«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعيين الاراكي مقدمة لفرض مرجعية خامنئي . ايران تضغط للاحتفاظ بالمرجعيتين ... السياسية والدينية
نشر في الحياة يوم 20 - 12 - 1993

رحل آية الله العظمى محمد رضا الكلبايكاني وترك خلفه المؤسسة المرجعية تبحث عن خلف يتحلى بمواصفات المرجع الأعلى. فهو كان آخر من بقي من ذاك الرعيل الاول من المراجع التاريخيين، وامضى 85 عاماً من عمره في الدرس والتدريس ومارس شؤون المرجعية لأكثر من نصف قرن قبل ان تؤول اليه زعامة الطائفة في آب اغسطس من العام الماضي اثر وفاة سلفه الإمام ابو القاسم الخوئي. وبرحيله يُفتح الباب واسعاً امام جدل سيستمر طويلاً قبل ان تستقر شؤون المرجعية العليا على احد الفقهاء.
وما يزيد من صعوبة الموقف ان ايران والعراق يتنافسان بشدة على الاحتفاظ بالمرجعية العليا في قم او النجف. وهي منافسة تاريخية لم تنقطع منذ نشوء المرجعية ونظام المؤسسات الدينية الشيعية قبل اكثر من الف عام. واثارت وفاة الكلبايكاني ذاك السؤال الذي يُطرح بعد غياب اي مرجع ديني، عن خليفة المرجع الاعلى، لكن السؤال يطرح بحدة اكثر لأن المرجع الراحل هو الوحيد الباقي من ذلك الجيل الذي رافق النائيني وشهد بنفسه تأسيس الحوزة العلمية في قم، بل ساهم في ارساء قواعدها في زمن استاذه الذي شاءت الاقدار ان يرقد الى جانبه في حضرة السيدة معصومة، وهو آية الله عبدالكريم الحائري اليزدي.
وما يزيد من حراجة الموقف المرجعي ايضاً ويعقد لغة اختيار الخلف ان الكلبايكاني رحل كما عاش ببساطة من دون ان يوجه الآخرين الى من تستقر عليه الطائفة لتولي زمام مرجعيتها العليا. لكن المعلومات الاولية المتوافرة واللقاءات المستمرة التي قمت بها سابقاً مع الكلبايكاني، قبل رحيله، والاسئلة التي اثيرت طوال اكثر من سنة واربعة اشهر عمن سيخلف الإمام الراحل والاحاديث التي اجريتها مع كبار آيات الله وحجج الاسلام والمهتمين بشؤون المرجعية العليا، وبينهم مراجع كبار، فضلاً عن مراسم التشييع المثيرة ومفردات هنا وهناك مبثوثة في المؤسسة الشيعية… كل هذا يؤدي الى استنتاج هو ان اثنين من المراجع ستشهد الطائفة حولهما نقاشاً قد لا يُحسم في السنوات المقبلة، وهما آية الله العظمى السيد علي السيستاني في النجف العراق وآية الله مرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي المقيم في ايران.
وبين الرجلين عدد كبير من الآيات بعضهم مرشح للمرجعية وبعضهم يمارسها على نطاق ضيق ويطمح اليها. وبعضهم يستحقها علمياً وتبتعد عنه لأسباب وظروف سياسية. وبعضهم جاءت اليه لكنه ينأى بنفسه عنها على رغم اعلميته وتبحّره في الفقه والأصول.
الاراكي
وقبل خامنئي والسيستاني لا بد من الاشارة الى ان آية الله العظمى محمد علي الاراكي الذي اختارته المؤسسة الدينية الرسمية في ايران واصدرت رابطة مدرسي الحوزة العلمية في قم بياناً الحقته ببيان سابق صدر عنها اثر رحيل الإمام الخوئي، وكان تكراراً لبيانها الاول الذي اصدرته اثر وفاة الخميني ودعت فيه الى حصر المرجعية العليا باثنين فقط من الآيات العظام الكلبايكاني الراحل والاراكي الذي نعى نفسه قبل ايام عندما نعى الكلبايكاني. وجاء في بيان الرابطة: "… وعليه فان المرجعية العليا منحصرة في آية الله العظمى الحاج الشيخ محمد علي الاراكي، وذلك بعد وفاة آية الله العظمى السيد الكلبايكاني".
