سعود بن بندر يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية لهيئة تطوير المنطقة الشرقية    إسرائيل تستبق وقف النار.. اغتيالات وغارات عنيفة    الكشافة تعقد ندوة الاتجاهات التربوية الحديثة    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السعودية تتصدر العالم بأكبر تجمع غذائي من نوعه في موسوعة غينيس    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    التعليم : اكثر من 7 ٪؜ من الطلاب حققوا أداء عالي في جميع الاختبارات الوطنية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    بوريل يطالب إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    سجن سعد الصغير 3 سنوات    حرفية سعودية    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    فصل التوائم.. أطفال سفراء    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    ألوان الطيف    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    من أجل خير البشرية    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    خادم الحرمين يوجه بتمديد العمل ب"حساب المواطن" والدعم الإضافي لعام كامل    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    المملكة تستضيف المعرض الدوائي العالمي    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيديد مجرد واجهة لحروب الآخرين . الاسلاميون ينازلون أميركا في الصومال


* ايران والسودان ترعيان "شبكة" القرن الافريقي
تتابع القوات الدولية المشاركة في عملية الأمم المتحدة في الصومال البحث عن الجنرال محمد فارح عيديد وهي عثرت حتى الآن على مموله الرئيسي عثمان حسين اتو واعتقلته. لكن المعركة تبدو أبعد من مصير عيديد الذي تحول مجرد واجهة لمعركة لا تزال في بداياتها بين الاسلاميين وأميركا.
وفي هذه المعركة تتكشف خيوط "شبكة" القرن الافريقي الأصولية التي تضخ السلاح والأموال والخبراء برعاية إيرانية وسودانية تنذر بتحول القرن الافريقي الى فيتنام جديدة يصعب فيها الانتصار كما يصعب القبول بالخسارة.
اتخذ النزاع بين قوات "عملية الامم المتحدة الثانية في الصومال" يونوصوم - 2 والمسلحين الصوماليين منحى جديداً وخطيراً منذ تموز يوليو الماضي، اذ قررت الحركات الاسلامية في الصومال التي يتجاوز عددها سبع منظمات، بدء المواجهة العسكرية المباشرة لقوات "يونوصوم"، خصوصاً الاميركية العاملة في اطارها، والابقاء على زعيم "التحالف الوطني الصومالي" الجنرال محمد فارح عيديد واجهة لعملياتها مفضلة عدم اعلان نفسها قائدة للمقاومة الصومالية الاسلامية.
ونجحت هذه المقاومة الى حد كبير في استراتيجيتها التي وضعتها في تشرين الثاني نوفمبر 1992، اي قبل شهر واحد من بدء عملية "اعادة الامل" الاميركية في الصومال. واستطاعت وضع القوات الاميركية في مأزق كبير، الى حد بات يخشى الاميركيون ان يكون وجودهم في هذا البلد تورطاً قد يشعل منطقة القرن الافريقي الذي ربما تحول فيتنام جديدة. فلا تستطيع هذه القوات الخروج الآن من المستنقع الصومالي، لان خروجها في الاوضاع الحالية سيعتبر فشلاً ذريعاً لها وللسياسة الاميركية الخارجية، ما يضعف ادارة رئيس بيل كلينتون ويفقدها صدقيتها داخلياً وخارجياً، على رغم النجاح الذي حققته في مسيرة التسوية الشرق الاوسطية. وهي لا تستطيع في الوقت نفسه البقاء الى الابد في هذا المستنقع، فكلما طال وجودها هناك، اتسعت دائرة تورطها. اذ يعتقد كثير من المراقبين ان الحركات الاصولية التي تناهض تدخلها في الصومال والشرق الاوسط قد تتضافر جهودها لمنازلتها عسكرياً انطلاقاً من الصومال.
عمليات انتقامية
وما يجري حالياً على الارض في مقديشو، مخطط ومدروس ذلك ان المقاومة الاسلامية تشن عمليات عسكرية منظمة شبه يومية على قوات "يونوصوم"، فترد هذه بعمليات انتقامية وتكثف الحصار على انصار الجنرال عيديد الذي تتصاعد شعبيته في اوساط قبيلته مع كل ضربة يتلقاها. وباتت المعادلة السائدة اليوم في مقديشو ان الاسلاميين يضربون القوات الدولية، وعيديد يتلقى الضربات الاميركية!
ويبدو ان تعامل كل من الادارة الاميركية وقيادة "يونوصوم - 2" تعاملاً سطحياً مع الازمة الصومالية منذ بدايتها ادى الى وقوعهما في مأزق يصعب الخروج منه حالياً. اذ غابت عن مستشاري الامين العام للامم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي، وهو المتخصص في الشؤون الافريقية، دراسة التركيبة الاجتماعية القبلية المعقدة في الصومال، والتعامل مع ازمة هذا البلد استناداً الى ذلك. في حين لم تبد واشنطن اساساً رغبة في التعامل مع هذه الازمة من منظورها الاجتماعي والدخول في تعقيداته. فحملت حلولاً جاهزة سبق ان استخدمت مثلها في بنما ضد الرئيس السابق مانويل نورييغا وفي غرانادا… وفي العراق ضد الرئيس صدام حسين… لذلك كان المبعوث الخاص لغالي الى الصومال الادميرال الاميركي المتقاعد جوناثان هاو، يصدر قرارات مثل "مكافأة 25 ألف دولار لمن يعتقل عيديد او يرشد الى مكانه"، وينشر ملصقاً عليه صورة الرجل وكتب الى جانبها "مطلوب" WANTED... على طريقة رعاة البقر. وهذا الاسلوب ربما كان ناجحاً في مكافحة جماعة المافيا في احياء نيويورك، لكنه لم ينجح في احياء مقديشو… ولن ينجح.
