نشرت صحيفة "يديعوت آحرونوت" في الأسبوع الأخير من ايلول سبتمبر 1998 تقريراً أعده الخبير النووي الأميركي هارولد هاو حول الحال الفنية لمفاعل ديمونة النووي، ذكر فيه أن البنية المعدنية التي تغلف هذا المفاعل تضررت بشكل كبير بسبب مستوى الإشعاعات العالي، ومن الممكن أن يحدث فيه انهيار في أي وقت. وأضافت الصحيفة الاسرائيلية أن التقرير الذي أعده هاو يرتكز على وثائق حصل عليها من داخل محطة ديمونة النووية، كذلك صور التقطتها طائرة تجسس روسية في العام 1985، تعطي دلالات على حدوث تسرب إشعاعات كثيرة من المفاعل. وقارن بين غياب المساحات الخضراء التي تلاشت من المنطقة المحيطة بالمفاعل، وبين ظاهرة مماثلة حدثت في منطقة محطة هانفورد النووية القريبة من واشنطن، حين غابت ايضاً المساحات الخضراء منها، إلا أن الولاياتالمتحدة سارعت بإغلاق المفاعل منذ عشر سنوات، وانفقت البلايين من الدولارات من أجل إزالة التلوث الذي أصاب المنطقة المحيطة بالمحطة النووية. وعقب نشر هذه المعلومات في الصحيفة الاسرائيلية، طلب عبدالوهاب الدراوشة عقد مؤتمر دولي عاجل لبحث الموضوع والعمل على منع وقوع كارثة نووية تصيب المنطقة كلها بسبب تآكل مفاعل ديمونة الذي انشئ منذ 35 عاماً، وأصبح يعاني من اهتراء وتشقق، وينذر بتسرب إشعاعاته الى الخارج. وليست هذه المرة الأولى التي تُثار فيها مشكلة التلوث الإشعاعي، الصادر عن مفاعل ديمونة، إذ سبق في آذار مارس 1996 أن أذاع التلفزيون الاسرائيلي ضمن برنامج "نظرة أخرى" فقرة أعرب فيها علماء اسرائيليون عن تخوفهم من احتمال حدوث تسرب نووي يهدد مصادر المياه الجوفية في منطقة ديمونة، ومن أن يؤدي وقوع أي زلزال الى تسرب النفايات النووية. وأثار هذا البرنامج ردود فعل في الدول العربية المحيطة باسرائيل، وكذلك ايران، الذين تقدموا بطلب الى الهيئة الدولية للطاقة النووية، لاخضاع هذا المفاعل للتفتيش الدولي خصوصاً وأن موقعه قريب من منطقة الأخدود السوري- الافريقي، وأن حدوث أي زلزال في جنوب البحر الميت بقوة 6 درجات بمقياس ريختر - وهي منطقة تعرضت لزلازل في السنوات الأخيرة كان آخرها في تشرين الثاني نوفمبر 1995- ليس من المتوقع أن يحتملها المفاعل، إذ أن الخطر الناتج عن الهزات الأرضية لا يتمثل في احتمالات انهيار المفاعل فقط بقدر ما يتمثل في إصابة عدد من الأنابيب فيه، وهو أمر قد ينتج عنه وضع بالغ الحساسية. تاريخ المفاعل يشير كتاب "هاركافي"، لوليم بد المعنون: "الولاياتالمتحدة وانتشار الأسلحة النووية" إلى أن التعاون الفرنسي- الاسرائيلي في المجال النووي بدأ في العام 1953 بإشراف شخصي من شمعون بيريز، وذلك في إطار مخطط أشمل للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، شمل أسلحة تقليدية وفوق تقليدية، وذلك بعد أن عارض وزير الخارجية الأميركي جون فوستر دالاس إقامة علاقات خاصة مع فرنسا في المجال النووي مماثلة لتلك التي قامت بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وساهم هذا الموقف الأميركي في ابتعاد فرنسا عن منظمة حلف شمال الاطلسي في العام 1960، ودفع فرنسا الى الاقتراب أكثر من اسرائيل. وخلال سنوات الشراكة النووية مع فرنسا