من باريس الى بروكسيل، مروراً بمدريد وعواصم دول أوروبا الشرقية والوسطى، جاء الترحيب حاراً بنتيجة الانتخابات الالمانية، خصوصاً بعودة المستشار الديموقراطي - المسيحي هلموت كول الى السلطة للمرة الرابعة منذ العام 1982. هناك اجماع، اذن، على اعتبار عودة المستشار علامة حاسمة الآن، باتجاه تدعيم مشروع البناء الأوروبي، كما اختفت الانتقادات التي صدرت في الآونة الأخيرة، حول الاقتراح الذي تقدمت به المجموعة البرلمانية الديموقراطية - المسيحية في المانيا، في شأن تأسيس "نواة صلبة" داخل الاتحاد الأوروبي الموسّع، تضم فرنسا وألمانيا ودول البينيلوكس. ولم يترك العمل السياسي المنظم للمستشار كول، والمواقف التي عبر عنها بعد الانتخابات، لم تترك مجالاً للجدل حول استمرارية السياسة الأوروبية لألمانيا خلال السنوات الأربع المقبلة، ومن هذا المنطلق، لا عودة متوقعة الى الوراء. صحيح ان التحالف الديموقراطي - المسيحي - الليبرالي يتمتع بأكثرية ضئيلة في مجلس النواب الجديد البندستاغ، الا ان المواقف التي عبر عنها الحزب الديموقراطي - الاشتراكي المعارض بقيادة رودولف شاربينغ، تلتقي في خطوطها الشاملة مع النهج الاستراتيجي للبناء الأوروبي الموحد، كماجسده بامتياز، كول، لا سيما بعد اتمام الوحدة الالمانية في أواخر العام 1990. ومن المتوقع بالتالي، حتى آخر العام الحالي، اثناء الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي، ان تتخذ حكومة كول - كينكل، مبادرات سياسية ولو محدودة، نحو مزيد من التكامل السياسي والاقتصادي - النقدي، بالتزامن مع تقدم مشروع التوسيع وطرح اولويات انضمام دول من أوروبا الشرقية والوسطى الى عضوية الاتحاد في حدود العام ألفين. انها المفارقة السياسية الآن: المراهنة بعد ايار مايو 1995 على الثنائي كول - ديلور، ليحل محل الثنائي كول - ميتران.