وعلق النائب الفرنسي جان فرنسوا دونيو على الاسلوب الاميركي إثر عودته من مقديشو بقوله: "اذا كان اسلوب رعاة البقر ما زال ساريا في بعض الولايات الاميركية، فانه أدى الى نتائج عكسية في الصومال حيث الترابط القبلي أقوى من الاغراءات المالية التي تجرح كرامة الانسان الصومالي".
فالصوماليون الذين يعيش نحو 85 - 90 في المئة منهم حياة الرعاة الرحل، كانوا في ما مضى يشنون حروباً قبلية ويتقاتلون بالاسلحة التقليدية، بالسهام والرماح وغيرها، في نزاع على بئر ماء او على مرعى خصب. واستمر ذلك حتى في ايام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري حكم 22 سنة، ولكن على نحو اقل ضراوة واستبدلوا بالسهام والرماح الاسلحة الحديثة. وعندما سقط سياد بري في 27 كانون الثاني يناير 1991 كان سقوطه على ايدي تحالف قبلي ضم قبائل الاسحاق واحد فروع قبيلتي هوية هبرجدر - سعد ودارود اوغادين. وعلى رغم ان هذه القبائل حاربت تحت غطاء احزاب سياسية هي "الحركة الوطنية الصومالية" اسحاق. و"المؤتمر الصومالي الموحد" هوية، و"حركة الوطنيين الصوماليين" اوغادين، لكن طبيعة هذه الاحزاب قبلية واسقطت الرئيس السابق من منطلق قبلي وليس سياسياً.
مجموعات قبلية متناحرة
وعندما حاولت قبيلة واحدة هي هوية، التي ينتمي اليها كل من الجنرال عيديد والرئيس الموقت علي مهدي محمد، الاستئثار بالحكم في مقديشو، انفصل الاسحاقيون الذين يقطنون شمال البلاد، اي ما كان يعرف قبل الاستقلال عام 1960 بپ"صومالي لاند" او "الصومال البريطاني" واعلنوا دولة مستقلة واطلقوا عليها اسم "جمهورية ارض الصومال". وتحولت البلاد مذ ذاك الى مجموعات كبيرة من القبائل اضفى كل منها على نفسه اسماً حزبياً جمع تحت لوائه ابناء قبيلته. وسادت الفوضى عندما حاولت كل قبيلة من القبائل - الاحزاب الحصول على اكبر قدر ممكن من الاراضي ومن ممتلكات الدولة المنهارة بما في ذلك اسلحتها. ثم حلت المجاعة بالبلاد، وبدأ السطو القبلي المسلح على المواد الغذائية الآتية من الخارج وعلى الممتلكات الخاصة بالقبائل. وعكس هذا تماماً طبيعة المجتمع الاصلية، فكرر ابناء القبائل الحاليين ما كان يفعله آباؤهم واجدادهم اثناء النزاعات في ما بينهم على بئر ماء او ارض خصبة… والمفارقة ان كل هذه العمليات، بدءاً بالسيطرة على املاك الدولة وانتهاء بالسطو على ممتلكات خاصة للآخرين، هي شرعية بالعرف القبلي الصومالي. ومن الصعب جداً ايجاد حل لها وانهاؤها الا باعتماد الصلح العشائري الذي يرعاه زعماء القبائل واعيانها انفسهم.
سحنون واوكلي
وفي المقابل كانت كل من الادارة الاميركية وقيادة "يونوصوم - 2" تنظر الى ما يحصل في الصومال انه عصيان مدني وعصابات نهب وسرقة واعتداءات على حقوق الانسان. وتعاملت مع المشكلة استناداً الى نظرتها هذه. وكان بين القلائل في المنظمة الدولية الذين رأوا المشكلة كما يراها الصوماليون، المبعوث الخاص السابق للدكتور غالي الى الصومال السفير الجزائري المتقاعد محمد سحنون. فهو دفع الى الاستقالة من منصبه آنذاك، لأنه كان يختلف في معالجته المشكلة عن السياسة التي وضعتها الامم المتحدة لحلها.
وذكر سحنون لپ"الوسط" في هذا الشأن انه عرف طبيعة التركيبة القبلية للشعب الصومالي، "وانا اساساً ابن قبيلة، وكان سهلاً علي تفهم معاناة الصوماليين. وبدأت معالجتي لمشاكلهم باجراء مشاورات واتصالات مع رؤساء القبائل، ونجحت الى حد ما في التقريب بينهم كخطوة اولى لوضع اسس نظام مدني جديد للبلاد". وروى انه كان يتنقل بين القرى والبلدات الصومالية للقاء زعماء القبائل، ويمضي اياماً في الغابات ويعيش في خيم احياناً.
وفي المقابل تعامل مبعوث الرئيس السابق جورج بوش الى الصومال، مهندس عملية "اعادة الامل" السفير روبرت اوكلي مع زعماء الميليشيات، واعتبرهم العقبة الرئيسية امام الحل. وكان ختام مهمته في هذا البلد قبل ان يحل مكانه ممثل الرئيس بيل كلينتون السفير روبرت غوسندي، جمعه الجنرال عيديد والرئيس الموقت علي مهدي معاً في مقديشو مطلع السنة الجارية. واعتبر حل الخلاف بينهما في العاصمة حلاً لكل الصومال.
عيديد يعلن الجهاد
وأياً كان الأمر، عندما أدرك الجنرال عيديد انه لا يواجه هذه المرة فصيلاً قبلياً صومالياً، بقدر ما يحارب قوات دولية تمثل 23 دولة مزودة طائرات وسفناً حربية وصفوة وحدات الكومندوس الأميركية، لم يتردد في رفع شعار "الجهاد" ضد ما سماه قوات "الغزو الأجنبي" وتحديداً الأميركي تحت مظلة "اعادة الأمل" وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وتزامن رفع الجنرال شعار "الجهاد" مع اتهام ابناء جنوب مقديشو القوات الدولية عموماً والوحدات الأميركية خصوصاً بارتكاب "حماقات" عسكرية غير مبررة، وباطلاقها نيران رشاشاتها على الشيوخ والنساء والأطفال، الأمر الذي فجر غضبهم عليها واكسب عيديد دعم بعض زعماء القبائل.