حصلت اسرائيل، ليس فقط على مفاعل ديمونة النووي، بل ايضاً على التقنية النووية والإمكانات والمواد اللازمة حتى أصبحت اسرائيل خلال سنوات قليلة قوة نووية مهمة في منطقة الشرق الأوسط. وسمحت فرنسا للعلماء الاسرائيليين بالحصول على نتائج التجارب النووية التي أجرتها في صحراء الجزائر، وبلغ عددها حوالى 42 تجربة من أجل الوصول الى تكنولوجيا تصغير الرؤوس النووية لقوة أقل من 20 كيلو/ طن القنبلة العيارية التي ألقيت على هيروشيما في العام 1945 تكون في حدود تبدأ من نصف كيلوات/ طن وحتى 10 كيلو/طن، ليمكن استخدامها بواسطة صواريخ بالستية أو مواسير مدفعية، وهو ما وفر على اسرائيل اجراء عدد كبير من التجارب الميدانية لكي تصل الى هذه النتائج. وفي العام 1955 بدأ التعاون الاسرائيلي - الفرنسي في مجال أبحاث الصواريخ أرض/ أرض في إطار شركة "داسو"، اذ حصلت اسرائيل على تكنولوجيا الصاروخ الفرنسي MD-6609MD-620 وهما أساس الصواريخ الاسرائيلية من طراز "أريحا". وفي العام 1957 وقعت اسرائيل مع فرنسا عقد بناء مفاعل ديمونة، وتم الاتفاق على الاحتفاظ بسرية هذا الاتفاق. وفي 21 كانون الاول ديسمبر 1959، بدأت اسرائيل فعلاً في إقامة مفاعل ديمونة بإشراف مهندسي الطاقة النووية الفرنسيين. وسمحت الحكومة الفرنسية لشركة "سان جوبان" النووية المعروفة باسم "الجمعية العامة للتكنولوجيا الحديثة" بإقامة مفاعل من طراز G-3 وG هي اختصار كلمة "غرافيت" وهي المادة التي تستخدم كمعدل في هذا المفاعل، ويوجد مثيله في مدينة ميروكول في فرنسا. اختير موقع المفاعل في شمال غرب مدينة ديمونة على طريق بئر سبع - ديمونة، وانتهى تشييده في العام 1963، ثم بدأ تشغيله في العام 1965 بطاقة 26 ميغاوات. ويتميز هذا المفاعل بأن نظام التبريد فيه يعمل بالماء الثقيل، ويستخدم اليورانيوم العادي كوقود لتشغيله واستخراج البلوتونيوم 239، وذلك بنظرية فصل البلوتونيوم، وليس بنظرية تخصيب اليورانيوم 235. وحصلت اسرائيل بطرق مختلفة على كميات من اليورانيوم الخام والبلوتونيوم - شملت عمليات تهريب ضخمة قامت بها "الموساد" من الولاياتالمتحدة ودول أوروبية عدة - لكنها تعتمد حالياً على استخراج اليورانيوم الطبيعي من الفوسفات الموجود بكميات ضخمة في حوض البحر الميت. وتكلف انشاء هذا المفاعل 130 مليون دولار. وفي العام 1982 ارتفعت طاقة المفاعل الى 70ميغاوات، وفي العام 1987 ارتفعت طاقته مرة أخرى إلى 150 ميغاوات. وفي العام 1960 ساورت الشكوك وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن طبيعة المنشآت الجاري اقامتها في منطقة ديمونة، إذ أفادت مصادر معلوماتها أن هناك مفاعلاً نووياً ينتج مواد إنشطارية قادرة على انتاج نصف قنبلة نووية سنوياً. وبطرح هذه المعلومات على اسرائيل، والصور التي التقطتها طائرة استطلاع في عامي 1959 و1960، أفادت حكومة بن غوريون آنذاك أن هذه المنشآت تتعلق بمصنع نسيج تجري اقامته. وبتضييق الخناق عليها اعترفت تلك الحكومة بأنه مفاعل أبحاث نووي لأغراض الأبحاث السلمية، وكان ذلك في كانون الاول 1960، بعد أن استدعى وزير الخارحية الأميركي السفير الاسرائيلي في واشنطن، وطرح عليه ثمانية اسئلة