واثار هذا البيان عاصفة من التساؤلات والتكهنات التي لم تتوقف عند حد، وقال كثير من المطلعين والمهتمين بشؤون المرجعية العليا ان رابطة مدرسي الحوزة وهي تخضع في ادارتها العليا واشرافها الى مرشد الثورة اخطأت في تعيين الاراكي بمفرده في سدة المرجعية العليا، لانها تعرف انه طاعن في السن تجاوز المئة.
وعلمت "الوسط" من مصادر وثيقة الاطلاع ان ايران الرسمية اصبحت مستعدة بعد وفاة الإمام الكلبايكاني لتلقي نبأ رحيل آية الله الاراكي، بل ان المؤسسة الاعلامية الرسمية اعدت قبل ايام برامج خاصة عنه لبثها اثر وفاته. وقال مسؤول ايراني كبير ان الاراكي بات في ايامه الاخيرة.
لذلك كان لزاماً على بيان الرابطة الاشارة الى مرجع آخر كما فعل بيانها السابق، فلا تمرّ مراسم تشييع الكلبايكاني من دون الافادة من تأثيرها الوجداني والعاطفي للتحضير لمرجع يجمع بين شؤون الدين والفقه وبين ولاية الامر والحاكمية.
آن أوان خامنئي؟
وتقول مصادر دينية عليا في ايران ان الوقت حان لكي يجمع آية الله خامنئي بين المرجعية الدينية العليا وو لاية الفقيه، وكانت المرجعية فُصلت بعد وفاة الإمام الخميني، الذي اجاز لمقلديه البحث عن مرجع يتولى شؤون الدين والانقياد لولي فقيه يكفي ان يكون حصل على درجة الاجتهاد من دون مقام المرجعية العليا.
ويستند الطامحون في عملية الدمج الى تجربة الخميني الذي قاد رداً على سؤال حول المرجعية الدينية والقيادة السياسية، "لا تفصيل بينهما وليست ولاية القيادة السياسية الا للمجتهد الجامع لشريط التقليد". انظر نص الفتوى الذي تنفرد "الوسط" بنشره.
ويرى مقربون من مرشد الثورة وكثير من القيادات السياسية والدينية الرسمية ان الظروف التي ادت الى سماح الإمام الخميني بالفصل الموقت بين المرجعية الدينية العليا وولاية الفقيه زالت بزوال اسبابها، واصبحت مرجعية خامنئي ذات ابعاد كثيرة وانتشرت على نطاق واسع في اوساط المؤمنين بمبدأ ولاية الفقيه.
واذا كان الخميني سمح بالفصل الموقت ريثما تمتد مرجعية خامنئي، فان الاوساط المقربة منه تؤكد ان ليس هناك اي مبرر للابقاء على عملية الفصل، خصوصاً ان الامام في مبانيه الفقهية يشترط الجمع بين المرجعيتين الدينية والسياسية في مجتهد جامع لشرايط التقليد، وتقول ان هذا ينطبق على خامنئي لانه اولاً القائد السياسي ولا يوجد غيره قائداً وولياً فقيهاً، لذلك ان ولاية الفقيه والقيادة السياسية متوافرتان فيه. ولانه ثانياً مجتهد بشهادة الكثير من المراجع والمجتهدين وعلى رأسهم الخميني والكلبايكاني الراحلان، واخيراً آية الله العظمى الاراكي في رسالته التي بعث بها اليه الاسبوع الماضي للتعزية بالكلبايكاني، وما فيها من عبارات تؤكد هذا المعنى وتتجاوزه للاعتراف بمرجعية خامنئي المطلقة. ولأن عبارة "المجتهد الجامع لشرايط التقليد" ثالثاً تسمح لدعاة الجمع بين الولاية والمرجعية بطرح خامنئي على صعيد المرجعية العليا، فالمتعارف عليه بين الفقهاء ان الدولة الشرعية النقلية ليست متوافرة لتأكيد اتباع مرجعية الأعلم من الفقهاء، اي ان تقليد الأعلم هو من باب الرجوع الى الادلة العقلية ليس الا. حتى ان عبارة "يجب تقليد الأعلم على الاحوط وجوباً". اصبحت تقليداً سائداً في الرسائل العلمية للفقهاء الذين يقولون بتقليد الاعلم، فيما هناك كثير من المراجع والمجتهدين يجيزون تقليد غير الأعلم، وكان منهم آية الله العظمى شهاب الدين المرعشي الذي كنا سألناه قبل وفاته عن تقليد الأعلم، فأجاب ان ذلك لا يتحقق على الاطلاق، واجاز بذلك الرجوع الى المجتهد من دون الأعلمية.
