غيلان نوفل : الصورة الملتبسة ! "بيروت كمان وكمان" هو عنوان معرض غيلان نوفل الفوتوغرافي الذي أقيم ضمن اطار "مهرجانات بيت الدين" في لبنان، الى جانب أعمال أخرى لكل من سامر معضاد وهدى قساطلي. والفنانة اللبنانية الشابة خريجة جامعة الكسليك تنتمي الى جيل كبر في قلب حرب طاحنة جعلت هوّة بينه وبين ذاكرته. فما أن سنحت الفرصة لغيلان نوفل، حتّى حملت آلة تصويرها وارتمت على الدروب تجمع نثار تلك الذاكرة، وتبحث بين الاطلال والشواهد الباقية عن معنى الوطن والانتماء والهوية، عن شكل المستقبل. نوفل آتية من تجربة خاصة سواء على مستوى العمل الصحفي البحت، أو على صعيد أبحاثها الجماليّة لتطويع الرؤية وأشكالها، كما أنها خاضت في مجالات تعبير موازية كالسينما والمسرح. عبر العدسة تسعى الى رواية هواجسها وجراحها السريّة، فتجيء صورتها ملتبسة، حافلة بمستويات القراءة، مع أن المشهد عندما تراه، يبدو للوهلة الاولى مغلفاً بتلك النظرة البريئة النابعة من سذاجة المراهقة وضبابيتها. هكذا وقف زوار معرض بيت الدين طويلاً أمام تلك المشاهد التي تشهد على طريقتها، خلافاً للصورة الصحفية السريعة، المباشرة، لفصول معاناة بلا وجوه وبلا أسماء. وهنا أيضاً يتجلّى الالتباس من خلال التقنية الطامحة الى رسم مشروع ابداعي متكامل هدفه اختراق المرئي الى ما يقف متخفياً خلفه. استطاعت نوفل عزل خراب السنين خارج اطار الصورة، مبحرة في عالم غرائبي من المشاعر والتفاصيل. بعيداً عن اغراءات "الفلاش"، تورط المصورة الشابة جمهورها في نص أدبي غزلته على حافة المكان في ساعات الفجر الاولى. ومدينة بيروت هي الاطار الذي يحدد عند كل ارتعاشة لحجاب الكاميرا، توقيت اللقطة. لذا يسود صفاء على صور المعرض، ويخيم سكون كأنه يعلن توقف الوقت وتحوله الى تدرجات ضوئية فوق مساحة بِكر. تدرجات تروي جداراً، شباكاً، أو ستارة معقودة بإهمال... وما الاصفر في تلك الصورة الا انشقاق فجر. أما ذاك الازرق المنبهر بوحدته الداكنة والمشرقة في آن، فليس الا حفيف الزمن الضائع، وأبهى حلله: الغياب. "جامع البحار" للجيار وأرجوزة مجهولة للطهطاوي يعمل الباحث والناقد المصري، الدكتور مدحت الجيار، حالياً على إعداد كتاب "جامع البحار" وهو دراسة في ايقاع الشعر. يمهد المؤلف لبحثه النظري بمقدمة عن تطور مفهوم الايقاع الشعري من العروض الى الموسيقى الى الايقاع. ويضم الكتاب "أرجوزة" مجهولة لرفاعة رافع الطهطاوي، قام الجيار بتحقيقها، وهي غير موجودة في كافة أعماله المنشورة. خص الجيار هذه الارجوزة بدراسة تستغرق 150 صفحة، واتبعها بدراسة عن فن الارجوزة في العالم العربي، ثم بملحق لعلم العروض وموسيقى الشعر. ويريد مدحت الجيار ل "جامع البحار" أن يكون بداية لمجموعة من الدراسات. فهو يكتفي هنا بتقديم الجانب النظري من الايقاع في الشعر، على أن تتولّى دراسته المقبلة معالجة الجانب التطبيقي انطلاقاً من مجموعة من قصائد تنتمي الى الشعر التقليدي، ثم الشعر الحر، ثم قصيدة النثر. أما آخر كتب الجيار فدار حول "مسرح شوقي الشعري"، وهو دراسة في توظيف الصورة الشعرية وبنية النص عند "أمير الشعراء" صدرت عن دار المعارف في القاهرة. "البيروني" والعصر الذهبي للعلوم عند العرب ضمن سلسلة "أعلام العلم العربي" الصادرة في دمشق عن مطبوعات وزارة الثقافة السورية، صدر جزء ثالث مخصص لمحمد بن أحمد البيروني. الكتاب من تأليف زهير الكتبي، ويتناول عصر البيروني وحياته ومؤلفاته وكشوفه العلمية. عندما سئل البيروني، ذات مرّة عن نسبه، أجاب شعراً بقوله المأثور: "إذ لست أعرف جدّي حقّ معرفةٍ/ وكيف أعرف جدّي إذ جهلتُ أبي"! عاصر هذا العالم العربي تمازج الثقافات اليونانية والهندية