وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    صناعة الذكاء الاصطناعي وتأثرها بالولاية الثانية لترمب    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    الخليج يهزم الدحيل ويتأهل إلى نهائي البطولة الآسيوية للأندية لكرة اليد    غداً .. 15 من نخبة فرسان العالم في "نهائي الرياض" والجوائز تتجاوز 43 مليون ريال    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    حديقة السويدي تحتفي بالثقافة البنغلاديشية ضمن "انسجام عالمي"    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    بوتين: قصفنا أوكرانيا بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    إحباط تهريب (26) كجم "حشيش" و(29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    مدرب تشيلسي متحمس لمواجهة فريقه السابق ليستر في الدوري    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    واشنطن ترفض «بشكل قاطع» مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت    رئيس البرلمان العربي يدين الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة ويحذر من عواقبه    خبير مصري ل«عكاظ»: تعنت نتنياهو وراء فشل مفاوضات غزة    جائزة الأمير عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن تحتفي ب 15 فائزًا بدورتها الثانية    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    "تزايد" تختتم مشاركتها في سيتي سكيب 2024 بتوقيع اتفاقيات وإطلاق مشاريع ب 2 مليار ريال    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    يفتتح السفير الهندي رسميًا الجناح الهندي في معرض ربط الشركات التجارية العالمية بالمملكة العربية السعودية 2024 الذي ييتم تنظيمه بالتزامن مع معرض4P الخليج ومعرض الآلات والأدوات.    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    «المسيار» والوجبات السريعة    الصقور السعودية    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الاتحاد يستعيد "عوار" .. وبنزيما يواصل التأهيل    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الإعراض عن الميسور    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    نواف إلى القفص الذهبي    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدهور مفاعل ديمونة يهدد بكارثة في المنطقة بدائرة قطرها 2000 كلم . على اسرائيل القبول بالتفتيش الدولي
نشر في الحياة يوم 23 - 10 - 1998

نشرت صحيفة "يديعوت آحرونوت" في الأسبوع الأخير من ايلول سبتمبر 1998 تقريراً أعده الخبير النووي الأميركي هارولد هاو حول الحال الفنية لمفاعل ديمونة النووي، ذكر فيه أن البنية المعدنية التي تغلف هذا المفاعل تضررت بشكل كبير بسبب مستوى الإشعاعات العالي، ومن الممكن أن يحدث فيه انهيار في أي وقت. وأضافت الصحيفة الاسرائيلية أن التقرير الذي أعده هاو يرتكز على وثائق حصل عليها من داخل محطة ديمونة النووية، كذلك صور التقطتها طائرة تجسس روسية في العام 1985، تعطي دلالات على حدوث تسرب إشعاعات كثيرة من المفاعل. وقارن بين غياب المساحات الخضراء التي تلاشت من المنطقة المحيطة بالمفاعل، وبين ظاهرة مماثلة حدثت في منطقة محطة هانفورد النووية القريبة من واشنطن، حين غابت ايضاً المساحات الخضراء منها، إلا أن الولايات المتحدة سارعت بإغلاق المفاعل منذ عشر سنوات، وانفقت البلايين من الدولارات من أجل إزالة التلوث الذي أصاب المنطقة المحيطة بالمحطة النووية.
وعقب نشر هذه المعلومات في الصحيفة الاسرائيلية، طلب عبدالوهاب الدراوشة عقد مؤتمر دولي عاجل لبحث الموضوع والعمل على منع وقوع كارثة نووية تصيب المنطقة كلها بسبب تآكل مفاعل ديمونة الذي انشئ منذ 35 عاماً، وأصبح يعاني من اهتراء وتشقق، وينذر بتسرب إشعاعاته الى الخارج. وليست هذه المرة الأولى التي تُثار فيها مشكلة التلوث الإشعاعي، الصادر عن مفاعل ديمونة، إذ سبق في آذار مارس 1996 أن أذاع التلفزيون الاسرائيلي ضمن برنامج "نظرة أخرى" فقرة أعرب فيها علماء اسرائيليون عن تخوفهم من احتمال حدوث تسرب نووي يهدد مصادر المياه الجوفية في منطقة ديمونة، ومن أن يؤدي وقوع أي زلزال الى تسرب النفايات النووية.
