في دورته الثامنة عشرة يتبدى مهرجان القاهرة السينمائي ضرورياً وخطيراً وفوضوياً وذا دلالة اكثر من أي وقت مضى. وفي الوقت الذي تغص فيه قاعات السينما القاهرية بفعاليات المهرجان وعروضه، تدور في الكواليس معارك وصراعات يأتي اليوم الأخير ليوصلها الى نهاياتها المنطقية من ناحية، وليفتتح من ناحية اخرى، تلك الصراعات الاكثر أهمية التي لن تتبدى نتائجها الا في الدورة المقبلة. هنا اطلالة على دورة هذا العام وعلى أهم ما حدث فيها. لأنه يأتي في ختام العام، يعتبر مهرجان القاهرة السينمائي نفسه مهرجان المهرجانات، وهو في دورته لهذا العام، كان حقاً مهرجان المهرجانات، لذا لم يكن من قبيل الصدفة ان يكون الشغل الشاغل لرئيسه الأديب سعدالدين وهبه، في خطاب حفل الاختتام، حديث الارقام، تبعاً للولع العربي المعتاد بحديث الأرقام. وعلى هذا النحو، وعبر الارقام، قدم وهبه تلخيصاً لصورة المهرجان في دورته الثامنة عشرة، تلخيصاً عرف كيف ينتزع التصفيق من مئات المتفرجين، بشكل لم ينقصه الا تصفيق هؤلاء المتفرجين للفنان محمود ياسين وهو يصرخ حين دعي لاعلان اسم الفائز بجائزة أفضل ممثل بأن الفائز الحقيقي هو مصر، ولكن في شخص نور الشريف. نور الشريف استحق جائزته بالفعل بفضل الدور المتميز الذي وفّره له المخرج عاطف الطيب في فيلمه الأخير "ليلة ساخنة" الذي فاز بالجائزة الثانية الهرم الفضي لأفضل فيلم، وكان يستحق الاولى لولا ان المهرجان كله كان قد اقيم تحت شعار التعاون السينمائي المصري/الفرنسي مما استدعى بالضرورة ان تكون الجائزتان الاساسيتان من نصيب فرنسا: جائزة الهرم الذهبي، وجائزة العمل الأول التي سميت هذه المرة جائزة نجيب محفوظ. في اعلان الجوائز كان الخاسران الاكبر هما: الفنانة لوسي والمخرج داود عبدالسيد، ففيلمهما المشترك "سارق الفرح" كان الفيلم المصري الوحيد الذي لم يفز بأية جائزة على الرغم من كل التوقعات التي كانت ترشحه لأكثر من جائزة رئيسية تشجع، على الاقل، فيلماً جيداً وجريئاً: جيد لأن داود عبدالسيد يعود فيه بلغته السينمائية القوية واطلالته على حياة المهمشين، وتركيزه على العديد من مظاهر الحياة في مصر الراهنة، وجريء أولاً لانه استخدم، وللمرة الاولى على الشاشة، نصاً من كتابة الروائي الكبير خيري شلبي، وثانياً لأنه اعطى البطولة المطلقة لنجم جديد هو ماجد المصري الذي تبدى حضوره على الشاشة متميزاً وواعداً. التلفزيون في الافتتاح مهما يكن، وبعيداً عن نتائج المهرجان وهمومها واللفط الكبير الذي يثار من حولها، يبقى ان سعدالدين وهبه قد عرف كيف يسبغ على المهرجان، في العام العاشر لتوليه رئاسته، هالة متميزة، ركز هو عليها في احاديثه الكثيرة وتشعبت في عدة اتجاهات: كان أول الاتجاهات اتجاه التحدي، فلئن كان مهرجان قرطاج الأخير قد اضطر لمقاطعة اسرائيل خجلاً، فان مهرجان القاهرة قاطعها علناً، مما جعل الصحافة الاسرائيلية تهاجم المهرجان بقوة وعلنية وتتهم سعدالدين وهبه بالتطرف. والرجل عرف كيف يرد على هذا الاتهام بقوله، بكل