بينما تتعالى أصوات الاحتجاج وصيحات الاشمئزاز ضد جرائم النازيين وممارساتهم الوحشية وتجاربهم اللاانسانية على البشر. وبينما تحاول وسائل الاعلام الأميركية في كل مناسبة وبصورة مستمرة ومتكررة ان تذكر العالم بهذه الكارثة الانسانية الرهيبة. خيّم ستار من السرية التامة والتعتيم الاعلامي المحكم على التجارب الخطيرة التي كان بعض العلماء وخبراء الذرة الأميركيين يقومون بها في الاربعينات في حقل الابحاث النووية، والتي شملت 18 مواطناً أميركياً تم حقنهم بمادة البلوتونيوم الشديدة الاشعاع دون علمهم او درايتهم ودون استئذانهم او الحصول على موافقتهم. وذلك لمعرفة الطريقة التي تتفاعل بها هذه المادة الموقدة للقنابل الذرية داخل جسم الانسان. وقد بقيت هويات أولئك الاشخاص مجهولة قرابة 50 سنة الى ان تم الكشف عن بعضها حديثاً بواسطة الصحافية الأميركية آيلين ولسوم التي كرّست 6 سنوات من حياتها في البحث والتدقيق والمتابعة للكشف عن خفايا هذه القضية وما يحيط بها من أخطار تهدد مستقبل الأجيال المقبلة. تبيّن قضية البلوتونيوم والتجارب التي رافقت اكتشاف القنبلة الذرية بوضوح ان العلماء والمسؤولين الذين أشرفوا على التجارب النووية في الأربعينات والخمسينات والستينات لم يعيروا صحة وسلامة المواطنين الاهتمام اللازم الذي تستحقه. وأن نشوة النصر التي تملكتهم إثر القاء قنبلتين نوويتين فوق مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان قد أعمتهم عن ادراك التأثيرات البعيدة المدى للاشعاعات الصادرة عن تلك الانفجارات وما رافقها من تجارب وأبحاث. بداية التجارب منذ عام 1939 ركّز العلماء الأميركيون جهودهم الحثيثة على انتاج القنبلة الذرية الأولى. وقد خصص الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت موازنة غير محدودة للاسراع في انتاج القنبلة التي وصفها بأنها الوسيلة الكفيلة في "ضمان حرية الولاياتالمتحدة الأميركية والعالم الحر بأسره". وفي عام 1942 تولى الجيش الأميركي مسؤولية الاشراف الكامل على تلك المهمة وشكل فريقاً من العلماء ضمن مشروع حربي سري أطلق عليه اسم "مشروع مانهاتن" حيث انضم العالم الفيزيائي الايطالي أنريكو فيرمي الى هذا المشروع اثر نجاحه في توليد أول تفاعل نووي في 2 كانون الاول ديسمبر عام 1942. وشمل المشروع العالم النووي الاميركي جوليوس روبرت اوبنهايمر في لوس ألاموس، حيث تم تحقيق أول انفجار ذري صباح يوم 16 تموز يوليو عام 1945. وكان ذلك بمثابة نقطة تحول بارزة في تاريخ العالم. فقد حاولت نخبة من العلماء النوويين العمل بسرعة خارقة خلال الحرب العالمية الثانية لمتابعة تجاربها النووية التي قادت الى انتاج القنابل الذرية الفتاكة التي دمّرت مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان وأسرعت في انهاء الحرب لصالح أميركا والقوات الحليفة. خلال تلك الفترة من التجارب النووية واثناء انشغال العالم بآثارها الرهيبة، كانت مجموعة من المرضى يزيد عددها على 18 تتعرض للحقن بمادة البلوتونيوم الشديدة الاشعاع، وهي ذات المادة المستخدمة في القنابل الذرية التي دمرت المدن اليابانية. بدأت عمليات حقن مادة البلوتونيوم في أجساد أولئك المرضى عام 1945، قبل 3 أشهر من نجاح العالم النووي الأميركي جوليوس روبرت اوبنهايمر بالتفجير النووي قرب منطقة الاموغوردو. وكانت المؤسسة العسكرية المسؤولة عن تصنيع القنبلة الذرية في أميركا والمعروفة باسم "مشروع مانهاتن" وافقت على اجراء تلك التجارب