الاتحاد السعودي للهجن يقيم فعاليات عدة في اليوم الوطني السعودي    "مدل بيست" تكشف مهرجان "ساوندستورم 2024" وحفل موسيقي لليوم الوطني ال 94    الأخضر تحت 20 عاماً يفتتح تصفيات كأس آسيا بمواجهة فلسطين    "تعليم جازان" ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال94    الخليج يتعادل سلبياً مع الفيحاء في دوري روشن للمحترفين    "أكاديمية MBC" تحتفل بالمواهب السعودية بأغنية "اليوم الوطني"    رياض محرز: أنا مريض بالتهاب في الشعب الهوائية وأحتاج إلى الراحة قليلاً    مجلس الأمن يعقد اجتماعا طارئا لبحث التطورات في لبنان    شرطة نجران تقبض على شخص لحمله سلاحًا ناريًا في مكان عام    حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس ترومان» تبحر إلى شرق البحر المتوسط    بيع جميع تذاكر نزال Riyadh Season Card Wembley Edition الاستثنائي في عالم الملاكمة    الدرعية تحتفل بذكرى اليوم الوطني السعودي 94    «لاسي ديس فاليتيز».. تُتوَّج بكأس الملك فيصل    الناشري ل«عكاظ»: الصدارة أشعلت «الكلاسيكو»    وزارة الداخلية تحتفي باليوم الوطني ال (94) للمملكة بفعاليات وعروض عسكرية في مناطق المملكة    السعودية تشارك في اجتماع لجنة الأمم المتحدة للنطاق العريض والتنمية المستدامة    هزة أرضية جنوب مدينة الشقيق قدرها 2.5 درجة على مقياس ريختر    أمانة القصيم توقع عقداً لمشروع نظافة مدينة بريدة    رئيس جمهورية غامبيا يزور المسجد النبوي    ضبط مواطن بمحافظة طريف لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    ب 2378 علمًا بلدية محافظة الأسياح تحتفي باليوم الوطني ال94    أمين الشرقية يدشن مجسم ميدان ذاكرة الخبر في الواجهة البحرية    برعاية وزير النقل انطلاق المؤتمر السعودي البحري اللوجستي 2024    وزارة الداخلية تُحدد «محظورات استخدام العلم».. تعرف عليها    المراكز الصحية بالقطيف تدعو لتحسين التشخيص لضمان سلامه المرضى    نائب الشرقية يتفقد مركز القيادة الميداني للاحتفالات اليوم الوطني    جيش إسرائيل يؤكد مقتل الرجل الثاني في حزب الله اللبناني إبراهيم عقيل    زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    الذهب يرتفع بعد خفض سعر الفائدة.. والنحاس ينتعش مع التحفيز الصيني    «الأرصاد»: ربط شتاء قارس بظاهرة «اللانينا» غير دقيق    بعد فشل جهودها.. واشنطن: لا هدنة في غزة قبل انتهاء ولاية بايدن    حافظ :العديد من المنجزات والقفزات النوعية والتاريخية هذا العام    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    إسرائيل - حزب الله.. هل هي الحرب الشاملة؟    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    قصيدة بعصيدة    قراءة في الخطاب الملكي    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    على حساب الوحدة والفتح.. العروبة والخلود يتذوقان طعم الفوز    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    نائب أمير منطقة جازان ينوه بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد توقيع المنظمة والأردن مع اسرائيل . زمن الاختراقات والتطبيع والرافضون يبحثون عن عاصمة

* دم "السلام" في شوارع بيروت وسورية تستكمل التطابق مع لبنان
* رابين يعبر ثانية البوابة المغربية واقعية جزائرية وتونس تتفهم وتنتظر
"انه أكبر زلزال يضرب الشرق الأوسط. وهو زلزال سيغير حدود دول وسياسات أخرى. لقد انتهى بيت الشرق الأوسط القديم وعلينا ترتيب التعايش والأوراق في البيت الجديد". بهذه العبارة اختصر ديبلوماسي عربي ما رآه في حديقة البيت الأبيض في 13 ايلول سبتمبر الحالي.