وثمة فقهاء ومجتهدون اليوم يسمحون بتقليد غير الأعلم ما يسمح لدعاة الجمع بين الولاية والمرجعية بالترويج لتقليد خامنئي على قاعدة "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه" ولكي ينسجم الولاء في نسيج واحد للمرجعية وولاية الفقيه.
خامنئي يمارس المرجعية
وبالفعل يمارس خامنئي المرجعية ولكن على نطاق محدود، اذ ترجع اليه اوساط كثيرة من الايرانيين وقيادات "حزب الله" في لبنان وبعض الكويتيين الذين استفتوه في مسائل مثيرة كتقليد الميت ابتداء فأجاز لهم ذلك بالنسبة الى الامام الخميني فقط الذي يعتبره الأعلم من بين ا لاحياء والاموات.
ويدرّس مرشد الثورة "بحث الخارج" الذي هو اعلى مراحل الحوزة العلمية بحث الخارج هو بمثابة الدراسات العليا اذ يلقي الاستاذ الدرس مباشرة ويدوّنه التلامذة من دون العودة الى كتاب. ولذلك جاءت كلمة الخارج وتعني الدرس خارج المتون، ويمارس منذ وقت طويل حتى اثناء انشغاله بالمهمات الحكومية التواصل الفقهي، لان ذلك احد شروط الرجوع في التقليد. لكنه لا يبدو راغباً في طرح نفسه مرجعاً اعلى رعاية منه للأوضاع التقليدية السائدة في الحوزة. وقد سألناه عن المرجعية وهل يجيز لنا التحدث عن مرجعيته المطلقة وهل يرضى بها، فأجاب انه لا يفضل ان يطرح مرجعاً اعلى، ويرى ان السكوت على ذلك تكليف من يعتقد بولايته.
والذين يعتقدون بمرجعيته فسروا كلامه بأنه "نوع من تواضع العلماء". وقال عدد منهم في اجتماع نظمته اللجنة الاسلامية المسؤولة في احدى الوزارات المهمة "ان على المؤمنين بمرجعية خامنئي طرحها علناً وممارسة الخطوات الصحيحة". وبدأت اولى تلك الخطوات باستفتاء وُجّه الى آية الله محمد يزدي، قاضي البلاد الاول، عن امكان تقليد مرشد الثورة فقال ان ذلك "يجوز".
ونشطت الاوساط المعنية في الترويج لاهمية طرح مرجعية خامنئي بعد الاراكي خوفاً من انتقالها الى النجف وما يحمل ذلك من مخاطر على المؤسسة الشيعية في ظل الحكم القائم في العراق.
وقال عدد من كبار آيات الله انه كان ينبغي استثمار اسبوع الحداد الرسمي على الكلبايكاني، خصوصاً الصلاة على جثمانه، لطرح مقدمات الدعوة الى مرجعية خامنئي.
وابلغ احد العاملين في بيت الكلبايكاني "الوسط" ان المؤسسة التابعة لمرجعيته "تشعر بالامتنان والتقدير لمشاركة مرشد الثورة في مراسم التشييع". واضاف: "ان مسألة تعيين المرجع الاعلى الجديد وان لم تكن من صلاحية بيت الامام الراحل، الا انها تليق بآية الله خامنئي الذي مارس أبوته ورعايته للمسلمين وتبنى بنفسه هذا المصاب الجلل".
