يبقى قطاع البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية الاكثر تردياً بين قطاعات الخدمات الى جانب الكهرباء في لبنان وهما القطاعان الاكثر ارتباطاً واتصالاً بقضايا الناس اليومية، وبالنشاطات الاقتصادية والانتاجية بشكل عام. وربما كان قطاع الاتصالات الهاتفية الاكثر تضرراً من جراء الاحداث الطويلة وانعدام الصيانة والتجهيز من جهة، والسرقات والتعديات على الخطوط والشبكات اضافة الى قدم مراكز الاتصالات الميكانيكية من جهة ثانية. اما التردي في الاداء الاداري والحديث عن السمسرات والسطو على الخطوط الدولية واستخدامها لأغراض شخصية او للايجار، وشكاوى الناس من الاعطال الدائمة فحدث ولا حرج، وهي امور تشغل القسم الاكبر من اوقات الوزير المهندس محمد غزيري الذي أثار موضوع كثافة المراجعات في مجلس الوزراء وانعكاسها على الاداء الوزاري، خصوصاً ان الامكانات المتوافرة لا تلبي الاحتياجات سواء اصلاح الخطوط او تأمين خطوط جديدة. لتوضيح كل هذه الامور زارت "الوسط" وزير البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية محمد غزيري في مكتبه. وكان هذا الحوار: لا شك ان قطاع البريد والاتصالات من اهم قطاعات الخدمات واكثرها تردياً ومصدراً لشكاوى المواطنين. فكيف ترون الوضع في وزارتكم، وما هي القدرات لتلبية الاحتياجات والقضاء على الشكاوى والتخفيف من المراجعات التي لا تتوقف؟ - أوافقكم القول ان قطاع الخدمات ليس على المستوى المرغوب ولا حتى على مستوى تأدية الحاجة المطلوبة منه، ذلك انه خلال فترة الاحداث الطويلة لم تحصل صيانة كافية تتناسب مع الحاجة. اليوم، بعد عودة الحياة الى لبنان اصبحت الحاجة الى الهاتف كبيرة جداً، ومما لا شك فيه اننا نلمس حالة الاتصالات المتردية، لذلك لا نقف موقف المتفرج بل على العكس حاولنا ايجاد حل لهذا الوضع على ثلاث جبهات: 1 - اصلاح الموجود بحدود الممكن وبأقل كلفة وبأحسن اداء وهذا شيء موقت بانتظار الحل الجذري. 2 - اعادة تجديد مختلف الاقسام بالهواتف الموجودة وتوابعها، وقد اطلقنا على هذا المشروع اسم "مشروع المليون خط". كما سرنا في تأمين مشروع النظام الثابت الذي نستخدمه والذي يغطي قدر الامكان كافة الأراضي اللبنانية على أعلى مستوى من الاداء والتقنية والسرعة في تلبية الحاجة. 3 - الراديو الخليوي الذي يغطي الحاجة، لانه لا يحتاج الى اسلاك بقدر ما يحتاج النظام الثابت لها. على الجبهة الاولى حاولنا اصلاح الشبكات الموجودة والسنترالات التي مرّ عليها الزمن وترهلت لكنها بقيت قيد الاستعمال، فداويناها للاستفادة منها الى اقصى حد. الا ان الحل الجذري سيكون بعد تنفيذ مشروع المليون خط، قد يتساءل الانسان في اي مرحلة اصبح هذا المشروع؟ لقد وضعنا دفتر شروط بتلزيم انشاء المليون خط واذا اردنا التوسع اكثر فهذا المشروع يتألف من ثلاثة اجزاء رئيسية منها تلزيم السنترالات، وقد استطعنا ذلك بشروط جيدة وحصلنا على اسعار ممتازة، مما جعلنا نسرّع الخطى باتجاه تنفيذ هذا المشروع في السنترالات، ونأخذ على عاتقنا تنفيذ الاقسام التابعة وهي خطوط الاتصال بين السنترالات وشبكات التوزيع ومختلف التوابع العائدة لهما. وكما اسلفت فقد تم تلزيم تجهيزات السنترالات، ودفاتر شروط تنفيذ خطوط الاتصال وشبكات التوزيع اصبحت جاهزة وطرحت للتلزيم، وطالبنا ان تتقدم العروض في اواخر شهر ايلول سبتمبر المقبل. مليون خط ماذا عن تمويل هذه الخطط؟ - تجهيز السنترالات لم يكن مطروحاً في موازنتنا لكن حماسنا لتسريع الخطى والمحاولة قدر الامكان لتلبية حاجة المواطن، جعلانا نهجم لتنفيذ تجهيزات السنترالات بحدود المليون خط، وجمعنا كل ما نملك من اعتمادات بالامكان استعمالها لهذه الغاية. بالنسبة الى الاقسام الباقية، وضعنا مشروع قانون نحاول الحصول عليه وهو سيمكننا من تنفيذ خطوط الاتصال وشبكات التوزيع. مشروع القانون موجود في مجلس النواب وقطع مرحلة كبيرة، اذ جرى البحث بكل تفاصيله امام لجنتي الاعلام والمواصلات السلكية واللاسلكية والمالية، وسيمرر امام الهيئة العامة. وقد حددنا مصادر التمويل بجزء يمكن تأمينه من واردات الهاتف يضاف اليها الهبات والقروض المعقودة، وجزء آخر يمكن تأمينه عن طريق ما اسميناه سلفة على الاشتراكات والرسوم. بمعنى انه اذا اراد شخص ما الاشتراك يتقدم بطلب ويسلفنا قيمة اشتراكه وعند الحاجة نأخذ قسماً من الرسوم التي ستتوجب عليه. هذا المشروع ضخم ويحتاج الى مجهود، ونحن نحاول ان نكون على قدر تأمين المسؤولية فيه، خصوصاً لجهة تحضير ملفات تنفيذه والعمل ميدانيا، والحصول على الاراضي التي ستبنى فيها السنترالات 400 سنترال في مختلف المناطق اللبنانية. ومن اجل كل ذلك نسعى الى الاستعانة بمكتب استشاري يملك الكفاءة والمقدرة والخبرة لمساعدتنا في هذا المضمار. ماذا عن مشروع الراديو الخليوي ومدى فاعليته؟ - حضرنا دفتر الشروط وتقدمت شركات بطلبات التأهيل المسبق، كما حددت الشركات المؤهلة. وطرحنا ان تقدم العروض خلال مدة تنتهي اواخر شهر ايلول سبتمبر. هل حددت كلفة الخطوط؟ - اعتمدنا طريقة تنفيذ هذا المشروع بالتمويل الذاتي، وبتفصيل اكثر ستمول شركة ما تنفيذ المشروع وتستثمره خلال فترة محددة ثم تعيده الى الدولة بحالة جيدة للاستعمال. اما العروض التي ستتقدم فسنأخذ بعين الاعتبار اربعة عناصر رئيسية فيها، اهمها: قيمة الرسم الذي سيدفعه المشترك وكلفة المخابرات وحصة الدولة المفروض تقاضيها، لأن الشركة ستستخدم خطوط الدولة، ومدة الاستثمار. هذه العناصر كلها ستدخل في عناصر المفاضلة عندما سيتحدد افضل عرض. اما بالنسبة الى الاسعار فلا احب التحدث عنها في الوقت الحاضر لان ذلك سابق لاوانه. ما هي الطريقة التي ستتبع في توزيع الاشتراكات وتحديد العدد؟ - لحظنا في دفتر الشروط ان تؤمن الشركة التي اخذت على عاتقها تنفيذ المشروع 50 الف خط في الاشهر الاولى، يكون توزيعها وفقاً لتسلسل التسجيل. واذا كانت هناك اولويات فستكون لاختصاصات معينة: المستشفيات والاطباء والمدارس... في اي منطقة من لبنان ستبدأون؟ - من حسنات هذا المشروع اذكر شيئين هما: 1 - مدة التنفيذ وهي قليلة نسبياً: خلال 6 اشهر 50 ألف خط. 2 - اذا ركبت الهوائيات فستغطي لبنان ويمكن للمشترك ان يستخدم هاتفه من أي موقع في لبنان. اما بالنسبة الى النظام الثابت الذي ذكرته في بداية الحديث فقد حصلت فيه مرحلة للتأهيل المسبق للشركات التي ترغب بالاشتراك. تقدمت هذه الشركات بطلباتها وحددنا المؤهلة منها. وعندما وضعنا دفاتر الشروط سحبت هذه الشركات الملفات لكي تعيد درسها بشكل معمق قبل تقديم عروضها. مرحلة التطوير كم ستستغرق مرحلة التحسين والتطوير التي تعتمدها الوزارة؟ - السنترالات الموجودة يمكنها تأمين حوالى 450 الف خط اذا كانت كل الخطوط تعمل بصورة جيدة، لكن يا للاسف هذا ليس حاصلا اليوم. اذ يوجد 220 الف خط ميكانيكي تعمل بشروط سيئة جداً. في المرحلة الاولى سنستبدل السنترالات الميكانيكية بأخرى الكترونية ومدة التنفيذ ستستغرق ستة اشهر بين اعطاء الامر والمباشرة بالاعمال. وكما أسلفت فقد تعاقدنا مع ثلاث شركات عالمية تؤمن لنا السنترالات الالكترونية وأعطيناها مهلة 18 شهراً لكي تقدم السنترالات. وفي الوقت عينه بدأت الوزارة بتهيئة الامكنة خصوصاً في السنترالات التي لا تعمل منذ مدة خوفاً من ان تتأثر الخطوط، وقد اصبحت مواقعها جاهزة. واعتقد ان الشركات التي تعاقدنا معها ستستطيع خلال الشهرين الاولين تقديم جزء كبير لانها اعطت اوامرها بالمباشرة بالتصنيع. اذاً، خلال 6 اشهر ستكون السنترالات الميكانيكية قد استبدلت بالالكترونية. اما السنترالات الاخرى فسننتهي منها بعد 18 شهراً لأنه اضافة الى تصنيعها يجب