والفارسية، واكتشف علوم الجبر والحساب كما تمرّس في الهندسة والكيمياء وعلم الفلك. وساهم في انجازات حقبة من أزهى محطات الحضارة العربية من دون شك، مما حدا بأحد المؤرخين المعاصرين، وهو يشير الى ازدهار العلوم في القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد، الى الكلام عن "عصر البيروني". وكان أبو الريحان البيروني موسوعي المعرفة، شمل اهتمامه جميع فروع العلم في زمانه، كما أنّه لم يكن يجهل الفلسفة، ولا كان في منأى عن سائر فروع المعرفة النظرية. لكن ميوله كانت أشد وأقوى في مجال مراقبة الظواهر الطبيعية والانسانية. أما العلوم، فقد اجتذبه منها ما تميّز بالتحليل الرياضي. فنصف مؤلفاته ذات صلة بالفلك والعلوم المتعلقة به، وبالرياضيات التطبيقية خاصة. لكنه جهد أيضاً في علوم المعادن والادوية والجغرافيا. وكان من عادته أن يضمّن كتبه ما يتصل بها من المعطيات التاريخية - مما جعلها مرجعاً لدراسة مؤلفات من سبقه من العلماء - فضلاً عن اشتمالها على ما ألّفه بنفسه وما جاء به معاصروه... وكان البيروني، صديق ابن سينا، متعصباً للغة العربية، متعلقاً بها، فيها وضع كل مؤلفاته تقريباً، من "الآثار الباقية عن القرون الخالية" الى "القانون المسعودي". وهو القائل في كتاب "الصيدلة": "الى لسان العرب نقلت العلوم من أقطار العالم، فازدانت وجلت في الافئدة، وسرت محاسن اللغة منها في الشرايين والاوردة...". في كتابه، يشدد زهير الكتبي على المنهج العلمي الذي اعتمده البيروني، وهو كان كما لا يخفى على أحد أديباً يقرض الشعر، مذكراً أن "العلم العربي بلغ في عصره درجة من السعة والعمق صار معهما بحاجة الى منهج له صفة الشمول، والى الارتقاء من الحقيقة العلمية الى الحقيقة الفلسفية... وهذه الاخيرة تتطلب ثقافة موسوعية كالتي كانت لابن سينا وابن الهيثم والبيروني وغيرهم...". صيف أبها السعودي : مواسم فنية وثقافية يشتعل صيف أبها كل عام، على الرغم من اعتدال مناخها، بأنشطة ثقافية وفنية تتزامن مع موسم الاصطياف، وهي باتت مع السنوات قطباً جاذباً لسيّاح الداخل في المملكة العربية السعودية. فقد شهدت قرية المفتاحة التشكيلية أخيراً مهرجانات شعرية وفنية عدة، ضمن فعاليات برامج التنشيط السياحي لمنطقة عسير. التقليد الذي أرسي قبل خمس سنوات، يدور حول شعراء الرد في المنطقة، وحول المهرجان المخصص لهم. شارك هذا العام عدد من الشعراء النبطيين الشعبيين من أمثال محمد بن مسفر الشناني ومحمد بن مبارك الجابري ومهدي بن عشيمان القحطاني، وذلك بحضور عبدالله بن عفتان رئيس لجنة العلاقات العامة والاعلام في "لجنة التنشيط السياحي" وابراهيم أحمد السيد مدير "مركز الملك فهد الثقافي" في قرية المفتاحة. واحتشد فضاء المهرجان، الذي حضره عن "الوسط" الزميل أحمد مرتضى عبده، بجمهور منوّع من المصطافين والزائرين وهواة الشعر والمثقفين الشباب. كما افتتح في القرية قبل أيام معدودة معرض جديد للفنان التشكيلي عبدالله ادريس. وكانت حديقة بلدية خميس مشيط، شهدت من جهتها مهرجاناً شعرياً آخر، شارك فيه عدد من شباب الشعر النبطي، بينما أقيمت أمسية ثالثة في مثلث القرعاء. وتستعد القرية حالياً، بالتنسيق مع "لجنة الشعر الشعبي"، لاحياء أمسيات "منتدى المفتاحة للشعر الشعبي"، وهو عبارة عن مسامرات ومسابقات شعرية. وتجدر الاشارة أخيراً الى الامسية الادبية التي أقامها "نادي أبها"، وأحياها الدكتور محمود زيني استاذ الادب والنقد في جامعة أم القرى. وتدور محاضرة زيني حول علاقة الشعر العربي بقضايا الحياة، منذ بزوغ فجر الاسلام حتى عصرنا الحالي. وتولّى تقديم المحاضر لجمهوره محمد عبدالله الحميد، رئيس "نادي أبها الادبي".