أثار قرار السلطات العراقية اختيار السيد محمد صادق الصدر مرجعاً أعلى للشيعة خلفاً لأبو القاسم الخوئي الذي توفي في آب اغسطس الماضي، تساؤلات كثيرة في اوساط القيادة الايرانية. وأعلنت هذا القرار، ضمناً، وسائل الاعلام العراقية التي اطلقت، للمرة الاولى، يوم 20 كانون الثاني يناير الماضي على الصدر صفة آية الله العظمى، ما يعني ان نظام صدام حسين اختاره خلفاً للخوئي. ومحمد صادق الصدر عراقي في الخمسين من عمره وهو سليل عائلة شيعية معروفة ويقيم في مدينة النجف. وقال حجة الاسلام رضى كلبايكاني، حفيد محمد رضا كلبايكاني الذي يرغب الايرانيون في ترشيحه خلفاً للخوئي، لپ"الوسط" تعليقاً على القرار العراقي "ان النظام العراقي يعمل على ضرب الحوزات الدينية ويحاول الاستفادة منها لأغراضه". وأضاف: "اذا قبل محمد الصدر بالفعل ما يريده النظام العراقي بخصوص المرجعية الدينية فان ذلك يعني انه يضحي بسمعته وتاريخه الديني للحفاظ على الحوزات الدينية في العراق". وعندما سألت "الوسط" رضى كلبايكاني عن علاقة محمد الصدر بالنظام العراقي اجاب ان المعلومات المتوافرة لديه تؤكد ان الصدر "عالم دين مخلص" لكنه يخشى ان لم يقبل بالمرجعية - في العراق طبعاً - ان "يلجأ النظام العراقي الى اختيار مرجع آخر ينفذ له كل ما يريد". وأعرب كلبايكاني عن أمله في الا ينفذ الصدر كل تعليمات بغداد. كما أعرب عن اعتقاده ان "ما ينسب الى الصدر من تصريحات تؤيد سياسة النظام العراقي تصدر عادة تحت وطأة الضغوط والتهديد". وقال علماء عراقيون مقيمون في ايران ان اختيار العراق للصدر لا يشكك في شخصه على رغم التحفظات التي ابداها بعض العلماء المحسوبين على حزب الدعوة العراقي والتي ليس لها تأثير كبير على واقع الحال. الحكومة الايرانية عملت، من جهتها، في الأيام الاخيرة على ابراز لقاءات ونشاطات كلبايكاني عبر وسائل اعلامها، خصوصاً لقاءاته مع شخصيات من خارج ايران لتأكيد اختيارها له بصفته المرجع الأعلى. وحصلت "الوسط" على وثائق رسمية تثبت ان مؤسسة الخوئي الخيرية في لندن والتي يديرها نجل الخوئي عبدالمجيد الخوئي كانت بعثت برسائل الى كلبايكاني وأجرت اتصالات بمكتبه ودعت الى مرجعيته المطلقة واستفتته في أمر المؤسسة والاموال التي تصل اليها بما يؤكد اعتقادها بمرجعيته العامة، لكنها عادت وتنصلت - في وثيقة اخرى - من امر المرجعية العامة عندما رفض كلبايكاني منح المؤسسة اجازة مطلقة بالتصرف بالاموال الحقوق الشرعية. وأبلغ نجل كلبايكاني الاكبر، حجة الاسلام جواد كلبايكاني، "الوسط" ان المشرفين على مؤسسة الخوئي استجازوا كلبايكاني في امر المؤسسة وشؤونها المالية - في الوثيقة المرفقة - وعبر اتصالات هاتفية جرت معه، لكن كلبايكاني رفض اعطاء اجازة عامة او البت في هذا الموضوع قبل الاطلاع على النظام الداخلي للمؤسسة. وقبل ان تبعث المؤسسة الى كلبايكاني برسالة "طلب الاجازة" اصدرت يوم 10/8/1992 المذكرة الرقم 3 وقالت فيها ان "الفقهاء المعاصرين يفتون بجواز البقاء" على تقليد الخوئي "الى حين تتوافر الادلة الشرعية الكافية حول من يرجعون اليه في احكامهم"، وهو ما اعتبره المقربون من كلبايكاني "موقفاً مزدوجاً لأنهم دعوا، بعدما رفض كلبايكاني اجازتهم، الى مرجعية السيد عبدالاعلى السبزواري الذي رفض بدوره اعطاءهم الاجازة المطلوبة فتبنوا أخيراً الدعوة الى مرجعية علي السيستاني". ويعتبر المراقبون في طهران ان مرجعية كلبايكاني العامة "أصبحت منتهية" الامر الذي يعني ان مرجعية الصدر ستبقى "في اطارها الشكلي الصوري ليس الا".