استطلاعات الرأي والتعليقات السياسية، لم تعد تطرح مسألة عودة هلموت كول، للمرة الرابعة الى منصب المستشارية، في الانتخابات المقبلة، والسؤال الرئيسي يتناول طبيعة التحالف الحاكم للسنوات الأربع المقبلة تبعاً للنتيجة التي يسجلها الحزب الليبرالي برئاسة وزير الخارجية كلاوس كينكل، المشارك في الائتلاف الحكومي والذي فشل في سلسلة اقتراعات محلية واقليمية في الآونة الاخيرة في بلوغ نسبة خمسة في المئة من أصوات المقترعين. كل الدلائل تشير، الى عودة كول، كمستشار لألمانيا الموحدة للمرة الثانية، وهذه المرة لا يخرج اطار التوقعات، عما تناقلته وسائل الاستطلاع بالنسبة الى اقتراعات سابقة، فدائماً، قبل أشهر من اجراء الانتخابات العامة، تهبط شعبية المستشار الى ادنى النسب الممكنة، ثم تتقدم بسرعة هائلة، بمدى الاقتراب من موعد التوجه الى صناديق الاقتراع. مع من سيحكم هلموت كول؟ من بين السيناريوهات الواردة الابقاء على التحالف الديموقراطي المسيحي - الليبرالي الحاكم، الى جانب سيناريو آخر، لم يتم الا مرة واحدة في تاريخ المانيا الاتحادية بين عامي 1966 و1969، حين تم تشكيل حكومة ائتلاف من الحزبين الرئيسيين الديموقراطي المسيحي والديموقراطي الاشتراكي. ومن منطلق الصراع السياسي، لا تشير تصريحات كول او منافسه رودولف شاربينغ، الى ورود هذا السيناريو، لكن المواقف متقاربة بين الأول والثاني الى حد الاستمرارية الكاملة، حين تتعلق المسألة بالسياسة الأوروبية والعلاقات الخارجية لألمانيا الموحدة حتى نهايات القرن. فلا عودة، مثلاً، عن اكمال عملية التوحد الالماني داخل المشروع الأوروبي، كما ان هناك اجماعاً شاملاً على توفير كل الشروط الممكنة لعلاقات متينة مع أوروبا الشرقية والوسطى والى حد ما روسيا. ثم، استناداً الى النقاش العاصف الذي دار قبل أسابيع حول ورقة عمل المجموعة البرلمانية الديموقراطية المسيحية بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي، وعلى رغم اختلاف الصيغة الديبلوماسية في مواقف كول وشاربينغ وكينكل، فإن التركيز على علاقات متمايزة مع فرنسا في اطار المشروع الأوروبي لألمانيا الموحدة، لا يزال يشكل، الى جانب الخيار الاطلسي، الدائرة الثابتة للتوجه الألماني، داخل استراتيجية اوروبية ودولية متحركة. ان أهمية هذا الاقتراع، انه الأول من نوعه، في ظل سيادة المانية كاملة بعد انسحاب الجيوش "الاجنبية" من برلين، وبعد ان تأكد اتجاه خروج المانيا من حالة التفرج على الاحداث الخارجية. وفي هذا الاطار، كذلك، يمكن تماماً توقع ان تتقدم بون، مهما كان شكل الحكومة المقبلة، بطلب رسمي لعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، كمؤشر نهائي الى مرحلة زوال الحرب الباردة. وتتوج الانتخابات كذلك، أربع سنوات من الوحدة الألمانية، في حالة من التخبط الاقتصادي قبل العودة التدريجية للنمو في الشهور القليلة الماضية. وربما تكون المهمة الرئيسية للحكومة المقبلة، الاعداد للمرحلة الثالثة والاخيرة من الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي، في الانتقال الى البنك المركزي المشترك والعملة الموحدة. واللافت، في أي حال، هي حالة الاستقرار السياسي الداخلي، وتهميش القوى المتطرفة. اما كول، فمن المرجح ان يحطم كل الأرقام في البقاء في الحكم، على مستوى أوروبي، بما في ذلك عهد الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران وأول مستشار لألمانيا الاتحادية، كونراد آديناور.