والمعروف في الصومال ان زعماء الحرب لا يخرجون أبداً عن رأي شيوخ قبائلهم، وهذا يعني في ما يعني ان الجنرال عيديد لم يعد اليوم ضحية مطاردة، بقدر ما أضحى رمزاً مهماً من رموز قبيلته، وهذا ما أهله لأن يتحدى القوات الدولية، وينال حماية قبائل اخرى ترفض رفضاً قاطعاً تسليم رأس أحد ابنائها الى أجنبي، فما بالك بالقوات الأميركية التي تجهل تقاليد المجتمع الصومالي، وتتصرف على نحو يمس بهذه التقاليد.
ويرى مراقبون ان قرار رئيس "جمهورية ارض الصومال" السيد محمد ابراهيم عقال القاضي باغلاق مكتب "يونوصوم" في هرغيسا الاسبوع الماضي جاء تأكيداً لتضامن اهل الشمال مع عيديد، وذلك بحكم الروابط القوية بين الطرفين طوال ايام الحرب ضد نظام الرئيس بري، اضافة الى اتساع نفوذ رجال الدين في مدينة هرغيسا وغيرها من المدن الشمالية.
ولسوء حظ القوات الدولية المنضوية في عملية "يونوصوم" ان المنظمات الانسانية غير الحكومية بدأت هي الأخرى تندد بدور هذه القوات والذي خرج عن اطار الاغاثة الانسانية وولج دائرة العمليات العسكرية من دون رسم أهداف سياسية واضحة ومحددة، اللهم إلا القبض على الجنرال حياً أو ميتاً.
وما زاد الوضع سوءاً، ما تردد عن اتهام أفراد في القوات البلجيكية والكندية بأعمال وممارسات عنفية وعنصرية ضد الصوماليين، كانت موضع تأنيب ضمير في كل من بروكسيل ومونتريال. وهذا ما ولد رد فعل حاداً لدى الصوماليين الذين قالوا انهم لم يعاملوا مثل هذه المعاملة غير الانسانية الا بسبب سواد لون بشرتهم، ودينهم الاسلامي.
ورد عليهم الادميرال هاو بالقول: "اننا نحترم دين الشعب الصومالي المسلم وعاداته وتقاليده".
والمعلوم ان المجتمع الصومالي برمته مسلم، وعانى شيوخ القبائل الكثير ابان عهد "الحزب الاشتراكي الثوري" السابق بقيادة الرئيس المخلوع سياد بري. وكانوا خارج حلبة الصراع السياسي - العسكري طوال سني الحروب الأهلية، ولم يدخلوا معمعة الصراع الا بعدما استفحلت الأزمة، وأعربوا عن تعاطفهم مع "الاتحاد الاسلامي" الذي لم يتحرك على نطاق قبيلة محددة، بقدر ما أرسى قواعد عسكرية وسياسية على أسس دينية في معظم انحاء البلاد.
عيديد والحركات الاسلامية
والمهم في الأمر ان قيادة "الاتحاد الاسلامي الصومالي" كانت تفادت حتى وقت قريب أي مواجهة مع القوات الدولية لأسباب مختلفة أبرزها عدم وجود أي اتفاق مع "التحالف الوطني الصومالي" ولكن عندما دعا الجنرال عيديد الى "الجهاد" ضد القوات الدولية عموماً والأميركية خصوصاً تغيرت الصورة.
وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى بروز نحو ثماني حركات اسلامية صومالية، واعتماد الفصائل الصومالية سواء كانت رحنوية في الجنوب، ودارودية في الجنوب وشمال مقديشو، وهوية في الوسط، واسحاقية في الشمال، الشريعة الاسلامية أساساً لدستور البلاد للمرة الأولى منذ الاستقلال، وهذا التحول يحمل بين طياته غير دلالة.
وهكذا اتسعت رقعة المواجهة بين عيديد والقوات الدولية، وان كل المؤشرات تدل على استفحال الأزمة الصومالية، وامتداد ساحة المجابهة الى كل المدن الصومالية لتأخذ طابع الرفض الوطني للوجود برمته.
مشروع آخر للاسلاميين
وفي ظل كل هذه العوامل والمبادرات، كانت الحركات الاسلامية الصومالية تخطط لمشروع آخر. اذ كانت تعرف نقاط الضعف في سلوك زعماء الميليشيات، كما كانت تعرف نقاط الضعف في خطة كل من غالي والادارة الاميركية.
ورصدت "الوسط" في الاشهر الاخيرة اسلوب عمل هذه الحركات، والتقت بعض قادتها وحاورت عدداً من انصارها داخل الصومال وخارجه ولاحظت انها كلها لا تعمل على أساس قبلي، اذ تضم كل منها عناصر من جميع القبائل. كما انها لا تعمل على اساس مناطقي فهي منتشرة في كل المناطق الصومالية، على خلاف الميليشيات الحزبية - القبلية.
وابرز هذه الحركات:
1 - "الاتحاد الاسلامي الصومالي": يتزعمه الشيخ علي ورسمه.
2 - "حركة الاصلاح الاسلامية": يتزعمها الشيخ محمد علي ابراهيم.
3 - "مجمع علماء الاسلام": يقوده الشيخ محمد معلم.
4 - "وحدة الشباب الاسلامي": يتزعمها السيد حسن عبدالسلام.
5 - "انصار السنة": ابرز قادتها السيد علي وجيد.
6 - "المسلمون المستقلون": ابرز قادتهم المفتي شريف عبدالنور.
7 - "التبليغ": تقودها مجموعة من العلماء.
8 - "الحركة الاسلامية في الصومال": الناطق باسمها الدكتور ابراهيم الدسوقي.
