الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    انطلاق أولى سباقات ميدان فروسية الجبيل للموسم الحالي    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية    ألوان الأرصفة ودلالاتها    الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    الاخضر يدشن تدريباته في جاكرتا لمواجهة اندونيسيا    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى قنبلة هيروشيما : 56 سنة مرت ... وأخطار الأسلحة النووية تهدد البشرية
نشر في الحياة يوم 06 - 08 - 2001

في صبيحة السادس من آب اغسطس 1945، اسقطت القنبلة النووية الأولى على هيروشيما، وبعد أقل من 74 ساعة اسقطت الثانية على ناغازاكي، وكان تعليق الرئيس الأميركي هاري ترومان، فور سماعه خبر تدمير هيروشيما، ان ذاك العمل هو... "أعظم شيء في التاريخ"، فيما وصف العالم النووي ليو زيلارد، الذي جاهد ضد استعمال القنابل الذرية، قرار القاء القنبلتين على اليابان بأنه "أحد أسوأ الأخطاء الفاضحة في التاريخ".
في 6/8/1945، كانت سداكو سساكي طفلة في عامها الثاني. لم تُقتل فوراً في الثامنة والربع صباحاً مع نحو مئة ألف من مواطنيها في هيروشيما، ولم تمت قبل نهاية ذلك العام مع ما يقرب من مئة وخمسين ألف هيروشيمي آخر. لكنها توفيت بعد ذلك بعشر سنوات، شأنها شأن معظم "الناجين" من المحرقة النووية الذين سبقوها أو لحقوا بها، من جراء مرض ابيضاض الدم، الناجم عن التعرض للاشعاعات الذرية. وعندما علمت ابنة الثانية عشرة انها مصابة باللوكيميا، لجأت الى أسطورة يابانية تعِد الانسان بتحقيق أمنيته بمجرد ان يصنع ألف طائر كُركيّ أو غُرنوقيّ من الورق، وكانت امنية سداكو أن تشفى، وأن تُحقق السلام العالمي... وبدأت في صنع الطيور الورقية.
غير ان سداكو تُوفيت قبل وصول طيورها الورقية الى 650، فأتمّت زميلاتها في الصف تلك المهمة، آملات مثلها في حلول السلام الشامل. وتحقق جانب من تلك الأسطورة اليابانية، إذ بقيت سداكو حية في أذهان مئات الملايين من البشر وقلوبهم.
يُصرُّ الاميركيون منذ نحو 56 سنة على أن قرار إلقاء القنبلتين الذريتين قصَّر أمد الحرب العالمية الثانية، وأنقذ حياة الكثيرين من جنود الولايات المتحدة، ومنع مشاركة الاتحاد السوفياتي في "إدارة" اليابان ما بعد الحرب، وهي مقولات مترسخة في عقولهم، وعقول مؤيديهم، على رغم اعتراض الكثير من المؤرخين المعاصرين. وحتى لو صحَّ القول بأن ذاك القرار أنهى حرباً كبرى، فإن من الصحيح أكثر القول انه قضى على براءة لا يستطيع العالم استعادتها، وأدى الى سباق تسلُّح مرعب "وضع البشرية كلها، والحياة في معظمها، تحت خطر الابادة الكلية"، كما يقول رئيس "مؤسسة السلام في العصر النووي" دايفيد كريغر.
في مطلع عام 1945، بدأ العلماء "الفرانكنشتاينيون" في اجراء تجارب سرية على سمِّيَّة العنصر الفلزيّ الاشعاعي النشاط، البلوتونيوم، عبر حقنه في أجسام مرضى وسجناء، من دون معرفة هؤلاء أو موافقتهم. وفي 16/7/45، قبل الخامسة والنصف صباحاً، أُجري في ولاية نيو مكسيكو أول تفجير ذرِّي في العالم. ويقول مدير المشروع، عالم الفيزياء النووية ج. روبرت أوبنهايمر 1904 - 1967، مستشهداً بأحد الكتب الهندوسية: "لقد أصبحتُ الموتَ ومدمِّر العوالم". وسبق لأوبنهايمر أن قال قبل ذلك بأربعة أسابيع فقط، أمام لجنة حكومية موقتة، ان القنبلة الذرية "سلاح ليس له أي أهمية عسكرية. سوف تُحدث فرقعة قوية - فرقعة قوية جداً - لكنها ليست من الأسلحة المفيدة في الحرب" ولعله كان مؤمناً بذلك، إذ عارض لاحقاً مشروع القنابل الهيدروجينية، وأوقف عام 1953 عن العمل في الأبحاث النووية السرية لاعتباره شخصاً لا يؤمَن جانبه وقد يأتي منه خطر على المشروع أو على الدولة ككل.
نجحت التجارب على "الوحش" الذري، فأيقظوه بعد ذلك بثلاثة أسابيع وأطلقوه لتدمير ما زعم ترومان في 25/7/45 انه سيكون "هدفاً عسكرياً محضاً"، لكن النتيجة المخطط لها كانت ضرب المدنيين وإحراقهم، لحمل العسكريين على الاستسلام. وبلغت الوقاحة بالرئيس الاميركي الى حد اعلانه للمواطنين في 9/8/45 ان "العالم سوف يلاحظ ان القنبلة الذرية الأولى أُلقيت على هيروشيما، وهي قاعدة عسكرية. وجرى ذلك لأننا تمنينا منذ اللحظة الأولى تجنُّب قتل المدنيين، قدر المستطاع"، في حين ذكر التقرير الرسمي لمسح النتائج ان "هيروشيما وناغازاكي اختيرتا كهدفَيْن بسبب كثافة نشاطاتهما وسكانهما". ولذلك كان أكثر من 95 في المئة ممن قُتلوا... مدنيين.