بساطة، بأن السينما الاسرائيلية سوف تكون على الرحب والسعة، حين تنهي اسرائيل احتلالها الأراضي العربية وخاصة الجولان وجنوب لبنان وتتحول مشاريع السلام وأوهامه الى سلام حقيقي. ضمن هذا الاطار كان اختيار المهرجان لأن يكون فيلم الافتتاح فيلماً عن عملية عسكرية قامت ضد اسرائيل في ايلات أيام حرب الاستنزاف، الفيلم هو "عملية في ايلات" من كتابة فايز غالي واخراج انعام محمد علي. كان اختياراً جريئاً لكن المشكلة الاساسية كمنت في ان الفيلم انتاج تلفزيوني وان نتيجته النهائية أتت اضأل مما كان يتوقع الذين قرأوا نص فايز غالي الاساسي. في اطار التحدي ايضاً كان اختيار سعدالدين وهبه لأن تحمل مسابقة جديد هي مسابقة العمل الأول، اسم نجيب محفوظ، وان يتم تعيين يوسف شاهين رئيساً للجنة تحكيم هذه المسابقة. هذا كله بالاضافة الى غياب الفنانة شادية وتراجعها عن حضور حفل تكريمها خلال المهرجان، اسبغ على هذا الاخير صورة ما منذ بدايته، وجعل النجومية المطلقة فيه لسعدالدين وهبه الذي لم يكن ينقصه الا ان يدخل المستشفى بسبب وعكة صحية قبل المهرجان بيوم حتى يثير البلبلة. مصر/ تونس/ مصر بيد ان هذا كله لا يلغي ان المهرجان سار، في الوقت نفسه، في اتجاهاته الاعتيادية، بين عروض واصدارات وندوات وتكريمات. فمهرجان القاهرة، على الرغم من أي انتقاد يمكن ان يوجه الى بعض مظاهر تنظيمه، بات مؤسسة حقيقية، وواحداً من مهرجانات عالمية حقيقية يقبل عليها السينمائيون والنقاد بهمة ونشاط. وكان بودنا ان نقول انه بات، ايضاً، مقفزاً للسينما العربية ككل لولا غياب السينما العربية بشكل عام، هذه المرة، عن تظاهرته الاساسية: المسابقة الرسمية. اذ من بين نحو العشرين فيلماً التي شاركت في هذه التظاهرة، كانت هناك ثلاثة أفلام مصرية وفيلم عربي واحد هو السوري "يا بحر" من اخراج محمد شاهين عن رواية لحنا مينه. ولربما كان من الاصح القول ان وجود هذا الفيلم كان اسوأ من غيابه لأنه في الحقيقة لم يتبد على مستوى يمكن ان يقال معه انه خير ممثل للسينما العربية الجيدة والجديدة التي كانت قد تمثلت في العام الفائت بما لا يقل عن فيلمين كانا هما، وقتها، "حديث المهرجان": "حتى اشعار آخر" لرشيد مشهراوي، و"الكومبارس" لنبيل المالح. اسوأ ما برز خلال مهرجان القاهرة لهذا العام كان غياب الحضور العربي، فاذا اضفنا الى هذا ملامح الصراع السينمائي التونسي/ المصري التي تبدت من خلال بعض التصرفات والممارسات، وخاصة من خلال همهمات بعض المصريين الذين شاركوا في مهرجان قرطاج الأخير فعادوا بخفي حنين لم يرضياهم مما دفعهم الى اتهام التوانسة جميعاً بمعاداة مصر وسينماها، اذا اضفنا هذا نكون قد دخلنا في صورة التشتت العربي السينمائي، وفي دهاليز صراعات هي في نهاية الأمر انعكاس للتشتت العربي العام. عن الفوضى الجميلة كما كان متوقعاً منذ البداية كانت حصة الأسد في مهرجان القاهرة لهذا العام من نصيب فرنسا وسينماها، ولا سيما من خلال الندوة الكبرى حول الحضور السينمائي الفرنسي في العالم العربي وأدارها