انه الزلزال فعلاً. ياسر عرفات بثيابه الزيتونية وكوفيته يصافح اسحق رابين أمام قيادة النظام الدولي الجديد ممثلة بالرئيس الأميركي بيل كلينتون. كان التاريخ حاضراً. وعلى الطاولة نفسها التي شهدت قبل 15 عاماً توقيع اتفاقي كامب ديفيد وقع وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز وتلاه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن. وحمل الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي توقيع شاهدين الأول وارن كريستوفر وزير الخارجية الأميركي مهندس سباق المسارات في المفاوضات والثاني اندريه كوزيريف وزير خارجية روسيا الاتحادية.
وكما تطايرت حجارة جدار برلين وتغيرت المانيا ومعها أوروبا والعالم تطايرت حجارة جدار النزاع العربي - الاسرائيلي وبدأ زمن الاختراقات والتطبيع. ياسر عرفات الذي كان قبل حفنة شهور مرفوضاً و"مطلوباً" حققت له رحلة السلام الأميركية سلسلة اختراقات ووفرت له سلسلة مصافحات ولقاءات ما كانت لتتم لولا التوقيع نفسه. واسحق رابين اختار التوقف في المغرب في طريق عودته من الولايات المتحدة الى اسرائيل وكأنه أراد التذكير ب "البوابة المغربية" التي انطلقت منها أولى المحاولات لتسوية النزاع العربي - الاسرائيلي. وغداة الاحتفال الكبير في البيت الأبيض كانت وزارة الخارجية الأميركية تشهد احتفال التوقيع بالأحرف الأولى بين الأردن واسرائيل على جدول أعمال المفاوضات بينهما.
ولم يكن سراً ان الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني يحمل بصمات الديبلوماسية المصرية، وان الأردن انجز الاتفاق على "الأجندة" منذ وقت طويل وكان ينتظر التقدم على المسار الفلسطيني ليوقعه. وحمل خطاب بيريز في حديقة البيت الأبيض برنامجاً متكاملاً لا سيما لجهة الحديث عن المثلث الاسرائيلي - الأردني - الفلسطيني. وفي الكواليس تكاثر الهمس عن برامج جاهزة للتطبيع مع كل ما يلزم من دراسات بدءاً من شؤون الاقتصاد وصولاً الى السياحة.
ضرب الزلزال البيت القديم للشرق الأوسط. وها هم أهل المنطقة يستعدون لطي صفحة النزاع المزمن وسياسات ساد سابقاً الاعتقاد بأنها لا تتغير مع استعدادات متفاوتة لاسقاط كلمات وعناوين من القاموس الذي ظهر قبل نصف قرن تقريباً. فالزلزال أطلق زمن التطبيع ومرحلة اعادة رسم الأدوار وحدود التحالفات. وفي موازاة الحديث عن الكونفيديرالية الأردنية - الفلسطينية ظهرت علامات على الاقتراب من كونفيدرالية سورية - لبنانية.
وكان السؤال الكبير ماذا تفعل سورية؟ مصادر ديبلوماسية أميركية قالت ل "الوسط" ان إدارة كلينتون حصلت على التعهدات اللازمة كي لا يؤدي الاختراق على الجبهة الاسرائيلية - الفلسطينية الى ضرب التقدم على المسار السوري - الاسرائيلي. وأضافت: "صحيح ان سورية توفر منبراً لمعارضي الاتفاق لكنها لا تتبنى رسمياً لغتهم ومفرداتهم وهي حضرت حفل التوقيع".
وأشارت المصادر ان المفاوضات مع سورية دخلت مرحلة دقيقة وان الولايات المتحدة تسعى لتوفير أكبر قدر من الضمانات لتسهيل تسوية في الجولان بما فيها مرابطة قوات أميركية فيه لبعض الوقت. وقالت: "بعد التفاهم مع دمشق لن تكون هناك مشكلة مع بيروت على رغم محاولة خصوم السلام تحويل لبنان مجدداً الى مسرح للاحتجاج على تقدم عملية مدريد".
ورفضت المصادر الكشف عن الضمانات التي تحول حسب قولها دون سقوط لبنان مجدداً في الفوضى وفي يد "خصوم السلام" على حد تعبيرها. وأعادت الى الأذهان ما قاله كريستوفر في حفل توقيع الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني من أن واشنطن "لن تسمح" بفشل الاتفاق.