لم ينَم ذلك "الوحش" منذ عام 1945، بل راح يتوالد ويتكاثر في الكثير من دول العالم، وصار - بالمقارنة والمغايرة مع "الأبناء" ثم "الأحفاد" - من مخلفات الماضي، وأشبه بالحَمَل الوديع. وعلى رغم انتهاء "الحرب الباردة" قبل عشرة أعوام، فإن ما يقدَّر بثلاثين ألف قطعة سلاح نووي لا تزال موجودة في الترسانات، وخصوصاً في المخازن الأميركية والروسية.
ويقول دايفيد كريغر، الذي ترفع منظمته شعار "شنُّ السلام في العصر النووي"، ان "نحو 4500 قطعة سلاح نووي ما زالت في حال تأهُّب للاطلاق الفوري". ويذكر رئيس "مؤسسة السلام في العصر النووي" ان اسرائيل تملك "نحو 200 سلاح نووي"، كما حصلت على "غواصات صغيرة، قادرة على اطلاق صواريخها المسلحة نووياً".
التوقيع على العريضة العالمية
توجِّه "مؤسسة السلام في العصر النووي" NAPF دعوة عالمية عامة، الى مجموعة من الشخصيات العالمية في التوقيع على عريضة تحث زعماء دول الأسلحة النووية على: إلغاء حال التأهب لكل الأسلحة النووية، والبدء في مفاوضات للقضاء على كل هذه الأسلحة، وإعادة تخصيص البلايين المنفقة على الترسانات النووية... لتحسين صحة الانسان وتربيته ورفاهته. ويوقِّع على هذه العريضة الالكترونية يومياً عدد كبير من أبناء هذا العالم الذين يرَوْن أن استمرار خطر الإبادة النووية غير مقبول، و"شائن بحق الروح الانسانية". وتتدفق التوقيعات على هذه العريضة راجع موقع المؤسسة على الانترنت: www.wagingpeace.org من طول الولايات المتحدة وعرضها، ومن دول عدة في العالم، بينها الهند وباكستان واسرائيل والبرازيل. ومن مصلحتنا ومن واجبنا، نحن العرب، دعم هذه العريضة وبذل كل الجهود للقضاء على الأسلحة النووية.
لننضم الى العشرات من القادة والأكاديميين والاعلاميين ونجوم السينما في التوقيع على هذه العريضة، التي أصدرها في 12/3/2001 نحو مئة من الشخصيات العالمية. ومن موجِّهي العريضة 36 من الحائزين على جوائز نوبل، وثلث هؤلاء ممن حازوا على جائزة نوبل للسلام، من أمثال الدالاي لاما الرابع عشر، والرئيس الكوستاريكي ا لسابق أوسكار آرياس، والمناضل التيموري خوزيه راموس - هورتا، والرئيسة الاميركية ل"الحملة الدولية لحظر الألغام البرية" جودي وليامز. ومن الشخصيات السياسية الحالية والسابقة، رئيس البلدية في كل من هيروشيما وناغازاكي، والرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، والأدميرال يوجين كارول، والملكة نور الحسين، ورئيس الأساقفة ديزموند توتو. ونقرأ أسماء مشاهير نجوم السينما: بول نيومن، مارتن شين، مريل ستريب، هاريسون فورد، الخ. ومن الشخصيات العالمية الأخرى، الملاكم الأسطوري محمد علي، وكوريتا سكوت كينغ أرملة داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، جونيور، وفاضح الأسرار النووية الاسرائيلية موردخاي فعنونو فانونو، ومؤسس شبكة CNN تيد تيرنر.
جاد في النداء - المناشدة الى وضع حدٍّ نهائي لأخطار الأسلحة النووية على البشرية ان هذه الأسلحة باطلة أخلاقياً وقانونياً، لأنها تدمر من دون تمييز، وان ازالتها من الوجود واجب الزامي أكدت عليه بالاجماع محكمة العدل الدولية في لاهاي. ومن المطالب الخمسة لموقِّعي العريضة الدولية، إعلان دول الأسلحة النووية تعهدها - ابان فترة التخلص المرحلي التدريجي من هذه الأسلحة - بألاّ تكون البادئة في استعمالها ضد دول اخرى تملك أسلحة نووية، وبألا تستعملها اطلاقاً ضد دول لا تملك مثل هذه الأسلحة. وبدل الحفاظ على - وربما تطوير - ترسانات الأسلحة النووية، تطالَب دول هذه الأسلحة بتخصيص أجزاء كبيرة من هذه الأموال الطائلة، البالغة عشرات البلايين من الدولارات، لتحسين الأوضاع الصحية والتربوية والمعيشية في مختلف أرجاء العالم. وتنقل المنظمة المتبنِّية لهذه الحملة عن جمعية "الحضور السلمي للمرأة" قولها: إننا نريد إعادة توجيه العقول والأموال التي تستخدمها بلادنا الولايات المتحدة من اختراع وسائل لتدمير بعضنا بعضاً... الى تعلُّم كيف نعيش معاً.
هناك حكمة صينية ملخَّصُها: أنّ النفس المستنيرة تخلق في الانسان الجمال، والجمال في الانسان يخلق في البيت الانسجام، وهذا الانسجام يخلق في الأمة النظام، وان كان في الأمة نظام، فلسوف يحظى العالم بالسلام.
* كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.