عن النشاط النووي. ولم تنظم فرنسا أي اجراءات للإشراف أو التفتيش على المفاعل، سواء بواسطة فنيين فرنسيين، أو عن طريق الوكالة الدولية للطاقة النووية بغرض منع استخدامه في الأغراض العسكرية. وعلى رغم إدراك الولاياتالمتحدة للطبيعة العسكرية لهذا المفاعل، فإنها لم تنجح إلا في الحصول على بعض الحقوق المحدودة وغير الكافية للتفتيش. إذ قام عالمان أميركيان في شهري نيسان وآيار ابريل ومايو 1961 بزيارة للمفاعل، وتكررت زيارتهما في تشرين الاول اكتوبر 1962. ولأنهما يهوديان كتبا تقريراً في مصلحة اسرائيل قدماه الى حكومة جون كنيدي آنذاك. وفي أعقاب هذا التقرير وصل بن غوريون الى نيويورك للقاء كنيدي، ووصفت هذه الزيارة بأنها خاصة، وتوصل الطرفان الى تفاهم عام في موضوع ديمونة بشكل يتيح لكل منهما المحافظة على مصالحه في هذا الموضوع، وهي مصالح مشتركة بينهما. وأصبح مفاعل ديمونة بعد ذلك مقراً لمركز البحوث النووية في النقب، والمعهد العلمي الرئيسي للعلوم النووية في اسرائيل، وصار كذلك مركزاً للعديد من الأنشطة النووية الاسرائيلية خصوصاً بعد أن تم تركيب معمل فصل البلوتونيوم. مكونات مفاعل ديمونة - المفاعل النووي عموماً هو الجهاز الذي تتم داخله عملية التفاعل الانشطاري المتسلسل بشكل محكوم، وأساس عمله هو تلك الطاقة الهائلة التي تنتج داخل المفاعل. - ويعتبر مفاعل ديمونة من النوع الحراري THERMAL REACTOR وليس النوع السريع FAST REACTOR. ويتكون من الاجزاء الآتية: أ - قلب المفاعل CARE: وهو الجزء الذي توجد به قضبان الوقود النووي والمهدئ - وهو من الغرافيت - لسرعة النيترونات، وتبلغ كثافة الغرافيت في قلب المفاعل 7،1جم/سم3. ب - عاكس النيوترونات REFLECTOR. وهو من مادة توضع حول الوقود وذلك لمنع هروب النيوترونات الى خارج قلب المفاعل، وهي ايضاً من الغرافيت، وتبلغ كثافتها 67 جم/سم3 ويبلغ عدد قطع الغرافيت الموجودة في مفاعل ديمونة 14902 قطعة، وحجم كل منها 150X20X20سم، والوزن الاجمالي لها 1207 أطنان، وهي من الاجزاء المهمة في المفاعل التي تصيبها الشيخوخة وتعرض المفاعل للكوارث. ج - نظام التبريدCOOLANT SYSTEM. والغرض منه سحب الحرارة الناتجة عن الانشطار من داخل قلب المفاعل باستمرار ليحفظ قلب المفاعل في درجة حرارة ثابتة، وذلك عن طريق تمرير المادة المبردة الى داخل قلب المفاعل، فيكتسب الطاقة الحرارية من الوقود. ثم يتم استخدام هذه الحرارة إما في توليد البخار مباشرة داخل قلب المفاعل، أو عن طريق مبادلات حرارية مصممة لهذا الغرض. ويستخدم الماء الثقيل في نظام تبريد مفاعل ديمونة، أما الطاقة الممتصة بواسطة المادة المبردة فتستخدم في إدارة التوربينات. د - قضبان التحكم Control Rods، وهي للتحكم في معدل التفاعل الانشطاري، وبالتالي في قدرة التفاعل، وذلك عن طريق امتصاص النيوترونات بواسطة قضبان من مادة الكاديوم أو البورون. فإذا كانت هناك رغبة في إبطاء التفاعل أو ايقافه يتم إدخال القضبان جزئياً أو كلياً في قلب المفاعل. ه - درع من الصلب، وهو يعمل كوعاء من الصلب لاحتواء المفاعل ومعداته ودوائر التبريد فيه. و - درع خرساني، وهو عبارة عن قميص من الخرسانة المسلحة تحيط