وقالت مصادر غربية ل "الوسط" ان ايران تلقت عبر طرف ثالث هو اليابان رسالة تدعوها الى عدم عرقلة الاتفاق لأن ذلك سيعرضها "لضغوط جديدة لم تعرفها من قبل".
البحث عن عاصمة للرفض
ماذا يفعل خصوم الاتفاق؟ هذا السؤال طرح نفسه لحظة نقلت أجهزة التلفزيون الى العالم بأسره مشهد المصافحة التاريخية بين عرفات ورابين. والمسألة أبعد بالتأكيد من مظاهرة هنا وأخرى هناك وأبعد حتى من التهديدات بقتل عرفات والتي أطلقها من دمشق السيد أحمد جبريل الأمين العام ل "الجبهة الشعبية - القيادة العامة".
يعترف بعض المعارضين للاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي بأن الظروف اليوم تختلف تماماً عما كانت عليه قبل 15 عاماً حين اعتمدت مصر خيار كامب ديفيد.
ويتوقف المصدر الفلسطيني المعارض عند حجم التغيير الذي طرأ. فالاتحاد السوفياتي لم يعد موجوداً، ووزير خارجية روسيا اندريه كوزيريف وقع على الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي بوصفه شاهداً. العراق في حال حصار بعدما سهلت مغامرته في الكويت حصول ما يحصل حالياً. وليبيا محاصرة بسبب أزمة "لوكربي". والسودان البعيد عن خطوط التماس العربية - الاسرائيلية غير قادر على تحمل عبء استضافة الرفض العربي الجديد. تبقى طهران التي وان كانت تسعى بإلحاح الى امتلاك ورقة على خط النزاع العربي - الاسرائيلي فانها ارسلت أخيراً أكثر من اشارة تعكس رغبتها في تطبيع العلاقات مع الغرب أو على الأقل في خفض حرارة القطيعة معه، هذا عدا ان تحول إيران الى عراب للرفض العربي الجديد يثير حساسيات جديدة وقديمة.
ولعل أبرز ملامح الصورة الجديدة هو افتقار المعارضين للاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي الى عاصمة على خطوط التماس العربية - الاسرائيلية يمكن ان تشكل لهم معقلاً يديرون منه معاركهم السياسية والعسكرية.
حدود التحفظ السوري
ويرى ديبلوماسي عربي ان على معارضي الاتفاق ان يتوقفوا عند التغييرات العميقة التي شهدتها المنطقة منذ بداية التسعينات. ويقول الديبلوماسي: "سجلت سورية ملاحظاتها على الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي وأعطت الفلسطينيين المعارضين المقيمين في أراضيها فرصة التعبير عن رفضهم بدءاً بالبيانات ووصولاً الى حد التظاهر في الشوارع لكن أحمد جبريل وجورج حبش ونايف حواتمة وأبو موسى يدركون في الوقت نفسه ان سورية شريك أساسي في عملية مدريد".
ويضيف الدبلوماسي: "كان يمكن ان تكون الصورة مختلفة لو ان سورية ردت على الاختراق الفلسطيني - الاسرائيلي بالانسحاب من عملية مدريد أو تعليق المشاركة في المفاوضات أو على الأقل بمقاطعة حفل التوقيع. ولأن ذلك لم يحصل فإن على الرافضين المقيمين في دمشق ان يدركوا سقف المعارضة الممكنة انطلاقاً منها".
ويقول الديبلوماسي: على الرافضين ان يأخذوا في الاعتبار ان ميزان القوى الذي جعل سورية تتخذ قرار الذهاب الى مدريد لا يزال قائماً لا بل انه ازداد اختلالاً بعد الاختراق على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني والمسار الاسرائيلي-الأردني والتأييد الدولي والعربي الواسع الذي حظي به اتفاق عرفات - رابين، لا بل ان على الرافضين ان يتوقعوا ان تشهد المرحلة المقبلة جهوداً أميركية مضاعفة لتحقيق اختراق على المسار السوري - الاسرائيلي. وهكذا تنتفي أمام المعارضين فرصة المراهنة على لقاء سوري - ايراني يشكل المرتكز الاقليمي للتيارات المعارضة بما فيها التيارات الأصولية. وكل هذا دون تناسي حجم المعارضة الفلسطينية في الداخل متمثلاً بحركة "حماس" وحجم المعارضة الاسرائيلية اليمينية لخطوات حكومة رابين".