التي شبهها بعض العلماء المعاصرين بمشروع التجارب النازية الألمانية التي اجريت على البشر اثناء الحرب. ووصف رئيس معهد الطاقة والأبحاث البيئية في واشنطن، الدكتور أرجون ماخيجاني هذه التجارب بأنها واحدة من أحلك القصص في تاريخ العصر النووي. فقد راح العلماء يبحثون عن نماذج بشرية لاستخدامها في تجاربهم هي عبارة عن مرضى لا يحتمل ان يعيشوا أكثر من 10 سنوات، وذلك لتجنب ظهور مضاعفات سرطانية عليهم مستقبلاً نتيجة تعرضهم لأشعة البلوتونيوم. وكان العلماء يطمحون ايضاً الى الاستفادة من الوفاة المبكرة لأولئك المرضى، بحيث يتاح لهم المجال للحصول على اعضاء وأجزاء مختلفة من أجسادهم كالكبد والطحال والقلب والأمعاء والكلى والأضلاع والمبيض او الخصيتين، لفحصها وقياس نسبة اشعاع البلوتونيوم فيها. حاول العلماء تبرير قيامهم بتلك التجارب بحجة ان البلوتونيوم يتمتع بخصائص شبيهة بمادة الراديوم المشعة التي سببت أخطاراً هائلة تم توثيقها اثر وقوع اصابات عدة بمرض السرطان بين النساء الشابات اللاتي كن عملن في مصانع تستخدم مادة الراديوم المشعة في بعض انواع الدهان نتيجة لحسهم للفراشي المستخدمة في عملية الدهن في العشرينات. وحرصاً من الحكومة الاميركية على تفادي وقوع كارثة مماثلة في مختبراتها، ونظراً لأن مادة البلوتونيوم لا يمكن قياسها داخل الجسم الا من خلال فحص البول والبراز، فقد وجد الباحثون ان الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من ذلك هي ادخال كمية محدودة من البلوتونيوم داخل الجسم ومن ثم قياسها في البول والبراز. وكان أول مريض حقن بها في 10 نيسان أبريل عام 1945 يعاني من اصابات بالغة نتيجة تعرضه لحادث مروري. وقد اعتقد بعض الباحثين ان حقنه بمادة البلوتونيوم ربما سارع في شفاء عظامه المتضررة نظراً لخروجه من المستشفى بعد اسابيع عدة من عملية الحقن. هذا مع العلم بأن 6 من المرضى المشمولين بالتجارب كانوا تلقوا جرعات من البلوتونيوم، اظهر قياسها بعد 30 سنة من قبل احد العلماء بأنها مرتفعة جداً لدرجة تمكنها من التسبب بالاورام السرطانية. لهذا تتضارب الآراء بين مؤيد لتلك التجارب ومعارض لها. غير ان كفة الميزان تميل لصالح الفئة المعارضة. وذلك لأن العلماء المؤيدين لتلك التجارب لم يتمكنوا من الحصول على معلومات مفيدة او كافية تبرر اجراؤها. بينما يؤكد هؤلاء بأن تعرض المرضى للبلوتونيوم لم يسبب لهم امراض السرطان ولا توجد ادلة ملموسة تدعم ذلك. وبما ان استنشاق البلوتونيوم أخطر بكثير من حقنه فإنه لا بد من القيام بتلك التجارب لمعرفة تأثير اشعة البلوتونيوم وجرعاتها المختلفة على جسم الانسان. وسواء كانت التجارب على البشر ضرورية أم لا، فإن الأسلوب والسرية وخداع المرضى وتوريطهم بتلك الأبحاث دون علمهم أو موافقتهم ودون افصاح عن المضاعفات والأخطار التي يمكن ان ترافقها، ومحاولة كبت الحقائق لخداع أهل المرضى والسلطات القضائية، أمور غير أخلاقية وغير انسانية لا يصح ان تقوم بها مؤسسات حكومية ولا يعقل ان يتولاها علماء مرموقون كان الأجدر بهم ان يحافظوا على صحة الانسان وسلامته بدل استخدامه كحيوان اختبار والتعدي على حرمة الموتى ونبش القبور لفحصها بسرية بحجة التأكد من أسباب الوفاة أو لأمور مبهمة أخرى. هويات الضحايا مجرد أرقام من المؤسف جداً ان هويات الضحايا الذين شملتهم تلك الأبحاث بقيت سرية لمدة 50 سنة لا يشار اليها الا بأرقام ورموز فقط. فالمريض ألمر ألن الذي كشفت هويته الصحافية آيلين