ايران تتمسك بالمرجعية
وسألت "الوسط" لماذا لم يُقدم خامنئي الى الصلاة على المرجع الفقيد ليكون ذلك مقدمة لطرحه على صعيد المرجعية العليا، فأجاب: "ان الظروف الامنية واستحالة السيطرة على ملايين المشيعين تمنع مثل هذا الاقتراح، لئلا نحرج آية الله خامنئي ونضيف اليه اعباء جديدة". وقال آخر من بيت المرجع الراحل: "لو قدّم آخرون مثل هذا الاقتراح لقبلناه على الفور".
الصلاة على المرجع لها دلالة في العرف المرجعي الشيعي كما الرسائل وبرقيات التعزية التي انهالت على خامنئي مدروسة من الرئيس هاشمي رفسنجاني ونجل الإمام الراحل حجة الاسلام احمد الخميني ورئيس القضاء الاعلى آية الله محمد يزدي وآخرين. ونقل مقربون عن رفسنجاني قوله انه يرى ان المرجعية العليا يجب ان تبقى في ايران، وليس بعد الاراكي من بديل غير خامئني.
فضل الله
وتلقى مرشد الثورة برقيات من زعماء روحيين لبنانيين دعوا الى مرجعية آية الله العظمى السيستاني المقيم في النجف، باستثناء قادة "حزب الله" الذين يعتقدون بمرجعية خامنئي.
وتقول اوساط ان السيد محمد حسين فضل الله كان يستعد للمرجعية قبل ان يتعرض لحملة ظالمة استهدفت النيل منه في الاوساط الشيعية التقليدية، ويقف وراءها بعض خصومه ومنافسيه وبعض الذين يعتبرون جاهلين انه هو المؤمن بولاية الفقيه والوحيد من المراجع السياسيين الذين يطرحون المؤسسة الشيعية بأسلوب عصري منافس لمرجعية خامنئي. حتى ان بعضهم شارك في الحملة بتوزيع نص محاضرة تتضمن سؤالاً وجواباً عن الزهراء بنت الرسول ص وعدداً من الروايات الخلافية.
وتزامنت هذه الحملة مع انتقال الكلبايكاني الى المستشفى او قبل ذلك بقليل واشتدت بعد وفاته في خطة واضحة تستهدف ابعاد فضل الله عن التفكير في المرجعية، علماً ان هناك اوساطاً تعتقد بأنه يستحقها وهو أهل لها.
وسألت "الوسط" عدداً من الفاعليات الدينية في ايران وبينها مؤثرون في مسار المرجعية العليا، فأجاب احد المقربين من المرجع الراحل: "ان فضل الله تعرّض لمؤامرة". وكشف رسالة وجهها السيد جواد نجل الكلبايكاني الى السيد طلب فيها توضيحاً عن ملابسات هذه القضية. وعلم ان فضل الله ارسل جواباً الى الكلبايكاني عن طريق نجله ورسالتين الى مرشد الثورة، بينما قال السيد محمد باقر الحكيم في تصريح الى "الوسط" انه دافع عن السيد وان ما قاله لا يتجاوز حدود البحث العلمي، على رغم ان بعض الايرانيين حمل على الحكيم في دفاعه وطلب منه ان ينقل الى فضل الله ما يجري من "احتجاجات" عليه.
في أي حال ان العلاّمة فضل الله تبنى بعد رحيل الكلبايكاني الدعوة الى مرجعية آية الله العظمى السيستاني في النجف. وقال بعض العارفين ان التأخر في طرح مرجعية خامنئي والموقف الذي تعرّض له فضل الله دفعاه الى ذلك.
يبايعون السيستاني
وعلى العموم، ان جميع اتباع مدرسة الإمام الخوئي، ومعهم عدد من الايرانيين مثل آية الله خزعلي من فقهاء صون الدستور وآية الله ابو الحسن الشيرازي إمام جمعة مشهد تبنوا الآن مرجعية السيستاني. وقال احد المقربين منه: "ان السيستاني هو الأعلم من بين الفقهاء وأرجع اليه التقليد عدد كبير من العلماء الذين يستحقون المرجعية العليا لكنهم لا يتصدون لها". ومن هؤلاء، كما قال الشهرستاني لپ"الوسط"، آية الله السيد علي البهشي وآية الله الشيخ مرتضى البروجردي حفيد البروجردي الكبير وآية الله السيد رضا المرعشي والشيخ جعفر النائيني حفيد النائيني الكبير وجميعهم في حوزة النجف في العراق.