بالمفاعل من جميع نواحيه بسمك مترين، ليتحمل كل الكوارث المحتملة، كذلك لمنع نفاذ الاشعاعات الذرية الى الوسط الخارجي. وصف المفاعل - يتكون المجمع النووي في ديمونة من عشرة أقسام محاطة بأسلاك مكهربة تمتد الى مسافات بعيدة داخل براري النقب المليئة بالنخيل، وأزيلت من أمامه كل المرتفعات الرملية حتى تسهل مراقبة المنطقة بواسطة الدوريات البرية والجوية، كما توجد مراكز مراقبة فوق قمم المرتفعات المجاورة، ويحمي المنطقة عدد من بطاريات الصواريخ أرض/ جو المسموح بها بإطلاق صواريخها على أي طائرة تعبر هذه الاجواء الممنوع التحليق فيها أسقطت طائرة إسرائيلية في هذه المنطقة بواسطة إحدى بطاريات الدفاع الجوي الإسرائيلية في عام 1967 لدخولها خطأ فيها. - والاقسام العشرة تضم القسم رقم 1 وهو المفاعل نفسه، وهو مبنى مسقوف بقبو فضي قطره 20 متراً، القسم 2 وفيه تتم عملية انتاج البلوتونيوم، وفي القسم رقم 4 يتم غمس النفاية النووية في القطران وتعبأ في براميل لتدفن في الصحراء، كما توجد اقسام أخرى تضم مخازن ومنشآت فنية وإدارية. - والمبنى مكون من طابقين فوق الأرضي وستة طوابق تحت الأرض ويبلغ علو الطابق الواحد 80 قدماً، والجدران سميكة لتتحمل أية عمليات قصف جوي أو مدفعي، وتوجد جدران تمويه في الدور الأول الموجود فوق سطح الأرض لإخفاء المصاعد الكهربائية التي تنقل الافراد والمواد الى الطوابق الستة الموجودة تحت الأرض، التي يتم فيها تصنيع السلاح النووي. أ - الدور الأرضي: يوجد به أربعة أبواب، أحدها لاستلام قضبان الوقود غير المشع، الذي يتم انزاله بواسطة مصعد الى صالة إعادة التشغيل في الطابق رقم 3 تحت الأرض. ب - الطابق رقم 1 تحت الأرض: يحوي مجموعة معقدة من المواسير والانابيب والصمامات التي تزود المنشأة بالكهرباء والنيتروجين ومواد كيماوية أخرى. ج - الطابق رقم 2 تحت الأرض: يوجد به رقابة مركزية آلية لعملية فصل البلوتونيوم، ومكاتب ومخازن قطع غيار، ويمكن للمراقبين مشاهدة صالة الانتاج من هذا الطابق. د - الطابق رقم 3 تحت الأرض: تتم فيه معالجة قضبان الوقود النووي، فتزال عنه طبقة الألومنيوم. وتجري إذابة الوقود النووي بواسطة حامض النيتريك، ثم ينقل من خلال المواسير الى صالة الانتاج الرئيسية اذ توجد مجموعة معامل يتم فيها فحص المادة وقوة تركيزها ونقاوتها. ه - الطابق رقم 4 تحت الأرض: وفيه صالة الانتاج، وتشمل معملاً رئيسياً للكيماويات يقوم بفصل البلوتونيوم عن اليورانيوم. و - الطابق رقم 5 تحت الأرض: يتم فيه حفظ المواد النووية وهي البلوتونيوم، والليثيوم، والبريليوم، المستخدم في بناء السلاح النووي. كذلك الوحدة رقم 95 لانتاج الليثيوم 60. ز - الطابق رقم 6 تحت الأرض: توجد به صهاريج تخزين مهمات الاحتفاظ بالنفايات النووية والكيماوية. ولحساب حجم ما تمتلكه إسرائيل من اسلحة نووية حتى اليوم، تنبغي معرفة حجم البلوتونيوم الذي انتجه مفاعل ديمونة مند بدء تشغيله في العام 1965. وتعتمد قوة المفاعل في فصل البلوتونيوم على كمية وقود اليورانيوم التي يتم حرقها. فمن بين كل طن متري يورانيوم خام يجري حرقه داخل المفاعل يتم استخدام 1000 غم بلوتونيوم 239. وعلى أساس أن