اشتهر تيموثي دالتون عالمياً عندما اختير لدور العميل السري البريطاني جيمس بوند بعد روجر مور. لكن دالتون في الحقيقة يعد بين ألمع الممثلين المسرحيين في انكلترا وهو متخصص في الأدوار الكلاسيكية ويتمتع بلقب "ممثل شكسبيري" لكثرة الأعمال العائدة الى شكسبير التي اشترك فيها، كما انه يعمل في السينما البريطانية والأميركية منذ نهاية الستينات، وقد اختير اخيراً للعب دور البطولة في "سكارليت" الجزء الثاني من فيلم "ذهب مع الريح"، حيث سيتابع الدور الذي مثله قبله كلارك غيبل. يعتبر تيموثي دالتون الممثل الرابع الذي لعب دور جيمس بوند بعد شون كونري وجورج لازنبي وروجر مور. لكن لازنبي ممثل استرالي فشل في تجسيد الدور ولم يظهر سوى في فيلم واحد للعميل البريطاني في الستينات وعنوانه "في خدمة صاحبة الجلالة" لذا سرعان ما سقط في بحر النسيان. وان كان الجمهور العريض تقبل كونري ومور بسهولة في دور جيمس بوند، فالمسألة لم تكن بسيطة بالنسبة الى دالتون وذلك على رغم نجاح فيلميه "ترخيص بالقتل" و"خوف خطير". فقيل عنه انه يؤدي الدور بشكل عميق ومسرحي أكثر من اللازم وانه يجرد شخصية جيمس بوند من الروح الفكاهية التي ميزتها وجعلتها مستحبة وخفيفة الظل كما جسدها شون كونري وروجر مور. ربما يكون دالتون تأثر الى حد بعيد بأدواره الشكسبيرية ونسي ان يجعل من بوند شخصية خيالية من المفروض ان تقهر الأشرار وتجذب النساء في كل المناسبات ومن دون ان يصيبها أي أذى أو أن تبالي بالأمور مهما كانت هذه الأخيرة جادة وخطيرة. فالهدف الأساسي هو إثارة مخيلة المتفرج وتسليته، وقد لمع كل من كونري ومور في تحقيق هذا الهدف بأسلوبه الخاص. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيمنح منتج أفلام جيمس بوند ألبرت بروكولي ثقته مرة جديدة الى دالتون أم سيبحث عن بوند جديد؟ خاصة وان بعض الاشاعات يقول بأن هناك نية للتوقف عن انتاج سلسلة العميل السري البريطاني نهائياً. كل ذلك وغيره كان موضوع الحوار الذي اجريناه مع تيموثي دالتون في مقر استوديوهات "لوكس" وسط مدينة لوكسمبورغ حيث كان يقضي النجم البريطاني أربعة اسابيع في تصوير "النسر الأحمر" الى جانب عمر الشريف، والذي بدأناه بالسؤال الآتي: هل ستؤدي دور جيمس بوند مرة جديدة؟ - لا أعرف. أنا الآن مشغول بمشاريع كثيرة غير بوند ولا أشغل عقلي بهذا السؤال. أنا مثل كل الناس أسمع الاشاعات وأقرأ الأخبار في الصحف واكتشف الكثير من الأشياء التي لا أعرفها مباشرة. أنا قرأت في مرة خبر بدء تصوير فيلم جيمس بوند الجديد من بطولتي أنا دون أن أكون على علم بالحكاية. كل ما أعرفه في الواقع هو أن المنتجين مترددون حالياً في اطلاق مشروع جديد لجيمس بوند وكما ذكرت لدي العديد من المشاريع ولست في انتظار جيمس بوند. لكن بشكل عام هل تتمنى معاودة العمل في هذه السلسلة أم انك لا تميل الى تقمص الدور بصورة خاصة؟ - لا أمانع في ادائه مرة أو مرتين بعد لكني لا أرغب في التخصص سنوات طويلة في تمثيل بوند حتى لا تلتصق الشخصية بي. أنا الآن أديت الكثير من الأدوار المختلفة عنه وبدأت أتخلص من صورته الثابتة عني في أذهان الجماهير. ربما من الأفضل ألا أعود الى تكرار التجربة مرات عديدة. "أفضل شون كونري" كيف تقارن طريقتك في تمثيل دور جيمس بوند بالنسبة الى ما قد فعله كل من شون كونري وروجر مور سابقاً؟ - حاولت ألا أتأثر بما أداه كل واحد من الممثلين من قبلي، فالمسألة تحتاج أولاً الى فرض أسلوب شخصي يتمشى مع روح الشخصية والابتعاد عن أي تقليد. في الحقيقة كنت معجب بطريقة شون كونري في تخيله للشخصية أكثر من روجر مور الذي أداها في نظري بكثير من السطحية. وما فعلته أنا كان اعطاء الجانب الانساني البحت الى جيمس بوند، بمعنى اني جعلته يحب ويكره ويتألم ويفرح طبقاً للظروف التي يعيشها. كل هذه الأشياء كانت تنقصه في الحقيقة وهي التي سببت لي الانتقادات لأني قللت من عنصر التسلية المميز للشخصية سابقاً. أنا مقتنع بما فعلته ولو اني مثلت الدور مرة جديدة فسوف يكون الأمر على النمط نفسه. أنت تعمل في السينما منذ أكثر من عشرين سنة. كيف تفسر حلول النجومية عليك بشكل متأخر وتعلقها المباشر بدور جيمس بوند؟ - انها مسألة حظ ومدى انتشار الأفلام التي يشترك فيها الفنان. أنا ظهرت في أفلام جديدة وحتى ممتازة في كثير من الأحيان مثل "الأسد في الشتاء" و"ماري ستيوارت" و"شانيل الوحيدة" لكن لسبب ما لم تنجح هذه الأعمال على الصعيد الجماهيري العريض عالمياً على رغم تمتعها بنقد ممتاز في الصحافة. انها لم تكن من النوع الشعبي على عكس جيمس بوند الذي يحقق فور ظهوره في الصالات أعلى ايرادات الدخول في شباك التذاكر. لقد كنت معروفاً بشكل متوسط سينمائياً وبشكل مرموق في المسرح الى ان جاء جيمس بوند وأطلقني في فضاء نجوم السينما. كيف تم اختيارك أساساً لدور بوند من بعد روجر مور؟ - كان المنتج البرت بروكولي يبحث عن ممثل يحل مكان روجر مور ودام التفكير حوالى ستة أشهر بشأن اتخاذ القرار حول انتقاء أحد نجوم هوليوود أو الاتجاه نحو ممثل لا يعرفه الجمهور العريض وبالتالي تسهيل مهمة التصاق الدور به في أذهان الجماهير. وهذا ما حدث اذ تم اختيار حوالى ثلاثين ممثلاً كنت أنا بينهم، لدراسة امكانية قيام أحدهم بدور بوند على أكمل وجه. كان الاختبار يدور أمام الكاميرات من ناحية ثم عن طريق مشاهدة المنتج للأفلام التي سبق لكل ممثل المشاركة فيها وأخيراً يجرى نقاش طويل حول رؤية الممثل للدور ومدى معرفته بكل ما يخص جيمس بوند عبر الأفلام التي تناولت مغامراته والروايات المكتوبة الخاصة به. مررت بكل هذه المراحل وعلمت في النهاية اني فزت بالدور. صار لافتاً هل كنت تتوقع الفوز؟ - نعم لأني أثق في قدراتي الدرامية وأعتقد ان كل الاختبارات التي مررت بها لم يكن لها أي مبرر. أنا أعمل في المسرح حيث أجسد شخصيات أكثر صعوبة من جيمس بوند بعشرات المرات، ومن دون أن أقوم بالخضوع لاختبارات تجريبية مسبقة، لكن طريقة العمل في السينما تختلف عن المسرح حسب ما فهمته. ما رأيك في الأدوار التي طرحت عليك في السينما بعد نجاحك في دور جيمس بوند؟ - انها حلوة لكنها لا تفوق تلك التي أديتها في افلامي السابقة. كل ما في الأمر هو ان اسمي فوق اللافتات الدعائية أصبح يجذب الجمهور العريض ويجعل من أفلامي حكاية نجاحة على المستوى الشعبي في كل مرة مثل "روكتير" و"امرأة الملك". كلارك غيبل والآن ما هي حكاية فيلمك الجديد "النسر الأحمر" هنا في لوكسمبورغ؟ - "النسر الأحمر" هو عمل للتلفزيون البريطاني، وقد بيع الى العالم كله تقريباً من قبل ان يبدأ تصويره. انها حكاية جاسوسية تدور أحداثها في فرنسا ولوكسمبورغ وانكلترا وروسيا. نحن عملنا في انكلترا وجنوب فرنسا لكن سوء الأحوال الجوية تجعل عودتنا الى فرنسا ضرورية لإنهاء اللقطات التي بدأناها في نيس و"كان". وسوف نتجه مبدئياً الى روسيا في ما بعد. الفيلم في رأيي جميل ويتميز بإثارة كاتمة لأنفاس المتفرج طبقاً لما قرأته في السيناريو. أنت تشارك عمر الشريف بطولة الفيلم؟ - نعم، هل التقيته؟ سأقول له إني أجريت حواراً مع مجلة عربية. ما هي مشروعاتك في المستقبل؟ - بطولة المسلسل التلفزيوني "سكارليت" المأخوذ عن الجزء الثاني من رواية "ذهب مع الريح". انه الدور الذي أداه كلارك غيبل في الفيلم وهو أمر يثيرني الى أبعد حد.