وعلى رغم ان هذه الجماعات تختلف عموماً في توجهاتها السياسية، الا انها استطاعت اخيراً توحيد موقفها من التعامل مع ما تسميه "التدخل الاميركي في الصومال"، وهو الرفض الشديد لهذا التدخل.
وقال احد المسؤولين في "الاتحاد الاسلامي" الشيخ محمد عثمان لپ"الوسط" في بداية "عملية اعادة الأمل"، ان المجاعة التي حلت بالبلاد خلال 1991 - 1992 "كانت مفجعة، وكان من غير المنطقي تعبئة الصوماليين ضد القوات الاميركية التي كان الصوماليون ينظرون اليها المنقذ من المجاعة وتحمل اليهم الاغذية. علماً ان عمليات الاغاثة كانت جهداً دولياً وبدأت قبل مجيء الاميركيين الذين استغلوها اعلامياً وظهروا مظهر المنقذ لأهل الصومال".
والاستراتيجية التي اتبعها "الاتحاد الاسلامي" وغيره من الجماعات الاسلامية، وكانت بدأت في تشرين الثاني نوفمبر 1992 هي سحب الاسلحة والانصار من المدن الرئيسية التي كان يتوقع ان تدخلها القوات الاميركية ومن بعدها القوات الدولية. واستقر المقاتلون في مناطق شبه نائية مثل اقليمي غدو وباي في جنوب البلاد واقليم شمال شرقي البلاد. وانتظرت هذه الجماعات حتى خفت وطأة المجاعة التي كانت تحصد 250 شخصاً في اليوم في مناطق مثل بيدواه.
وخلال تلك الفترة كانت الجماعات الاسلامية تشتري الاسلحة من المسلحين بأسعار زهيدة جداً. ثم بدأت حملة تعبئة واسعة ضد القوات الاجنبية عموماً والاميركية خصوصاً في البلاد، مستندة الى شعارات منها "ان الاجانب جاؤوا لتنصير الصوماليين"، و"الاعتداء على الاسلام" و"زرع عادات وتقاليد غربية غريبة عن المجتمع الصومالي" الذي يدين 99.99 في المئة من اهله بالاسلام.
اولى العمليات
وفي ايار مايو 1992 شذ "الاتحاد الاسلامي" عن هذه الاستراتيجية العامة التي كانت تقضي بالتزام التعبئة السلمية فقط، في انتظار الوقت المناسب لاستخدام السلاح. فشنت قواته حملة عسكرية على "الجبهة الديموقراطية لانقاذ الصومال" التي يتزعمها اللواء محمد ابشر موسى والعقيد عبدالله يوسف في شمال شرقي البلاد. واحتلت ميناء بوصاصو المطل على خليج عدن لأكثر من ثلاثة اشهر استغلت خلالها العائدات المالية للمرفأ، وحصلت على معونات غذائية وعسكرية. وتختلف المصادر الصومالية التي تحدثت اليها "الوسط" في هذا الشأن عن مصدر المعونات العسكرية فبعضها يقول انها من السودان وبعض آخر يقول انها من ايران.
وبعدما طردت قوات "الجبهة الديموقراطية" "الاتحاد الاسلامي" من بوصاصو، توجهت قوات الاتحاد شمالاً الى مدينة لاس قري التي تبعد 90 كيلومتراً عن بوصاصو، واحتلت مصنع تعليب السمك هناك وهو واحد من اكبر المصانع في افريقيا. وبقيت في المدينة ومينائها حتى 27 آذار مارس الماضي، عندما طردتها ميليشيات تابعة لقبيلة ورسنغلي بقيادة الجنرال عبدالله احمد جامع.
واكد الجنرال جامع في حديث الى "الوسط" في مدينة بدن القريبة من لاس قري ان "الاتحاد الاسلامي" كان يستعين بثمانية خبراء عسكريين من ايران والسودان وافغانستان واليمن، وأن قواته قتلت ايرانياً واصابت يمنياً من هؤلاء في معارك بين الطرفين.
قرار بدء المواجهة
وبعد طرد قوات "الاتحاد" من بوصاصو ولاس قري، اجتمع قادة سبع من الحركات الاسلامية في الخرطوم في "الفندق الكبير" وهو فندق حكومي، وقرروا بدء المواجهة العسكرية المباشرة ضد القوات الاميركية وابلغوا ذلك الى خصمهم الجنرال عيديد الذي رحب بقرارهم، خصوصاً انهم اكدوا له ان عملياتهم ستكون سرية من دون ان يعلنوا مسؤوليتهم عنها.
وأكد ذلك لپ"الوسط" الدكتور دوعالي، احد قيادات "التحالف الوطني الصومالي" وهو على اتصال بالجنرال عيديد. وقال ان عدداً من قيادات الجماعات الاسلامية موجود حالياً في شطري العاصمة الشمالي والجنوبي مع عناصرها المسلحة التي لا يمكن اي اجنبي تمييزها عن اي من المسلحين الآخرين في المدينة.
وبدأت المقاومة الاسلامية عملياتها المنظمة سراً ضد قوات "يونوصوم - 2" في تموز يوليو الماضي وهي مستمرة حتى اليوم. وشهدت هذه الفترة مقتل جنود اميركيين للمرة الاولى منذ دخول القوات الاميركية الصومال. ووصل مجموع عدد القتلى من "يونوصوم - 2" في الفترة ذاتها الى نحو 50 عسكرياً، اضافة الى اصابة نحو 80 آخرين منهم بجروح.
الى ذلك، تنظم الجماعات الاسلامية 90 في المئة من التظاهرات التي تجري في شكل شبه يومي في جنوب مقديشو، وتندد بالقوات الدولية وتطالبها بالرحيل من الصومال.