ولسوم وهو موظف السكك الحديدية، كان يعرف في السجلات الطبية بأنه المريض Cal-3. وقد تم حقنه بمادة البلوتونيوم في بطن ساقه التي بترت بعد 3 أيام من حقنها للاشتباه باصابتها بسرطان العظام. والمريض ألبرت ستيفنز الذين يعمل دهاناً للمنازل في كاليفورنيا كان يشار اليه بالرمز Cal-1. وقد أعطي جرعة هائلة من البلوتونيوم قبل 4 أيام من خضوعه لعملية جراحية لسرطان المعدة مع انه لم يكن مصاباً بهذا المرض أصلاً. أما المريض فرد سورز، وهو مسؤول سياسي كان يعيش في ضاحية من مدينة روتشستر، فإن هويته اقتصرت على الرمز HP-9 وقد نبش قبره واخرجت جثته بعد 31 سنة من وفاته لاجراء الفحوصات والتجارب السرية عليها في مختبر آرغون الوطني قرب مدينة شيكاغو. وتعرضة المريضة ايدا شولتز تشارتلون المعروفة بپHP-3 الى هاجس الخوف من الاصابة بالسرطان بعد ان تمت مراقبتها صحياً لمدة 35 سنة في مستشفى سترونغ مموريال التابع لجامعة روتشستر في ولاية نيويورك. كما عرف المريض جون موسو بپHP-6 وكان مصاباً بمرض أديسون، أما في ما يتعلق بباقي المرضى الذين شملتهم التجارب فإن اسماءهم الحقيقية ما زالت مجهولة وهوياتهم مجرد أرقام ورموز، وذلك لأن الحكومة الأميركية الممثلة بادارة الطاقة وهيئة الطاقة الذرية ترفض الادلاء بأية معلومات حولهم وتمتنع عن تزويد وسائل الاعلام والجهات القضائية بنسخ من الملفات الصحية لأولئك المرضى على الرغم من مرور نصف قرن عليها وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة والمباشرة بتفكيك القنابل والرؤوس النووية. المعلومات المتوافرة عن باقي المرضى البالغ عددهم 13 التي تم الحصول عليها عبر سنوات من البحث والتدقيق هي كالآتي: المريض Cal-2 طفل عمره 4 سنوات مصاب بسرطان العظام توفي بعد 8 أشهر من حقنه بكمية من البلوتونيوم تزيد 24 مرة عن ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. تمت عملية الحقن في مستشفى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. المريض CHI-1 رجل عمره 68 سنة يعاني من سرطان الفم. توفي بعد 5 أشهر من حقنه بمادة البلوتونيوم في مستشفى بيلينغز في جامعة شيكاغو. بلغت كمية البلوتونيوم التي حقن بها نسبة تزيد على 56 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريضة CHI-2 امرأة عمرها 56 سنة تعاني من سرطان الثدي المتفشي في انحاء أخرى من جسدها. توفيت بعد 17 يوماً من حقنها بمادة البلوتونيوم في مستشفى بيلينغز بجامعة شيكاغو بكمية تعادل 820 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريض CHI-3 شاب يعاني من مرض هودجكن توفي بعد 170 يوماً من حقنه بأكبر كمية من البلوتونيوم في مستشفى بيلينغز ايضا. تعادل تلك الكمية قرابة 844 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريض HP-1 رجل عمره 67 سنة مصاب بقرحة عفجية. توفي بعد 14 سنة من حقنه بكمية من البلوتونيوم في مستشفى سترونغ مموريال التابعة لجامع روتشستر في ولاية نيويورك. تعادل تلك الكمية 40 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريض HP-2 رجل عمره 48 سنة يعاني من امراض القلب والهيموفيليا. توفي بعد سنتين ونصف من حقنه بكمية من البلوتونيوم، في مستشفى سترونغ مموريال، تعادل 44 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعة طوال حياته. المريضة HP-4 امرأة شابة عمرها 18 سنة تعاني من مرض كوشينغ توفيت بعد سنة ونصف من حقنها بكمية من البلوتونيوم، في مسشفى سترونغ مموريال، تعادل 43 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريض ؟ رجل عمره 56 سنة يعاني من أمراض عصبية وصدرية. توفي بعد 5 أشهر من حقنه بكمية من البلوتونيوم، في مستشفى سترونغ مموريال، تعادل 44 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريضة HP-7 امرأة عمرها 59 سنة، تعاني من امراض القلب الروماتيزمية توفيت بعد 9 أشهر من تاريخ حقنها بكمية من البلوتونيوم، في مستشفى سترونغ مموريال التابع لجامعة روتشستر، تعادل 55 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريضة HP-8 امرأة عمرها 41 سنة، تعاني من مرض جلدي مزمن يؤثر على وظائف الأعضاء الداخلية. توفيت بعد 29 سنة و8 أشهر من تاريخ حقنها بكمية من البلوتونيوم، في مستشفى سترونغ مموريال، تعادل 56 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. المريض HP-10 رجل عمره 52 سنة يعاني من امراض القلب، توفي بعد 11 سنة من تاريخ حقنه بكمية من البلوتونيوم في مستشفى سترونغ مموريال، تعادل 53 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الأشعة طوال حياته. المريض HP-11 رجل عمره 69 سنة يعاني من سوء تغذية مزمن ومن تليف في الكبد. توفي بعد 6 أيام من حقنه بكمية من مادة البلوتونيوم، في مستشفى سترونغ مموريال، تعادل 56 مرة ما يكن ان يتعرض له الانسان من الاشعة طوال حياته. المريض HP-12 رجل عمره 55 سنة يعاني من جروح شديدة اثر حادث مروري. توفي بعد 8 سنوات من حقنه بكمية من البلوتونيوم في مستشفى عسكري بمدينة أوك ريدج بولاية تنيسي، تعادل 41 مرة ما يمكن ان يتعرض له الانسان من الاشعاع طوال حياته. ان السرية التامة التي ما زالت تحيط بهويات اولئك المرضى تدفعنا الى التنبؤ بامكانية وجود ضحايا آخرين لم يتم الكشف عنهم بعد. وقد يتعدى عددهم أضعاف الرقم الذي أمكن كشفه حتى الآن. البلوتونيوم يهدد صحة الأجيال البلوتونيوم هو المادة الپ94 في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية المعدنية. وهو من المواد العالية الكثافة القابلة للاشتعال الفوري اثر تعرضه للهواء. تم اكتشافه عام 1941 بواسطة عالم الذرة الأميركي غلين سيبورغ في مختبرات جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي. وقد حاز الدكتور سيبورغ على جائزة نوبل العالمية الشهيرة لاكتشافه هذا. يعتبر البلوتونيوم من أكثر المواد الاشعاعية التي صنعها الانسان. فهو قادر على اصدار طاقة هائلة من الأشعة الشاردة القادرة على تحطيم الخلايا البشرية والقضاء عليها. لهذا فإن أية كمية من البلوتونىوم، مهما صغر حجمها، يمكنها ان تسبب أمراض السرطان. كما ان التجارب البيولوجية تشير الى ان هذه الأشعة قادرة على زعزعة الكروموسومات الوراثية بشكل يؤثر على سلامة نمو الأطفال وصحة الأجيال في المستقبل. واذا عرفنا بأن البلوتونيوم 239 المستخدم في صناعة القنابل النووية قادر على البقاء في الأجواء وتلويث البيئة لأكثر من 49 ألف سنة، وأن الخلاص منها قد يستغرق أكثر من 500 ألف سنة، لأدركنا مدى خطورة هذه المادة وأهمية احتوائها والسيطرة عليها والحرص على عدم استخدامها في التجارب النووية التي تلوث الأجواء وتعرض البشر لأخطار بعيدة الأمد لا يعرف احد مداها. وقد صرّح العلماء العاملون في حقل الذرة الذي تضطرهم طبيعة عملهم الى التعامل مع مادة البلوتونيوم يومياً، بأن هنالك احتمالاً كبيراً في ان يكون معظم الناس في الولاياتالمتحدة وفي الدول التي تقوم بالتفجيرات النووية