اختبار دموي في شوارع بيروت
ترافق توقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي مع اختبار دامٍ في لبنان اذ أدى إصرار "حزب الله" على تحدي قرار الحكومة اللبنانية بمنع التظاهر الى سقوط ثمانية قتلى برصاص الجيش اللبناني. وكانت السلطات اللبنانية أكدت قرار منع التظاهر خلال اجتماع شارك فيه ممثلون للقوات السورية العاملة في لبنان. ورد "حزب الله" على الحادث بالدعوة الى استقالة الحكومة ونظم تشييعاً جماعياً واسعاً طالب خلاله بترحيل حكومة رفيق الحريري وأطلق اتهامات ضد ياسر عرفات ملوحاً بالتصدي للسلام الوافد الى المنطقة.
وبعد يومين من الحادث الذي سعت دمشق الى تطويقه زار رئيس الوزراء السوري محمود الزعبي بيروت على رأس وفد يضم 11 وزيراً ووقع سلسلة اتفاقات.
ورأى المراقبون ان سورية تسعى الى ابرام أكبر قدر من الاتفاقات مع لبنان لضمان "العلاقة الخاصة" معه قبل أي تطور حاسم يمكن ان يؤدي الى توقيع اتفاق سوري - اسرائيلي وآخر لبناني-اسرائيلي. وقال المراقبون ان الكونفيدرالية السورية - اللبنانية ستسبق غيرها لكن ملامحها النهائية تبقى مرهونة بمصير المفاوضات نفسها.
فضل الله ل "الوسط": قرار نفذ بدم بارد
ويعتقد العلامة محمد حسين فضل الله ان الحادثة التي اسفرت عن مقتل ثمانية اشخاص وجرح 41 في الضاحية الجنوبية اثر اطلاق الجيش اللبناني النار على تظاهرة حزب الله انما تعود الى وجود قرار لبناني داخلي بين اركان السلطة باحتواء قوة حزب الله "والحالة الاسلامية" بشكل عام باعتبار انه استطاع ان يصل الى مستوى قيادي متقدم في لبنان.
وفي كلام ل "الوسط" رأى فضل الله "ان ما جرى في الضاحية قد نفذ بدم بارد وقرر بدم بارد بدليل ان الاصابات كانت في الصدر وما فوق وبالتالي فإنها كانت عن سبق تصور وتصميم وليس من قبل طرف غير منضبط".
وبرأي فضل الله ان ما جرى هو بداية مرحلة جديدة في لبنان وهي بمثابة رسالة للقوى الاسلامية الاصولية وغير الاسلامية للانضباط في المرحلة المقبلة.
ويعتقد فضل الله ان الرسالة هدفها القول انه رداً على تظاهرة في مواجهة الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي هذا ما جرى وبالتالي فإن ما سيجري في حال وقع لبنان سيكون اكبر واوسع.
ويضيف فضل الله ان ما جرى كان يهدف أيضاً الى ابلاغ الرأي العام العالمي ان السلطة اللبنانية قادرة على ضبط الامور مهما كانت الظروف.
وفي المعلومات التي جمعتها "الوسط" من مختلف المصادر المعنية فإن "حزب الله" اصر على التظاهرة وعلى المواجهة حتى لو أدى ذلك الى سقوط ضحايا بل يبدو ان القرار لدى بعض الاطراف داخل "حزب الله" هو الدفع باتجاه المواجهة.
وتؤكد مصادر عدة ان "حزب الله" والقوى الفلسطينية الرافضة للاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي قرروا الانطلاق في تظاهرة احتجاج من الضاحية الجنوبية وصولاً الى شوارع العاصمة بيروت. وعلى الفور التقت القوى الامنية الرسمية اللبنانية بوجود ضابط الارتباط في المخابرات السورية العقيد رستم غزالي وقررت التأكيد على قرار مجلس الوزراء الصادر في وقت سابق والقاضي بمنع التظاهر والتجمع دون اذن مسبق وهذا ما ابلغ الى قيادة "حزب الله" التي رفضت واصرت على التظاهر.
