ليس في محيط منزلي رئيسي الوزراء الباكستانيين السابقين السيدة بنازير بوتو زعيمة حزب الشعب ونواز شريف رئيس حزب الرابطة الاسلامية، ما يدل على ان جيرانهما مهتمون بما يجري على بعد خطوات منهم حيث تحاك خطط ومؤامرات من اجل ان يضمن كل من الندين المتنافسين الفوز في الانتخابات العامة المقبلة في السادس والتاسع من تشرين الأول اكتوبر المقبل... كأن الباكستانيين فترت حماستهم ومتابعتهم ما يجري مع ان الصحف المحلية تخوض من الآن معركة حامية، حتى يظن المراقب ان الانتخابات غداً او بعده! هذا الواقع دفع بالكثير من الباكستانيين الى الابتعاد عن الجدل السياسي الدائر بين بنازير وشريف، على رغم انهم يتنافسون في المفاضلة بين هذه وذاك ضمن حدود مقبولة لا تصل الى حد الاستفزاز اذا صادف ان التقى انصار احد الزعيمين في جمع واحد او تحت سقف واحد. ويعزو خبراء في الشأن الباكستاني هذا الامر الى ان الاعوام الپ48 من عمر باكستان المستقلة تلعب دورها في هذا المضمار، اذ ان 27 عاماً منها كانت الدولة تحت السلطة المباشرة للعسكر، في حين كانت السنوات الپ21 الباقية تحت اشراف ما يحلو لبعض المثقفين تسميتهم "السياسيين صنيعة المؤسسة العسكرية"! وإذا كان بضع اصوات المثقفين حذر من عودة البلاد الى حكم العسكر اذا لم تنجح الانتخابات العامة المقبلة وتأليف حكومة جديدة في تحريك الحياة العامة في البلاد وتنشيط المؤسسات، لأن الغالبية لن تمانع عندئذٍ في خروج الضباط من ثكنهم، خوفاً من دخول البلاد نفقاً مظلماً. الجنرالات يؤكدون انهم لا ينوون العودة الى حكم البلاد ويقولون ان ما حصل في باكستان في الاسابيع الاخيرة دليل قاطع على ان السياسة هي فقط... للسياسيين. ولا يسع المراقب للمناظرات بين اقطاب السياسة الا ان يوافق على هذه المقولة، ذلك ان اجماع بنازير بوتو ونواز شريف وحتى الرئيس السابق غلام اسحق خان على رؤية سياسية واحدة حيال قضايا خارجية رئيسية مثل قضية كشمير او البرنامج النووي الباكستاني او علاقات البلاد بدول العالم الاسلامي والغرب لم يكن يوماً محل تساؤل او شكوك... وان كان لكل منهم اسلوبه. ولهذا فان الحرص على ان يظهر كل منهم وطنيته في الدفاع عن مصالح باكستان امر ضروري لا يمكن التهاون فيه... والا كان محاولة انتحار سياسي. والذين استمعوا قبل ايام الى الرئيس السابق غلام اسحق خان يتحدث عن المغريات التي قدمها اليه وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر والرئيس السابق جيمي كارتر وغيرهما من المسؤولين الاميركيين، ادركوا سريعاً ان الرئيس المستقيل كان يريد ان يثبت لبعض المشككين في توجهاته انه لم يتنازل قيد أنملة عن حقوق باكستان وأهدافها وكرامتها وسيادتها. ويعرف نواز شريف وبنازير بوتو هذا جيداً. ويرى بعض الديبلوماسيين ان لا فرق كبيراً بين طروحات بوتو وشريف على صعيد السياسة الداخلية، اذ ان زعيمة حزب الشعب سبق لها ان طالبت بالغاء المادة الثامنة من الدستور عندما اطاح اسحق خان حكومتها في العام 1990، بالتفاهم مع شريف. وعندما حاول خصمها السياسي زعيم الرابطة الاسلامية الاستنجاد بها لدعمه اخيراً في مواجهة الرئيس والغاء المادة الثامنة التي تعطي رئيس الدولة صلاحيات واسعة، لم تمد اليه يد المساعدة، بل... تحالفت مع