يقول روبرتو ليوناردي المتخصص في الشؤون الاوروبية في كلية الاقتصاد في جامعة لندن، ان محادثات جنيف الخاصة بالبوسنة تحولت، في غياب الرئيس البوسني عزت بيكوفيتش ونائبه ايوب غانيتش، الى مجرد "ادارة موقتة" للجهود الدولية، التي لو توقفت لحظة واحدة لامتدت الحرب الى معظم دول البلقان. ويضيف ان اقالة بيكوفيتش من مجلس الرئاسة البوسني ستعني ازالة جمهورية البوسنة - الهرسك من الخريطة الأوروبية. ذلك ان اعضاء مجلس الرئاسة السبعة الذين تابعوا محادثات جنيف بعدما قاطعها بيكوفيتش، وهم ثلاثة من الصرب، وثلاثة من الكروات، ومسلم واحد لا يمتد نفوذه الى ابعد من مسقط رأسه مدينة فيلكاكلادويشا، لا يمثلون المسلمين، وهم الطرف الثالث في محادثات جنيف بعد الصرب والكروات. بل ان المصادر البوسنية في لندن، والمقربة من بيكوفيتش تذهب الى ابعد من هذا حين تقول ان محادثات جنيف تبدو كأنها "بين الصرب والكروات من جهة والصرب والكروات من جهة ثانية"، خصوصاً ان فكرة عبديتش ممثل المسلمين في هذه المحادثات والذي يعتبر المسلمون انه يفضل علاقاته التجارية مع الكروات والصرب على علاقاته السياسية مع المسلمين، فقد صدقيته لدى الوسيطين الدوليين اللورد اوين وتورفالد ستولتنبرغ، بعدما اتهمته السلطات النمسوية باساءة استخدام 100 مليون شلن 3،8 مليون دولار تبرعت بها جهات في النمسا والمانيا وسويسرا لمساعدة اللاجئين من مسلمي البوسنة. وصدور امر قضائي باعتقاله سيجعل مشاركته في المحادثات امراً مستحيلاً من الناحية العملية ومهيناً للمسلمين من الناحية السياسية. وهذا ما يفسر الحاح الوسيطين الدوليين على ضرورة مشاركة بيكوفيتش، وتأكيد الاعضاء السبعة انهم لن يتخذوا اي قرار في شأن مشروع تحويل جمهورية البوسنة والهرسك كونفيديرالية تضم ثلاث دويلات عرقية، من دون موافقة الرئيس البوسني ونائبه. وتضيف المصادر البوسنية ان الاعضاء السبعة قد يكتسبون شرعية ما في حال تركيز محادثات جنيف على طريقة الحفاظ على جمهورية يعيش فيها الصرب والمسلمون والكروات، ويفقدون هذه الشرعية حين تتحول المحادثات الى مشروع لتقسيم الجمهورية بين هذه الاطراف الثلاثة. والاعضاء السبعة، الذين لم يزوروا ساراييفو منذ تسعة اشهر، هم اعضاء في مجلس رئاسة لجمهورية موحدة، وتقسيمها يجعل اعادة النظر في هذه العضوية امراً ضرورياً. وتوافق المصادر البوسنية على رأي روبرتو ليوناردي في محادثات جنيف، وتضيف ان الرئيس بيكوفيتش يعتقد بأن هذه المحادثات ستراوح مكانها، لأن المجتمع الدولي اقترب كثيراً من اتخاذ قرار برفع حظر بيع الاسلحة عن البوسنة، لأن الميزان العسكري الحالي قد لا يسمح لحكومة البوسنة - الهرسك برد العدوان الصربي، لكنه يسمح لها بالصمود في وجه هذا العدوان لسنوات طويلة. ويؤيد جيمس غو تقديرات بيكوفيتش بالارقام، ويقول ان التفوق بالسلاح لدى الصرب والكروات يقابله تفوق بالعدد لدى جيش حكومة البوسنة المؤلف من 120 الف جندي محترف و180 الفاً من الاحتياطيين في مقابل 60 الف جندي صربي يدعمهم نحو 20 الفاً من بقايا الجيش اليوغوسلافي الاتحادي، و30 الف جندي للكروات يدعمهم نحو 15 الفاً آخرين في جيش جمهورية كرواتيا، ويتمثل التفوق الصربي والكرواتي في السلاح بپ300 دبابة للصرب و100 للكروات في مقابل 40 للجيش الحكومي. و70 مروحية للصرب و10 للكروات في مقابل 5 للجيش الحكومي او المسلمين. ويضيف غو ان التفوق العددي يكتسب أهمية خاصة في الحروب الاهلية، الامر الذي يمكن بيكوفيتش من مواصلة الحرب حتى تكتمل الشروط اللازمة لقرار دولي برفع الحظر. وهي الشروط التي حددها رئيس وزراء بريطانيا جون ميجور بفقدان الامل في أن تؤدي المفاوضات السياسية الى حل دائم وعادل.