وكان منطق اركان الدولة اللبنانية ان التظاهرات في هذا الظرف وبمشاركة القوى الفلسطينية الرافضة من شأنه ان يسمح باختلال في الاوضاع الامنية خاصة وان هناك قوى فلسطينية موافقة على الاتفاق. كما انه من الافضل ان ينطلق الفلسطينيون في تظاهرات للتعبير عن رأيهم داخل المخيمات.
اضافة الى ذلك فإن موقف السلطات الرسمية هو استنكار الاتفاق وبالتالي فإن التظاهرة لا مبرر لها في ظل هذه الظروف.
وتشير المعلومات المتوافرة الى ان نقاشاً واسعاً دار داخل قيادة "حزب الله" فدعا البعض الى الالتزام بقرار الدولة عدم السماح بالتظاهر فيما اصرت اطراف اخرى على التظاهر.
وتضيف المعلومات ان ضغطاً داخلياً مورس لكي تحصل التظاهرة وصبيحة الاثنين في 13 ايلول خرجت اصوات منها الامين العام السابق للحزب صبحي الطفيلي الذي دعا الى التظاهر والمواجهة مع قوات السلطة حتى لو أدى ذلك الى سقوط قتلى.
الاتصالات التي جرت مع المسؤولين اسفرت عن اصرار السلطة على عدم منح الاذن بالتظاهر وهذا ما أوضحه وزير الدفاع محسن دلول ل "الوسط" بقوله "انه في نهاية الامر ابلغناهم ان التظاهرة ممنوعة وما تم الاتفاق عليه هو تقدم البعض من مستديرة الغبيرة الى روضة الشهيدين لتلاوة الفاتحة".
وما جرى ان قوى الجيش فوجئت بأعداد كبيرة من المتظاهرين المندفعين الذين أخذوا بالتهجم على قوى الجيش واستفزازها وصولاً الى رشقها بالحجارة ومحاولة الاستيلاء على بعض الآليات. وفي ذات الوقت اطلقت اعيرة نارية عدة مع قذيفة صاروخية مما ادى الى اطلاق النار.
وقال نائب الامين العام ل "حزب الله" نعيم قاسم "ان الهدف مما جرى هو التضييق على الحريات وايصال رسالة من قبل السلطات اللبنانية الى القوى المعترضة بأن الفلتان ممنوع وهذه مسألة نرفضها ونحن نصر على حرية التعبير بالوسائل الضرورية التي نراها طالما انها وسائل سلمية" وباعتقاد قيادات في "حزب الله" ان المرحلة المقبلة ستكون معقدة اكثر. وما جرى هو دليل على ما يتم تحضيره للمستقبل.
مصادر سياسية بارزة رأت ان ما جرى هو عبارة عن اختبار قوة بين "حزب الله" والسلطة اللبنانية فالحزب اراد ان يتولى المبادرة عبر اصراره على التظاهر والسيطرة على الشارع والسلطة اصرت على الامساك بالمبادرة والقرار بمنع التظاهر. وبرأي هذه المصادر ان اية قوة سياسية عليها من الآن ان تفكر ملياً قبل القرار بالتمرد على قرارات السلطة.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحاً.. هل ان الامور انتهت عند هذه الحدود..
تجمع الاوساط السياسية والرسمية على ان ما جرى لا يمكن ان يكون نهاية لمرحلة بل هو بداية لها خاصة في موازاة تطورات عملية السلام واذا كانت الجلسة النيابية التي عقدت عقب الحادثة أبقت أصوات "حزب الله" المطالبة باستقالة الحكومة أصواتاً يتيمة فإن التطورات المقبلة قد تفرض معطيات أخرى.