حاملين بضع جزيئات من مادة البلوتونيوم في هياكلهم العظمية نتيجة مئات التجارب النووية التي أجريت في الاربعينات والخمسينات والستينات. كما صرح البروفسور ج. نيويل ستنارد، احد الاساتذة المرموقين في جامعة روتشستر في نيويورك وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو بأن البلوتونيوم قد اكتسب سمعته السيئة من الهيستيريا التي رافقت وصفه بأنه أخطر مادة سامة عرفها الانسان من قبل احد العلماء المشاركين بمشروع مانهاتن في الاربعينات. وانه كان من الأجدر وصفه بأنه واحد من أكثر المواد السرطانية الفاعلة وذلك لوجود عدد كبير من المواد السامة الأخرى في العالم. أما البروفسور جون غوفمان الاستاذ المبرز في جامعة كاليفورنيا في بيركلي وأحد كبار الخبراء الرائدين في مجال خطورة الاشعاعات المنخفضة المستوى، فإنه يرفض ادعاءات العلماء العاملين في مصانع الأسلحة النووية وغيرهم بأنه لا يمكن ربط البلوتونيوم بالاصابة بأمراض السرطان. ويشير الدكتور غوفمان في كتابه "الاشعاع وصحة الانسان" الى ان آلاف الكيلوغرامات من ذرات البلوتونيوم المشعة التي تم حقنها في الفضاء عام 1962 قد عادت الى الارض. ويتوقع ان يسبب هبوطها حوالي 950 ألف وفاة من أمراض سرطان الرئة في العالم. ان خطر البلوتونيوم على الأجيال المقبلة هو أكبر من ذلك بكثير. فذرات البلوتونيوم قادرة على زعزعة تركيب الجينات الوراثية والكروموسومات. وهذا التأثير له مضاعفات صحية اضافية نظراً للأمراض الأخرى التي يمكن ان يسببها للبشر في المستقبل، كأمراض القلب والأورام السرطانية والفصام العقلي وغيرها من الأمراض. ان مخزون البلوتونيوم آخذ في الازدياد بصورة تصاعدية في كل من الولاياتالمتحدة الاميركية وروسيا نتيجة لنزع الأسلحة النووية وتعطيل الرؤوس النووية للصواريخ المزودة بها. وقد يرتفع هذا المخزون من 1100 طن الى 1700 طن بحلول عام 2003. وهذا يكفي لتصنيع 21700 قنبلة ذرية في روسيا و18100 قنبلة في الولاياتالمتحدة الأميركية. وبما ان المفاعلات النووية تنتج ما بين 60 و70 طناً اضافياً سنوياً، فإن الخطر من امكانية سوء استخدامها او تسويقها بصورة غير رسمية الى الدول الراغبة في الحصول عليها او سرقتها من قبل مجموعات ارهابية، قد أصبح أكثر احتمالاً من ذي قبل. وتجدر الاشارة الى ان 5 كليوغرامات تكفي لصنع قنبلة مماثلة لتلك التي دمرت مدينة ناكازاكي اليابانية. وفي ظل هذه الحقائق وبعد الكشف عن فضيحة البلوتونيوم الاميركية وانفجار مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفياتي سابقاً، وتداركاً للخطورة البالغة التي تتهدد الأجيال، فإن الدول المصنعة لتلك المادة مطالبة قانونياً وأخلاقياً في الحد من القيام بالتفجيرات النووية والحرص على احتوائها ومنع تسربها وعدم استخدام البلوتونيوم في أية تجارب كانت على البشر مهما كانت حالتهم المرضية. كما ان حكومة الولاياتالمتحدة الأميركية مطالبة اخلاقياً وانسانياً بالكشف عن هوية الاشخاص الذين وقعوا ضحية لتجارب البلوتونيوم وتعويض عائلاتهم عن الاضرار النفسية والجسدية التي اصابتهم. ملف الفضيحة عام 1941 اكتشف الدكتور غلين سيبورغ و3 علماء آخرين مادة البلوتونيوم في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي في الولاياتالمتحدة الأميركية. عام 1944 انفجر البلوتونيوم في جه دون ماستيك احد الكيميائيين العاملين في مختبر لوس الاموس الوطني. آذار مارس 1945 اجتمع مسؤولون طبيون يعملون في مشروع مانهاتن في منطقة لوس الاموس للمساعدة في وضع الترتيبات اللازمة لدراسة تأثير حقن البلوتونيوم في جسد احد المرضى في مدينة روتشستر او شيكاغو. 