وأثار هذا البرنامج ردود فعل في الدول العربية المحيطة باسرائيل، وكذلك ايران، الذين تقدموا بطلب الى الهيئة الدولية للطاقة النووية، لاخضاع هذا المفاعل للتفتيش الدولي خصوصاً وأن موقعه قريب من منطقة الأخدود السوري- الافريقي، وأن حدوث أي زلزال في جنوب البحر الميت بقوة 6 درجات بمقياس ريختر - وهي منطقة تعرضت لزلازل في السنوات الأخيرة كان آخرها في تشرين الثاني نوفمبر 1995- ليس من المتوقع أن يحتملها المفاعل، إذ أن الخطر الناتج عن الهزات الأرضية لا يتمثل في احتمالات انهيار المفاعل فقط بقدر ما يتمثل في إصابة عدد من الأنابيب فيه، وهو أمر قد ينتج عنه وضع بالغ الحساسية.
تاريخ المفاعل
يشير كتاب "هاركافي"، لوليم بد المعنون: "الولايات المتحدة وانتشار الأسلحة النووية" إلى أن التعاون الفرنسي- الاسرائيلي في المجال النووي بدأ في العام 1953 بإشراف شخصي من شمعون بيريز، وذلك في إطار مخطط أشمل للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، شمل أسلحة تقليدية وفوق تقليدية، وذلك بعد أن عارض وزير الخارجية الأميركي جون فوستر دالاس إقامة علاقات خاصة مع فرنسا في المجال النووي مماثلة لتلك التي قامت بين الولايات المتحدة وبريطانيا.
وساهم هذا الموقف الأميركي في ابتعاد فرنسا عن منظمة حلف شمال الاطلسي في العام 1960، ودفع فرنسا الى الاقتراب أكثر من اسرائيل. وخلال سنوات الشراكة النووية مع فرنسا حصلت اسرائيل، ليس فقط على مفاعل ديمونة النووي، بل ايضاً على التقنية النووية والإمكانات والمواد اللازمة حتى أصبحت اسرائيل خلال سنوات قليلة قوة نووية مهمة في منطقة الشرق الأوسط. وسمحت فرنسا للعلماء الاسرائيليين بالحصول على نتائج التجارب النووية التي أجرتها في صحراء الجزائر، وبلغ عددها حوالى 42 تجربة من أجل الوصول الى تكنولوجيا تصغير الرؤوس النووية لقوة أقل من 20 كيلو/ طن القنبلة العيارية التي ألقيت على هيروشيما في العام 1945 تكون في حدود تبدأ من نصف كيلوات/ طن وحتى 10 كيلو/طن، ليمكن استخدامها بواسطة صواريخ بالستية أو مواسير مدفعية، وهو ما وفر على اسرائيل اجراء عدد كبير من التجارب الميدانية لكي تصل الى هذه النتائج.
وفي العام 1955 بدأ التعاون الاسرائيلي - الفرنسي في مجال أبحاث الصواريخ أرض/ أرض في إطار شركة "داسو"، اذ حصلت اسرائيل على تكنولوجيا الصاروخ الفرنسي MD-6609MD-620 وهما أساس الصواريخ الاسرائيلية من طراز "أريحا". وفي العام 1957 وقعت اسرائيل مع فرنسا عقد بناء مفاعل ديمونة، وتم الاتفاق على الاحتفاظ بسرية هذا الاتفاق. وفي 21 كانون الاول ديسمبر 1959، بدأت اسرائيل فعلاً في إقامة مفاعل ديمونة بإشراف مهندسي الطاقة النووية الفرنسيين. وسمحت الحكومة الفرنسية لشركة "سان جوبان" النووية المعروفة باسم "الجمعية العامة للتكنولوجيا الحديثة" بإقامة مفاعل من طراز G-3 وG هي اختصار كلمة "غرافيت" وهي المادة التي تستخدم كمعدل في هذا المفاعل، ويوجد مثيله في مدينة ميروكول في فرنسا.
اختير موقع المفاعل في شمال غرب مدينة ديمونة على طريق بئر سبع - ديمونة، وانتهى تشييده في العام 1963، ثم بدأ تشغيله في العام 1965 بطاقة 26 ميغاوات. ويتميز هذا المفاعل بأن نظام التبريد فيه يعمل بالماء الثقيل، ويستخدم اليورانيوم العادي كوقود لتشغيله واستخراج البلوتونيوم 239، وذلك بنظرية فصل البلوتونيوم، وليس بنظرية تخصيب اليورانيوم 235.
وحصلت اسرائيل بطرق مختلفة على كميات من اليورانيوم الخام والبلوتونيوم - شملت عمليات تهريب ضخمة قامت بها "الموساد" من الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة - لكنها تعتمد حالياً على استخراج اليورانيوم الطبيعي من الفوسفات الموجود بكميات ضخمة في حوض البحر الميت. وتكلف انشاء هذا المفاعل 130 مليون دولار. وفي العام 1982 ارتفعت طاقة المفاعل الى 70ميغاوات، وفي العام 1987 ارتفعت طاقته مرة أخرى إلى 150 ميغاوات.