وفي المقابل تصعد القوات الاميركية عملياتها العسكرية ضد انصار الجنرال عيديد بعد كل عملية يشنها "مسلحون صوماليون" ضد قوات "يونوصوم - 2". والمعركة الحقيقية الجارية حالياً في مقديشو هي بين المقاومة الاسلامية والاميركيين الذين يعتقدون بأنهم يواجهون ضربات من انصار عيديد.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ارسلت في الشهرين الماضيين مجموعتين من القوات الخاصة هي "قوات التدخل السريع" و"رانجر" لمواجهة الاعتداءات المتزايدة على قواتها في مقديشو.
واذا كان الاميركيون يعرفون انهم يواجهون مقاومة صومالية اسلامية منظمة، أو اذا كانوا لا يعرفون ذلك، ففي كلا الحالين يواجهون مأزقاً كبيراً لن ينتهي بانتهاء الجنرال عيديد.
ويقول مسؤول في احد الحركات الاسلامية الصومالية لپ"الوسط" انه "سبق للجنرال عيديد ان رضخ للتفاوض مع الاميركيين وهم يحاولون الآن القضاء عليه … واذا عاود التفاوض معهم أو اذا قضوا عليه، فاننا لن نتعامل معهم ولن يستطيعوا القضاء علينا".
وتحدث المسؤول نفسه عن قوة الجماعات الاسلامية المنتشرة في كل الصومال حيث لديها امتدادات عبر الحدود الى داخل كينيا واثيوبيا واريتريا. وحذر من ان أي خطر يهدد المسلمين داخل الصومال يمكن ان يحرك المسلمين الآخرين في هذه الدول المجاورة لتقديم العون.
امتداد في القرن
وترتبط الحركات الاسلامية الصومالية بشبكة واسعة من العلاقات مع مثيلاتها في منطقة القرن الافريقي مثل "الاتحاد الاسلامي الأوغاديني" وهو امتداد ل "الاتحاد الاسلامي الصومالي"، و"حزب التضامن الاسلامي" في أوغادين و"الجبهة الاسلامية لتحرير الاورومو"، وهذه كلها في أثيوبيا. و"الحزب الاسلامي الكيني" IPK المحظور في كينيا ويتزعمه الشيخ خالد سالم بلعلاء الذي اعتقلته السلطات الكينية الاثنين الماضي، ومقره الرئيسي في مدينة مومباسا. وانضمت حديثاً الى هذه المجموعة جماعات اسلامية في جنوب اريتريا وشمال جيبوتي.
وأكدت مصادر اثيوبية وصومالية وكينية مهتمة بالحركات الاسلامية في القرن الافريقي ل "الوسط" ان هذه الحركات ليست كلها على اتصال مباشر في ما بينها، وانما تربطها جميعاً علاقة غير مباشرة بإيران عبر الجبهة القومية الاسلامية في السودان التي يتزعمها الدكتور حسن الترابي. وأوضحت ان طهران التي كانت بعيدة عن المنطقة قبل نحو خمس سنوات بدأت تقترب حديثاً من الحركات الاسلامية فيها عبر السودان، وعبر تجار الاورومو الاثيوبيين المسلمين الذين يتمتعون بحرية الحركة وباتوا يشكلون شبكة اتصال مباشرة بين الحركات الاسلامية في القرن الافريقي وايران.
وساعد في تمتين شبكة العلاقات بين هذه الحركة في القرن الافريقي وايران، الاتفاق الأمني بين اثيوبيا والسودان والذي وقعه رئيسا البلدين ملس زيناوي وعمر البشير العام الماضي، وهو يسمح من بين أمور عدة بوجود نحو 250 رجل أمن سودانياً في أثيوبيا تابعين لسفارة بلادهم هناك. ويحق لهؤلاء التجول بحرية في معظم المناطق الاثيوبية، واعتقال أي سوداني من دون الرجوع الى السلطات الاثيوبية.
وأكدت مصادر اثيوبية ان غالبية رجال الأمن السودانيين من عناصر الجبهة القومية الاسلامية ويتولون تنسيق العلاقات بين الحركات الاسلامية داخل اثيوبيا وفي الدول المجاورة. ويشرفون على ايصال المعونات العسكرية والمؤن الآتية من ايران الى من يحتاج اليها من الاسلاميين في المنطقة، خصوصاً الحركات الصومالية.
"الاممية الاسلامية"
وكانت القوات الأميركية في الصومال تنبهت أخيراً الى تسريب أسلحة ومؤن الى هذه الحركات، فشددت مراقبتها على السواحل الصومالية وأوقفت مطلع الشهر الجاري سفينة سودانية في المياه الاقليمية الجيبوتية، كانت مبحرة من بورتسودان الى الصومال، وأجبرتها على الرسو في ميناء جيبوتي حيث فتشتها ثم سمحت لها بمتابعة ابحارها إذ لم تجد ضمن حمولتها سوى مواد غذائية وسكر.
وعلق ديبلوماسي سوداني سابق على هذه الحادثة بقوله ان مجرد ارسال سكر ومواد غذائية سودانية الى الصومال في وقت يعيش الصوماليون في أزمة اقتصادية خانقة هو دليل على تورط السودان مباشرة مع جماعات معينة داخل الصومال، أو انه يعمل وسيطاً لايران مع هذه الجماعات.
ويقول انصار الجنرال عيديد انهم حصلوا في الفترة الاخيرة، تحديداً منذ اليوم الذي شرعت فيه القوات الدولية في استخدام المروحيات العسكرية ضد اهداف مدنية، على تضامن اطراف عربية وغربية حرصت على عدم كشفها.
ويذكر ان السودان وايران وليبيا انتقدت بشدة عملية "اعادة الامل" في البداية، ودور "يونوصوم - 2" حالياً.
وما لا شك فيه هو حصول انصار عيديد والحركات الاسلامية على مساعدات عسكرية وفنية من سائر الحركات الاسلامية والاصولية المنضوية تحت لواء ما بات يعرف في الغرب ب "الأممية الاسلامية".
