهدفها، ومع تصاعد دور الحركة في مقاومة الاحتلال، أصبح تركيز العدو على محاربتها أشد وأكبر. التمثيل الفلسطيني هل تعتبر منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؟ - ان منظمة التحرير قدمت خدمة للقضية الفلسطينية بتجسيدها تطلعات الفلسطينيين، وباستيعابها قوى النضال في إطار موحد، لكن أصاب المنظمة خلل تنظيمي وسياسي. وحملت منظمة التحرير أثقالاً سياسية خارجة عن روح موقفها الاول، وعن بنود ميثاقها، وعن تطلعات الشعب الفلسطيني. وجرى القفز عن مؤسسات المنظمة التي همشت. وبعد الجمود الذي أصابها، لم تقم هذه المنظمة بإجراء انتخابات في الخارج والداخل. وحتى تكون منظمة التحرير الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني بصورة حقيقية، لا بد أن تضم في صفوفها جميع القوى والفصائل والشخصيات الوطنية والإسلامية بما فيها "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، وتبادر إلى تجديد اطرها ومؤسساتها وإعادة بنائها على أسس ديموقراطية جديدة بحيث تعكس الواقع والرأي العام الفلسطيني وتوجهاته السياسية. وفي الانتفاضة الاخيرة، تطورت علاقتنا بفصائل منظمة التحرير، وتعاونا عسكرياً معها. ففي خندق المقاومة، تعاونت "حماس" مع "الجهاد الاسلامي"، ومع "كتائب شهداء الاقصى"، ومع "الشعبية" و"القيادة العامة". كما تعاملت "الجهاد" أيضاً مع هذه القوى. وهذا التعاون الميداني ساهم في تكريس الروح الوحدوية في الساحة الفلسطينية. حديثك يوحي بنجاح "حماس" و"الجهاد" في اختراق "فتح". - كلا، هذا ليس صحيحاً. ففي ضوء فشل تجربة أوسلو، وجدت "فتح" ان مصلحتها تكمن في العودة الى الجذور، أي الى تفعيل البرنامج العسكري لتعزيز شعبيتها. حيث انعكست سلبيات التسوية واداء السلطة السلبي، باعتبارها الحزب الحاكم، على حركة "فتح" التي تراجعت شعبيتها. ونحن نرحب بعودة جميع الفصائل الفلسطينية الى نهج الكفاح المسلح. الاتصال بالأميركيين هل اقتصرت الاتصالات بين "حماس" والاميركيين على تلك التي أجريت في عمان أثناء أزمة المبعدين؟ - لم تجر أي اتصالات بعد ذلك. هل التقى أحد من أعضاء "حماس" أميركيين، وهل قابلت أميركيين؟ وهل تمانع في الالتقاء بهم؟ - ليست هناك لقاءات. ومن حيث المبدأ لا فيتو عندي بخصوص لقاء من هذا النوع. ولكن ليست هناك حاجة أو مصلحة لمثل هذا اللقاء مع مسؤولين أميركيين وذلك بسبب الموقف الاميركي العدواني من المقاومة الفلسطينية والعراق. ... وبالأوروبيين بعد قرار الاتحاد الاوروبي ادراج "حماس" أو الجناح العسكري فيها على لائحة الارهاب، هل توقفت العلاقات مع الاوروبيين؟ - لم تتوقف بالكامل، إذ جرت لقاءات مع بعض الأوروبيين حتى بعد قرار الاتحاد الأوروبي. ونحن على قناعة بأن أي طرف أوروبي معني بالصراع العربي - الصهيوني لا يستطيع أن يقفز عن "حماس" أو يتجاهلها. هل تحلم فعلاً بزوال دولة إسرائيل؟ - وهل هناك فلسطيني، أو عربي، أو مسلم لا يحلم بزوال الاحتلال والعدوان وزوال الكيان الذي قام على أساسهما؟ ومن ينقب في ضمير من يطالب حتى بحصر الحقوق الفلسطينية بحدود 1967، يجد في ذاكرته حيفا ويافا وبئر السبع والناصرة وصفد وغيرها. ان العالم يتحدث عن حل شامل ودائم. ونحن نعتبر ان العدل يكون بعودة الحق الى أصحابه جميعاً. وهل من العدل استعادة حقوق أهل الضفة والقطاع وتجاهل حقوق أهلنا في أراضي 1948 ومن تشرد منهم في أصقاع الدنيا؟ اليهود واسرائيل وماذا ستفعلون باليهود الموجودين؟ هل ستقتلونهم؟ وماذا ستفعلون باليهود الذين ولدوا في اسرائيل، هل ستردونهم الى بولندا؟ - نحن لا نطرح شعارات رمي اليهود في البحر التي كانت متداولة في الماضي، فالقتل ليس هدفنا. لن ترموهم في البحر، بل ستقتلونهم بسيارات مفخخة. - نحن نتحدث عن الحق الفلسطيني والعربي، وعن إعادة الأمور الى نصابها الصحيح. يسعى كل فلسطيني الى تحرير ارضه والى استعادة القدس، ومقدساته، وحقوقه، والى التخلص من الاحتلال. ونحن نقبل بأيسر طريقة ممكنة لتحقيق هذه الاهداف. ولو أمكن انهاء الاحتلال بدون قتال لما مانعنا لكن منطق الواقع والتاريخ بخلاف ذلك، إذ لا تخرج قوى الاحتلال إلا مرغمة تحت ضغط المقاومة. ولكنك تريد زوال هذه الدولة. - ان زوال اسرائيل ليس مجرد رغبة فلسطينية، أو عربية، أو اسلامية، بل هو حقيقة تاريخية وطبيعية، إذ لا بد ان ينتهي الظلم والكيان الذي قام على أساسه. إن الكيان الصهيوني نشأ على أرض لا يمتلكها، وعلى حساب شعب يعيش فوق هذه الأرض. نحن نراهن على أن الوقت سيعمل لصالحنا لكن في ظل المقاومة والتضحيات. ونحن ندرك ان ما نراهن عليه لن يحصل بين ليلة وضحاها، بل قد يتم بالتدريج وعلى مراحل. في التاريخ، احتل الافرنج فلسطين وبلاد الشام مئتي عام، وخرجوا منها في النهاية. وفي حينها، ربما اعتقد البعض ان بقاء الافرنج سيدوم. وهنا يكمن الخطأ القاتل في الغاء خيارات الفلسطينيين المستقبلية، اعتماداً على أن ميزان القوى بين الاسرائيليين وبيننا مختل. بين الدراسات الاستشراقية التي تعنى بها الجامعات الاسرائيلية، كتاب صادر في عمان عن دار الجليل، في غاية الأهمية. وتناول الباحثون الصهاينة معرفة اسباب زوال الوجود الصليبي في فلسطين، ومنطقة الشام لتتحاشاها اسرائيل. وردوا أسباب هذا الزوال الى انعزال الوجود الصليبي عن المنطقة، وعدم حصول التطبيع والاندماج بين الصليبيين ودول الجوار. وخرج هذا الكتاب بخلاصة مفادها ان اسرائيل زائلة ان لم تندمج في المنطقة. ومن هنا ذهب شمعون بيريز الى وجوب اقامة علاقات اقتصادية وثقافية واتصالية تمزج دول المنطقة متجاوزة الهوية العربية والاسلامية الى هوية الاقتصاد والدولار والمصالح المشتركة. وتحطمت هذه النظرية أي الشرق الأوسط الجديد بعد سنة أو سنتين من صدورها. في استطلاع نشرته "يديعوت احرونوت" قبل شهرين بمناسبة عيد رأس السنة اليهودية، يعتبر 73 في المئة من الإسرائيليين ان لا مستقبل آمناً ومضموناً للجيل الشاب في اسرائيل. وبعد أكثر من خمسين عاماً على قيام الكيان الصهيوني، تدل هذه الاحصاءات على عدم اقتناع العقل الاسرائيلي بإمكانية بقائه في اسرائيل، وهذا ما تحدث عنه بقلق ابراهام بورغ وأربعة من الرؤساء السابقين ل"الشاباك" قبل أسابيع. فكيف يفترض بي، أنا الفلسطيني صاحب الأرض والقضية أن أقبل بواقع وجود إسرائيل، وهي التي بدأت تتعدد مآزقها في ظل انتفاضة شعبنا ومقاومته العظيمة. العلاقة ب"الاخوان" ما الذي يربط "حماس" ب"الاخوان" المسلمين في الاردن ومصر وسورية ولبنان؟ وهل هي جزء من التركيبة الدولية لهذا التنظيم؟ - تحمل تنظيمات مختلفة اسم "الاخوان المسلمين" في عدد من البلدان العربية. نحن لدينا علاقات ب"الاخوان المسلمين" في كثير من الاقطار، وبغيرها من الحركات الاسلامية والوطنية والقومية. وهي علاقات تواصل وتنسيق وتعاون وليست علاقات تنظيمية. إذاً، لستم جزءاً من تنظيم "الاخوان المسلمين" العالمي؟ - نحن حركة فلسطينية قائمة بذاتها في فلسطين ولها قضيتها التي تنشغل بها، لكننا منفتحون على أمتنا العربية والإسلامية وعلى مختلف قواها وتنظيماتها بما فيها "الاخوان المسلمون". هل تبقى لأبناء الديانات الأخرى حقوق في حال حكمت "حماس" فلسطين؟ - في ظل الدولة العربية الاسلامية ومنذ أربعة عشر قرناً، حفظت حقوق المسيحيين واليهود وغيرهم في عباداتهم. وعاشوا كما عاشت الاقليات العرقية في الأمة، آمنين على أنفسهم وأموالهم وحقوقهم. هل يعني ذلك السماح لليهودي بالحياة والاكل، والشرب، والنوم، ومنعه من المشاركة في القرار؟ - ان الديموقراطية هي حكم الغالبية. وفي البرلمانات العربية الاسلامية، نجد ممثلين للمسلمين والمسيحيين على حد سواء. وكذلك تنتخب الاقليات غير العربية ممثلين لها في البرلمان. ولم تهمش الاقليات في التاريخ الاسلامي. ويقتضي التمثيل الديموقراطي التعبير عن معطيات الواقع. لكن هذا ينطبق على اليهودي الذي هو جزء من المنطقة العربية وتاريخها وليس اليهودي الصهيوني المحتل والمعتدي. هل يعيشون كأهل ذمة أو كأقلية في نظام ديموقراطي؟ - ناقش العلماء المعاصرون في الفكر الاسلامي مصطلح أهل الذمة، وتحدثوا عن مصطلح جديد وهو المواطنة. ان أبناء الوطن الواحد، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أو يهوداً، لهم حق المواطنة. والتاريخ العربي الاسلامي شاهد على ذلك، بدليل أن ما عرف بالمشكلة اليهودية لم يظهر إلا في أوروبا، وحصل ذلك بسبب الظلم الذي مورس على اليهود. أما المشكلة بيننا وبين اليهود فنشأت يوم احتلوا أرضنا، ومارسوا العدوان علينا. حوار الحضارات هل تؤيد في اعماقك صراع الحضارات، أم هل تحلم بأسلمة العالم، وتفرح بسقوط مركز التجارة العالمي؟ - في ثقافتي الاسلامية العربية قيم عظيمة وهي قيم إنسانية عالمية وليست محلية. وتتربع الرحمة في اعلى سلم هذه القيم. وتقول الآية القرآنية "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". أنا أؤمن بحوار الحضارات وانفتاحها الذي يؤدي الى تطور الفكر الإنساني والعلوم التطبيقية في كل المجالات. فالمسلمون أخذوا العلم من حضارات مختلفة، وطوروه، وابدعوا فكراً خلاقاً وحضارة عظيمة. يحتاج حوار الحضارات الى مناخ صحي متكافئ. أما هيمنة الولاياتالمتحدة كقوة عظمى فتحول دون توافر هذا المناخ. فأميركا تريد ان تفرض ثقافتها بدءاً بالهامبورغر، ومروراً بالألبسة، وصولاً إلى القيم والثقافة. لا يحصل الحوار بين متجبر ومنكسر. ويتوجب على امتنا ان تصبح أقوى علمياً، وعسكرياً، واقتصادياً وسياسياً، وتكنولوجياً، وثقافياً ليتاح لها محاورة غيرها من الحضارات من موقع الندية. كم يبلغ عدد البلدان التي يسعك زيارتها؟ - بات عدد الدول التي استطيع التنقل بينها محدوداً. هل تشعر أنك محاصر ك"حماس"؟ - لا استطيع التردد على بلدان كثيرة. فليس الوضع العربي في احسن أحواله. نحن في مرحلة استثنائية معقدة تكتنفها ضغوط أميركية هائلة. وقليلة هي الدول التي تمتلك الجرأة للقاءات العلنية مع "حماس". لكن الأمة العربية لم تمت. عندما كنا نلتقي برؤساء عرب كنا نجد ان عواطفهم وقناعتهم مختلفة عن مواقفهم المعلنة التي يضطرون الى تبنيها لمراعاة موازين القوى. نعم اشعر بحصار للقضية الفلسطينية، وللمقاومة، لكنها حالة موقتة ولا تنطبق على الموقف الشعبي في الأمة والمؤيد للمقاومة الفلسطينية على نطاق واسع. ونحن نمتلك الأمل واليقين بتغير الاوضاع في المستقبل إلى الأفضل بإذن الله. هل زرت اميركا؟ - زرتها في الثمانينات، وفي بداية التسعينات لحضور مؤتمرات وإلقاء محاضرات. وكانت آخر زيارة لي في 1992. لم أتعرض لمضايقات فاسمي لم يكن معروفاً قبل العام 1993. هل زرت اوروبا؟ - زرت الكثير من دولها، ومنها بريطانيا واسبانيا والمانيا وايطاليا ويوغوسلافيا واليونان والسويد. إلى جانب القرآن الكريم، ما الكتاب الذي تضعه قرب وسادتك؟ - يرافقني القرآن الكريم في ليلي ونهاري بفضل الله. وأنا كثير القراءة والرجوع إلى كتاب رياض الصالحين للإمام النووي ككتاب مشهور في الأحاديث النبوية. هل تأثرت بحسن البنا أم بسيد قطب؟ - نعم تأثرت بالإمام حسن البنا وبالشهيد سيد قطب الذي كانت كتبه تلهم جيلنا، وأنا متنوع الاهتمامات الثقافية. أحب قراءة الشعر والأدب واللغة والتاريخ والسياسة. هل تقاطع ديوان شعر لأن صاحبه شارب خمر؟ - لا حرج في قراءة الأشعار المختلفة بصرف النظر عن صاحبها. فقد كان ابن عباس من أكثر الصحابة مقدرة على تفسير القرآن. وكان يحفظ آلاف الأبيات من الشعر الجاهلي ويستعين بها في فهم وتفسير بعض مفردات القرآن. فالشعر العربي هو مرجع أساسي في اللغة العربية. غداً حلقة أخيرة