وفي العام 1960 ساورت الشكوك وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن طبيعة المنشآت الجاري اقامتها في منطقة ديمونة، إذ أفادت مصادر معلوماتها أن هناك مفاعلاً نووياً ينتج مواد إنشطارية قادرة على انتاج نصف قنبلة نووية سنوياً. وبطرح هذه المعلومات على اسرائيل، والصور التي التقطتها طائرة استطلاع في عامي 1959 و1960، أفادت حكومة بن غوريون آنذاك أن هذه المنشآت تتعلق بمصنع نسيج تجري اقامته.
وبتضييق الخناق عليها اعترفت تلك الحكومة بأنه مفاعل أبحاث نووي لأغراض الأبحاث السلمية، وكان ذلك في كانون الاول 1960، بعد أن استدعى وزير الخارحية الأميركي السفير الاسرائيلي في واشنطن، وطرح عليه ثمانية اسئلة عن النشاط النووي.
ولم تنظم فرنسا أي اجراءات للإشراف أو التفتيش على المفاعل، سواء بواسطة فنيين فرنسيين، أو عن طريق الوكالة الدولية للطاقة النووية بغرض منع استخدامه في الأغراض العسكرية. وعلى رغم إدراك الولايات المتحدة للطبيعة العسكرية لهذا المفاعل، فإنها لم تنجح إلا في الحصول على بعض الحقوق المحدودة وغير الكافية للتفتيش. إذ قام عالمان أميركيان في شهري نيسان وآيار ابريل ومايو 1961 بزيارة للمفاعل، وتكررت زيارتهما في تشرين الاول اكتوبر 1962. ولأنهما يهوديان كتبا تقريراً في مصلحة اسرائيل قدماه الى حكومة جون كنيدي آنذاك.
وفي أعقاب هذا التقرير وصل بن غوريون الى نيويورك للقاء كنيدي، ووصفت هذه الزيارة بأنها خاصة، وتوصل الطرفان الى تفاهم عام في موضوع ديمونة بشكل يتيح لكل منهما المحافظة على مصالحه في هذا الموضوع، وهي مصالح مشتركة بينهما.
وأصبح مفاعل ديمونة بعد ذلك مقراً لمركز البحوث النووية في النقب، والمعهد العلمي الرئيسي للعلوم النووية في اسرائيل، وصار كذلك مركزاً للعديد من الأنشطة النووية الاسرائيلية خصوصاً بعد أن تم تركيب معمل فصل البلوتونيوم.
مكونات مفاعل ديمونة
- المفاعل النووي عموماً هو الجهاز الذي تتم داخله عملية التفاعل الانشطاري المتسلسل بشكل محكوم، وأساس عمله هو تلك الطاقة الهائلة التي تنتج داخل المفاعل.
- ويعتبر مفاعل ديمونة من النوع الحراري THERMAL REACTOR وليس النوع السريع FAST REACTOR. ويتكون من الاجزاء الآتية:
أ - قلب المفاعل CARE: وهو الجزء الذي توجد به قضبان الوقود النووي والمهدئ - وهو من الغرافيت - لسرعة النيترونات، وتبلغ كثافة الغرافيت في قلب المفاعل 7،1جم/سم3.
ب - عاكس النيوترونات REFLECTOR. وهو من مادة توضع حول الوقود وذلك لمنع هروب النيوترونات الى خارج قلب المفاعل، وهي ايضاً من الغرافيت، وتبلغ كثافتها 67 جم/سم3 ويبلغ عدد قطع الغرافيت الموجودة في مفاعل ديمونة 14902 قطعة، وحجم كل منها 150X20X20سم، والوزن الاجمالي لها 1207 أطنان، وهي من الاجزاء المهمة في المفاعل التي تصيبها الشيخوخة وتعرض المفاعل للكوارث.
ج - نظام التبريدCOOLANT SYSTEM. والغرض منه سحب الحرارة الناتجة عن الانشطار من داخل قلب المفاعل باستمرار ليحفظ قلب المفاعل في درجة حرارة ثابتة، وذلك عن طريق تمرير المادة المبردة الى داخل قلب المفاعل، فيكتسب الطاقة الحرارية من الوقود. ثم يتم استخدام هذه الحرارة إما في توليد البخار مباشرة داخل قلب المفاعل، أو عن طريق مبادلات حرارية مصممة لهذا الغرض. ويستخدم الماء الثقيل في نظام تبريد مفاعل ديمونة، أما الطاقة الممتصة بواسطة المادة المبردة فتستخدم في إدارة التوربينات.