وتعلم القيادة العسكرية الاميركية عن تدفق الاسلحة الى هؤلاء من غير جهة لذلك شددت الحراسة البحرية على طول امتداد جنوب حوض البحر الاحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. واذا كانت استطاعت فرض حصار بحري محكم على السواحل الصومالية، فإنها تقف مكتوفة امام الحدود البرية الشاسعة بين الصومال وكينيا واثيوبيا وجيبوتي. علماً بأن الطريق البري بين هرغيسا ومقديشو مفتوح وهو تحت سيطرة "الاتحاد الاسلامي".
تخبط اميركي
وحتى اشعار آخر، يحرص الطرف الاميركي على عدم التوغل شمالاً تفادياً للاشتباك مع "الاتحاد" وبقية القوى السياسية والعسكرية الشمالية المناوئة لأي وجود عسكري دولي في ذلك الجزء من الصومال.
ويذكر الجميع ان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش وعد بانسحاب كل القوات الاميركية المنخرطة في عملية "اعادة الامل في الصومال" التي بدأت في التاسع من كانون الاول ديسمبر 1992 قبل بداية عهد الرئيس بيل كلينتون في العشرين من كانون الثاني يناير 1993. وفي الحادي عشر من آب اغسطس الفائت صرح السفير ديفيد شن المنسق للشؤون الصومالية في الخارجية الاميركية "ان القوات الاميركية لن تنسحب من الصومال قبل نهاية 1994".
ماذا استجد بين التاريخين؟
تورطت واشنطن في مستنقع الصومال الذي كانت تعتبره بمثابة نزهة لعرض العضلات امام عدسة المصورين واضواء تلفزيونات العالم، مقارنة بحرب البوسنة. وكل يوم يمر يشعر الرأي العام الاميركي بانزلاق بلاده اكثر فأكثر الى حرب تشبه حرب فيتنام بوجوه عدة. ويلاحظ مجلس الشيوخ الاميركي بقلق تحول اهداف الادارة الاميركية الحالية من غرض انساني معروف الى اهداف سياسية ضبابية حددها وزير الدفاع ليس اسبن في نهاية الشهر الفائت بقوله: "ستبقى القوات الأميركية في الصومال لغاية تحقيق الاهداف الثلاثة الآتية: 1 - اعادة الامن في مقديشو، 2 - نزع السلاح من كل الميليشيات، 3 - سيطرة الشرطة الوطنية على زمام المدن الرئيسية".
رأس عيديد
ولكن يبدو ان هدف الرئيس كلينتون الآن هو القبض على الجنرال عيديد ومحاكمته في احد سجون اميركا على غرار الجنرال نورييغا ولكنه يبدو انه نسي ان الصومال ليس بنما وان الجنرال المتمرد ليس تاجر مخدرات، ولا ابن المدرسة الاميركية.
ويبدو ان الاصرار على هذا الهدف وراءه معلومات ان الجنرال يبحث عن بوابة للخروج من البلاد، اذ توصلت وزارة الخارجية الأميركية الى نتيجة مفادها أن الزعيم الصومالي الجنرال محمد فارح عيديد يسعى الآن الى اللجوء الى بلد آخر. وكان بعث برسالة الى وزير الخارجية وارن كريستوفر عن طريق الرئيس السابق جيمي كارتر يطلب فيها من القوات الأميركية العاملة مع الأمم المتحدة وقف البحث عنه في مقابل تشكيل "لجنة تحقيق خاصة" للتقرير هل هو مجرم حرب أم لا. كما أعرب عن استعداده للمثول أمام المحكمة إذا قررت اللجنة ذلك. وذكر في رسالته أيضاً أنه مستعد لمغادرة البلاد لئلا يؤثر في أي شهود.
ويشير مكتب الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي الى أن المنظمة الدولية حققت في مقتل الجنود الباكستانيين الأربعة والعشرين في الخامس من حزيران يونيو الماضي وان مجلس الأمن يتفق على أن الجنرال عيديد هو المسؤول ويجب اعتقاله ومحاكمته.
ويرى محللون في وزارة الخارجية ان عيديد يحاول الحصول على إذن لمغادرة الصومال من دون أن تكون لديه أي نية في العودة اليها. وهم يعتقدون بأنه سيحذو في خطته لتحقيق هذا الهدف حذو الرئيس الألماني الشرقي السابق إريك هونيكر الذي تهرب من محاكمته على جرائم الحرب التي ارتكبها بعرض اللجوء الاختياري الى تشيلي.
إلا أن الادميرال جوناثان هاو الممثل الخاص للدكتور غالي في الصومال رفض "عرض" عيديد. وتقول مصادر الخارجية الأميركية والأمم المتحدة انه يريد اعتقال جميع زعماء الحرب في الصومال ومحاكمتهم وشنقهم لأنه إذا لم يتم ذلك فإن الأمم المتحدة ستظل في رأيه تحتل الصومال عسكرياً لعقود قادمة. كما أنه يحبذ انشاء ادارة مدنية يشرف عليها الأمين العام شخصياً.
وهناك كثير من التكهنات حول الدولة التي يمكن أن يلجأ اليها عيديد. لكن المراقبين يستبعدون لجوءه الى ليبيا أو السودان نظراً الى ما سيثيره من حرج لهما. كما ان واشنطن ستمارس الضغط على دول أميركا اللاتينية لئلا تقبله. ولكن إذا تمت الموافقة على أن يعيش في المنفى في صورة دائمة كوسيلة لتشتيت قواته المتمردة فإن من المرجح أن يفرض عليه اللجوء الى دولة معينة.
ويشير ديبلوماسي بريطاني في واشنطن الى احتمال اجباره على اللجوء الى جزيرة القديسة هيلانا التي نفي اليها نابليون وهي مستعمرة بريطانية أو الى جزر فولكلاند. وقال الديبلوماسي: "إنني لا أتخيل أن الأمم المتحدة ستسمح له باللجوء الى أي دولة في افريقيا حتى وان وافق الأدميرال هاو على السماح له بالتوجه الى أي مكان يريده".