المفاعل يمكنه أن ينتج غرام بلوتونيوم إذا كانت قوته 1000 كيلو وات في أيام عمله، فإنه يمكننا تقدير حجم البلوتونيوم الذي تم استخدامه منذ إنشاء المفاعل حتى اليوم معتمدين على المعادلة الآتية: عدد كيلو غرامات البلوتونيوم المستخدم في عام واحد = قوة المفاعل بالميغاوات × عدد أيام العمل في السنة. أمراض الشيخوخة يعتبر العمر الافتراضي لأي مفاعل نووي حوالي 15 سنة، يجري بعدها عمرة عمومية كاملة وتجديد لمعظم أجزاء المفاعل، ويتم خلالها التأكد من صلاحية جسم المفاعل الوعاء الصلب والقميص الخرساني، وعدم وجود أي شروخ أو تشققات فيه تسمح بنفاذ الاشعاعات للخارج. كذلك التفتيش على قطع الغرافيت وسلامتها واستبدال التالف منها. كما ينبغي أن تجرى قياسات دورية لمستوى الإشعاع في المنطقة المحيطة بالمفاعل فوق سطح الأرض وفي الجو وتحت الأرض والمياه الجوفية والبحار أو البحيرات القريبة من المفاعل. وفي حال اكتشاف ارتفاع درجة الاشعاع عن المسموح به، ينبغي أن يوقف تشغيل المفاعل فوراً والبحث عن اسباب زيادة درجة الإشعاع. ولما كان مفاعل ديمونة عمره الآن حوالي 35 سنة، فهو يعمل بأقصى طاقته لانتاج أكبر كمية ممكنة من البلوتونيوم، وهو ما ينعكس في امتلاك اسرائيل ترسانة ضخمة من الاسلحة النووية تصل لحوالي 300 رأس نووي تفوق ما لدى كل من بريطانياوفرنسا، فإنه ينبغي في ضوء المعلومات التي أوردتها اخيراً صحيفة "يديعوت آحرونوت" أن يتم إيقاف العمل في مفاعل ديمونة، واخضاعه للتفتيش من قبل الهيئة الدولية للطاقة النووية للتأكد من سلامته، وهو ما ترفضه اسرائيل، إلا أن على الدول الكبرى وفي مقدمها الولاياتالمتحدة أن تضغط على إسرائيل لإجراء هذه التفتيشات حرصاً على مصالحها المهددة في المنطقة. لأنه في حال حدوث انفجار في المفاعل أو تسرب اشعاعي، ففضلاً عن النتائج التدميرية الرهيبة التي يمكن أن تصيب منطقة الانفجار وتبيد الانسان والحيوان والنبات، في دائرة نصف قطرها قد يصل الى اكثر من 50 كم، فإن الاشعاعات الناتجة قد تصل تأثيراتها الضارة على البيئة الى دائرة نصف قطرها 1000 كم، اذ تسبب تلوث الأجواء والمياه الجوفية ومياه البحار والاراضي والكائنات الحية فوق الأرض وتحت الماء طبقاً لاتجاه الريح وذلك لمدة قد تصل الى أشهر عدة كما حدث من الانفجار الذي وقع في مفاعل تشيرنوبل في اوكرانيا، في الثمانينات ووصل تأثير إشعاعاته الى تركيا وسورية، الأمر الذي أدى الى موت الاسماك في البحار وتلوث النباتات ومياه الشرب وسبب العديد من الأمراض للبشر اخطرها السرطان. ومع الوضع في الاعتبار أن منطقة حوض البحر الأحمر القريبة من مفاعل ديمونة تشارك فيها خمس دول عربية، فإنه لا مناص من الاصرار على إلزام إسرائيل بقبول اعمال التفتيش على مفاعل ديمونة بواسطة الهيئة الدولية للطاقة النووية، كذلك التوقيع على الاتفاقات الدولية التي تلزمها بذلك، مثلها في ذلك مثل باقي الدول حرصاً على سلامة شعوب هذه المنطقة، وحمايتها من كارثة مروعة قد تحدث إذا ما وقع انفجار جزئي أو كلي أو تسرب إشعاعي من هذا المفاعل، خصوصاً أن إسرائيل لا تعمل وفقاً لمعايير الأمان النووي الدولية. * لواء ركن متقاعد وخبير استراتيجي مصري.