د - قضبان التحكم Control Rods، وهي للتحكم في معدل التفاعل الانشطاري، وبالتالي في قدرة التفاعل، وذلك عن طريق امتصاص النيوترونات بواسطة قضبان من مادة الكاديوم أو البورون. فإذا كانت هناك رغبة في إبطاء التفاعل أو ايقافه يتم إدخال القضبان جزئياً أو كلياً في قلب المفاعل.
ه - درع من الصلب، وهو يعمل كوعاء من الصلب لاحتواء المفاعل ومعداته ودوائر التبريد فيه.
و - درع خرساني، وهو عبارة عن قميص من الخرسانة المسلحة تحيط بالمفاعل من جميع نواحيه بسمك مترين، ليتحمل كل الكوارث المحتملة، كذلك لمنع نفاذ الاشعاعات الذرية الى الوسط الخارجي.
وصف المفاعل
- يتكون المجمع النووي في ديمونة من عشرة أقسام محاطة بأسلاك مكهربة تمتد الى مسافات بعيدة داخل براري النقب المليئة بالنخيل، وأزيلت من أمامه كل المرتفعات الرملية حتى تسهل مراقبة المنطقة بواسطة الدوريات البرية والجوية، كما توجد مراكز مراقبة فوق قمم المرتفعات المجاورة، ويحمي المنطقة عدد من بطاريات الصواريخ أرض/ جو المسموح بها بإطلاق صواريخها على أي طائرة تعبر هذه الاجواء الممنوع التحليق فيها أسقطت طائرة إسرائيلية في هذه المنطقة بواسطة إحدى بطاريات الدفاع الجوي الإسرائيلية في عام 1967 لدخولها خطأ فيها.
- والاقسام العشرة تضم القسم رقم 1 وهو المفاعل نفسه، وهو مبنى مسقوف بقبو فضي قطره 20 متراً، القسم 2 وفيه تتم عملية انتاج البلوتونيوم، وفي القسم رقم 4 يتم غمس النفاية النووية في القطران وتعبأ في براميل لتدفن في الصحراء، كما توجد اقسام أخرى تضم مخازن ومنشآت فنية وإدارية.
- والمبنى مكون من طابقين فوق الأرضي وستة طوابق تحت الأرض ويبلغ علو الطابق الواحد 80 قدماً، والجدران سميكة لتتحمل أية عمليات قصف جوي أو مدفعي، وتوجد جدران تمويه في الدور الأول الموجود فوق سطح الأرض لإخفاء المصاعد الكهربائية التي تنقل الافراد والمواد الى الطوابق الستة الموجودة تحت الأرض، التي يتم فيها تصنيع السلاح النووي.
أ - الدور الأرضي: يوجد به أربعة أبواب، أحدها لاستلام قضبان الوقود غير المشع، الذي يتم انزاله بواسطة مصعد الى صالة إعادة التشغيل في الطابق رقم 3 تحت الأرض.
ب - الطابق رقم 1 تحت الأرض: يحوي مجموعة معقدة من المواسير والانابيب والصمامات التي تزود المنشأة بالكهرباء والنيتروجين ومواد كيماوية أخرى.
ج - الطابق رقم 2 تحت الأرض: يوجد به رقابة مركزية آلية لعملية فصل البلوتونيوم، ومكاتب ومخازن قطع غيار، ويمكن للمراقبين مشاهدة صالة الانتاج من هذا الطابق.
د - الطابق رقم 3 تحت الأرض: تتم فيه معالجة قضبان الوقود النووي، فتزال عنه طبقة الألومنيوم. وتجري إذابة الوقود النووي بواسطة حامض النيتريك، ثم ينقل من خلال المواسير الى صالة الانتاج الرئيسية اذ توجد مجموعة معامل يتم فيها فحص المادة وقوة تركيزها ونقاوتها.
ه - الطابق رقم 4 تحت الأرض: وفيه صالة الانتاج، وتشمل معملاً رئيسياً للكيماويات يقوم بفصل البلوتونيوم عن اليورانيوم.
و - الطابق رقم 5 تحت الأرض: يتم فيه حفظ المواد النووية وهي البلوتونيوم، والليثيوم، والبريليوم، المستخدم في بناء السلاح النووي. كذلك الوحدة رقم 95 لانتاج الليثيوم 60.
ز - الطابق رقم 6 تحت الأرض: توجد به صهاريج تخزين مهمات الاحتفاظ بالنفايات النووية والكيماوية.