خلاف غربي - غربي
وانتقدت الحكومة الايطالية الاسلوب الاميركي في معالجة الازمة الصومالية الذي يسقط من حسابه كل الاعتبارات الخاصة بطبيعة المجتمع الصومالي، وعقلية قادته، ونفسية مشايخه. والمعروف ان الصومال الجنوبي كان يرزح تحت الاستعمار الايطالي منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى استقلال البلاد عام 1960.
والى ذلك لم يعد القادة العسكريون الايطاليون يتحملون تصرف القيادة العسكرية الاميركية في الصومال من دون أخذ رأي اي طرف. وهذا ما دفع وزير الخارجية الايطالي بنيامينو اندريانا، منتصف الشهر الفائت، الى اعلان قرار حكومته بسحب قواتها من مقديشو التي ارتكب فيها الاميركيون اخطاء قاتلة.
والاهم من ذلك ان المسؤولين الايطاليين باتوا يتهمون قوات الامم المتحدة بممارسة الارهاب في الصومال، ما ادى الى اتساع الفجوة السياسية بين روما وواشنطن من ناحية وبين روما ونيويورك من ناحية اخرى.
وفي باريس قال وزير الدفاع الفرنسي فرنسوا ليوتار قبل ايام: "اذا كان الاميركيون لا يشاركون في أي عمل عسكري دولي ما لم تسند اليهم قيادة العمليات العسكرية، فلماذا يريدون اقحام القوات الفرنسية في معارك لم تشارك في رسمها؟".
والمعروف ان باريس قررت سحب قواتها المرابطة في الصومال قبل نهاية هذه السنة.
خلاصة القول تجد جميع الاطراف الدولية والصومالية نفسها في مأزق لا تحسد عليه، واذا صدقت نية الرئيس كلينتون في العثور على مخرج سياسي لا يلغي دور الجنرال عيديد، واذا عادت الاطراف الصومالية - وفي مقدمها الجنرال - الى صوابها واوجدت مخرجاً لنفسها وللصومال، وللولايات المتحدة، عندئذ يمكن دول مجموعة "الايفاد" هيئة حكومات شرق افريقيا لمحاربة الجفاف والتصحر، اي اثيوبيا واريتريا والسودان وجيبوتي وكينيا واوغندا، ان تتولى مهمة حفظ ماء وجه كل الاطراف، وانقاذ ما يمكن انقاذه من الصومال.
الاسلام في الصومال
- يفتخر مسلمو الصومال بأن الاسلام دخل بلادهم قبل هجرة الرسول ص من مكة المكرمة الى المدينة المنورة. اذ كان ارسل نحو خمسة من صحابته الى مدينة هرر عاصمة اقليم اوغادين الصومالي سابقاً، الاثيوبي حالياً والمناطق القريبة منها. واصطلح على تسمية هذه الرحلة ب "الهجرة الاولى"، وعلى اثرها انتشر الاسلام في منطقة القرن الافريقي.
والصومال هو البلد الوحيد في كل افريقيا الذي يعتنق جميع سكانه 6 ملايين نسمة الاسلام، وينتمون الى المذهب الشافعي.
الحركات الاسلامية الصومالية
- تتميز الجماعات الاسلامية في الصومال بانضباط شديد.
ويتعمد غالبية قادتها تجنب وسائل الاعلام، ونادراً ما يتحدث احدهم الى الصحف او الاذاعات او شبكات التلفزيون.
- ويمتاز اعضاؤها بتكتم شديد في المجتمع الصومالي، ولا يتحدثون مباشرة عن منظماتهم ومرؤوسيهم ونشاطاتهم.
- ويصطحب المقاتلون في بعض الحركات الاسلامية عائلاتهم معهم الى اي مكان ينتقلون اليه للقتال. خلال الحرب الاهلية.
ولا يتعاطى اعضاء الحركات الاسلامية الصومالية بمعظمهم القات الذي يمضغه كل الصوماليين تقريباً في شكل شبه يومي. وتعتبر هذه الحركات القات نوعاً من المخدرات، كما انهم لا يدخنون السجائر.
هل أنتم في سلام؟
"في الحقيقة هذه الأيام يتكلم الناس عن السلام، ولا يوجد سلام. لكن الذين يقرأون قول الله هم الذين يجدون الحماسة والسلام في قلوبهم. اذا كنت تريد أن تسمع شيئاً من كتاب العهد الجديد والاحساس في قلبك بالسلام والاطمئنان فاتصل بنا على العنوان الآتي: قول الله VOICE OF GOD ص.ب 1793 نيروبي - كينيا".
اعلان تنشره الصحف الكينية موجه الى الصوماليين بلغتهم
وزير صومالي : محاولات تنصير
تركز حملات التعبئة التي تقودها الحركات الاسلامية في الصومال على أن الهدف الرئيسي من دخول القوات الأميركية والغربية الأخرى الى الصومال هو اختراق الاسلام في هذا البلد، وتنصير أكبر عدد ممكن من أبنائه قبل فرض نظام علماني يُهمش الدين الاسلامي ويقضي على التقاليد الاسلامية للمجتمع الصومالي.
وورد في تقرير أعده نائب وزير تنمية وادي جوبا في الحكومة الصومالية الموقتة المهندس زكريا محمود حاجي عبده، احصاءات واسماء عن عمليات ترحيل صوماليين من مخيمات اللاجئين في كينيا لتنصيرهم في الخارج.