الناقد نورالدين صايل بمشاركة العديد من المنتجين والمسؤولين التونسيين. في هذه الندوة تكررت نفس المناقشات والسجالات والتوصيات ما يدفع الى التساؤل حول أهمية مثل هذه الندوات وجدواها. مقابل هذا اتت حلقة البحث السينمائي التي يديرها الناقد سمير فريد، لتتابع مشروعاً بلغ هذه المرة عامه الرابع واتى مرة اخرى ليرفد تراث البحث السينمائي العربي بدراسات متعددة الاحداث طالت، هذه المرة، مجمل الكتب التي بحثت السينما العربية وفي شتى اللغات، مما يوفر للباحث ارشيفاً مرجعياً في غاية الأهمية. هذا الجانب الثقافي في العمل السينمائي تحلى كذلك في اصدارات المهرجان، ففي هذا العام تم اصدار عشرة كتب لا يخلو بعضها من أهمية، أربعة منها هي عبارة عن نصوص تكريمية للفنانين الاربعة الذين كرمهم مهرجان هذا العام: شادية، فريد شوقي، المخرج هنري بركات والمنتج جمال الليثي، أما الكتب الباقية فتوزعت بين دراسات سينمائية وكتب تجمع مقالات اصحابها، بغثها وسمينها مما يدفع الى التساؤل عما اذا كانت هناك حقاً سياسة نشر كتب واعية ومبرمجة ترتبط بالمهرجان. في اختيارات الكتب ونصوصها تتجلى نفس تلك الفوضى التي تتناقض مع رغبة مسؤولي المهرجان، وعلى رأسهم سعدالدين وهبه، في جعله مهرجاناً كبيراً وهاماً يجمع بعدي الفن والصناعة ويربطهما بالبعد الثقافي البحثي. والفوضى تتجلى في التنظيم وفي البعد الخرافي لأماكن العرض وتشتتها، وفي فوضى العروض والصالات، وعلى ذكر فوضى العروض نتوقف طويلاً عند الازمة العصبية التي اصابت المخرج الفنان رأفت الميهي خلال الدقائق الاولى من عرض فيلمه "قليل من الحب كثير من العنف" عن رواية لفتحي غانم، وجعلته يصرخ محتجاً على فساد الصوت وضجيج الصالة واختلاط الصور في الوقت نفسه. هذه الفوضى نفسها أطلت في كافة العروض الرئيسية مما حرم المتفرجين من متعة المشاهدة الحقيقية. من لوسي الى ليلى علوي هذا الحرمان برز كذلك، وعلى الأقل بالنسبة للنقاد والصحافيين العرب من جراء المنافسة الحادة التي تبدت ملامحها، بين الافلام المصرية الثلاثة الرئيسية والتي تبدى كل منها جديراً بجائزة او اكثر. ولعل من مميزات مهرجان القاهرة لهذا العام انه وفر فرصة طيبة للاطلاع على بضعة افلام هي من أفضل النتاجات المصرية الراهنة: من فيلم رأفت الميهي المشار اليه الى "سارق الفرح" لداود عبدالسيد الى "ليلة ساخنة" لعاطف الطيب الثلاثة في المسابقة الرسمية وصولا الى "البحر بيضحك ليه" لمحمد كامل القليوبي في مسابقة جائزة نجيب محفوظ. وكان حضور هذه الافلام بقوتها وزخمها متناقض، في الحقيقة، مع الحالة الراهنة للسينما المصرية، حيث يتضاءل الانتاج 16 فيلما حتى الآن في هذا العام مقابل ما لا يقل عن ضعف هذا العدد في العام السابق، متناقضا مع الغرابة الكامنة في اختيار فيلم تلفزيوني لحفلة الانتاج. حضور هذه الافلام الثلاثة في المسابقة الرسمية بعد ان بدا واضحاً ان "البحر بيضحك ليه" سينال نصيبه في جائزة نجيب محفوظ أشعل حدة المنافسة على جائزة افضل تمثيل بين