لماذا اختار الرئيس الروسي بوريس يلتسين وفي هذا الوقت بالذات الدخول في امتحان علني مع جمهورية الشيشان ورئيسها جوهر دودايف؟ للعثور على جواب يمكن التوقف عند اعتبارات كثيرة اولها ان الكرملين لم يسلم يوماً بحق هذه الجمهورية القوقازية في الانفصال والعيش في ظل قوانينها الخاصة بها لأن من شأن ذلك ان يفتح الباب لتفكك روسيا على غرار ما حصل للاتحاد السوفياتي. واذا كانت موسكو تعايشت في الآونة الاخيرة مع واقع غياب سلطتها عن اراضي الشيشان فلأنها تدرك صعوبة خوض حرب هناك يمكن ان تؤدي الى اشعال ألغام كثيرة في القوقاز. لكن حالة التعايش هذه لا يمكن ان تدوم طويلاً لأن مجرد استمرارها يعني ترسيخ الامر الواقع وتشجيع مناطق اخرى في روسيا الاتحادية على الاقتداء بالسابقة التي اقدم عليها دودايف. تلويح الكرملين بفرض حالة الطوارئ في جمهورية الشيشان هو في النهاية تلويح بالحرب جاء بعد فشل المعارضة الموالية لموسكو في اقصاء دودايف ومؤيديه. ففرض النظام يستلزم دخول قوات روسية الى العاصمة الشيشانية غروزني اي الصدام مع الاهالي الذين بادر الآلاف منهم الى التطوع لمواجهة "الغزو المحتمل". يرى مراقبون في موسكو ان للتوقيت الذي اختاره يلتسين لاختبار القوة الجديد مع دودايف علاقة بما يجري في البوسنة حيث منيت الدول الغربية بانتكاسة معنوية كبيرة بعدما عجزت، ومعها الأممالمتحدة، عن وقف العدوان الصربي على بيخاتش. ولعل يلتسين يراهن على ان مثل هذا الارتباك يمكن ان يتيح له فرصة استخدام القوة ضد دودايف او الوصول في النهاية الى نوع من المقايضة يقوم على تأييد عملية ردع للصرب في مقابل قيام روسيا بلجم التوجهات الاستقلالية في جمهورية الشيشان. لكن المحاولة تتسم بقدر كبير من الخطورة خصوصاً بعدما اكد دودايف ان مسلمين من القوقاز عبّروا عن استعدادهم للقتال الى جانب قواته. وأثارت مناخات المواجهة مع الشيشان مخاوف في موسكو نفسها فقد عززت الحراسة على الرئيس الروسي والمحطات النووية، خصوصاً ان الشيشان يستطيعون نقل المتاعب الى موسكو نفسها انطلاقاً من رصيدهم الأكيد في المافيات الكبيرة هناك.