وجاء في التقرير الذي حصلت "الوسط" على نسخة منه: "ان عدد الصوماليين الذين فرّوا من ويلات الحرب الأهلية في الصومال الى جمهورية كينيا المجاورة نحو أربعمائة ألف شخص 400.000 معظمهم من الشريحة المتمدنة من أهالي العاصمة مقديشو، من طلاب المدارس والجامعات وأساتذتهم ورجال أعمال وأسر ضباط في الجيش والشرطة وموظفي الحكومة السابقة. وغالبية هؤلاء اللاجئين من الشباب والنساء والأطفال".
وأضاف التقرير: "يوجد 11 مخيماً للاجئين الصوماليين في داخل كينيا، اضافة الى الذين يعيشون في المدن بصفة لاجئين من دون مخيمات، خصوصاً في العاصمة نيروبي ومدينة مومباسا الساحلية وغيرها من المدن الكبرى في كينيا. والمخيمات ال 11 هي الآتية: 1- مخيم مويالي، 2- مخيم منطيرا، 3- مخيم ليبوي، 4- مخيم آفو، 5- مخيم طفهلي، 6- مخيم حفر طير، 7- مخيم لامو، 8- مخيم هند، 9- مخيم ططاب، 10- مخيم اوتانغا، 11- مخيم ثيكا قرب نيروبي. والحال الصحية والمعيشية لسكان هذه المخيمات سيئة للغاية، الأمر الذي شجع ارساليات تابعة لدول غربية على انتهاز هذه الفرصة لتقديم المعونات اليهم وترحيل من تجد لديهم الاستعداد لتنصيرهم".
وتابع التقرير: "ان حملة التنصير هذه بدأت في مخيم ثيكا القريب من نيروبي مطلع العام 1991، وتوسعت نشاطات الارساليات في نيسان ابريل من العام نفسه. اذ بدأت عمليات تهجير مجموعات من اللاجئين الصوماليين الى الولايات المتحدة الأميركية في إطار مشروع أطلق عليه "مشروع تمويل الكنائس الأميركية اللاجئين في الولايات المتحدة". Foundation of Refugee Sponsership of The American Churches in the United State of America.
وهناك 15 كنيسة أميركية، 6 منها نشطة جداً تنفذ عمليات ترحيل اللاجئين من المخيمات، خصوصاً من مخيمي ثيكا في نيروبي واوتانغا في مومباسا الى الولايات المتحدة وتؤمن لهم نفقات الاغاثة وتبدأ بتلقينهم الدروس الأولى لتعاليم المسيح، وذلك بعد أن يستقروا في مساكن مريحة في ولايات أميركية مختلفة. وتحصل هذه العملية بعد اتخاذ الاجراءات الادارية الضرورية كتسجيل اسماء الأسر التي تجتاز المقابلة الشخصية مع سيدة أميركية تدعى بوميلا، وهي تمثل ثلاث كنائس، ومع ممثلين آخرين لبقية الكنائس.
وتتضمن هذه الاجراءات الادارية، اصدار شهادات صحية واختبارات شفوية أهمها اعلان اللاجئ رغبته في تغيير دينه الاسلامي الى المسيحية.
وبعد ان تختار لجنة العمليات The Operation Committee الأسر والأشخاص المناسبين من اللاجئين تبدأ بترحيلهم في رحلات جوية خاصة وعادية الى الولايات المتحدة، حيث تتقاسمهم الكنائس، ويستقرون في مساكن خاصة بهم لتعليمهم المسيحية. وتنظم هذه الرحلات مكاتب الهجرة وخدمات اللاجئين التابعة لمجلس الكنائس الكاثوليكية في برودواي وارلنغتون.
Magration and Refugee Service of The United State Catholic Conference in Broadway, N.Y and Arlington, Varginia.
وقدر التقرير عدد الأسر المستفيدة من "مشروع تمويل الكنائس" حتى الآن نحو 1800 أسرة أو 18 ألف شخص "غالبيتهم تحت سن ال 15 سنة وشبان في مرحلة المراهقة، ولا يزال هذا المشروع يواصل عمله حتى اليوم".
وأورد اسماء وعناوين الكنائس الست المتورطة في المشروع، وهي:
- CHURCH WORLD SERVICE: Immigration and Refugee Program, Riverside Drive, Room No. 658 New York N.Y, 10115 - USA.
- Migration and Refugee Service of the United States Catholic Conference in 902 Broadway, 8th floor, New York, N.Y 10010 - 6093, Tel: 212 4608077 - Telex: 666954 Att. George devendorf.
- International Rescue Communities, 3752, 30th St. Sandiego, California 92104, USA - Tel: 619 6887810.
- National Ministeries, ABC - P.O Box 957 - Pennsylavania, USA.
- International Institute Saint Louis, 3800 Park Saint Louis, Masouri 63110 - 2514 USA - Tel: 314 77-9090 USA.
- Joint Volentry Agency JVA USA.
Direct Contact - Nairobi Office
القبائل الصومالية الرئيسية الثلاث
دارود - سدي - مريحان - قبللح - غومبي - غومدي - حرتي - مجرتين - موراسنتي - مور عيسى - دشيشا - دولباهنتي - غساغولا - كسكي قبي - غري - حرلىء - جيران - جامبيل - ابسما - جليميس - اوغادين - برطبرة
جدوي - ورسنغلي - ميرولال - تنادي -سكاسي - اورطبلي - عيسى - امالي -
اسحق - هبر اول - قر حجيس - ايوب - آراب - عيسى موسى - سعد موسى - هبر يونس - داوود - سعد
عيد جالا - هبر جعلو - محمد ابو بكر - موسى ابو بكر - سمان - عمران - صولجعلي - صنبور
هوية - مرور سدي - فولعواس - بتية - حوادلي - علي مدموميني - ابغال - داؤد - ماتان - هبرجدر - عير - سليحال - سعد - دودبلي - كالجعل
* تقسيم القبائل الصومالية وبعض فروعها حصلت عليه "الوسط" من زعماء قبائل عدة في مقديشو وشمال الصومال وشرقه. حقوق النشر محفوظة ل "الوسط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.