10 نيسان ابريل 1945 تم حقن أول مريض مصاب بجروح مرورية خطيرة بمادة البلوتونيوم في مستشفى الجيش في أوك ويدج بولاية تينيسي. 26 نيسان ابريل 1945 تم حقن مريض مصاب بالسرطان بمادة البلوتونيوم في مستشفى بيلينغز بجامعة شيكاغو، وهو واحد من ثلاثة مرضى حقنوا بالبلوتونيوم هناك. 14 أيار مايو 1945 تم حقن المريض البرت ستيفنز بمادة البلوتونيوم في مستشفى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، حيث حقن مريضان آخران لاحقاً. 6 آب اغسطس 1945 اسقطت القنبلة الذرية فوق مدينة هيروشيما في اليابان. 9 آب اغسطس 1945 اسقطت القنبلة الذرية فوق مدينة ناكازاكي في اليابان. 27 تشرين الثاني نوفمبر 1945 تم حقن المريضة ايدا شولتز تشارلتون بمادة البلوتونيوم في مستشفى سترونغ مموريال التابع لجامعة روتشستر للطب والأسنان، حيث حقن 10 مرضى آخرين لاحقاً. 1 شباط فبراير 1946 تم حقن جون موسو بمادة البلوتونيوم في مستشفى سترونع مموريال. 3 نيسان ابريل 1946 تم حقن المريض فرد سوزر بمادة البلوتونيوم في مستشفى سترونغ مموريال. 1 كانون الثاني يناير 1947 تولت هيئة الطاقة الذرية الأميركية مهمات مشروع مانهاتن. 17 نيسان ابريل 1947 حوّلت الوثائق المتعلقة بالتجارب النووية على البشر والتي يمكن ان يكون لها مضاعفات صحية او ينتج عنها من ملاحقات قضائية الى وثائق سرية. 18 تموز يوليو 1947 تم حقن المريض المر ألن بمادة البلوتونيوم في مستشفى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. 9 كانون الثاني يناير 1966 توفي المريض ألبرت ستيفنز وتم ترميده في مدينة سانتاروزا بكاليفورنيا. 21 كانون الاول ديسمبر 1972 مركز الاشعة البيولوجية الانسانية في مختبر آرغون الوطني في شيكاغو يصدر تعميماً يحظر ذكر البلوتونيوم وعلاقته بالدراسات التي تتم متابعتها. 28 كانون الثاني يناير - 18 شباط فبراير 1973 المريضة ايدا شلوتز تشارلتون تدخل مستشفى سترونغ مموريال لمتابعة الدراسات عليها. 11 - 26 حزيران يونيو 1973 المريض ألمر ألن يصل الى مركز آرغون للأشعة البيولوجية الانسانية لقياس مدى تأثره بالاشعاع ومتابعة حالته في مستشفى سترونغ مموريال. 21 حزيران يونيو - 1 تموز يوليو 1973 المريض جون موسو يخضع لدراسات متتالية في مستشفى سترونغ مموريال. 24 أيلول سبتمبر 1973 يتم نبش قبر المريضة المعروفة بپHP-4 لفحص جثتها. 17 أبريل نيسان بدأت هيئة الطاقة الذرية تحقيقاً داخلياً حول تلك التجارب. 21 أيار مايو 1974 قام العلماء بزيارة خاصة الى ولاية تكساس لاعلام طبيب المريض ألمر ألن عن قصة حقنه بمادة البلوتونيوم. 10 حزيران يونيو 1975 تم نبش قبر المريض CHI-1 وفحصت جثته. تموز يوليو 1975 أعيد دفن جثة المريض HP-4. 16 تشرين الأول أكتوبر 1975 تم شحن رفات المريض ألبرت ستيفنز الى مختبر آرغون الوطني. نيسان ابريل 1978 أعيد دفن جثة المريض CHI-1. 18 أيار مايو 1978 تم نبش قبر المريض فرد سورز في مقبرة روتشستر. 23 - 24 كانون الثاني يناير 1979 تم اجراء دراسة اخرى على المريضة ايدا شولتز تشارلتون في مستشفى سترونغ مموريال. آب اغسطس 1981 اعيد دفن جثة المريض فرد سورز. 24 كانون الثاني يناير 1983 توفيت المريضة ايدا شولتز تشارلتون. 16 أيار مايو 1984 توفي المريض جون موسو. 30 حزيران يونيو 1991 توفي المريض ألمر ألن.