الوسط سألت فضل الله عما إذا كان "حزب الله" سيبقى على الموقف نفسه في حال تكررت الاحداث وقررت السلطة منع اية تظاهرة... فرد بالقول: "ان مسألة الحريات لا يمكن لاحد الحد منها واعتقد ان الدولة اتخذت قرارها بشكل عشوائي وساهمت في تدعيم "حزب الله" والحركة الاسلامية وليس العكس بدليل تظاهرة التشييع التي انطلقت في اليوم الثاني".
وعن مسألة ان القرار بمنع التظاهرة اتخذ بمشاركة كل الاطراف الامنية بما فيها القوات العربية السورية رد قائلاً: هذه المسألة بحاجة للبحث اكثر..!
المواجهة الحامية في لبنان دارت في وقت كانت فيه المنطقة تشهد خطوات متسارعة نحو فتح الأبواب بعد التوقيع في البيت الأبيض بعد أقل من 24 ساعة على توقيع اتفاق غزة - أريحا أولاً، بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، انتقلت الأضواء من واشنطن الى الرباط التي تحولت الى مسرح للحدث الأكثر إثارة، عندما هبطت بمطار سلا، في ساعات الصباح الأولى من الثلاثاء 14 أيلول، طائرة سلاح الجو الاسرائيلي، وهي تقل رئيس الوزراء اسحق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريز، في أول زيارة علنية بهذا المستوى يقوم بها مسؤولون اسرائيليون الى المغرب، اذا استثنينا زيارة الأخير في 1986، واجتماعه الى العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، في لقاء علني.
وإذا كان الشارع المغربي قد بوغت بهذه الزيارة التي تمت أمام كاميرات التلفزيون وعدسات المصورين، فإن كثيرين من الذين كانوا على متن الطائرة الاسرائيلية، بوغتوا بها أيضاً، وقال نظير مجلي رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" الصادرة في حيفا "لقد علمنا بنبأ الزيارة ونحن في طريق عودتنا المقررة الى تل أبيب".
طريق الاعتراف المتبادل
جرى للمسؤولين الاسرائيليين استقبال رسمي، وان لم تعزف فيه الموسيقى الوطنية أو يرفع العلم الاسرائيلي، وكان في مقدمة المستقبلين رئيس الحكومة المغربية محمد كريم العمراني ووزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الفيلالي ووزير الداخلية والاعلام ادريس البصري، وبلغت الزيارة ذروتها باستقبال الملك الحسن الثاني رابين وبيريز، في جلسة محادثات استغرقت ساعة كاملة.
وأكد المسؤولان الاسرائيليان، في مؤتمر صحافي عقداه قبل مغادرتهما الرباط بوقت قصير، أهمية الجهود التي بذلها العاهل المغربي لتقريب وجهات النظر العربية - الاسرائيلية وإحلال السلام في المنطقة، وهو ما كان اسحق رابين قد أشار اليه، عند وصوله الى الرباط اذ قال ان زيارته للمغرب "هي من أجل الاشادة بالعاهل المغربي، وشكره على مساعيه لاقرار السلم بالشرق الأوسط"، وأضاف: "ان على الأمة العربية واسرائيل والعالم أجمع ان يكونوا ممتنين للملك الحسن الثاني على الجهود التي قام بها منذ حوالي 20 عاماً، والتي مكّنت من الوصول الى النتائج الحالية" موضحاً، ان العاهل المغربي كان رائد الحدث التاريخي الذي شهدته واشنطن.
وعلى خلاف ما كان متوقعاً، لم يصدر عن الطرفين، المغربي والاسرائيلي، بيان باقامة علاقات ديبلوماسية بينهما، غير ان الزيارة، كما يرى المراقبون، كانت علامة مشجعة على حدوث تقارب كبير سيفضي الى الاعتراف المتبادل.
بدايات الجهود المغربية
وتجدر الاشارة الى أن زيارة رابين هي الثانية للمغرب اذ سبق قام بزيارة سرية عام 1976، كما انها الزيارة الرابعة لشمعون بيريز بعد زياراته في 1978و1981 و1986، وكان وزير الدفاع الاسرائيلي السابق موشي ديان زار المغرب سراً. وفي ايار مايو الماضي، حضر وزير البيئة الاسرائيلي يوسي ساريد ندوة عقدها البنك الدولي بالدار البيضاء حول "بيئة الشرق الأوسط".
