على رغم الاتفاق الموقت لوقف القتال بين القوات الارمنية والقوات الاذربيجانية، نتيجة الجهود الديبلوماسية الايرانية، إلا أن التوتر يستمر مهدداً بتجاوز كل الاتفاقات والوساطات. واتصل وزير الخارجية الايراني علي أكبر ولايتي بنظيره الأرمني وأبلغه ضرورة سحب القوات الأرمنية من الأراضي الاذربيجانية والجلوس على مائدة المفاوضات لايجاد حل سياسي لأزمة قره باخ قبل أن تتفاقم الأمور وتدخل المنطقة كلها في حرب اقليمية. وحذر ولايتي أرمينيا من مغبة الاستمرار في هجومها العسكري لأن ذلك من شأنه زيادة حدة التوتر في المنطقة وتوسيع نطاق الحرب فيها. ودعا القوات الأرمنية الى الانسحاب الى الحدود الدولية وإخلاء المدن والقرى الاذربيجانية التي احتلتها. وأعلنت ايران استعدادها لاستقبال مئة ألف لاجىء آذري واسكانهم في معسكرات قرب منطقة الحدود. ونقلت المصادر الايرانية الرسمية عن اجتماع عقد مساء الخامس من الشهر الجاري بين السفير الايراني في باكو والرئيس الاذري بالوكالة حيدر علييف عشية سفر الأخير الى موسكو، ان علييف دعا ايران الى مساعدة اذربيجان في اغاثة اللاجئين وان تمارس ايران الضغوط على أرمينيا لوقف هجماتها العسكرية. وأجرى علييف محادثات في موسكو مع الرئيس الروسي بوريس يلتسين اهتمت بها الأوساط الايرانية الرسمية بعد انباء وصلت الى طهران تفيد بأن علييف سيطلب من موسكو ارسال قوات عسكرية ترابط في منطقة الحدود الاذربيجانية مع ايران وارمينيا. ونقلت أوساط مطلعة عن بعض المصادر في باكو ان علييف قد يوافق على انشاء قواعد عسكرية روسية داخل اذربيجان وذلك بعد سنتين فقط من تعديل السياسة الاذربيجانية تجاه موسكو وممارستها قدراً أكبر من الاستقلالية. وقال علييف انه يعمل على تصحيح اخطاء القيادة السابقة حيال العلاقة مع روسيا. وأكدت المصادر انه طلب انضمام اذربيجان الى رابطة الدول المستقلة وربما الى منطقة الروبل ليتعزز بذلك نفوذ روسيا في اذربيجان، ما يزيد في قلق الدوائر الايرانية الرسمية التي ساندت باكو وشجعت على استقلالية قرارها. وتنظر الأوساط الايرانية الى التغير في سياسة باكو الخارجية بمزيد من الحذر والترقب، ولكنها قد تعطي الحق لعلييف في موقفه إذا تم الاتفاق بين باكو وطهران على توثيق علاقاتهما الاقتصادية والسياسية والثقافية، ما يسمح لباكو الابتعاد عن المظلة التركية التي تنافس ايران في بسط نفوذها على اذربيجان. ويحمل حديث علييف مع كبار موظفي وزارة الخارجية الاذربيجانية، قبل يومين فقط من سفره الى موسكو، دلالات عن المرحلة المقبلة في علاقات باكو الخارجية، بعد أن عين علييف أحد المخضرمين السياسيين في السياسة السوفياتية السابقة وزيراً للخارجية، اذ أصبح حسن حسنوف رئيس الوزراء والسفير السابق لدى الأممالمتحدة وزيراً للخارجية. وقال علييف ان الديبلوماسية الاذرية ستعمل على تعزيز روابط باكو مع الدول الاقليمية المجاورة، وهذا ما تنظر اليه طهران باهتمام كبير، على رغم اشارات التطمين التي بعثت بها باكو وقالت على لسان كبار المسؤولين فيها ان تغيير وزير الخارجية لا يعني تبدلاً في سياسة اذربيجان الخارجية. وكانت ايران تتوقع ان تحصل على عقود نفط كبيرة مع اذربيجان التي تشير التقارير الى أنها تستعد حالياً، بمساعدة خبراء دوليين تصفهم باكو بالمستقلين، للتوقيع على عقود نفط مع شركات أجنبية. فهل سيعني المزيد من الاقتراب الاذربيجاني من روسيا، التي مارست طوال الفترة الماضية انحيازاً فاضحاً الى جانب أرمينيا في هجماتها على اذربيجان، ابتعاداً عن ايران التي تميزت بأنها الدولة الوحيدة التي ساندت اذربيجان ووقفت ضد الهجمات الأرمنية عليها؟ ان الثالث من الشهر المقبل قد يحمل الاجابة، اذ هو موعد الانتخابات الرئاسية التي ستعزز موقع علييف في السلطة داخل معادلة الصراع القوي في اذربيجان.