وفي لبنان تبنى مرجعية السيستاني، اضافة الى فضل الله، الشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ عبدالحسين صادق والشيخ مفيد الفقيه. وفي البحرين العلامة السيد عبدالله الغريفي الذي كان وكيلاً مطلقاً للمراجع السابقين الخوئي والخميني والكلبايكاني، وتبنى مرجعيته علماء العراق في الخارج. واتصلت "الوسط" بكل من العلماء باقر الحكيم ومحمد مهدي الآصفي ومرتضى العسكري فعلمت انهم يرجعون في التقليد الى السيستاني.
ويعد السيستاني من شباب الحوزة العلمية، اذ لا يتجاوز عمره 63 عاماً وهو يسير على خطى سلفه الخوئي في العراق والكلبايكاني في ايران في حفظ التوازن والتحرك بخطى هادئة من اجل الحفاظ على الحوزة العلمية. وقد وصف بعض من حضر درسه لپ"الوسط" احترامه الكبير لأساتذته والتقيد بالأمانة العلمية في نقل النصوص. ووصفه فضل الله بأنه "لا يقل عن الشهيد محمد باقر الصدر في طرح الافكار الجديدة".
وحظي السيستاني بما خسره الآخرون في النجف من الصلاة مكان الخوئي في مسجد الخضراء، وهو من المولودين في مدينة مشهد الايرانية. ودرس على يد الميرزا مهدي الاصفهاني والشيخ هاشم القزويني. وحضر "درس الخارج" في سن الپ19 دليلاً على تفوقه العلمي. وهاجر الى قم ودرس على يد البروجردي وحجت كوه كمره اي وحصل على الاجتهاد في سن الپ31 في النجف من استاذه الخوئي المعروف عنه انه يشترط ثلاثة شروط قبل اعطاء اجازة الاجتهاد، وهي اولاً كتابة دورة كاملة من الاصول التي قام بتدريسها، وثانياً تقرير في الفقه، وثالثاً النبوغ البارز في "درس الخارج". ويُقال ان الخوئي لم يمنح في حياته الطويلة الا اجازتين في الاجتهاد واحدة للسيستاني وأخرى لعلي الفلسفي الموجود في ايران.
ويرى اتباع مدرسة الخوئي من كبار الآيات الذين استطلعتهم "الوسط" رأيهم، ومنهم آية الله رضي الشيرازي وآية الله السيد مهدي الخلخالي، انه يجب عدم خلو النجف من الثقل المرجعي.
باب التنافس
وعلى أي حال فليس اختيار السيستاني هو آخر المطاف لأن الجدل سيبقى من دون ان تستقر المرجعية في الوقت الحاضر على الاقل، وسيُفتح باب التنافس بين المدرستين في قم والنجف ما لم يُحسم الامر كما حصل في اجماع الطائفة على الكلبايكاني الراحل.
وفي ايران يعمل آية الله مكارم شيرازي القريب من النظام على طرح مرجعيته، بينما شنّت عليه صحيفة "جمهوري اسلامي" القريبة من مرشد الثورة انتقاداً عنيفاً من دون ان تذكره بالاسم. ويبدو ان ليس له حظ في المرجعية خصوصاً بعد الصراع الذي خاضه مع الدكتور عبدالكريم سروش في موضوع "قداسة المعرفة البشرية". ومع ان هذا الصراع حسم لمصلحة شيرازي في ظل الاوضاع التقليدية السائدة في الحوزة. الا ان مجرد خوضه مثل هذه المسائل يجعله بعيداً عن المرجعية العليا التي تشترط نوعاً من الترفع والممارسة العلمية والتقوى.
وفي ايران ايضاً مراجع محسوبون على مدرسة النجف بينهم آية الله العظمى السيد محمد الروحاني، لكن جهازه غير الفاعل ومواقفه السابقة من الإمام الخميني وعدم انسجامه مع النظام تجعله مقيداً في الحصول على المرجعية العليا، خصوصاً ان كثيرين من اتباع مدرسة النجف ممن لهم صلات مع ايران يتجنبون طرح مرجعيته على رغم اعتقادهم بأعلميته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.