وضعت اللبنانية الاولى منى الهراوي النقاط فوق الحروف بالنسبة الى المستقبل السياسي للرئيس الياس الهراوي. وأكدت ل "الوسط" انها لا تشجع الرئيس على التجديد لفترة رئاسية ثانية وقالت ست سنوات كافية ويجب ان نفسح الطريق للآخرين ليقوموا بدورهم ويكملوا الرسالة. وأعلنت السيدة الهراوي في حديث شامل الى "الوسط" انها لن تخوض تجربة سياسية في لبنان وانها تستعد لمواصلة نشاطها في مركز الرعاية الاجتماعية الذي اسسته في لبنان بعيداً عن قصر بعبدا. وكشفت ان وجود الرئيس الهراوي في الحكم ترك انعكاسات على بيتها، وانها لا تريد منه معرفة كل شيء عن السياسة حتى لا تتعب اكثر. وأكدت ان الرئاسة سمحت لها باقامة علاقات صداقة مع زوجات بعض القادة والرؤساء العرب من ابرزهم أم باسل زوجة الرئيس الأسد، والشيخة فاطمة قرينة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات "التي شعرت منذ لقائي الأول معها في المطار اننا سنكون صديقتين". وأكدت ان علاقاتها ممتازة مع رندة بري ونازك الحريري ولا تتأثر بالاختلافات بين الرؤساء. وتؤيد السيدة الهراوي موقف الرئيس في فتح ملف الفساد في لبنان ووضع حد للمرتشين. وترى ان مستقبل المرأة في لبنان جيد، ولكن الرجال م ازال عندهم نوع من التشنج يحول دون سماحهم للمرأة بالخوض في المجالات السياسية. وأشارت في هذا المجال الى ان الوضع بدأ يتغير، فالرئيس لديه مستشارة اعلامية، ويوجد في المجلس النيابي نائبات وهذا لا يمنع في المستقبل ان تكون وزيرة في الحكومة، والرئيس ليس لديه مانع في ذلك. وعن مستقبل لبنان تقول ان اللبناني صمد 17 سنة وهو يسعى في سباق مع الزمن الآن حتى يصنع للبنان مكانة في المجتمع العربي والعالمي. وهذا نص الحديث: ما هي أهداف زيارتك للامارات وماذا تحقق منها؟ - زيارتي للامارات هي زيارة محبة وود وقد جاءت تلبية لدعوة كريمة من الشيخة فاطمة. وسبق لي ان زرت الامارات منذ سنتين ونصف السنة مع وفد من الجامعة الأميركية. وكنت في ضيافة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات لأن الشيخة فاطمة كانت خارج البلاد. وهذه المرة أزور الامارات بدعوة من الشيخة فاطمة التي ترعى المرأة والطفل والانسان في دولة الامارات. وأسأل الله ان يساعدني لكي أرد لها بعض الحفاوة التي لقيتها عندما تلبي دعوتي لزيارة لبنان. وفي دولة الامارات شاهدت اشياء كثيرة ومفيدة، فقد زرت كل المؤسسات التي ترأسها الشيخة كالاتحاد النسائي ودار زايد للأيتام وشاهدت أشياء تضعنا في صورة تراث الامارات. والشيخة فاطمة حريصة جداً على ان ترعى المرأة الظبيانية خاصة والاماراتية عامة في مختلف المجالات. وقد زرت مراكز محو الأمية، ورأيت ان الزوجة التي لديها أربعة أو خمسة أولاد تقبل على التعلم. كما لمست حفاظاً على السلوك والزي وأعتقد ان هذا أمر مهم لأن من ليس له أصول أو تراث لا يستطيع ان يكون أصيلاً في تحركاته وتصرفاته. ولا يمكنني ان انسى ان الشيخ زايد فتح قلبه للبنانيين الذين يشعرون في الامارات بأنهم في وطنهم الثاني كما انه حول الصحراء في بلده جنة على الأرض. زيارة مرضية وطيبة زيارتك للامارات ترتبط الى حد ما بتوفير الدعم لمركز التلاسيميا الذي أقمته في لبنان فهل تحقق هذا الدعم؟ - مركز التلاسيميا انشئ منذ سبعة أشهر. وبما انني اقوم بعمل اجتماعي فقد اقامت الجالية اللبنانية في الامارات حفلة يعود ريعها لمساعدة المركز، وخلال اجتماعي مع الشيخة فاطمة أعطيتها صورة صحيحة عن المركز والأمراض التي يتولى معالجتها كالتلاسيميا او السكري. وأطلعتها على معاناة الاطفال المصابين والصعوبات التي نواجهها لتوفير ما يحتاجون اليه من أدوية وعلاج. أنا حتى استطيع ان اواصل هذا العمل وهذه الرسالة المقدسة قررت ان أشيد هذا المركز لمعالجة مرضى السكري، وعندنا الآن حوالي 700 طفل وطفلة نعالجهم في المركز ولا يبيتون فيه. الا اننا لا نملك المعدات اللازمة لتغيير دمهم ولذا تتم هذه العملية لدى الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو الجامعة الأميركية أو المستشفى الفرنسي. ونحن نسعى حالياً لتوفير معدات تغيير الدم وانشاء مختبر، ونأمل ان يتحقق ذلك خلال شهرين. ويمكنني القول ان نتائج زيارتي للامارات طيبة ومرضية. من خلال زيارتك للامارات ولقاءاتك مع الشيخة فاطمة. هل تستطيعين القول بأن علاقة صداقة نشأت بينكما؟ - عندما تقابل شخصاً يتكون لديك انطباع أولي عما ستكون علاقتك به مستقبلاً. وأنا لدى لقائي الشيخة فاطمة في المطار شعرت بأنها انسانة تملك حساً مرهفاً وتوحي بالعطف والحنان فقلت في نفسي يمكننا ان نكون صديقتين. وبعد اللقاء الثاني والثالث توثقت عرى المودة بيننا وصرنا نتحدث بكل صراحة. من خلال كونك السيدة الأولى في لبنان، هل استطعت خلال فترة حكم الرئيس الهراوي تكوين صداقات مع زوجات رؤساء دول عربية وأجنبية؟ - كوّنت صداقة مع أم باسل زوجة الرئيس الأسد، فهي سيدة محترمة تقوم أيضاً بعمل انساني، وتوجد علاقة عائلية بيني وبينها. وتعرفت الى زوجة رئيس جمهورية فرنسا وزوجة رئيس جمهورية الولاياتالمتحدة الأميركية السابق جورج بوش وزوجة الرئيس الأميركي بيل كلنتون. واستطيع القول ان العلاقة معهن جيدة. ولكن التواصل والعلاقة الحميمة غير موجودة نظراً للبعد، أما في البلدان العربية فاننا نتحدث اللغة نفسها ولدينا العادات والتقاليد نفسها ومن الطبيعي ان تكون علاقتي بزوجات الملوك والرؤساء العرب أوثق وأعمق. اقتربت فترة التجديد للرئاسة الثانية. وهناك من يشجع الرئيس الهراوي على خوض التجربة مرة اخرى. أين تقفين انت من هذه المسألة؟ وهل تشجعينه على التجديد فترة أخرى؟ - لا أبداً. فالرئيس تكفيه السنوات الست خصوصاً في هذه الفترة التي تلت الحرب والتي قام الرئيس خلالها بأكثر من واجباته تجاه بلده. وأنا بدوري اشتركت معه في العمل في الواجبات الانسانية والاجتماعية تجاه البلد. الانسان لديه حدّ معين للعطاء في العمل السياسي. ويجب ان نعطي الفرصة لغيرنا ليقوموا بدورهم وفي الوقت نفسه نتمنى على هؤلاء الاشخاص ان يكملوا رسالة الرئيس الهراوي. إذاً كيف سيكون استعدادك للعودة مرة اخرى الى الحياة العادية خارج قصر بعبدا؟ - انني حالياً أرأس "مركز الرعاية الدائمة" الذي شيدته وأنا أجد متعة في عملي. أذهب صباحاً الى المركز وأبقى فيه حتى الساعة الواحدة ظهراً، وأعتبر القصر هو البيت اما الاستقبالات الرسمية والانسانية في المركز فهي عملي حاضراً ومستقبلاً. تحققت في عهد الرئيس الهراوي اصلاحات سياسية واقتصادية فماذا تم في تقديرك على الصعيد الاجتماعي والانساني؟ - أحبّ ان أوجه كلمة بسيطة الى اللبنانيين من خلال مجلة "الوسط" خلاصتها انهم يجب ألا ينسوا انهم كانوا يعيشون تحت الأرض، وان الرئيس الهراوي نقلهم الى وضع يستطيعون فيه العيش فوق الأرض، وبتصرفه الجريء تمكن من الوصول بلبنان الى شاطئ الأمان، وأستطيع القول ان الأمن مستقر في لبنان بفضل جيشه وقوى أمنه الداخلي. وأسأل الله ان يتحقق السلام في المنطقة الذي نتطلع اليه ولكن ليس على حساب لبنان. نحن تهمنا حقوقنا. ولا ننسى ان أرضنا ما زالت محتلة سواء في الجنوب أو البقاع الغربي. أما على الصعيد الاجتماعي والانساني، فلا شك انه توجد يقظة مهمة جداً في لبنان. فهنالك مجموعة من المؤسسات الخيرية حافظت على بقاء اللبنانيين كل في محيطه وفي جوه. وتبين ان المساعدات التي كانت تصل الى لبنان من الخارج توقفت مع توقف الحرب. علماً ان المشاكل التي خلفتها الحرب ازدادت وتفاقمت. والحكومة تسعى الى تحسين الوضع الاجتماعي في لبنان، وهناك تعاون بيني وبين المؤسسات الحكومية في هذا المجال. وأود ان اشير الى ان هذه السنة كانت السنة العالمية للأسرة، وبصفتي رئيسة شرف لها عقدنا لقاءات عدة وأقمنا حفلات عدة حتى ننمي روح الاسرة عندنا في لبنان. والسنة المقبلة سنة 1995 هي السنة العالمية للمرأة، وأنا أيضاً أترأس لجنة الاحتفال في هذه المناسبة وسأسعى جاهدة لتحسين وضع المرأة في لبنان. ويجب ألا ننسى الاوضاع القاسية التي يعانيها المهجرون، وحرص الدولة على اعادتهم الى بيوتهم وأراضيهم وحاجتها الى المال كي تفي بالتزاماتها نحوهم، وهي تقرع كل الابواب لتذليل الصعاب التي تعترضها على اعتبار انه اذا تحسن الوضع الاجتماعي في لبنان تحسن البلد في كل المواقع. دور المرأة في لبنان الحديث يجرنا للسؤال عن دور المرأة في لبنان خاصة وانها تغيب عن العمل السياسي على رغم ان لبنان بلد حضاري ومتقدم، ما هو سبب غياب المرأة عن الوزارة مثلاً؟ - عندنا الآن مديرة، ولدينا ثلاث سيدات في المجلس النيابي. ويجب ألا يغرب عن بالنا اننا شرقيون والرجل يحب ان يكون المسيطر. ولكن اذا وجدت امرأة خارقة وقادرة على تحمل المسؤولية فأن الزوج لا يستطيع ان يقف في وجهها. حتى الآن في لبنان رجالنا أكفاء ولذلك يفسحون في المجال امام المرأة لخوض المجالات الاجتماعية أكثر من المجالات السياسية لأنه ما زال عندهم نوع من التشنج، وهذا يتلاشى مع الوقت. هناك خطوات جديدة فالرئيس لديه مستشارة اعلامية، ولدينا سيدة في مديرية الشؤون الاجتماعية، ونائبات، وهذا لا يمنع ان يكون لنا مستقبلاً وزيرة، خصوصاً للشؤون الاجتماعية. الرئيس ليس لديه مانع في ذلك والأمور تتحقق خطوة خطوة. فالمرأة أصبحت تعمل كالرجل لأن تكلفة المعيشة باهظة. ومن هذا المنطلق ثمة تساوٍ في المعاملة والتصرف والحقوق وأنا أرى ان المرأة بامكانها ان تحصل على حقوقها بجدارتها. هل تفكرين مستقبلاً في خوض تجربة سياسية؟ - لا أبداً لأنني اخوضها الآن مع زوجي، ومثلما اعتقد ان الرئيس يكفيه فأنا يكفيني ايضاً. ذلك انني متزوجة منذ 34 سنة ومعنى ذلك اني منذ 34 سنة في العمل السياسي. ولذلك تعبت كثيراً وأنا أنصح من لم يتعاطوا السياسة ان لا يتعاطوها لأن الحكم صعب جداً في لبنان، وأنا من خلال العمل الذي أقوم به أشعر بأنني اخدم الناس اكثر مما اخدمهم من خلال السياسة. وعملي هذا وسام فوق صدري اعتز به كل الاعتزاز. هل وجدت تغييراً في الرئيس بعد تسلمه الرئاسة في مزاجه وطباعه في بيته في علاقته معك ومع أولاه وأرجو ألا تعتبري سؤالي تدخلاً في شؤونكم الداخلية الخاصة؟ - أكيد الرئيس تغير. وبكل صراحة الظروف التي مررنا بها كانت صعبة. لا تنس أين كنا وأين صرنا. كنا في أبلح ثم تهجرنا الى الرملة البيضاء وبعد ذلك انتقلنا الى قصر بعبدا. ولولا القرارات الجريئة التي اتخذها رئيس الجمهورية لكان الوضع مختلفاً تماماً. هذه الظروف كلها أنا عشتها. فالزواج مشاركة ولذلك عايشت هذه الفترة. وفي النهاية توصلنا الى نتيجة حسنة. والواقع ان زوجي يعمل وأنا بدوري أعمل ونلتقي كلانا على الغداء. والوقت الذي أراه فيه هو الصباح. فأنا من الناس الذين ينهضون من النوم باكراً لأشرب فنجان القهوة مع زوجي، ونتبادل الآراء والافكار. ولكن هناك اشياء خطيرة يجب ان لا أعرفها ولا أطلب ان أعرفها حتى لا أتعب أكثر. والأولاد يأتون صباحاً ليشاهدوا والدهم، ونحاول قدر المستطاع ان يكون الغداء يومي السبت والأحد غداء عائلياً يشارك فيه الأولاد والاحفاد. أخيراً الرئيس فتح ملف الفساد في لبنان فكيف تنظرين الى هذه المسألة. وهل تؤيدينه في الخطوات والمواقف التي اتخذها في هذا المجال؟ - الرئيس حريص على ان يبني دولة المؤسسات ولكن لسوء الحظ يوجد بعض الناس المرتشين يتكلمون عن دولة المؤسسات. وقد أحب الرئيس ان يضع لهم حداً. وهذا ما كان. كيف تقيمين علاقاتك مع زوجتي الرئيسين بري والحريري، وهل تتأثر هذه العلاقات باختلاف الرؤساء الثلاثة؟ - علاقتي معهما علاقة جيدة. والسيدة بري معي في اللجنة الوطنية للمرأة وهي نائبة الرئيس والسيدة نازك سيدة رصينة و"حبوبة" وعلاقتي معهما ممتازة ولا تتأثر بالاختلافات بين الرؤساء. كيف تنظرين الى مستقبل المرأة في لبنان؟ - وضع المرأة في تحسن مستمر والمرأة اللبنانية مثقفة جداً وعندنا نساء على مستوى عال في المجالات العلمية المختلفة. وكيف تنظرين الى مستقبل لبنان؟ - ان الحرب في لبنان انتهت الى غير رجعة، والسلام آتٍ لا محالة، وعلينا ان نغير العقلية اللبنانية الى حد ما. وقد خطونا خطوات في هذا المجال ولكن علينا ان نخطو خطوات أخرى حتى يرجع لبنان كما نريده. وكلي ثقة وايمان بأن المستقبل سيكون لصالح لبنان. فالشعب الذي صمد 17 سنة قادر على تجاوز الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب وعلى مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل ليلعب دوره كجسر بين الشرق والغرب وكواحة للديمقراطية في العالم العربي.