واعتبرت مبادرة العاهل المغربي في كانون الأول ديسمبر الماضي، حين سمح بنقل رفات 22 يهودياً مغربياً، كانوا قضوا غرقاً وهم يغادرون بلادهم سراً الى اسرائيل على متن سفينة في عام 1961، بمثابة لفتة شخصية تجاه رابين الذي قاد حزب العمل الى تولي السلطة قبل ذلك الوقت بشهور قليلة، بسبب جهوده من أجل السلام، وقد أصدر رابين وقتها بياناً شكر فيه العاهل المغربي على هذه "اللفتة الانسانية"، التي اعتبرها "خطوة الى الأمام على طريق المصالحة والسلام مع الدول العربية".
ويعيش في المغرب حالياً حوالي 8000 يهودي من بين 275000 كانوا يقيمون في عام 1956 لكن معظمهم هاجر الى اسرائيل. وقد قام اسحق رابين خلال زيارته التي استغرقت 12 ساعة كاملة بزيارة الكنيست اليهودي بالدار البيضاء في نطاق برنامج أعدته الحكومة المغربية وشمل زيارة مسجد الحسن الثاني وضريح الملك محمد الخامس، وجولة حرة في عدد من شوارع الرباط.
وفي الجزائر بدا من ردود الفعل الأولى ان السلطات تتفهم الأسباب التي أدت الى توقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي وان يكن خالط هذا الموقف نوع من القلق. وعشية توقيع الاتفاق أصدر المجلس الأعلى للدولة بياناً اعتبر فيه الاتفاق "خطوة أولى" على طريق استعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
واقعية جزائرية
وبالمناسبة جدد المجلس تأييده لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها "الممثل الشرعي الوحيد" للشعب الفلسطيني، داعياً مختلف الفصائل الى توحيد صفوفها لتجنب المضاعفات الخطيرة لمثل هذا "المنعرج التاريخي".
والانطباع السائد على مستوى الرأي العام هو التفهم: تفهم الضرورات البراغماتية والتكتيكية نظراً لطابع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وخطورة الشحنات العاطفية الملازمة له.
هل يمكن توقع تقارب جزائري - اسرائيلي بعد اتفاق واشنطن؟
حكومة السيد رضا مالك، الذي لا يخفي براغماتيته، مرشحة في نظر المراقبين في العاصمة الجزائرية لمد جسور مع اسرائيل، لكن من المحتمل أن تترك قصب السبق في اقامة علاقات ديبلوماسية رسمية الى دولة شقيقة من المغرب العربي.
تونس لا توصد الباب وتفضل الانتظار
زار رابين المغرب وراجت تكهنات عن توجهه بعدها الى تونس لكن المحطة التونسية لم تحصل كما نفت تونس ان يكون وزير خارجيتها الحبيب بن يحيى التقى بيريز في واشنطن في 12 ايلول الجاري.
ورداً على سؤال ل "الوسط" قال مصدر تونسي رفيع: "ان كل دولة عربية حرة في تحركاتها وفي ما يربطها من علاقات مع من تشاء من الدول، وذلك وفقاً لظروفها وانطلاقاً من قناعاتها واعتماداً على الثوابت التي تقيم على أساسها مواقفها". وأضاف: اننا في تونس ضد الأبواب المسدودة والتحجر في المواقف ومع الحركية الا أننا ندرك اضافة الى ما يحتويه الاتفاق الفلسطيني -الاسرائيلي ان هناك عدداً وافراً من الصعوبات الكبيرة الباقية.
واعتبر "ان المهم هو ان يعتمد الفلسطينيون نقاط القوة التي جاء بها الاتفاق لخلق ديناميكية تدفع بمجرى الأحداث الى الأمام وتحقق لهم مطالبهم في الانسحاب الاسرائيلي من كل الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشريف واقامة دولتهم وضمان حق العودة". وقال: "اننا نؤيد الاتفاق ما دام قد ارتضاه الفلسطينيون أنفسهم وارتضته أجهزتهم التمثيلية ولكننا نعتقد أيضاً ان زمن الاعتراف باسرائيل وتبادل التمثيل الديبلوماسي معها لم يحن بالنسبة لنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.