ولحساب حجم ما تمتلكه إسرائيل من اسلحة نووية حتى اليوم، تنبغي معرفة حجم البلوتونيوم الذي انتجه مفاعل ديمونة مند بدء تشغيله في العام 1965. وتعتمد قوة المفاعل في فصل البلوتونيوم على كمية وقود اليورانيوم التي يتم حرقها. فمن بين كل طن متري يورانيوم خام يجري حرقه داخل المفاعل يتم استخدام 1000 غم بلوتونيوم 239.
وعلى أساس أن المفاعل يمكنه أن ينتج غرام بلوتونيوم إذا كانت قوته 1000 كيلو وات في أيام عمله، فإنه يمكننا تقدير حجم البلوتونيوم الذي تم استخدامه منذ إنشاء المفاعل حتى اليوم معتمدين على المعادلة الآتية:
عدد كيلو غرامات البلوتونيوم المستخدم في عام واحد = قوة المفاعل بالميغاوات × عدد أيام العمل في السنة.
أمراض الشيخوخة
يعتبر العمر الافتراضي لأي مفاعل نووي حوالي 15 سنة، يجري بعدها عمرة عمومية كاملة وتجديد لمعظم أجزاء المفاعل، ويتم خلالها التأكد من صلاحية جسم المفاعل الوعاء الصلب والقميص الخرساني، وعدم وجود أي شروخ أو تشققات فيه تسمح بنفاذ الاشعاعات للخارج. كذلك التفتيش على قطع الغرافيت وسلامتها واستبدال التالف منها. كما ينبغي أن تجرى قياسات دورية لمستوى الإشعاع في المنطقة المحيطة بالمفاعل فوق سطح الأرض وفي الجو وتحت الأرض والمياه الجوفية والبحار أو البحيرات القريبة من المفاعل. وفي حال اكتشاف ارتفاع درجة الاشعاع عن المسموح به، ينبغي أن يوقف تشغيل المفاعل فوراً والبحث عن اسباب زيادة درجة الإشعاع.
ولما كان مفاعل ديمونة عمره الآن حوالي 35 سنة، فهو يعمل بأقصى طاقته لانتاج أكبر كمية ممكنة من البلوتونيوم، وهو ما ينعكس في امتلاك اسرائيل ترسانة ضخمة من الاسلحة النووية تصل لحوالي 300 رأس نووي تفوق ما لدى كل من بريطانيا وفرنسا، فإنه ينبغي في ضوء المعلومات التي أوردتها اخيراً صحيفة "يديعوت آحرونوت" أن يتم إيقاف العمل في مفاعل ديمونة، واخضاعه للتفتيش من قبل الهيئة الدولية للطاقة النووية للتأكد من سلامته، وهو ما ترفضه اسرائيل، إلا أن على الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل لإجراء هذه التفتيشات حرصاً على مصالحها المهددة في المنطقة.
لأنه في حال حدوث انفجار في المفاعل أو تسرب اشعاعي، ففضلاً عن النتائج التدميرية الرهيبة التي يمكن أن تصيب منطقة الانفجار وتبيد الانسان والحيوان والنبات، في دائرة نصف قطرها قد يصل الى اكثر من 50 كم، فإن الاشعاعات الناتجة قد تصل تأثيراتها الضارة على البيئة الى دائرة نصف قطرها 1000 كم، اذ تسبب تلوث الأجواء والمياه الجوفية ومياه البحار والاراضي والكائنات الحية فوق الأرض وتحت الماء طبقاً لاتجاه الريح وذلك لمدة قد تصل الى أشهر عدة كما حدث من الانفجار الذي وقع في مفاعل تشيرنوبل في اوكرانيا، في الثمانينات ووصل تأثير إشعاعاته الى تركيا وسورية، الأمر الذي أدى الى موت الاسماك في البحار وتلوث النباتات ومياه الشرب وسبب العديد من الأمراض للبشر اخطرها السرطان.
ومع الوضع في الاعتبار أن منطقة حوض البحر الأحمر القريبة من مفاعل ديمونة تشارك فيها خمس دول عربية، فإنه لا مناص من الاصرار على إلزام إسرائيل بقبول اعمال التفتيش على مفاعل ديمونة بواسطة الهيئة الدولية للطاقة النووية، كذلك التوقيع على الاتفاقات الدولية التي تلزمها بذلك، مثلها في ذلك مثل باقي الدول حرصاً على سلامة شعوب هذه المنطقة، وحمايتها من كارثة مروعة قد تحدث إذا ما وقع انفجار جزئي أو كلي أو تسرب إشعاعي من هذا المفاعل، خصوصاً أن إسرائيل لا تعمل وفقاً لمعايير الأمان النووي الدولية.
* لواء ركن متقاعد وخبير استراتيجي مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.