الرئيس ضده. فكان ان خرجا من السلطة ليتساوى الثلاثة في المواقع. لذلك يتوقع المراقبون ان تشهد الانتخابات في باكستان مع اقتراب موعدها معركة حاسمة لأن بنازير وشريف يكادان يتساويان في حجم التأييد الشعبي، لذلك يتوقع ان ترجح الجبهة الاسلامية او بعض تنظيماتها كفة هذه او ذاك... ما يعطي الجبهة ثقلاً سياسياً لا يتساوى مع حجم المقاعد التي يتوقع ان تحتلها ونسبة انتشارها الشعبي في المقاطعات الاربع للبلاد. "الوسط" حاولت، في حوارين مع بنازير وشريف، ان تلقي اضواء على خلفيات الازمة واحتمالات المستقبل في بلد كانت الاوضاع فيه ولا تزال تترك آثارها المهمة ليس في آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية فحسب، بل في المشرق العربي ايضاً. وهنا نص الحوارين: بنازير بوتو : شريف ديكتاتور وأصبح شيئاً من الماضي ماذا تتوقعين أن تكون نتائج الانتخابات بالنسبة الى حزبك في وقت يتحدث نواز شريف رئيس الوزراء السابق عن ثقته بالفوز بغالبية مطلقة في الانتخابات المقبلة؟ - لا يوجد مجال للمقارنة بين حزبي المعروف باسم حزب الشعب الباكستاني والمنتشر في مناطق مختلفة في باكستان وصاحب القاعدة الشعبية العريضة من جهة، وتحالف الاحزاب المعروفة باسم الاحزاب الاسلامية التي حملت نواز شريف الى الحكم من جهة ثانية. ان الانتخابات المقبلة ستثبت ان نواز شريف ليس خصمي الاساسي في الانتخابات لأسباب عدة ابرزها انه صنيعة نظام الجنرال ضياء الحق والمؤسسة العسكرية. ولا بد هنا من القول انه لولا عمليات تزوير الاصوات التي تمت في انتخابات العام 1990 لما وصل نواز شريف الى الحكم. ولهذا اكرر ان المنافسة في الانتخابات المقبلة ستكون بين الاحزاب الاسلامية وحزب الشعب. ومن الأسباب الاخرى التي لا بد من ذكرها هي ان نواز شريف لا يملك حزباً تنتشر قواعده في انحاء باكستان كما هي حال حزب الشعب الذي اسسه والدي ذو الفقار علي بوتو. نواز شريف من الماضي هل تريدين القول ان لا مستقبل سياسياً لنواز شريف بعد الانتخابات المقبلة؟ - أصبح نواز شريف بالنسبة الي شيئاً من الماضي على رغم محاولته القول انه خصم عنيد لي. وأود ان اوضح نقطة مهمة هي ان نواز شريف يملك وأنصاره المال، ولهذا هم يستعملون هذه الموارد لمصلحة حملتهم الانتخابية. وما حصل لنواز شريف اثناء زيارته مدينة لاهور عاصمة البنجاب في الاسبوع قبل الاخير من شهر تموز يوليو الماضي اثبت انه يمكنه حشد السيارات والباصات ولكن لا يمكنه حشد الجماهير. ان الناس في بلدي يريدون الفعل لا القول، يريدون ان يروا اشياء تفيدهم في حياتهم اليومية ويريدون قيادة واعدة تخطط لهم مستقبلهم وتحقق لهم حياة مستقرة من خلال التخطيط الناجح ولهذا فهم ينظرون الى حزب او احزاب منظمة لها مؤسساتها وبرامجها. كنت في رئاسة الوزراء في السابق وتنوين العودة الىها اذا فزت في الانتخابات، ما الذي تودين عمله على صعيد برامجك لتحقيق ما تدعين اليه؟ - ان ادارة السياسة الاقتصادية في البلاد ستكون من الاهداف الاساسية التي يجب ايلاؤها الاهمية والاولية، لأن سياسة الحكومة السابقة وخططها في المجال الاقتصادي قادت البلاد الى تعويم عملتها مرات عدة والى زيادة نسبة التضخم والديون في البلاد... وتالياً الى زيادة اسعار المعدات العسكرية التي تحتاج اليها قواتنا المسلحة. ان خفض نسبة التضخم الاقتصادي في البلاد امر اساسي في برنامجنا الانتخابي، كما ان ايجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل وتشجيع العمل في القطاع الزراعي هما من المفاتيح المهمة التي ستساعد على استقرار الاقتصاد في باكستان. ان شعب باكستان يحتاج الى سياسة اجتماعية تخفف من حجم الفقر الذي تعانيه فئة كبيرة من السكان، كما ان التعليم في حاجة الى تعميمه على اكبر قطاعات من الناس. وعلى الصعيد الدولي تحتل قضية كشمير بالنسبة الى باكستان اهمية كبيرة، ولهذا فان دعمنا حق اهل كشمير في تقرير مصيرهم هو من القضايا الاساسية في صلب سياستنا الخارجية، وكذلك دعم قضية فلسطين وجهاد شعب البوسنة المسلم. انني اريد ان ارى باكستان تلعب دوراً اكثر حيوية على الصعيد الدولي. كما اود ان اراها مركزاً دولياً يستقطب كل رجال المال والاعمال في العالم ليستثمروا فيها ويثقوا باقتصادها. كما أرغب في ان نشجع رجال الاعمال الباكستانيين على الاستثمار في قطاعي الصناعة والزراعة في بلدهم. أشرت في اكثر من مناسبة اخيراً الى استعمال اموال غير شرعية لتمويل الحملة الانتخابية لبعض القيادات السياسية، من هي هذه القيادات ومن أين أتت الاموال؟ أموال المخدرات - تحدثت تقارير صحافية كثيرة عن استعمال عدد من قيادات الاحزاب اليمينية اموالاً جمعت من جراء المتاجرة بالمخدرات، وثبت ذلك، ولهذا فانني اطالب بمنع استعمال الاموال غير المشروعة خصوصاً في مقاطعتي بلوشستان والبنجاب لشراء الذمم والحؤول دون فوز مرشحي حزب الشعب الباكستاني في الانتخابات العامة المقبلة. ان الكثير من التقارير التي ترد اليّ يتحدث عن حملات اعلانية ضخمة في الصحف ووسائل الاعلام يقوم بها انصار نواز شريف، وكذلك هناك محاولات لاغراء بعض المرشحين لعدم ترشيح انفسهم في مقابل مبالغ خيالية، ولهذا طالبنا اللجان التي كلفت الاعداد للانتخابات والسهر على نزاهتها بان تأخذ في الاعتبار هذه المسائل اضافة الى ما تردد عن شراء بعض الاحزاب بطاقات هوية للناخبين. وعندما كنت رئيسة للوزراء قبل عام 1990 تعرض الكثير من اعضاء الجمعية الوطنية لاغراءات لترك كتلتي، وبذلت شخصياً جهوداً لاجبار برلمانيي حزب الشعب الباكستاني على اداء اليمين من اجل عدم تلقي اموال غير مشروعة تهدف الى شراء ذممهم. لقد شهدت اسلام آباد على مدى الاشهر الثلاثة التي سبقت اقالة حكومة نواز شريف مثالاً حياً، عندما استضاف انصار شريف اكثر من 120 نائباً في فندق ماريوت طوال تلك المدة من اجل حمايتهم من آراء الناس التي قد تؤدي الى تغيير مواقفهم وبالتالي تراجعهم عن دعم حكومة نواز شريف. ان وضع قوانين جديدة لحماية نزاهة اعضاء البرلمان وحتى الحكومة يجب ان تكون في صلب اهدافنا في المرحلة المقبلة لئلا يتعرض هؤلاء للاغراء. لم تتوقفي عن انتقاد سياسة نواز شريف الاقتصادية منذ ان تسلم السلطة حتى تركه اياها، ومع ذلك قلت وقال رئيس الوزراء الحالي معين قريشي انكما ستواصلان السياسة السابقة نفسها، ألا يعني هذا ان انتقاداتك كانت في غير محلها؟ - هناك تمييز بين الحديث عن شيء في مجال معين والحديث عن سبل تطبيقه على الأرض. فعندما يتحدث نواز شريف عن الديموقراطية، فان الديموقراطية ليست شيئاً سيئاً، ولكن عندما يتحدث عن طريقة لتطبيقها بغير المعايير المعروفة فان هذا غير مقبول. وكذلك ينطبق الشيء نفسه على سياسة التخصيص. ان حزب الشعب الباكستاني كان أول من دعا الى تطبيق نظام التخصيص وكذلك دعونا الى تحرير الاقتصاد، لكن سياسة التخصيص التي طبقت في عهد نواز شريف فصّلت لتناسب مصالح جماعته، ولم تطبق التطبيق الذي يفسح في المجال امام كل قطاعات الشعب لتملك اسهم هذه الشركة او تلك المؤسسة من المؤسسات او الشركات التي يملكها القطاع العام. أي نوع من التحالف مع الاحزاب السياسية تتطلعين اليه؟ - بدأنا محادثات مع حزب الرابطة الاسلامية - جناح شتا، للتنسيق لخوض الانتخابات في مقاطعة البنجاب والمقاطعة الحدودية. وكذلك نجري اتصالات مع احزاب ومنظمات مختلفة، ونأمل بأن نتوصل الى نوع من التنسيق او الاتفاق مع هؤلاء. ان حزب الشعب الباكستاني يتمتع بقاعدة شعبية قوية وثابتة، وسنتحالف مع كل من نراه قريباً من سياستنا وتوجهاتنا في المرحلة المقبلة. ان منتصف شهر آب اغسطس الحالي سيكون الفترة التي تتوضح فيها صورة كل شيء وسنعلن بوضوح طبيعة التحالف والتعاون مع كل من اجرينا اتفاقاً او تفاهماً معه من الاحزاب والكتل السياسية الفاعلة في البلاد. نقبل بالنتائج شرط النزاهة الى أي مدى استجاب رئيس الوزراء الحالي معين قريشي مطالبك الخاصة باجراء الانتخابات المقبلة؟ - وعد خيراً باتخاذ كل قرار او خطوة من شأنها ضمان اجراء انتخابات حرة في البلاد، ولا شك في اننا سنأخذ في الاعتبار ان الفترة القصيرة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات لن تكون كافية لتحقيق كل ما ندعو اليه. ان ما نطالب به ليس ان يكون رئيس الوزراء الحالي او اي من اعضاء حكومته على الحياد، بل نطالب بأن تتخذ مؤسسات الدولة المختلفة الموقف الحيادي نفسه. هل ستقبلين بنتائج الانتخابات المقبلة، اذا نجح نواز شريف في الحصول على غالبية في الجمعية الوطنية؟ - سنقبل بالنتائج اذا جرت الانتخابات بنزاهة ومن دون تدخل من احد. وفي الوقت نفسه سنرفض النتائج اذا حالت احدى القوى دون اجراء الانتخابات، وتخلت عن حيادها لمصلحة احد الاطراف. اننا سنعطي رئيس الوزراء الحالي الوقت الكافي لاجراء اصلاحات وتعديلات على النظام الانتخابي بالقدر الذي تسمح به الظروف وعلى نحو يؤمن اجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولهذا فان اعفاء عدد من المسؤولين في المقاطعات لا بد من ان يتم لأن هؤلاء المسؤولين ارتبطوا بعلاقات مع الحكومة السابقة. ماذا تقولين عن ثقة نواز شريف بالفوز؟ - انها دعاية اعلامية. لقد بدأ شريف رئاسته بدعاية مضللة وانتهت ولايته بالدعاية نفسها. ان كل الشعب الباكستاني كان يعرف ان نواز شريف سيجبر على الاستقالة، ومع ذلك صرح قبل اقالته بأنه سيستقيل بمحض ارادته لفتح المجال امام اجراء انتخابات عادلة، لقد سبق ان قال انه لن يستقيل، لكنه استقال. وقال انه لن يدعو الى انتخابات عامة قبل انتهاء فترة ولايته لكن ذلك حصل. هذا هو نواز شريف. انا لا املك اي شيء ضده كشخص، لكنه على رغم ذلك قام باعمال شائنة ضد افراد عائلتي وزملائي وعدد كبير من اعضاء حزب الشعب الباكستاني. ان الانتخابات المقبلة ستحدد هل نواز شريف قادر على الاستمرار في الحياة السياسية ام لا على رغم اقتناعي بأنه شخص ُدفع به في ظروف غير طبيعية وبرعاية الديكتاتور السابق ضياء الحق وعدد من اجهزة الاستخبارات الباكستانية. لا تعاون مع شريف وفي ظل اي شروط انت على استعداد للتعاون معه اذا لم تنجحي في الحصول على غالبية في الجمعية الوطنية تؤهلك لتشكيل حكومة؟ - في هذه المرحلة الموضوع غير قابل للبحث، ولكن في الوقت نفسه سمعت بمثل هذا السيناريو ولا احبّذ الاخذ به. ان الشعب يريد حكومة يختارها وسيختار في الانتخابات المقبلة الحكومة التي يريد. ان شعب باكستان لا يريد حكومة غير مستقرة، ان نجاح بلد مثل باكستان في بناء مؤسساته وتعزيز اقتصاده يعتمد على قدرة الشعب في اختيار المرشحين المناسبين لتحقيق هذه السياسة. ماذا عن محادثاتك مع الاحزاب اليمينة في مقدمتها الاحزاب الدينية؟ - ان غايتنا الآن هي عدم التحالف مع الاحزاب الدينية لأن سياستها تختلف عن سياستنا، لكن هذا لا يمنع من التفاهم على عدد من القوائم الانتخابية في بعض المناطق من دون ان يترك ذلك اي اثر في برامجنا الانتخابية. ولكن هل يمكن هذا التفاهم ان يتم على رغم معارضة القيادات الدينية امرأة مثلك تحتل موقع القيادة في حزبها؟ - اننا لا نتطلع الى اي اتفاق معهم في شأن سياستنا وبرامجنا، ولكن من منطلق مصلحة الطرفين فان التفاهم على عدد من اللوائح الانتخابية في مناطق معينة سيكون ضرورياً. لماذا لم تدعمي حكومة نواز شريف في مطالبتها بالغاء المادة الثامنة من الدستور التي تدعو الى الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية على رغم انك طالبت قبل ذلك بالغاء هذه المادة؟ - انا لا ازال مع تعديل هذه المادة في القانون. نواز شريف ديكتاتور ولكن لماذا لم تؤيدي شريف في مطالبته بتعديلها؟ - لأنه لم يكن يعني ذلك في ما قاله. صحيح انه ردد ذلك، لكنه لم يستشر حزب الشعب الباكستاني. كان يمكن ان ندعمه، لكن دعمنا لن يكون الا جزءاً من اتفاق كامل على اجراء تحول في السياسة الباكستانية في اتجاه ترسيخ المفهوم الديموقراطي في شكل واضح. وفي تقديري ان نواز لم يكن جدياً في القيام بهذا التحول. وعندما اصدرت المحكمة العليا قرارها باعادة الجمعية الوطنية ودعانا الى التعاون معه تجاوبت معه، لكنه رفض القيام بأي تعديلات في سياسته ولم نتوصل الى اتفاق. انني لا اعرف هل يواصل نواز شريف مطالبته بتعديل المادة الثامنة اذا نجحت في الانتخابات العامة ام لا. انه ديكتاتور ومطالبته بالحد من صلاحيات الرئيس هي محاولة لكي يفسح المجال امامه لتشديد قبضته على البلاد. كان الرئيس السابق غلام اسحاق خان وراء إقالتك من الحكم، لماذا تعاونت معه ضد نواز شريف؟ - لم يكن غلام اسحق وحده، بل تعاون معه نواز شريف وحرّضه على اقالتي. ولولا تحريض شريف الذي كان رئيساً لوزراء البنجاب لما تمت استقالتي. انني لا احمل على الاشخاص كأشخاص في السياسة. ولأن الرئيس غلام اسحق خان ايد اجراء انتخابات حرة تعاونت معه، خصوصاً ان اجراء الانتخابات هو مطلب شعبي وعام، ومن واجبي كزعيمة لحزب الشعب ان استجيب هذه الرغبة. العسكر وقف على الحياد كيف تقومين الدور الذي لعبه الجيش والمؤسسة العسكرية في الازمة السياسية التي شهدتها البلاد اخيراً؟ ألا تخافين ان تشهد المرحلة المقبلة عودة البلاد الى الحكم العسكري؟ - ان فشل القيادة السياسية في حل الازمة والاعتراف حتى بوجود ازمة قيادة شلت البلاد هو وراء هذا التدخل الحيادي للمؤسسة العسكرية. وما حدث في الأيام الماضية اثبت ان العسكر في باكستان وقف على الحياد، وهذا امر رحبنا به واشدت به شخصياً. لك اهتماماتك الشرق الاوسطية، ماذا عنها، وهل تحتل ازمة المنطقة موقعاً في سياستك الخارجية المقبلة؟ - ان باكستان جزء من العالم الاسلامي، وكان والدي من اوائل الذين دعوا الى التعاون بين الدول الاسلامية واستضافت مدينة لاهور اول لقاء قمة اسلامي. وأريد ان أرى بلدي يلعب دوراً في تعزيز التعاون بين الدول الاسلامية، سواء كانت هذه الدول المملكة العربية السعودية او ايران او الكويت او تركيا او العراق، وذلك من خلال احترام القوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والشعوب. انني ارغب في ان اعمل من اجل ايجاد سوق اسلامي دولي. ان هناك الكثير من البرلمانات في الدول الاسلامية ويجب ان يتم التعاون معها. كما انني ارغب في ان ارى المرأة المسلمة تلعب دوراً ايجابياً في دعم هذا التوجه. مع دولة فلسطينية وماذا عن الصراع العربي - الاسرائيلي؟ - ان باكستان تدعم حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني واننا من اشد المتحمسين لاقامة دولة فلسطينية وهذا يقودنا الى القول ان الشعب الفلسطيني من اكثر الشعوب تعرضاً للظلم والعدوان منذ الحرب العالمية الثانية. هل يخيفك التعاون الهندي - الاسرائيلي في المجال العسكري؟ - ان سبب زيادة التعاون العسكري بين الهند واسرائيل جاء بسبب قضية كشمير. وحرصت الحكومة الهندية على الافادة من خبرات اسرائيل في مجال قمع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، اضف الى ذلك ان اسرائيل تشعر بأن باكستان دولة اسلامية كبرى، لذلك وجدت من واجبها مساعدة الهند. ان على اسرائيل ان تركز على قضية الشعب الفلسطيني من خلال تقديم تنازلات للفلسطينيين في مفاوضات السلام التي بدأت في مدريد. ما هي شروطك للاعتراف باسرائيل اذا نجحت في تشكيل حكومة مقبلة؟ - ان أي علاقة لنا مع اسرائيل تعتمد على احراز تقدم او ايجاد حل للقضية الفلسطينية. البرنامج النووي الباكستاني كان احد مشاريع والدك، ما هو موقفك منه؟ - اننا مع الحرص على ان يكون برنامجنا النووي في خدمة الانشطة السلمية. وأود التأكيد اننا لا نؤمن باستخدام الطاقة النووية للاغراض الحربية، ان اي حل للموضوع النووي يجب الا يركز على باكستان فقط ويستثني الدول الاخرى. ونحن ابدينا استعداداً في السابق للتوصل الى تفاهم، لكن التركيز على برنامج باكستان النووي فقط لن يحل المشكلة. هل انت على استعداد للتوصل الى اتفاق او تفاهم مع الحكومات الغربية خصوصاً الادارة الاميركية في هذا المجال؟ - لقد نجحنا في ازالة بعض الشكوك التي كانت لدى الولاياتالمتحدة في شأن برنامج باكستان النووي ونأمل بعون الله ان ننجح في ذلك في المرحلة المقبلة. رحبت الولاياتالمتحدة بتوصل القادة السياسيين الباكستانيين الى حل للأزمة السياسية في البلاد، هل تعتبرين ذلك مقدمة لاعادة العلاقات الطبيعية مع الولاياتالمتحدة؟ - ان اعادة العلاقات الطبيعية مع الولاياتالمتحدة امر مهم لباكستان، وأنا ونواز شريف وغيرنا مهتمون بذلك.