ان ننشىء الابنية اللازمة لها ولخطوط الاتصال وشبكات التوزيع. بحسب ما تقول فإن العملية ستستغرق سنتين. - الخبراء العالميون قالوا أنه لا يمكننا استكمال المشروع قبل ثلاث سنوات لكننا نحاول تحدي هذا الرأي ونبذل جهدنا لننهيه في سنتين، لاننا رسمنا لانفسنا هدفاً. وأشير في هذا الاطار الى انه عندما نحدد المدة فذلك لا يعني اننا سنبدأ مباشرة باستعمال الهاتف بل سيكون استعماله تدريجاً. كيف تعالج الوزارة موضوع الاتصالات الخارجية، والشكاوى الحاصلة حولها من سرقة الخطوط وعدم تلبية الاحتياجات وغير ذلك، وما هي خطتها؟ - أحب ان اوضح انه لدى استلامي مهامي في الوزارة كانت هناك صعوبة في اجراء الاتصالات الدولية، لكننا تمكنا من تنظيم هذا الموضوع فزدنا عدد الحلقات او المخابرات التي يمكن الحصول عليها في آن، وطموحنا اليوم هو زيادتها لكن جهودنا لا تكفي اذا لم تتعاون معنا الدول. يجب ألا ننسى ان الدولة كانت غائبة، مما اثر مباشرة على جميع القطاعات ومنها الاتصالات لذلك افلت زمام الامور في ما يختص بالاتصالات الدولية، لكنها ضبطت اليوم بجهود الوزارة. ولمزيد من الامان جهزنا سنترالاتنا الدولية بأجهزة الكترونية تحتوي ذاكرة سجلت فيها ارقام المشتركين الذين يحق لهم استعمال الخطوط الدولية، فإذا لم يكن الرقم مسجلاً في ذاكرة الكمبيوتر لا تؤخذ المخابرة. يضاف الى ذلك ان السنترالات التي تمرر المخابرات الدولية اصبحت تعمل 24 ساعة وتعامل المسؤولين فيها مقبول، فالمخابرات تؤمن بسرعة من لبنان وإليه. اما بالنسبة الى ضبط السرقات فقد اكتشفنا شبكة تسرق الخطوط الدولية بطريقة القرصنة خلال الليل مباشرة من العلبة ثم تعيدها في الصباح. فقمنا بتتبع الموضوع والقينا القبض على قسم من الشبكة بالتعاون مع الاجهزة القضائية المختصة وكان بعضهم من الموظفين في الوزارة. كما نتابع الملاحقة وسيكون الحساب عسيراً لان هذه جريمة وتعدي على الملك العام. طرح موضوع القطاع الخاص التخصصية منذ فترة. فما الذي يمنع من تطبيقه في وزارة الاتصالات ما دام القطاع العام عاجزاً عن تأمين المستلزمات؟ - التخصصية فعالة اذا اردنا المباشرة بمشروع ما من الصفر. صحيح ان هذا الموضوع طرح كثيرا في ما يتعلق بالهاتف لكن لدى التعمق فيه تبين ان ليس هناك من امكانية بسبب صعوبات عدة سأعطي مثلا عنها. حين تؤسس شركة لقطاع من القطاعات يدخل في حسابها جزآن، جزء تقويم الموجود، وجزء تطويره وتوسيعه. تقويم الموجود موضوع شائك، فكيف نقوم بالاحصاء، وكم هي الاطوال وقيمتها؟ واذا بدأنا بها لا نعرف متى ننتهي. لهذا لو كنا ننطلق بالمشروع من الصفر لكنا فكرنا بالتخصصية. معلوماتي الخاصة ان اتجاه الدولة حاليا في ما يتعلق بالهاتف اصبح بعيداً عن مشروع التخصصية لاننا باشرنا بالاصلاح وتأمين العدد اللازم من الهواتف على الراديو الخليوي وهذا سيحل كل المشكلة. كيف تعالجون الشكاوى عن السمسرات والرشوة وما الى ذلك من فساد الادارة؟ - معلوماتي في هذا الموضوع تقول ان الفساد خف كثيراً، لكن هذا لا يكفي وسنحاول استئصاله كلياً. الذي يحصل هو انه نادراً ما يأتي المواطنون لتقديم الشكاوى ضد المرتشين. وبالنسبة اليّ فالراشي يشجع على الفوضى ومسؤوليته كبيرة ويجب ان يحاسب كالمرتشي. اتمنى لو يتعاون معنا الشعب للحد من الرشاوي في حال وجودها، وبدورنا سنقمع الامر من جذوره لكن لم يرشدنا احد الى طرف الخيط يا للاسف. أقر مجلس الوزراء السابق خطة وضعها الوزير ميشال المر لتأهيل الخطوط والسنترالات في المرحلة الاولى، ومن ثم تعميم الهاتف، وكانت تقديرات الاكلاف في حدود المليار ليرة. أين اصبحت هذه الخطة وهل سيتم اعتمادها او استغني عنها؟ - عندما حضّرنا مشروعنا الجديد استفدنا من جميع المشاريع والوثائق والمستندات الموجودة في الوزارة، ومنها الاحصاءات التي اجراها الوزير المر.