لبلبة في "ليلة ساخنة" ولوسي في "سارق الفرح" وليلى علوي في "قليل من الحب…"، وظلت الترجيحات والترجيحات المضادة قائمة حتى اللحظات الأخيرة، على عكس ما حدث بالنسبة الى التمثيل الرجالي، اذ كان واضحاً ان الجائزة ستذهب الى نور الشريف. من هنا شكّل فوز ليلى علوي في نهاية الأمر مفاجأة طيبة لها ولمحبي فنها، ومفاجأة سيئة للذين لفتهم اداء لوسي الجيد في "سارق الفرح". غير ان هذه المفاجأة لم تكن بسوء مفاجأة فوز الفيلم الفرنسي "العقيد شابير" بجائزتين من أصل سبع جوائز: جائزة افضل فيلم، وجائزة افضل اخراج؟ رغم كل شيء، من قيض له ان يلتقي بليلى علوي ولوسي، كلا على حدة، بعد اعلان النتائج، لاحظ كم كان مقدار تقبل الفنانتين للنتيجة رياضياً وطيباً، وتلك سمة جديدة في العلاقات لم تكن معهودة في مثل هذا الميدان من قبل، حتى بدا للكثيرين وكأنه لم يكن هناك تنافس ولا يحزنون. ما أحزن لوسي على اي حال، كان حرمان فيلمها الفيلم من انتاجها وانتاج زوجها رجل الاعمال سلطان الكاشف من الجوائز دون غيره من الافلام المصرية، هي التي كانت تعتقد ان حصول الفيلم على جائزة ما، سيشجعها على خوض مثل هذه المغامرة الصعبة مرات ومرات بعد الآن "فالسينما المصرية، على حد تعبير لوسي، بحاجة الى دم انتاجي جديد، من هنا فإن صدمة من هذا النوع سوف تثمر احباطا يصيب من يحاول تجديداً وتجريباً". تجريبية مصرية جديدة والحال ان لوسي لم تكن شديدة البعد عن الصواب من كلامها هذا، غير ان ما يمكن الاشارة اليه هنا، هو ان الافلام المصرية المشاركة في المسابقة تميزت على اي حال بقدر كبير من التجريبية التي - ان كنا سنعود الى الحديث عنها بشكل مفصل في مقال لاحق - نشير هنا الى بعض سماتها الاساسية: تجلت تجريبية رأفت الميهي في اعتماده على قصة واقعية لفتحي غانم في فيلم لم يخل من اسلوب الفانتازيا الذي ميز بعض افضل وأهم اعمال رأفت الميهي. وتجلت تجريبية داود عبدالسيد في "سارق الفرح" في محاولته الجريئة - ولكن غير الناجحة بالنسبة الى الكثيرين - للتعبير عن بعض مواقف الفيلم الدرامية، باغنيات تعبيرية شاعرية تناقضت رغم جمالها، مع واقعية الفيلم وشاعرية لغة عبدالسيد السينمائية التي لم تكن بحاجة الى تلك الشاعرية الموسيقية لتعثر على تأكيد لها. واخيراً تجلت تجريبية عاطف الطيب، من خلال اعتماده على وحدة الزمن بالنسبة لأحداث فيلمه "ليلة ساخنة" التي تدور خلال ساعات ليلية قليلة، وتنتهي بواحدة من اروع النهايات التي انطبع بها اي فيلم عربي. في هذا الفيلم عاد عاطف الطيب الى قوة لغته السينمائية التي طبعت احد اول افلامه "سائق الاوتوبيس" واعاد الى نور الشريف قوته التعبيرية ليقدمه كواحد من أفضل الممثلين الذين عرفتهم الشاشة المصرية خلال العقدين الأخيرين. ونحن اذا كنا نركز هنا على الأفلام المصرية فما هذا الا لأن الابرز في احداث هذا المهرجان كان هذه الافلام، مما جعل العروض الأخرى - والجوائز الاخرى - بالتالي تبدو غير ذات اهمية. فهل ثمة، حقاً، من يهتم بأن يفوز اليوناني هو رسوغلو بجائزة أفضل سيناريو عن فيلم "ليفترس"، او الفيلم الاميركي "والارض لم تبتلعه" بجائزة أفضل ابداع حتى، أو ان يفوز "العقيد شابير" بجائزتين كبيرتين رأى كثيرون انه لا يستحق اياً منهما؟ الحضور الاجنبي في مهرجان القاهرة يبقى حضوراً له أهميته بالنسبة الى الجمهور المصري دون غيره، لأنها فرصة نادرة تمكنه من ان يشاهد افلاماً فالتة من براثن الرقابة، في عروض يبلغ الازدحام فيها أوجه وخاصة على افلام قد يشاع ان فيها مشاهد عري او عنف او ما شابه. وهذا ما حدث، مثلاً بالنسبة الى فيلم "قتلة بالفطرة" لاوليفر ستون، هذا الفيلم الذي صحبته حيثما حل وارتحل سمعة كواحد من اكثر الافلام عنفاً في تاريخ السينما المعاصرة. والحال ان اوليفر ستون، مخرج الفيلم الذي خصه المهرجان بتكريم لافت، كان محقاً حين طلب من جمهور حفلة الختام ان "يربط الاحزمة" عند عرض الفيلم بعد اعلان النتائج. اوليفر ستون كان من اكثر المدعوين الاجانب سروراً بالمهرجان، لأنه اتاح له ان يكتشف - حسبما قال هو نفسه - بلدا ودودا وطيبا. تحديات المهرجان كل شيء في المهرجان كان - على اي حال - ودودا وطيبا، رغم الخوف المهيمن من قيام اعمال ارهابية ضد المهرجان ومدعويه، ورغم الصراع العنيف الذي اشتد خلال ايام المهرجان الثلاث الأخيرة من حول الجوائز والتوقعات بشأنها، ورغم زحام شبكات التلفزة التي أتت تغطي احداث المهرجان فبدت متراكمة كالنمل، غبية في تعاملها مع شؤون السينما، سطحية في فهمها لما يحدث ولأهمية ما يحدث، واخيراً رغم فوضى التنظيم وفوضى حضور المصورين الصحافيين القادرين في كل لحظة على افساد متعة مشاهدتك لأي فيلم وحفل. هذا بالنسبة الى الصورة الخارجية اما الصورة الداخلية فشأن آخر: الصورة الداخلية هي الصراعات التي تدور من حول المهرجان، ومحاولات الكثيرين التحرك لخلافة سعدالدين وهبه كلما حلت به وعكة او تبدت في سياسته آثار ضعف. وفي هذه الدورة تجلى هذا الصراع قويا، اولا من خلال الشائعات العديدة، ولكن ايضاً من خلال الهجوم المضاد الذي شنه سعدالدين وهبه على منتقديه ومحاولي ايقاعه في اكثر من فخ، هذا الهجوم المضاد الذي كانت فيه كل الاسلحة مشروعة بما في ذلك سلاح التطبيع والوقوف ضد التطبيع… وكذلك السلاح الآخر الذي تجلى في الضغط على الفنانة شادية لمنعها من حضور حفل تكريمها. كل هذا جعل من ايام مهرجان القاهرة اياما مجنونة، صاخبة، حيوية. مهرجان القاهرة في دورته الثامنة عشرة، وفي العام العاسر لترؤس سعدالدين وهبه له، تبدى ضرورياً اكثر من اي وقت مضى، جميلا اكثر من اي وقت مضى، فوضويا اكثر من اي وقت مضى، متحديا اكثر من اي وقت مضى، محاطاً بالمخاطر اكثر من اي وقت مضى. كما تبدى اكثر من اي وقت مضى صورة لفوضانا العربية، ولكن ايضاً واحدا من آخر الحصون في وجه الاستسلام التطبيعي في وجه اسرائيل. ومن المؤكد ان علينا ان ننتظر الاحداث الفاصلة بين دورة هذا العام ودورة العام المقبل لنعرف كيف تسير الرياح، وكيف ستسير السفينة التي قادها سعدالدين وهبة وسط هذه الرياح.